تفرض الأزمة الراهنة ضرورة تعظيم قيمة العمل والانضباط الذاتى، ليس فقط لمواجهة إرهاب وتخريب هذا الفيروس والعمل على اجتثاثه، ولكن كنمط حياة لنا جميعًا للدفع بعملية الإنتاج والارتقاء بالنسق الاجتماعى والمعرفى للوطن. ويجسد حادث دفن «شهيدة شبرا البهو» الإصلاحات والجهد المطلوب فى مجتمعنا، وهو عبء نتشارك فيه جميعًا مواطنين ومسئولين، وبما يلزمنا بأن يكون الانضباط الذاتى نهج حياتى يومى لحصر هذا الفيروس، فإذا خالفنا وانتشرنا ينتشر معنا وبشراسة المتوالية الحلزونية، وهنا أنوّه أن هذا الحادث انعكاس ومؤشر حقيقى للمستوى المتدنى المعرفى والثقافى أكثر منه تحريضًا من بعض عناصر الجماعة الإرهابية والتى استثمرت الموقف. والمواطن المصرى الذى يهب دفاعًا عن وطنه ويساند مؤسّساته وعلى قناعة بما تثبته الأحداث دومًا، على قدرة مؤسّساته للتحكم والسيطرة والإدارة الرشيدة لما نواجه من أزمات، فكانت أحداث سيول «يناير» شاهدًا، وكانت بمثابة بيان عملى لكل أجهزة الدولة فى التنسيق والتصرف لمواجهة الأزمات، رُغم المباغتة التامة لحجم وكمية مياه هذه السيول. ومن هذا المنطلق إننا وعلى ثقة بما تتخذه مؤسّسات الدولة من قرارات وإجراءات فى عملية متشابكة لإدارة أزمة تضرب العالم كله، وتضع الفواصل والموانع بين دوله وشعوبه، فيصعب التنقل ويصعب تبادُل السلع والمنافع فضلًا عما قد يقتضيه ذلك من الدول بعدم التفريط بأى موارد إضافية تحسبًا لظروف غير مرئية، ورُغم صعوبة المهمة التى نواجهها جميعًا؛ خصوصًا فى ضوء انعدام موارد أساسية تشكل رصيدًا هامًّا فى ميزانية الدولة، بانعدام مداخيل السياحة وإيرادات قناة السويس وتحويلات مواطنينا فى الخارج، فيكون التزام التعاون والتضافر بيننا جميعًا لتحقيق اكتفاء ذاتى لاحتياجات شعبنا؛ خصوصًا السلع الأساسية، باعتباره الهدف الاستراتيجى الواجب تنفيذه وتوفيره باحتياطات مريحة، وتنزوى هنا المعادلات الاقتصادية من حيث الميزة النسبية بما يجب زراعته أو تصنيعه فى مصر أو استيراده...إلخ، باعتبار أولوية الهدف الواحد وهو توافر الاحتياجات المعيشية لمواطنينا الآن. ويثار هنا التساؤل بالنسبة لزراعة المحاصيل شرهة استهلاك المياه، الأرز / قصب السكر...إلخ، وهو الأمر الذى يجب أن يؤخذ فى الحسبان..فطالما نتحدث عن دروس مستفادة واقتصاديات أزمة فيجب أن يكون الماء المرتكز الرئيسى فى كل إجراء يتخذ للحفاظ على حق المواطن المصرى فى الحياة، فتكون البداية معنا، وهنا نحث المصريين بالحفاظ وترشيد الاستخدام الأمثل لمواردنا المائية بالتوازى مع ضرورة تنميتها؛ خصوصًا فى إطار زيادة سكانية سنوية تتعدى المليونَى نسمة.. إلخ، وهنا يكون الانضباط الذاتى وخفض المواليد وتعظيم قيمة العمل، ركائز الاكتفاء الذاتى لمواجهة الأزمة الحالية التى نشهد جميعًا بأداء متميز لمؤسّساتنا تؤكد ثقتنا جميعًا فى العمل معًا لمستقبل واعد لأجيالنا مَهما كانت الصعوبات. ولنتساءل مع كل هذا الجهد الذى يبذل؛ لماذا لا يكون اليوم وليس غدًا الإعداد لانطلاقة ثقافية ومعارفية تتيح لنا ولشبابنا الإمساك بالمستقبل الواعد ونكون على خط واحد مع شعوب العالم المتقدم.. فنبنى حضارة وثقافة ونكون جديرين بأجدادنا وبفخر أبنائنا.. وتكون الحداثة والتنوير السند وليكون العلم تعظيمًا للعمل والإيمان فلا يتكرر حادث شهيدة الكورونا فيكون ذلك نورًا كاشفًا وصاعقًا للجهالة، بيئة تفشى وانتشار الجماعة الظلامية.