حسنا فعل «د. حسن يونس» وزير الكهرباء والطاقة الذي أثق في وطنيته وكفاءته وعلمه، الذي أكد في تصريح مهم أنه «بعد كارثة اليابان النووية المدمرة فإن مصر لن تخطو أي خطوات تجاه البدء في تنفيذ المحطة النووية، إلا بعد دراسة جميع احتياطات الأمان النووي التي تتخذها دول العالم». حيث سيطر الفزع والهلع علي العالم كله بعد «كارثة فوكوشيما النووية» التي أدت حتي كتابة هذه السطور إلي أكثر من 24 ألف قتيل ومفقود ياباني، وأكثر من 100 ألف طفل مشرد، وإعادة الإعمار تتجاوز 300 مليار دولار.. فهل نحن في مصر نستطيع أن نتحمل كل هذا الخراب والموت والدمار؟ للأسف نحن نعيش في مصر الآن عصر «المهلبية النووية»، وذلك بسبب سوء الحظ الذي صادف «المشروع النووي المصري»، وتأخره أكثر من 60 سنة، حيث تأجل بعد كارثة «تشرنوبيل» ويتأجل الآن بعد كارثة «فوكوشيما»، ولكن ماذا عن المستقبل؟ العلم عند الله. أحب في البداية أن أؤكد أنني كمواطن مصري «ضد» الطاقة النووية، وضد بناء أي مفاعلات نووية في مصر، لأن ما قد يقع بسببها من كوارث نووية مدمرة ومميتة قد يفوق قدرات التحمل في مصر وتقع مأساة مروعة لا يعلم مداها إلا الله.. وهذه هي أسبابي السبعة: 1- يوجد في العالم حاليا نحو «440 مفاعلا نوويا» أقامتها 30 دولة، وتنتج فقط نحو 14% من الكهرباء عالميا! فهل هذا الكم الضئيل جدا من الكهرباء يستحق أن «نرهن» مصر تحت وطأة كوارث نووية فادحة ومميتة؟! 2- كلنا يعرف الانضباط الياباني فائق الدقة، والالتزام الصارم، والإخلاص، والتعامل مع كارثة «محطة فوكوشيما» وهي من أسوأ الحوادث النووية في العالم بروح الأزمة ودون الاستخفاف، لدرجة أن الخبراء النوويين الأمريكيين أكدوا أنه لا توجد أي دولة أخري في العالم قادرة علي منافسة اليابانيين في الالتزام الصارم والصمود أمام أعتي الزلازل وتسونامي، ولكن رغم هذا الانضباط لم تستطع اليابان السيطرة علي الكارثة النووية المروعة. 3- هل عندنا في مصر «خبراء نوويون» علي مستوي عال وجاهزون للتعامل بهذا الانضباط والالتزام الصارم الياباني لو وقع حادث نووي كبير في مصر؟ يؤسفني أن أؤكد أنه ليس لدينا هؤلاء «الخبراء النوويون»! والمحزن أكثر أنه لو وقعت كارثة نووية سيقولون لنا «يا عم دي حاجة بسيطة خالص! وإحنا اللي دهنا الهوا دوكو! وإحنا اللي خرمنا التعريفة! وإحنا مش أي أي ولا زي زي! ويا عم قول يا باسط وخليها علي الله! 4- ولأنه ليس لدينا «خبراء نوويون جاهزون» فإننا سنضطر للاستعانة بشركة أجنبية لإدارة المحطة النووية ستأخذ الملايين من الدولارات من دماء المصريين! 5- لماذا لا نتعلم من التاريخ خاصة أنه يحكي لنا عن «مفاعلات نووية» وقعت لها حوادث خطيرة وكوارث نووية مدمرة في كل أنحاء العالم منها علي سبيل المثال لا الحصر في أمريكا «انفجار وانصهار مفاعلات نووية في كل من «إيداهو - ديترويت - ثري مايل آيلاند - وفي ولايتي تينسي وأوكلاهوما»، وفي مفاعل «كاسلي» في روسيا، و«وندسكيل» في بريطانيا، وفي سويسرا، وفرنسا، والأرجنتين، ومحطة «تشرنوبيل» في روسيا، و«فوكوشيما» في اليابان. 6- بعد الهلع والفزع والرعب الذي اجتاح العالم بسبب كارثة اليابان النووية، بدأ «رفض عالمي» لدول كثيرة للطاقة النووية، فقد دعت دول الاتحاد الأوروبي، أمريكا، فرنسا، النمسا، الهند، شيلي، ألمانيا، أستراليا، روسيا.. وغيرها، إلي التحقق من سلامة المنشآت النووية بها، وتشديد الرقابة والأمان النووي، وإعادة تقييم عالمي للطاقة النووية، لدرجة أن بعض الدول أكدت أنه من الصعب حتي التفكير في الطاقة النووية. 7- أبعد كل هذا الخوف والهوس والرعب العالمي بسبب كارثة اليابان النووية ستفكر مصر في الاعتماد علي الطاقة النووية كأحد مصادر الطاقة، علي الرغم من أن هناك الطاقات المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، هذا بالإضافة إلي أن موقع المحطة النووية المصرية قريب جدا من البحر الأبيض المتوسط واحتمال حدوث زلازل وتسونامي ليس ببعيد ولا مستحيل.