تصوير: شريف الليثى ثورة 25 يناير كانت امتداداً لنتيجة القمع السياسي للنظام في التعامل مع شباب الحركة، وهذا ألهب مشاعر الناس، كما أن خطاب الرئيس مبارك العاطفي يوم الثلاثاء هدمته معركة الجمال والخيول في ميدان التحرير في اليوم التالي، لكن الطبيعي أن الحركة قامت بصورة عفوية، دفعها مجهود الشباب للاستمرار، ومع زيادة أعداد الشباب المشارك زيادة غير متوقعة تحققت بعض المطالب، التي تصاعدت فأصبحت لا تفاوض إلا بعد الرحيل، وحدث الرحيل، ولن يرتد الشعب إلي الخلف. هكذا بدأ عبدالرحمن فارس المدون والناشط السياسي وعضو بائتلاف شباب الثورة.. 30 سنة. يقول إن الحكاية بدأت بتكوين مجموعة تتمثل من خمس حركات هم «شباب حزب الجبهة، العدالة الاجتماعية، وشباب الحملة المستقلة لدعم البرادعي، وشباب الجمعية الوطنية للتغيير، وجماعة الإخوان»، وقامت الفكرة علي القيام بشيء يُحدث مردوداً قوياً علي المجتمع المصري، حتي يساهم في تغيير الخريطة السياسية في مصر، خلال الفترة القادمة، وتم اختيار يوم 25 يناير، لأنه كان أقرب أيام الاحتفالات الوطنية، وهو عيد الشرطة، هذا إلي جانب اكتواء الناس بنار الشرطة بصورة قوية، وهذا أحدث نوعاً من الجذب للناس وساهم في نزولهم إلي الشارع، بالإضافة إلي حالة الاستفزاز الموجودة داخل الناس من وقت حادث كنيسة القديسين، وقبلها مقتل خالد سعيد وبعدها مقتل سيد بلال، وإحساس الناس بأن الداخلية لم تعد في خدمة الشعب، فكان لابد من محاسبتهم والوقوف ضدهم وقفة حاسمة، ولذا تم اختيار يوم عيد الشرطة ثم تطورت الفكرة إلي إسقاط النظام بالكامل. • لساني هو القلم وعن الأنشطة التي مارسها قبل قيام الثورة وتكوين ائتلاف شباب الثورة يقول عبدالرحمن: بدأت في ممارسة العمل السياسي من 2004 مع حركة كفاية، ثم انضممت لحزب الغد فترة من الوقت، وشاركت في تأسيس شباب 6 إبريل، لكن بداية المشاركة الحقيقية في العمل السياسي مع إنشاء المدونة الخاصة بي، وتحمل اسم «لساني هو قلمي»، وفيها كتبت عن الحريات وحقوق الإنسان والقضايا العامة داخل مصر وخارجها. والمدونة تهتم بشكل خاص بقضايا الناس المعرضين للاعتقال، والكتابة عن المعتقلين. • مطالب الثورة ويري عبدالرحمن أن الثورة حققت مطلباً رئيسياً هو تخلي الرئيس عن منصبه، وحل مجلسي الشعب والشوري، ولكن هذه ليست كل المطالب وهناك مطالب أخري نطلب تحقيقها كتشكيل مجلس رئاسي يتولي الحكم، وإلغاء جهاز مباحث أمن الدولة، وحل الحزب الوطني أو علي الأقل قيامه بممارسة العمل السياسي الحزبي كبقية الأحزاب، دون أن يتدخل رجاله في الحكم، والإفراج عن جميع المعتقلين السياسين، وأن يقوم الجيش بتجديد وقت زمني لتنفيذ هذه المطالب، وإقالة حكومة شفيق وتشكيل حكومة. • تشكيل الائتلاف وأضاف عبدالرحمن إن ائتلاف شباب الثورة تم تشكيله من المجموعات الخمس التي قامت بالحركة في أيامها الأولي وتحديدًا يوم 25 يناير، وبالفعل كان أعضاء المجموعات يعقدون جلسات واجتماعات لمدة ثلاثة أسابيع قبل خروج الثورة للشارع يوم 25 يناير، ولم نخرج تحت أي شعارات أو لافتات تعبر عن أي كيان، ويضيف كان هناك حرص علي عقد الاجتماعات في أماكن مغلقة، وتم اتخاذ بعض الإجراءات الاحتياطية في تحديد الأماكن ومراعاة بُعدها عن أماكن الشرطة أو الأماكن المتوقع حدوث دوريات فيها، وغلق الموبايلات قبل وأثناء الاجتماعات، عدم المبيت في بيوتنا، وعدم الاقتراب من منطقة وسط البلد، لانتشار رجال الشرطة فيها، كما أن الإبلاغ بالمقابلات وأماكنها كان يتم بالإبلاغ الشخصي كل واحد باسمه وجهًا لوجه، دون استخدام الموبايلات أو الإنترنت، ووجهنا دعوة للشعب المصري كله للتحرك يوم 25 يناير، وأعلنا خمسة أماكن لبدء التحرك هي مسجد مصطفي محمود بالمهندسين، جامع الفتح بميدان رمسيس، مسجد الخازندار بشبرا، مسجد النور بالعباسية، مسجد الاستقامة الموجود في ميدان الجيزة، ونظرًا لعلمنا بالوجود الأمني الشرس كان هناك مكان سادس بديل لمن لا يستطيع التحرك من الأماكن الخمسة الأولي وهو شارع ناهيا، وخرجنا في الساعة الثانية في خط سير من ناهيا إلي ميدان التحرير، ولم يعق التجمع أي عائق في البداية، حتي تمكن رجال الأمن المركزي من وضع بعض الحواجز الأمنية لمنع الناس من التجمع في ميدان التحرير، لكن زيادة الأعداد في هذه المسيرات الخمس ساعد في كسر الحواجز الأمنية، وتوحدت الهتافات التي أطلقها الثوار في هذا اليوم. • التجهيز ليوم 25 يناير وعن التجهيز ليوم 25 يناير يقول عبدالرحمن: تم التدريب المتواصل لمدة أربعة أيام سابقة علي يوم بدء الحركة، وكانت التدريبات تتمثل في أغلبها للتعريف بفكرة اليوم، والهدف من وراء هذه المسيرة، وكيفية التعامل مع رجال الأمن لو حدث صدام معهم، وكيفية التعامل في حالة الاعتقال، وماذا يقول الشاب لو تم اعتقاله. ويضيف قائلاً: أثناء الإعداد والتجهيز لهذه المسيرة لم نكن نتخيل نزول كل هذه الأعداد، وكانت أقصي أمانينا وصول التجمع إلي عشرة آلاف شاب. وأكد عبدالرحمن أن أكثر من 90% من حالة الحراك السياسي التي حدثت خلال الثمانية عشر يومًا حراك عفوي، ساهم في إحيائه الشهداء. • الميدان وعن كيفية التعامل داخل ميدان التحرير يقول، كانت هناك صعوبة في الاتصال، فتم تشكيل مجموعة من خمسة أفراد من الشباب كانت في حالة انعقاد دائم لها حق اتخاذ القرارات السريعة، وفي هذا اليوم يوم 25 يناير، كان أقصي طموحنا هو المبيت في ميدان التحرير، ولكننا لم نتمكن من ذلك، لأنه في تمام الثانية عشرة ونصف تم ضرب الشباب في الميدان بالقنابل المسيلة للدموع، فكان التفرق، وفي صباح يوم الأربعاء 26 يناير، تم عقد اجتماع، وقررنا فيه كيفية التعامل مع رجال الأمن خلال الأيام القادمة، وكان الاتفاق في العمل علي إرهاق رجال الأمن في الأيام من الأربعاء حتي الجمعة، وحددنا يوم الجمعة «جمعة الغضب» للرد علي انتهاكات الشرطة، والتأكيد علي مطالبنا، التي زاد عليها مطلب الرحيل، كما زادت دعوتنا للناس في كل مكان للخروج والهتاف ضد النظام، وبالفعل ظهر الأمن يوم الجمعة في حالة إرهاق شديدة، كما تم التعامل مع استراتيجية التحرك يوم الجمعة 28 يناير بنفس استراتيجية التحرك يوم الثلاثاء 25 يناير، ومن نفس الأماكن المعلنة وزاد عليها مكان للخروج من أرض اللواء، وأضفنا عليها دعوة كل المصريين للخروج من المساجد عقب صلاة الجمعة. وقال سوف نقوم كل جمعة بمسيرة مليونية لمراقبة وتقييم أداء الجيش، لكن يمكن تعليق المظاهرات لفترات متباعدة، وهذا سيتوقف علي تنفيذ المطالب ومدة تنفيذها، ونحن نقول من الطبيعي أن يحصل الجيش علي وقته في تنفيذ هذه المطالب، لكن ينبغي أن يكون هناك جدول زمني يتم فيه التنفيذ، حتي لا نفاجأ بعد ذلك بأن الجيش يطلب ستة أشهر أخري لأنه لم ينفذ شيءاً. وعن خطة شباب الائتلاف في الأيام القادمة يقول: تم إعداد ورقة سياسية، وبالفعل بدأنا بأولي الخطوات لتنفيذ هذه الورقة، حيث قمنا بعمل حوار مجتمعي مع كل القوي السياسية لأخذ موافقة علي تنفيذما جاء في هذه الورقة وهي تحتوي علي 12 مطلباً. وأعضاء الائتلاف حاليًا يبذلون أقصي ما لديهم من جهد لتنفيذ المطالب.