بلطجة.. قنابل مولوتوف.. أسلحة نارية.. عنف.. سرقة بالإكراه.. فرض إتاوات... انفلات أمنى.. مظاهر سلبية يعانى منها سكان القاهرة.. وغاب الهدوء عن شوارعها التى تتميز بالأمن والأمان، الحياة فيها كانت مستمرة 24 ساعة يوميا بدون توقف.. ويتساءل الناس: متى يعود الشعور بالأمان إلى شوارع القاهرة؟! متى نتخلص من الفوضى والعشوائية التى تسيطر على الشوارع بدون رقيب متى يشعر المواطن أن رجال الشرطة عادوا إلى الشارع لضبط إيقاعه.. أسئلة كثيرة نبحث لها عن إجابة لدى اللواء محسن مراد مساعد وزير الداخلية لأمن القاهرة. بعد 7 شهور على الثورة هل ترضى عن الوضع الأمنى بالقاهرة؟ - نبذل أقصى ما فى وسعنا والحمد لله كل يوم أفضل من سابقه، والمواطن يشعر الآن بالتواجد الأمنى المستمر لحفظ أمن الشارع بعد أن كان هناك بعض الفراغ الأمنى فى أعقاب الثورة والذى انعكس على الشارع فى صورة عدم وجود خدمات أمنية ولكن اليوم الخدمات موجودة والأكمنة منتشرة فى كل مكان لضبط الخارجين على القانون. فقد أسفرت حملاتنا على القاهرة منذ مارس الماضى وحتى يوليو عن تنفيذ 540 ألف حكم ما بين جنايات وحبس جزئى وغرامات ومخالفات، وإلقاء القبض على خمسة آلاف متهم بالاتجار فى السلاح، وغلق 3 ورش لتصنيع السلاح الآلى وورشتين لتصنيع الأسلحة البيضاء ومصادرة آلاف الأسلحة ما بين رشاش وسلاح نارى وطبنجة وبندقية فضلا عن الأسلحة البيضاء، كما ضبط 700 كيلو مخدرات من مختلف الأنواع وآلاف الأقراص المخدرة والقبض على 115 تاجر مخدرات و138 تشكيلا عصابيا يضم مئات المسجلين الخطر، كما تم تحرير 60 ألف مخالفة مرورية و10 آلاف مخالفة مرافق وإخماد آلاف الحرائق. ما السر فى تزايد حالات الشغب والبلطجة بصورة غير مسبوقة بعد الثورة فبعد أن كانت أحداثا فردية صارت جماعات منظمة وكأن هناك مخططاً لضرب أمن الشارع ؟ - مازال هناك عدد من البلطجية متواجدين فى الشارع وذلك لأنه لا يزال هناك مجرمون هاربون من السجون، ففى الأيام الأولى من الثورة فر أكثر من 23 ألف سجين من مختلف السجون تم القبض على 18 ألفاً تقريبا ولايزال هناك على الأقل 5 آلاف مجرم هارب، وهذا معناه أن آلافا من النوعيات الخطرة منتشرة فى الشارع تمارس أعمالاً إجرامية وبالتالى لابد أن يكون هناك حوادث، كما أن 2000 معتقل تم الإفراج عنهم بعد الثورة وهم يمثلون نوعية شديدة الخطورة لم تفلح أحكام القضاء فى ردعهم ولا استطاعت تجربة السجن تقويمهم، فيتم اعتقالهم ليأمن الناس شرهم، وبعد الثورة خرجوا من المعتقل ليعيدوا ممارسة أنشطتهم الإجرامية ونحن نتصدى لهم قدر ما نستطيع. هل صحيح أن فلول النظام السابق وراء الانفلات الأمنى فى الشارع بوجه عام وذلك لضرب المؤسسة الأمنية؟ - مفيش حاجة اسمها فلول ولكن الثورة جعلت الأمور تختلف على البعض فى الأخلاقيات والتصرفات والحكم على الأمور، وصاروا لا يستطيعون التمييز بين الحرية والبلطجة، فهم يعتقدون أن الثورة تعنى أن يتصرف الشخص على هواه دون أن يراعى مشاعر أحد فيأخذ ما يشاء حتى وإن كان ليس من حقه، وهو لا يعلم أن الحرية الشخصية تنتهى حيث تبدأ حرية الآخرين، وأن كل من ينتهك حقوق وحريات غيره بلطجى. ميادين القاهرة تعيش اليوم أسوأ حالاتها فقد ازدحمت الأرصفة وغزا الباعة الجائلون الشوارع وانتشرت البلطجة والمخدرات فى الأسواق فمتى تعود لها هيبتها؟ - إزالة التعديات عن الميادين والشوارع الرئيسية كانت ولا تزال أحد الأهداف التى نسعى إليها بكل قوة، لتكثيف التواجد الأمنى وإعادة الانضباط لميادين وشوارع العاصمة، فبينما كانت صباح الخير تكتب عن إشغالات الطريق (إشارة إلى ملف - جمهورية الفوضى ودولة الرصيف - الذى نشر فى العدد 2897 بتاريخ 12 يوليو 2011) كنت فى الشارع أتابع بنفسى خطة إزالة التعديات، تلك الخطة التى تم تنفيذها مؤخرا فى اثنبن من أكثر الأماكن التى شهدت تعديات أخلت بالأمن والنظام بهدف رفع جميع الأشغالات والقضاء على جميع مظاهر الخروج على الشرعية، هما ميدان رمسيس وشارع المعز (منطقة سوق الليمون) وهى مهمة لم تكن سهلة على الإطلاق، حيث إن هذه الميادين كانت تضم المئات من الباعة الجائلين الذين افترشوا الأرصفة سنوات طويلة حتى تملكوها بوضع اليد وفرضوا عليها سيطرتهم وزادت تلك التعديات إلى أضعاف مضاعفة بعد الثورة مما أثر سلبا على نظافة الشارع وسيولة حركة المرور التى أعاقتها عربات الكبدة والفيشار والفول والعصائر بالإضافة إلى الملابس والمفروشات والأحذية والحقائب وخلافه، حتى إن كوبرى 6 أكتوبر لم يسلم منهم فقد استغلوا التجاويف الموجودة به كمخازن لبضائعهم، فضلا عن ذلك فقد انتشر البلطجية والنشالون الذين عرضوا حياة المواطنين وأموالهم للخطر. ولذلك قمنا بهذه الحملات التى شارك فيها المئات من أفراد الشرطة من جميع الإدارات «مرافق - مرور - نجدة - قوات أمن - مباحث - حماية مدنية - ترحيلات». كيف تقبل الباعة الجائلون قرار الإزالة وهل حدث أى احتكاك بينهم وبين الشرطة أثناء تنفيذ القرار؟ - قبل تنفيذ القرار تم التنبيه على قوات الشرطة بحسن التعامل والتحلى بالكياسة ومراعاة الجوانب الإنسانية أثناء الحملة، وكذلك الحزم فى مواجهة البلطجية والخارجين على القانون الذين يتواجدون بالميدان، وبالفعل تم ضبط عدد كبير منهم وبحوزتهم كميات من الحشيش والأقراص المخدرة والعشرات من زجاجات المولوتوف، فضلا عن السنج والعصى الحديدية والجنازير، وبعد إزالة التعديات ورفع جميع الإشغالات والحواجز العشوائية، انتشر بالمنطقة عدد كبير من قوات الأمن الذين يتناوبون العمل طوال 24 ساعة لحفظ الأمن وضمانا لعدم عودة الباعة والبلطجية مرة أخرى، وقد وجدوا دعما قويا من المواطنين وأصحاب المحلات التجارية الذين كانوا يقدمون الشكر لأفراد الشرطة بل وعرضوا علينا المساعدة فى إزالة التعديات، كما أنهم كانوا درعا واقيا ضد البلطجية الذين حاولوا إثارة الشغب والتعدى على أفراد الشرطة ومنعهم من استكمال عملهم. لماذا تم تنفيذ قرارات الإزالة قبل أن يتم إعداد أسواق بديلة كى نضمن حصول الباعة على مصدر رزق بطرق مشروعة؟ - توفير أسواق بديلة مسئولية محافظ القاهرة، أنا رجل أمن مهمتى الأولى الحفاظ على سلامة الشارع وحفظ نظامه لأن المواطن العادى ليس له ذنب فى المعاناة التى فرضت عليه بسبب التعديات والعشوائيات التى امتلأت بهما القاهرة والتى زادت بعد الثورة ولذلك لم أستطع الانتظار لحين توفير أماكن بديلة، فربما وقتها يكون الحل أصبح مستحيلا، خاصة فى ميدان رمسيس الذى يمثل قلب القاهرة والمحطة الرئيسية للقطارات فى مصر، وحاليا يجرى تنسيق مع المحافظة لسرعة توفير أسواق بديلة. يشكو بعض المواطنين من أن التواجد الأمنى فى الشارع يشهد حالات من المد والجزر فأحيانا يكون مكثفا وأحيانا يقل بلا مبرر كما حدث فى أحداث السيدة زينب حيث لم تتدخل الشرطة إلا بعد أن كادت تتحول المعركة لمجزرة؟ - التواجد الأمنى موجود باستمرار وفى كل مكان ولكن أحداث السيدة زينب كان لها ظروف خاصة من ناحية المكان والتوقيت، لأن الحدث كان كبيرا واستخدم فيه إطلاق نار وأسلحة بيضاء بكثافة . محاكمة حبيب العادلى وظهوره فى القفص بالبدلة الزرقاء بعد أن كان على رأس المؤسسة الأمنية هل ترك أثرا سيئا فى نفوس الضباط بغض النظر عن كونه مخطئا أم لا؟ - بعيدا عن الآراء الشخصية، ضابط الشرطة ينفذ الأوامر ويمارس عمله فى إطار القانون بغض النظر عن هوية المتهم فالقانون يمارس على الكل سواء والإجراءات الأمنية تطبق على الجميع. بعد الأحداث الأخيرة وهجوم البعض على الشرطة وإلغاء لقب باشا الذى كان يطلق على الضباط هل تسبب ذلك فى انخفاض الروح المعنوية للضباط؟ - هذا أمر لا أهمية له وليس محل اعتبار عند الضباط، والألقاب الرسمية تكفى، فلا يزال اسمه اللواء فلان أو العميد فلان إلى آخر الرتب التى هى فخر لكل ضابط، ولكن أثناء الثورة كان البعض أكثر تعسفا مع الشرطة مما أدى إلى نوع من التطاول والهجوم عليهم فكانت فترة سيئة جدا بين الاثنين وأيا كانت أسباب الهجوم على الشرطة وأيا كانت ظروف ما بعد الثورة خلينا فى النهارده فاليوم بدأت الأمور تعود لنصابها فى التعامل بين الشعب والشرطة وتذكرت الناس أن ضباط الشرطة هم أولادهم وإخوتهم، وعادت تدعمهم وتؤازرهم وتشيد بهم وقد رأيت ذلك بنفسى فى حملات إزالة التعديات الأخيرة فى شارع المعز ورمسيس. يرى البعض أن ضابط الشرطة كان يتفانى من قبل فى أداء عمله لحفظ الأمن أما الآن وبعد الهجوم على الشرطة فقد أصبح يؤدى ما عليه من واجبات ولكن بحماس أقل فما رأيك؟ - يرد بسرعة: ومازالوا يتفانون فى عملهم، فضباط الشرطة ليسوا موظفين ولا يؤدون عملا روتينيا، ففى كل ميدان وشارع وحارة عشرات الضباط الذين يحفظون الأمن ويحرسون حياة المواطن وماله وينظمون المرور ويزيلون التعديات ويضحون فى سبيل ذلك براحتهم وصحتهم، بل ويدفعون حياتهم ثمنا فى بعض الأحيان والدليل أن عدد مصابى وشهداء الشرطة فى الشهرين الماضيين فقط يفوق عدد المصابين والشهداء خلال العام الماضى كله، فالضباط كانوا ولايزالون على استعداد لتقديم صحتهم وأرواحهم فداء لعملهم. فى خضم هذه الأحداث المتلاحقة شايف بكرة ازاى وكيف نعيد للشارع أمانه ونحفظ للمواطن حقه ولضابط الشرطة هيبته؟ اليوم أفضل من الأمس وبكرة أفضل من اليوم وبمرور الوقت تستقيم الأمور بمساحات أكبر وأوسع، ولكن لابد أن يقوم كل منا بأداء واجبه فى حفظ الأمن، وذلك باحترام القانون وعدم انتهاك حرية الغير، فالوطن ملك لنا جميعا ولنا أن نسعى جاهدين للحفاظ عليه.