قدم الكاتب الروائي علاء الأسواني لكتاب "عرب لا نراهم " الذي صدرت ترجمته العربية مؤخرا عن المركز القومي للترجمة وهو من تأليف باولا كاريدي وترجمة مروة علي فوزي ومراجعة سوزان اسكندر. ويتمن الكتاب ما يمكن قراءته بوصفها نبوءات للثورة التي شهدتها مصر وتونس. و يلفت الأسواني النظر في مقدمته إلى أن ثمة فرق بين صورة العرب في أمريكا وبين صورتهم في أوروربا ، كذلك يسرد جانبا من خبرته الشخصية في السفر الى بلدان عديدة حيث انتبه للمرة الأولى الى أن الصور النمطية من أي نوع كانت من الممكن أن تكون مريحة للغاية لأنها تمنحك تصورا سابق التجهيز للعالم، تمنحك موقفًا واضحًا دون الحاجة إلى تفكير وبالتالي تكوين صورة عن الأخر. وبحسب خبرته الشخصية أدرك صاحب عمارة يعقوبيان " عملية التزييف الكبيرة وراء الصور النمطية " التي تحكي عن الأخر دون اعتبار لإنسانيته، بل غافلة عن كونه إنسانا . ويفسر الأسواني أسباب استمرار تعامل الغرب مع الصور النمطية عن العرب بوجود عقبتين ، الاولى هي وجود أقلية في الغرب ضد العرب حقا ، العقبة الثانية في طريق المعرفة هي الرقابة بمختلف أنواعها ويدعو صاحب " شيكاغو " في مقدمته التي تضمنتها الطبعة الايطالية من الكتاب وترجمت للعربية الى أهمية تجاوز الصور النمطية والعودة الى إنسانية الآخر ولكن بعيدا عن التفسيرات السطحية أو المغلوطة . ويظهر الكتاب للجمهور الأوروربي واقع أن المعتدلين الحقيقيين في المجتمعات العربية لهم وجود ولكن تطحنهم الصور النمطية ولا يعرف أحد عن حياتهم شيئا . ولب القضية التي يطرحا الكتاب وتجد في مقدمة الإسواني مكانا مركزيا هي أن العرب ليسوا جميعا إرهابيين كما يؤكد الأسواني كذلك أن الذين يقتلون أبناءنا ويغزون أراضينا في العراق وغيره لا يمثلون الحضارة الغربية كذلك . و مؤلفة الكتاب هي باولا كريدي وهي صحفية ايطالية ومؤرخة حاصلة على الدكتوراة في تاريخ العلاقات الدولية وتعيش في العالم العربي منذ العام 2001 . وفي مقدمتها تسرد الكاتبة خبرتها الشخصية بالعالم العربي لافتة الى أن هناك طابور من العرب غير المرئيين ، الذين لا يعرفهم الغرب ، كما لو أن اداوارد سعيد لم يكتب كتابه " الاستشراق " قبل أكثر من ربع قرن . وتؤكد باولا في كتابها أن الإسلام الذي يتم تقديمه هو الاسلام المعادي للغرب وللمسيحية ، ذلك الاسلام الذي يتبع نظريات الحملات الصليبية البالية في العداء ، واسلام القاعدة وان كان موجودا ، الإسلام السياسي الأكثر أصولية. بينما ظل خافيًا عن أعين الغالبية في الغرب تلك الصور الثرية عن العالم العربي المتعدد. ويضم الكتاب فصولا كتبت بطريقة التحقيقات الصحفية التي تعالج عدة موضوعات منها قضية الحجاب اذ تحلل خلفيات ظهور بعض مذيعات قناة الجزيرة بالحجاب وبعض نجمات السينما المصرية وعلى رأسهن حنان ترك وتربط الحجاب بالخليفات الثقافية والدينية في المجتمعات العربية ،و كما تكتب فصلا عن حركة كفاية و عن حركة التدوين السياسي والفضاء الافتراضي للمعارضة السياسية في مصر وفي تونس التي تحظي بمكانة خاصة في الكتاب اذ أفردت المؤلفة مساحة لتناول أثر الاننرنت في تغيير المزاج السياسي للشباب التونسي لافتة الى مغزى تحول الشباب التونسي الى ظأبناء متمردين بعد أن ذاقوا طعم الحرية الالكترونية ، كذلك يتضمن الكتاب فصلا خاصا عن الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية الذي التقت بها المؤلفة وقت ان كان قياديا في حركة الأخوان المسلمين وتناقش في أحد فصول الكتاب الكثير من القضايا المثارة الان بشأن المستقبل السياسي لمصر وموقع قوى الاسلام السياسي بداخله.