قبل غلق الصناديق| انتظام وإقبال بلجان الإعادة البرلمانية في المنوفية    «التضامن» تشارك فى احتفالية ذوى الإعاقة    الإحصاء: 5% ارتفاعا في الصادرات إلى السودان خلال أول 10 أشهر من 2025    بنك الإسكندرية يحصل على حزمة تمويل بقيمة 20 مليون دولار أمريكي    قطع مياه الشرب عن مركز «مطوبس» بكفر الشيخ الجمعة    الغرق يهدد النازحين فى غزة| غموض حول القوة الدولية.. و200 منظمة تدعو لإغاثة القطاع    مستقبل الضفة فى مهب الريح    نازك أبو زيد: استهداف الكوادر الصحية والمستشفيات مستمر منذ اندلاع الحرب في السودان    نهائي كأس العرب.. المغرب يتقدم على الأردن بهدف في الشوط الأول    تقرير: برشلونة لم يتوصل لاتفاق لضم حمزة عبد الكريم    وفد الأهلي يسافر ألمانيا لبحث التعاون مع نادي لايبزيج    الأهلي يرفض بيع عمر الساعي ويقرر تقييمه بعد الإعارة    الداخلية تضبط سيارة توزع أموالا بمحيط لجان فارسكور    الجيزة: غلق جزئي بمحور أحمد عرابي أعلى محور الفريق كمال عامر الجمعة    المفتي: اللغة العربية معجزة إلهية خالدة ووعاء حضاري جامع    طرح البوستر الرسمي لفيلم «كولونيا» بطولة أحمد مالك    إطلاق مبادرة «مصر معاكم» لرعاية أبناء شهداء ومصابي العمليات الحربية والإرهابية    5 لاعبين على رادار الزمالك فى الشتاء رغم إيقاف القيد.. تعرف عليهم    نازك أبو زيد: الدعم السريع اعتقلت أطباء وطلبت فدية مقابل الإفراج عن بعضهم    هل يرى المستخير رؤيا بعد صلاة الاستخارة؟ أمين الفتوى يجيب    أسرة الراحلة نيفين مندور تقصر تلقى واجب العزاء على المقابر    الداخلية تضبط مطبعة غير مرخصة بالقاهرة    الأرصاد: تغيرات مفاجئة فى حالة الطقس غدا والصغرى تصل 10 درجات ببعض المناطق    قطر تستضيف مباراة إسبانيا والأرجنتين فى بطولة فيناليسيما 2026    ترامب يوافق على 10 مليارات دولار أسلحة لتايوان.. والصين تحذر من نتائج عكسية    صوتي أمانة.. "غازي" عنده 60 سنة ونازل ينتخب بكفر الشيخ: شاركت أنا وعيلتي كلها| صور    جولة الإعادة بالسويس.. منافسة بين مستقلين وأحزاب وسط تنوع سلوك الناخبين وانتظام اللجان    الصحة اللبنانية: 4 جرحى فى الغارة على الطيبة قضاء مرجعيون    محافظ الدقهلية يكرم أبناء المحافظة الفائزين في المسابقة العالمية للقرآن الكريم    وزير الأوقاف يكرم عامل مسجد بمكافأة مالية لحصوله على درجة الماجستير    فوز مصر بجائزتي الطبيب العربي والعمل المميز في التمريض والقبالة من مجلس وزراء الصحة العرب    هل تتازل مصر عن أرص السخنة لصالح قطر؟.. بيان توضيحي هام    الترويج لممارسة الدعارة.. التحقيق مع سيدة في الشروق    ڤاليو تنجح في إتمام الإصدار العشرين لسندات توريق بقيمة 1.1 مليار جنيه    ضبط شخصين يوزعان كروت دعائية وأموال على ناخبين بأجا في الدقهلية    مصر تؤكد حقها الكامل في اتخاذ كافة التدابير التي يكفلها القانون واتفاقية الدفاع المشترك لضمان عدم المساس بوحدة واستقرار السودان    الداخلية تضبط شخصين يوزعان أموالا بمحيط لجان أجا بالدقهلية    الخارجية: عام استثنائي من النجاحات الانتخابية الدولية للدبلوماسية المصرية    الرعاية الصحية: مستشفى الكبد والجهاز الهضمي قدّم 27 ألف خدمة منذ بدء تشغيل التأمين الصحي الشامل    محافظ الجيزة يعتمد مواعيد امتحانات الفصل الدراسي الأول للصفوف الدراسية    ضبط شخص ظهر في فيديو داخل أحد السرادقات بالمعصرة وبحوزته جهاز لاب توب وسط حشود من المواطنين.    عمرو طلعت يفتتح مقر مركز مراقبة الطيف الترددي التابع لتنظيم الاتصالات    جلوب سوكر - خروج صلاح من القائمة النهائية لجائزتي أفضل مهاجم ولاعب    تكربم 120 طالبا من حفظة القرآن بمدرسة الحاج حداد الثانوية المشتركة بسوهاج    المستشفيات التعليمية تناقش مستجدات طب وجراحة العيون في مؤتمر المعهد التذكاري للرمد    تخصيص قطع أراضي لإقامة مدارس ومباني تعليمية في 6 محافظات    الداخلية تضبط قضايا تهريب ومخالفات جمركية متنوعة خلال 24 ساعة    صحة المنيا: تقديم أكثر من 136 ألف خدمة صحية وإجراء 996 عملية جراحية خلال نوفمبر الماضي    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الخميس 18 ديسمبر 2025    مركز التنمية الشبابية يستعد للبطولة التنشطية لمشروع كابيتانو مصر    وزير الثقافة يبحث تعزيز التعاون الثقافي مع هيئة متاحف قطر ويشارك في احتفالات اليوم الوطني    وزير الصحة: الذكاء الاصطناعى داعم لأطباء الأشعة وليس بديلًا عنهم    في خطابه للأميركيين.. ترامب يشنّ هجوما قويا على بايدن    الاحتلال الإسرائيلي يعتقل شابين خلال اقتحامه بلدتي عنبتا وكفر اللبد شرق طولكرم    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 18ديسمبر 2025 فى المنيا.....اعرف صلاتك    بطولة العالم للإسكواش PSA بمشاركة 128 لاعبًا من نخبة نجوم العالم    غياب الزعيم.. نجوم الفن في عزاء شقيقة عادل إمام| صور    أبناء قراء القرآن يتحفظون على تجسيد سيرة الآباء والأجداد دراميًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الكتابة الآن مهنة من لا مهنة له!
نشر في صباح الخير يوم 13 - 08 - 2020

من لم يقرأ مقالات الأستاذة الرائعة «سناء البيسى» فقد فاته الكثير من متعة القراءة وفن الكتابة الراقية فى كل موضوع تكتب فيه!!
وأعترف أننى واحد من الذين وقعوا فى غرام كتاباتها، سواء كانت مقالات تشغل صفحة كاملة من أهرام يوم السبت وأحتفظ بها إلى أن تصدر فى كتاب مستقل!
دائما ما كان يشغلنى سؤال محير: لماذا يحب القراء مقالات فلان حتى لو كانت صفحة كاملة، ولايطيقون مقالا من عدة سطور لفلان؟!.. وجدت إجابة السؤال عند الأستاذة «سناء البيسى» والإجابة تهم كل من أمسك ورقة وقلما وكتب كلمتين أو بوست فتصور نفسه الكاتب الجهبذ أو الكاتبة الجهبوذة!!.. مقال الأستاذة سناء عنوانه «الكتابة نسب» وهو أول مقالات كتابها البديع والجميل «مصر يا أولاد» تقول فيه: «فى زماننا لم يعد فارق بين وظيفة الكاتب والوظائف الأخرى، بل أصبحنا نجد الفارق جليا واضحا فى المهنة ذاتها».. بين الكتاب والكتبة، قلم الكتّاب متصل بوريد القلب وقلم الكتبة متصل بوريد المصلحة!! الكتّاب يكتبون ما تمليه عليهم ضمائرهم، والكتبة يكتبون ما يُملى عليهم!! الكتابة انفصلت عن القراءة وتراجعت الموهبة وغدت الثقافة علاقات عامة وموبايلات مسجلا عليها تليفونات أهم الشخصيات، وبالتالى لا بد أن نعيد النظر فى متى يغدو الكاتب كاتبا على ضوء أن سوق الكتابة فى انقراض، وعلى رأى «توفيق الحكيم» فى هذا الزمان أصبحت الأقدام أهم من الأقلام!!.. وبالأمس دخل صاحبنا صالة التحرير رابطا «صباع رجله فسألوه: سلامتك إيه اللى جرالك؟! فأجاب: صباعى انكسر!! فأتاه الرد المفحم: بطّل كتابة لأجل تريحه!!.. الكتابة الآن قد غدت مهنة من لا مهنة له، لكل مهنة شروط وشيوخ إلا الكتابة الآن أصبحت ما لها شيوخ ولا مرجع، سوق الكتابة جبر ودخلت الصورة تهزم الكلمة وتكدس الجرنال بربطة المطبعة على الرصيف ليباع بالوزن لمهمة القرطاس.. والغريب والطريف أن الصحافة الآن قد غدت باسبورا لإثبات الذات والشرعية فى المجتمع بعدما غزتها جميع الطوائف، فالدكتور والأستاذ والعالم والنائب والباشمهندس والمحلل النفسانى والسكرتير العلانى والمذيع الترتانى والخبير الغذائى والدوائى ومحلل الفتاوى والحكاوى والشكاوى كلهم، كلهم يعيش الواحد منهم ويموت ونفسه رايحة لحاجة واحدة لا غير للوصول للناس يقول لهم من خلالها أنا هنا.. مقالة فى جريدة أو جرنال عامود يذيله باسمه بحروف الطباعة يفتح الجرنال عليه ويصفق هيه؟؟؟!!
ومن هنا أسفت ودهشت للعالم الطبيب الكبير صاحب الأربعين عاما فى مجال الطب عندما لاحظت مكوثه قابعا فى حجرة السكرتيرة أكثر من مرة فى انتظار السماح له بكتابة عدة سطور على صفحات الجريدة تجعله محط الأنظار خارج دائرة المرض.. كاتب عمود أصبحت رتبة زى الباشوية والبكوية.. العامود الصحفى غدا بمثابة ميلاد جديد فى دوائر المجتمع من خلاله تكتسب الشهرة الحقيقية التى قال عنها الشاعر «حافظ إبراهيم» يوما:
لكل زمان مضى آية.. وآية هذا الزمان الصحف.. ومن هنا عذرت يوما الكاتب الكبير.. زكى نجيب محمود الذى لقيته بعد أن كان قد أمضى أكثر من أربعين عاما يطل علينا فيها بمقالاته ونظرياته وفلسفاته وجدت له عذرا عندما تبت على وجهه مظاهر الانتعاش والحبور لحظة نقلت إليه إعجاب «سعاد حسنى» بمقالته فى الأهرام !! ابتسم الفيلسوف كأننى منحته قالبا من الشيكولاته معلقا بسعادة بادية: سعاد بتقرالي؟!.. وأبدا لم يكن ورم الأبناط فى كتابة الأسماء أو شهرة الجرنال دافعا على إقبال القراء، وعلى سبيل المثال الكاتب يحيى حقى بوزنه الثقافى وقامته المعرفية الفارعة عندما عرضت عليه الصحف الكبيرة أن يكتب لها رفض بإباء وفضل الكتابة فى صحف دار التعاون قليلة التوزيع بمنطق أن القراء يذهبون للكاتب وليس للجرنال، ومن هنا استمتع قراء «التعاون» بأندر السطور التى جمعها الناقد فؤاد دوارة مشكورا فى أهم كتب أدب المقالة العربية على طول تاريخها.. ويظل يحيى حقى الكاتب الشامخ الذى لا يذكر اسمه إلا ومعه قنديل أم هاشم.. الأديب الصادق مع نفسه ومع القارئ، عندما وضع القلم جانبا قبل وفاته بكثير لشعوره بأن مداد العقل قد جف وأنه لن يستطيع أن يضيف جديدا.. توقف «يحيى حقى» بينما ظل آخرون يتحفوننا بكتابات فسيولوجية أى بإفرازات آدمية!!.. وتمضى الأستاذة «سناء البيسى» فى وصف حال الكتابة والكّتاب فتقول: «أقلام ارتدت هدوم غيرها، وهدوم غيرها واسعة عليها، وأخرى تتدارى فى مسوح رهبان والبعض يحبك العمة لكن من غير وضوء، ومن شاف الباب وتزاويقه ماشافوش من جوه نشف ريقه!!
أقلام لصوص أفكار بدعوى الاقتباس تنقش عن الغير بالمسطرة كبد الكتاب وجرس القصيدة وروح البحث وجسد المقال؛ وتخوفا من تهمة السرقة من أن تذاع فى برنامج أو على قهوة أو فى رواق جمعية أدبية أو فى باب نقد يؤتى بذكر صاحبه الخلق الحقيقى فى معرض السطور على الماشى أو فى زاوية هوامش ضمن كشف مراجع جهود البحث والتنقيب!!.. أقلام يكتب اسمها بحروف طباعة فى غلظة لافتات الانتخاب تظل راكزة باركة ع النظر والقلب حتى زوال الكرسى من تحتها، وهنا أتحداك أن تظل فى تلابيب الذاكرة قشرة لذكرى سطر أو كلمة أو حرف منها ترك أثرا. أو فكرة أفادت أحدا، أو رأيا ذُكر على جانب من الأهمية، أو أن أصحابها يوما قد أزاحوا بلفائف أطنان كتاباتهم الساكنة حبة رمل فى ملليمتر أرض، أو ردموا ثقبا أحدثته قدم نملة أو سدوا شقا انزلق داخله برص أو زرعوا فسيلة على ضفاف غيط برسيم!
أقلام جريئة وأقلام بريئة وأقلام مدنسة وأخرى طاهرة سامية البعض شامخ والبعض شايخ، أقلام صادقة تزرع الأرض زهر أزكى الرائحة، وأخرى مدعية تموه سطح الرمال المتحركة بورود بلاستك وتالتة زرعها أشواك وميتها جاية فى مصرف من بحور الدم «وأقلام ترمى الشباك» بنعومة الكوبرا توقع بفريستها وتسحبها مسلوبة الإرادة فوق ريش النعام وتخنقها بمنديل ناعم حرير تدفنها ملفوفة داخل راية التبجيل ووراها جنازة حارة بمزيكا المارشال.. وأقلام تقول رأيها فى النور تكتب بحروف من نور، وأخرى عاشقة للضلمة تنخر فى الجذور وتمتص رحيق الساق وتلبد فى الذرة، وأقلام لها أسنان تنهش الأعراض وتنخر فى جروح النفس وتمزق أشلاء الروح بأظافر الكلمات وتصلب ضحاياها وتقطع الأوصال بشبكات الاتصال، وأقلام لسانها مقطوع ونفسها مقطوع وهى ذات نفسها مقطوعة من شجرة مالهاش حد!!.. أقلام فى الفارغة تلت صفحات وفى الهايفة تعجن ملازم ورق تلقفها مطابع السادة تحصنها بغلاف مقوى وبصمة ذهبية لتخرجها بعد الطبع كوشيه فشر موسوعة البرينانيك ديكورا لمكتبة فلان بك وفلان باشا وصاحب المعالى فلان!! وأقلام تسهر عمرها منكبة تستقطر عصارة عمرها أفكارا على ورق لحمة».. ولم يكن ذلك هو كل ما كتبته سيدة الكتابة الراقية سناء البيسى بل بعضه فقط!
وللمقال وللحكاية بقية!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.