مرة جديدة .. لابد أن يتصدر شباب ثورة 25 يناير المشهد .. فهم ليسوا فقط الأحق بكل ثمرة من ثمار ما قاموا به من إحداث تغيير حاضر ومستقبل مصر .. ولكنهم أيضا الأكثر نقاءً وطموحا وطاقة توفر القدرة علي الوصول إلي الهدف الأساسي من التغيير. صحيح أن من بين هؤلاء الشباب مسيسين علي أفكار وبرامج بعض تيارات سياسية مختلفة .. وصحيح أيضا أن من بينهم من منتمين لأحزاب سياسية .. وصحيح مرة ثالثة أن منهم من صنع لنفسه تكتلا خاصا له مطلب سياسي .. ولكن وكما اختبرنا في صباح الخير وعلي عدة أسابيع من حوارات جرت وتجري مع شباب الثورة .. فإنهم جميعا قد رأوا أن مصر تستحق أكثر مما هي فيه. وإنها بشبابها وتاريخها ومكانتها ودورها وتأثيرها وشعبها .. لا يجب أن تقل الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية بها عن تلك التي تعيشها المجتمعات الديمقراطية المتقدمة في أوروبا والولايات المتحدةالأمريكية .. ومن ثم يجب أن تتغير مصر فتصبح علي هذا الشكل وهذا المضمون الراقي المتقدم في حياتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية. وهذا في حد ذاته ليس فقط شعورا جارفا من شباب الثورة يتمسك بالانتماء والفخر الوطني وإنما أيضا رغبة واثقة في أنهم قادرون علي ترجمة هذا الشعور الوطني إلي قواعد علي الأرض يرتكز عليها البناء القادم للدولة المصرية المدنية الديمقراطية. خاصة أن شباب الثورة قد نقلوا كل المطالب الإصلاحية إلي كل بيت مصري في كل حارة وشارع وحي في حديث يناقش التغيير والديمقراطية ومواد الدستور والأحزاب لتصبح السياسة محورا للتعليق والمناقشة والمطالبة علي أصغر مقهي في مصر وبين مستويات اجتماعية و تثقيفية متقاربة ومتباعدة .. متعلمة وغير متعلمة .. مهتمة أو لم تكن يوما مهتمة .. أعمار صغيرة وكبيرة .. ببساطة أصبحت مصر كلها تصحو علي السياسة وتنام بها. وفي هذا السياق فإن تصدر المشهد السياسي يجب أن يكون لهذا الشباب ومنه وبه .. فهو يملك النقاء الثوري والرغبة في إثبات الذات والقدرة الدءوبة علي العمل .. وهو ما يخاصم طبيعة الشراذم التي ظهرت علي السطح فجأة لتكتشف أنهم ثوار بعد نجاح الشباب في الحصول علي كل مطالبهم الثورية في 11 فبراير .. تمارس الانتهازية المكشوفة في مكارثية واضحة .. ربما يحصلون علي ثمن داعب خيالهم فيما فات من أعمارهم ولم يحصلوا عليه .. ربما حان الوقت للفوز به وعلي عمل وجهد وأكتاف الشباب الثوار. ومن ثم وقد كتبت في هذا المكان أدعو شباب الثورة إلي أن دورهم لم ينته عند هذا الحد الذي حققته ثورتهم وأن ما تحقق ليس سوي نقطة البداية التي تنتظر خطوات تراتبية تبني علي ما سبقها وصولا إلي الهدف الأكبر في بناء مصر علي النحو الذي يحلمون به ويأملونه لها .. والذي لن يتأتي إلا بمشاركة حقيقية لشباب الثورة في الحياة السياسية. وهو بطريقين .. الأول تكوين حزب سياسي يمثلهم ويعبر عنهم ويترجم أفكارهم وبرامجهم النقية .. بعيدا عن الأحزاب الموجودة .. وأفهم جيدا أن تكوين حزب سياسي يصطدم الآن بالإجراءات القانونية والدستورية الحالية ولكنه وبعد أشهر قليلة لن يكون.. بعد الإعلان عن النية في تعديل القانون الخاص بإنشاء الأحزاب .. وهذا يحتاج إلي وقت. أما الثاني .. فهو إقدام شباب الثورة علي اختيار ممثلين لهم تستوفي فيهم شروط الترشح للانتخابات البرلمانية والدخول إلي مجلس الشعب كنواب ممثلين للشعب .. وأعلم أن الفوز بمقعد في مجلس الشعب ليس سهلا ولا أمرا هينا .. وإنما يخضع لحسابات التواصل الجماهيري مع أهالي الدوائر الانتخابية والاستطاعة في توفير الميزانيات المالية للدعايات الانتخابية.. والقدرة علي التنظيم والحشد يوم الاستحقاق الانتخابي وأمام صناديق الانتخابات. وأكاد أجزم أن هذا الشباب الذي صنع ثورة 25 يناير وقادها واحتفظ بها ساخنة حتي كتابة هذه السطور يمتلك من الأفكار والقدرات والمهارات التي تتيح له بناء جسور للتواصل الجماهيري وهم الآن يتمتعون بجماهيرية وثقة لا حد لها .. وتتيح ابتكار أشكال تمويل شعبي للدعايات الانتخابية ولديهم الأدوات التكنولوجية .. وتتيح التنظيم الدقيق لحشد ووصول الناخبين المؤيدين لهم إلي الصناديق الانتخابية . وقد فعلوها من قبل .. في يوميات ثورة يناير.