أثار ملف «عالم فيديوهات» الذى أعدته الأستاذة «عبير صلاح الدين» مع فريق العمل فى العدد الماضى من مجلة صباح الخير 21 يناير 2020، حوارًا جادًا مع صديقتى الصغيرة الطالبة فى كلية الإعلام حول رواد «السوشيال الميديا» الذين تحولت صفحاتهم الخاصة إلى جرائد رسمية تحمل أسماءهم وأساليبهم، ورسائل إعلامية واضحة أو خفيّة يريدون إيصالها للجمهور. الملف تناول ظاهرة فيديوهات «السوشيال ميديا» التى يظهر فيها مواطنون عاديون ويتناولون فيها الموضوعات الشخصية والسياسية والاجتماعية والفنية، وبين لحظة وضحاها قد يصيرون نجومًا يتابعهم آلاف أو ملايين المواطنين، وقد ينتقلون من عالم «السوشيال الميديا» ليصبحوا نجومًا فى عالم القنوات الفضائية أو السينما أوالدراما التليفزيونية. وقد تحتوى الفيديوهات على محتوى علمى وثقافى واجتماعى جيد ومفيد للجمهور، وقد تحتوى على محتوى مسيء وتشهير وكذب وتضليل، وهو ما يدعو البعض للمطالبة برقابة تلك الفيديوهات ومنعها، خاصة عن الأطفال والشباب حتى لا تشوش عقولهم ويتأثرون بها. صديقتى الصغيرة تعترض على كل دعوات الرقابة على المواد المنشورة على «السوشيال ميديا»، لأنها مساحة حرة للتعبير عن الرأى ويجب أن تبقى كذلك. ومبررها فى ذلك أنه فى كل يوم تظهر تطبيقات جديدة على «السوشيال الميديا» أسرع وأخطر من «الفيسبوك والإنستجرام والتويتر»...فعلى سبيل المثال: هناك اليوم تطبيق يسمى «تيك توك» يسمح لك أن تصنع فيديو قصيرا بأساليب فنية سهلة جدًا، مدته 15 ثانية فقط. أغلب مستخدمى هذا «التيك توك» من المراهقين والشباب الذين يصنعون لأنفسهم فيديوهات 15 ثانية، يظهرون فيها وهم يحركون شفاهم ويمثلون على أصوات أغانى معروفة، أو فيديوهات كوميدية أو رعب،...،إلخ. وأضافت صديقتى أن رأس مال تطبيق «التيك توك» الصينى 75 مليار دولار. وصار ينافس، الآن، وبقوة، تطبيقات «السوشيال ميديا الأمريكية وخاصة الفيسبوك» فى جذب المستخدمين الذين بلغوا 750 مليون شخص حول العالم فى السنة الماضية فقط. والحقيقة إنها حرب معلومات كونية بين أمريكا والصين... فكيف يمكن مراقبة أو منع هذا؟...وإذا أُغلق «التيك توك» سوف تظهر كل يوم تطبيقات جديدة وخطيرة.... فتحت تطبيق «التيك توك» لأعرف ما الموضوع، فهالنى ما رأيت؛ آلاف الفيديوهات لشباب مصرى (ذكورا وإناثا)، تحتوى على كم هائل من البذاءات والإيحاءات الجنسية والنكت السخيفة...يشاهدها ملايين الشباب يوميًا! المواطن الصحفى وأعترف لكم اعترافًا بسيطًا، أنا من المعجبين بظاهرة «المواطن الصحفى»، بالرغم من انتقادى لبعض ما يأتى بها... ظاهرة «المواطن الصحفى» لا تزال تحتاج إلى دراسات وأبحاث لفهمها وتحليلها. أما واقع الحال فيقول إنها أصبحت منتشرة ومتغلغلة جدًا لدى كل مستخدمى «السوشيال ميديا» البالغ عددهم حوالى 50 مليون مواطن مصري. «المواطن الصحفى» أصبح ينتج كل أشكال الفنون الصحفية المعروفة وقد أضاف إليها الكثير والكثير. ويتنوع «المواطنون الصحفيون» فى تخصصاتهم وحجم ونوعية الجمهور الذى يتابعهم. فهناك أولًا: «المواطن الخبرى» الذى يصور الأحداث وينشرها أسرع من كل الصحف الإلكترونية الرسمية، وقد يساهم هذا المواطن بما لديه من فيديوهات فى إثبات التهمة أو البراءة عن بعض المتهمين أمام المحاكم. وهناك ثانيًا: «المواطن السياسى» الذى ينتج وينشر مقالات وتحليلات للأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وثالثا: «المواطن المثقف» الذى ينشر ألوانًا من الشعر والأدب والفنون التشكيلية والآثار. ورابعًا: «المواطن الفنان» الذى ينشر إنتاجه الفنى ليتلقى ردود فعل الجمهور بشكل فورى. وخامسًا: «المواطن التاجر» الذى ينشر إعلانات للمنتجات على صفحات «السوشيال ميديا»... ومثلما انتقل نجوم «السوشيال ميديا» إلى مساحات الإعلام كصحفيين أو كتاب مقالات أو معدين أو مقدمين لبرامج تليفزيونية. انتقل بعض كبار الصحفيين والمفكرين من مساحات الصحف والجامعة والكتب إلى مساحات «السوشيال ميديا» لتصبح مواقعهم الرسمية على وسائل التواصل الاجتماعى منتديات فكرية وثقافية حقيقية يتبادل فيها الناس الحوار والرأى بشأن كل قضايا الوطن والمواطن. وهو أمر مفيد جدًا بلا أدنى شك. وفى المقابل، نجد صحافة المواطن التى تروج للشائعات والأكاذيب والفضائح، ولا تتبع أدنى قواعد وأخلاقيات النشر والصحافة. قواعد وأخلاقيات صحافة المواطن السؤال الذى يفرض نفسه، هل لا بد «للمواطن الصحفى» من اتباع القواعد والأخلاقيات العامة لمهنة الصحافة، مثلما يفعل الصحفيون والناشرون المحترفون. والجواب من وجهة نظري: نعم، طالما قرر المواطن العادى أن يصبح صحفيًا على وسائل التواصل الاجتماعى فلا بد أن يراعى المبادئ والأخلاقيات العامة لمهنة الصحافة، حتى لا يتسبب ما ينشره فى أذى الآخرين وانتهاك حقوقهم وكرامتهم وتعريضهم للخطر. نعم يجب على «المواطن الصحفى» أن يتحرى الدقة والموضوعية، وألا يُشهّر بسمعة الناس وأعراضهم وخصوصياتهم، وألا يتنمر بأحد، وألا ينشر مواد تحض على الكراهية أو التعصُّب أو العنصرية، وأن يراعى حقوق الأطفال؛ فلا ينشر صورهم فى أى خبر أو إعلان دون إذن من أولياء أمورهم،...،إلخ. ولأن صحافة المواطن مساحة حرة لإبداع المواطنين العاديين، لذا لا بد أن تصنع قواعدها وأخلاقياتها أيضًا بطريقة حرة ومدنية، وليس بالقانون فقط. فعليها أن تصلح نفسها بنفسها دائمًا وأن تطلق الحملات المدنية للتوعية بالقواعد والأخلاقيات الصحفية المنضبطة، ولنقد المحتوى الردىء بشكل علمى وموضوعى. تحية «للمواطن الصحفى» الذى يقتطع من وقته وجهده من أجل نشر كل ما هو مفيد وبنّاء، شكرًا لك.