معرضان تشكيليان مهمان استضافهما جاليرى بيكاسو مؤخرًا، وهما معرض الأرض للفنان الكبير أحمد عبدالكريم، ومعرض سيدة القاهرة للفنانة الشابة لينا أسامة، والمعرضان يكملان بعضهما البعض، ويتحدث كل منهما عن مفهوم المكان ورؤيته الفنية والتشكيلية، وارتباط ذلك بالهوية والانتماء لوطن ثرى تاريخيًا وبصريًا. سر الأرض فى أعمال معرض الفنان أحمد عبد الكريم يستحضر الفنان روح الأرض، أصل الوجود والحياة، مَهد الأديان والرسالات، فمنها أتينا وإليها نعود. هى الأوطان، رمز الشرف والعِزة، والانتماء والمَحبة، إنها نبع النماء والخير والجمال، فالأرض هى مسرح الأحداث التاريخية الجِسام، موطن الحاضر والغائب، القاصى والداني، قد تضيق على رَحَابتها، أو تتسع بالمَحبة وإن ضاقت. تمثل أرض مصر تحديدًا بالنسبة لأحمد عبد الكريم، المكان والزمان وعبق التاريخ، هى بالنسبة له الأصل والمنشأ والروح، الشرف والعِرض، هى العِشق والموال، أصل الحضارة والأمان. من خلال هذا الطرح الجديد، كما تقول د. رشا نبيل فى تقديمها لأعمال المعرض تُصبح الأرض بمفهومها الجامع والشامل، رمزًا وموضوعًا مهمًا بالنسبة للفنان، المُحب للإنسان وللحياة. يحاول فك طلاسمها وسَبر أغوارها، وكشف خباياها، ليُشكل هذا العَرض نَصًا بصريًا يُقدم رؤية راغبة فى تناول أحد عناصر الحياة التى يحتضنها الإنسان من المَهد إلى اللَحد. فى النهاية يُمكن القول أن الفنان «أحمد عبد الكريم»، يغزو الحياة بقلب طفل، وبكل بَسالة، مُتسلحًا بمخزون وإرث ثقافى مِصرى أصيل، مُحتفيًا بالأرض وبالحياة المصرية الأصيلة من خلال صورة عَصرية ولون جرىء مُغامر، ليسكُب على سطح لوحاته أفكارًا شُجاعة، تَنساب بخِفة، دون تردد أو تَرقب أو خوف من المجهول. يذكر أن الفنان أحمد عبدالكريم ولد سنة 1954 ونشأ فى صعيد مصر والمنيا. تخرج من كلية التربية الفنية جامعة حلوان. حصل على درجة الدكتوراه فى الفلسفة فى التربية الفنية بكلية التربية الفنية جامعة حلوان، وله أكثر من 20 معرضًا فى مصر، السعودية، فرنسا، النمسا، روما وغيرها، كما شارك فى العديد من المعارض الجماعية داخل مصر وخارجها وحصل على العديد من الجوائز المحلية والدولية.
حتحور ومصر للمصريين أما الفنانة لينا أسامة فقد اختارت «حتحور» ربة العطاء والأمومة والحب عند المصريين القدماء لتكون أيقونة معرضها الأحدث، وهى المولعة باستدعاء مفردات فنون مصر القديمة، وبمعتقدات المصريين المعاصرين فى بيئاتهم المختلفة، فلوحاتها تلبى أفكارها المرتبطة ببيئة المصريين. وتستمر لينا فى أعمالها على التركيز على الألوان الترابية، وهى أساسية فى لوحاتها وبالذات الأخضر الزرعى والداكن قليلًا، والأصفر والبيج والبني، والأزرق النيلى والسماوى والتركواز، وكلها تحيلنا إلى أجواء بيئتنا المصرية القديمة والشعبية. وهى فى هذا المعرض تقدم «حتحور» رمزًا للمرأة المصرية عبر تنويعات تتجاوز الشكل المألوف لها، وربما تشعر داخل اللوحات بلينا نفسها، مازجة بين استدعاء مصر القديمة والبيئات المعاصرة المتنوعة، واللافت أن لوحاتها تعكس تفاؤلًا يبدو فى نظرات العيون ذات الطابع الفرعونى المتطلعة إلى الأمام دون انكسار. يذكر أن الفنانة لينا أسامة ولدت عام 1986. تخرجت من كلية الفنون الجميلة بالزمالك ودرست فى أكاديمية سالزبورج للفنون الجميلة بالنمسا من عام 2006 إلى 2009. وقد عرضت أعمالها فى العديد من المعارض الفردية فى القاهرة، كما شاركت فى العديد من العروض الجماعية الدولية، من باريس إلى فنزويلا إلى تايوان.