حسنًا فعلت الحكومة المصرية.. عندما رفضت المعونات لدعم الاقتصاد المصري بعد 25 يناير، وطالبت بشراكة اقتصادية واستثمارات جديدة لدفع عجلة التنمية، النظام السابق أضاع سنوات طويلة في اللهاث وراء الدول المختلفة للحصول علي منح ومعونات علي حساب وضع خطط تنموية حقيقية لبناء مصر، وكانت سياسية المنح والمعونات.. سببًا مباشراً لمحاولات التدخل في الشئون الداخلية لمصر، وأغلب المعونات صرفت بعيدًا عن التنمية ومن يدفع له أجندة وأولويات يحاول فرضها بغض النظر عن الاحتياجات الرئيسية التي يحتاجها المجتمع المصري ومن هنا يأتي التضارب!! ثم الصدام، ثم تأتي التهديدات بقطع المعونة عن مصر، فمثلاً هددت الإدارة الأمريكية خلال السنوات القليلة الماضية عدة مرات بقطع المعونة عن مصر!! وكرر الكونجرس التهديدات عدة مرات، ولغة التهديد لغة كريهة لا نقبلها، لهذا آن الأوان أن نغير المفاهيم والنظريات، نحن لسنا في احتياج للمعونات والمنح، ولكن نحتاج استثمارات جديدة وفتح أسواق لتصدير المنتجات المصرية ونقل تكنولوجيا، ولو حدث هذا لن نحتاج لأحد ولن يستطيع أحد أن يتدخل في شئوننا الداخلية، بمعني أن نتحول من التبعية إلي الشراكة، وأننا نعمل معهم بندية الشريك، والشريك أو الند لا يستطيع أحد إملاء شروط وطلبات مجحفة تمس الكرامة أو الشئون الداخلية، وهذا يحتاج لسياسات اقتصادية جديدة في مصر تعتمد علي خطط تنموية قوية العائد منها يتفيد جميع شرائح المجتمع، حتي نحقق العدالة الاجتماعية، نحتاج أيضًا تنقية مناخ الاستثمار وإزالة العقبات، وبث مزيد من الشفافية والإفصاح من أجل جذب المزيد من الاستثمارات المباشرة لتوفير فرص عمل حقيقية لتوفير الاحتياجات الحقيقية التي يحتاجها سوق العمل، لهذا لابد من الإشادة بفكرة رفض المعونات والمطالبة بالاستثمارات حتي نتحول من التابع إلي الشريك لعل ما حدث في قطاع الغزل والنسيج أفضل دليل، عندما فتحت الأسواق الأمريكية للملابس المصرية بدون جمارك منذ 2005، فالمصانع كانت وقتها 54 مصنعاً ارتفعت إلي 155 مصنعاً بعد عام واليوم تجاوزت ال700 مصنع، وتجاوزت الصادرات المصرية من الملابس للسوق الأمريكي المليار دولار سنويًا بينما المعونة المالية لا تتجاوز ال200 مليون دولار فقط، مما يعني أن عائد تصدير الملابس يفوق المعونة أربعة أضعاف إلي جانب توفير فرص عمل حقيقية للمواطن المصري، ومن هذا المنطلق يطالب الدول التي ترغب في مساعدة مصر اقتصاديًا أن تفتح أسواقها للمنتج المصري ونضخ استثمارات جديدة في السوق المصرية لأن صيغة المعونات والمنح أصبحت لا تليق بوضع مصر وكرامتها التي استردتها بعد 25 يناير، وبعد التداعيات لثورة 25 يناير في مصر علي المنطقة العربية يؤكد أن وضع مصر ومكانتها وتأثيره كبير وهذه المكانة لا تليق أبدًا أن تكون تابعاً، فهي شريك مؤثر وفاعل له كرامة، ولهذا نطالب الحكومة المصرية بفتح ملف اتفاق التجارة الحرة مع الولاياتالمتحدة بدلاً من ملف المعونات والمنح!! وهذه الاتفاقية ليست منحة أو هدية تمن بها الإدارة الأمريكية علي مصر، بل هي مصالح مشتركة خاصة وأن الأحداث الحالية أثبتت أن مصر هي المفتاح الرئيسي لحل مشاكل الشرق الأوسط كله.