لا أدرى كيف كانت ستسير حياتى بدون صباح الخير، فهى القدر الجميل، ولو عادت بى الحياة من جديد فسوف أختار العمل بصباح الخير، فيها تعلمت الفن واكتشفت جمال الأدب والشعر ومعنى الحياة، وتعلمت فيها أن أجمل قيمة هى الإيمان بالحرية، وتلك كانت رسالتها، فهى كانت ساحة دائمة لعرض كل الأفكار التى تثرى الحياة وتساهم فى تطورها. فيها قابلت أساتذة عظاما تعلمت منهم الكثير وفى مقدمتهم أستاذى الفنان الراحل «جمال كامل» الذى علمنى أن فن الرسم ليس خطوطا وألوانا، بل فلسفة ورؤية خاصة من الفنان للعالم من حوله. كان يشرح لى كل المدارس الفنية بسهولة ويسر، منه عرفت عبقرية الفنان الهولندى رامبرانت وسحر وأناقة لوحات الإسبانى فلاسكيز، وأن الفرنسى سيزان هو الأب الشرعى للفن الحديث، لم يكن الفنان جمال كامل فنانا فحسب، بل كان مثقفا كبيرا قادنى لأقرأ فى الفن والأدب فأشار علىَّ بقراءة كتب المفكر سلامة موسى وقال لى: «كل كتاب ستقرأ له ستصاب بحالة من الإشراق والتفتح وحب الحياة». ثم روايات نجيب محفوظ والذى كان صديقه وذهبت معه يوما للقائه، ود. زكى نجيب محمود والذى كان يحب كتبه وأتذكر كتابه «فى فلسفة النقد» الذى يتحدث فيه عن الفنون التشكيلية. كان مرسم الفنان جمال كامل بصباح الخير مضيفة لكل أصدقائه فيه شاهدت د. مصطفى محمو والروائى فتحى غانم وهو يطلب من الأستاذ جمال أن يرسم له روايته «قليل من الحب كثير من العنف»، وقابلت الكاتب المبدع صلاح حافظ والروائى عبدالله الطوخى والفنان هبة عنايت والكاتب مفيد فوزى والفنان إيهاب شاكر وآخرين. فى ذلك الوقت من ثمانينيات القرن الماضى كان أستاذنا لويس جريس رئيسا للتحرير ينشر مقالا لمصطفى محمود، وفى العدد نفسه ينشر مقالاً آخر لعبدالله الطوخى يرد فيه على مقال مصطفى محمود ويبتسم ويقول: نحن مجلة ليبرالية نعرض كل الأفكار كما علمنا أستاذنا إحسان عبدالقدوس. لقد كانت صباح الخير مدرسة الهواء الطلق على حد تعبير الراحل الكبير كامل زهيرى.