«مش أول مرة ينسى المفتاح جوة الشقة»، هكذا كان ردها وهذا هو مبررها.. فى يوم الجمعة وبحى السادس من أكتوبر، مفتاح منزل ومبلغ مالى قدره مئة وعشرون جنيهًا كانا سيتسببان فى ضياع حياة طفل لم يتعد عمره ثلاثة عشر عاما، فبذهاب الأم لمكان عملها نزل أطفالها للعب بالشارع ونسى أحدهم مفتاح الشقة بالداخل، وكان هذا بداية الشرارة. فبعد أن جاءت الأم ووجدت أطفالها بالشارع وعلمت بما فعله أحدهم، صعدت إلى المنزل المجاور لها، وبقلب بارد تجرد من كل مشاعر الأمومة والإنسانية، قررت الأم معاقبة طفلها ولكن دون أدنى رحمة، فأجبرته على الخروج من النافذة المجاورة لبيتهم للقفز إلى «بلكونة» شقتهم والإتيان بالمفتاح من الداخل، ولم ينبض قلبها ولم ينتفض زعرًا ولو للحظة بتوسلات طفلها وصراخه وبكائه خوفا من سقوطه من النافذة، حتى توسلات الجيران لها لم تحرك لها ساكنا.. الحدث تناقلته وسائل التواصل الاجتماعى، وحظى بنسبة مشاهدة كبيرة، لفيديو يصور الواقعة، صوره معد تليفزيونى، يسكن بجانب الأسرة، وكان أحد شهود العيان. فى هذا السياق، قالت المحامية أميرة عبدالحكيم، مدير المؤسسة القانونية لمساعدة الأسرة وحقوق الإنسان وعضو اللجنة العامة لحماية الطفل بمحافظة القاهرة، إن هذه السيدة من المفترض أن تكون المسئول الأول عن حماية الطفل وأمانه، فكل من قانونى العقوبات والطفل ينص على معاقبة كل من له حق الولاية على الطفل سواء كان الأب أو الأم أو الحاضن بشكل عام، إذا عرض الطفل للخطر، وبالنظر إلى قانون الطفل تعتبر الواقعة تعريض حياة طفل للخطر، وعقوبتها الحبس 6 أشهر وغرامة مالية لا تقل عن 2000 جنيه ولا تزيد على5000 جنيه أو تطبيق إحدى العقوبتين. لكن فى حالة النظر إلى قانون العقوبات فسيتم التعامل مع هذه الواقعة على أنها شروع فى قتل، وفى هذه الحالة سيتم تشديد العقوبة وتغليظها ،خاصة أن والدته هى من قامت بهذا الفعل ومن المفترض أنها المسئول الأول عن حماية طفلها، وبالتالى من الممكن أن تصل عقوبتها إلى خمسة عشر عاما سجن، كما أنها لن تتمكن من حضانة الطفل إلى أن يتم إعادة تأهيلها نفسيا. وعن تعذيب طفلها وتوسلاته إليها بعد إرهابها له، أكدت أن لهذا الفعل عقوبة أخرى فى القانون، فالطفل لم يرتكب الجرم الذى يجعلها تعاقبه بهذا العقاب. «العنف يولد عنفًا» وبالحديث عن الطفل نفسه، أكدت عبدالحكيم أن هذه الواقعة ستبقى أثرا فى نفسه لن يمحى أبدا وسيظل يتذكر الخطر والذعر الذى شعر به فى هذه السن والمتسببة فيه أمه، بل إنه من المحتمل أن ينقلب أثر هذه الواقعة عليه ويصبح هو الآخر لديه شىء من العنف الحاد فى المستقبل، فلابد وأن يتم إعادة تأهيل هذا الطفل نفسيًا بوضعه فى إحدى دور الرعاية والتعامل معه بطريقة خاصة تساعده على تجاوز لحظات الذعر والخوف التى مر بها، أو تسليمه لوالده أو أحد أفراد الأسرة المسئولين عنه، فالقرار بيد النيابة كما قالت. «الخلل النفسى لا يحمى من العقوبة» «هذه السيدة غير أمينة على باقى أولادها ولابد من دراسة حالتها»، هكذا قالت مدير المؤسسة القانونية لمساعدة الأسرة وحقوق الإنسان، مؤكدة أن أى خلل نفسى يثبت لدى هذه السيدة لا يعفيها من العقوبة القانونية، فالمرض العقلى يختلف عن الخلل النفسى، وهذه السيدة هى «أم غير سوية لتلجأ لهذا النوع من العقاب» كما قالت، فهناك أمهات يعاقبن أطفالهن بالضرب إلى أن تتسبب فى موتهم، مما يؤكد الاضطراب النفسى لديهن ولكن لا يعفيهن هذا من العقوبة بعد أن إعادة تأهيلهن نفسيا، حتى تكون عبرة لغيرها من الأمهات اللاتى يمارسن العنف على أطفالهن بصورة خالية من الرحمة والإنسانية.. وعمن قام بتصوير الواقعة وتوثيقها، قالت عبدالحكيم إنه سلاح ذو حدين، فتسجيل الواقعة حافظ على الاحتفاظ بحق الطفل فكان من الممكن أن يخفى أحد شهود العيان الواقعة وينفى حدوثها خوفًا من هذه السيدة، ولكن فى نفس الوقت أصبح الجميع الآن يهتم بتصوير المشهد لكنه لا يهتم بمحاولة إنقاذ المجنى عليه أو الإبلاغ عن الواقعة، لكنها ترى أن فكرة التصوير فى حد ذاتها غير محبذة خاصة للأطفال، فالتشهير بهم غير مطلوب حتى لا يتأثر نفسيًا الطفل صاحب الواقعة بعد ذلك بسبب تداول الحديث عنه بين الجميع فيما بعد. وفيما يتعلق بمصير هذا الطفل، علق محمد العقبى المتحدث باسم وزارة التضامن الاجتماعى، أن الوزارة بانتظار قرار النيابة لتقديم برنامج علاجى للطفل من متخصصين فى مؤسسة تابعة للوزارة، لعلاجه من آثار الصدمة التى تعرض لها، ، مؤكدا أن الدولة ستتولى رعاية هذا الطفل فى حالة التحفظ على والدته طبقا لقرار النيابة، بالإضافة إلى التأكد من سلامة قواها الذهنية، ومن المحتمل أن يتم تسليمه لوالده ولكن مع اتخاذ الاحتياطات الكافية لرعايته وحمايته.