عبدالرحمن فهمى يكتب.. .. دق جرس الباب طويلاً فى الصباح الباكر.. كانت الساعة التاسعة وهو ميعاد «باكر»، بالنسبة لمن يصلى الفجر فى الجامع ويسهر فى الجريدة.. كان يقف عند الباب كابتن على أبوجريشة كابتن النادى الإسماعيلى وحامل كأس أفريقيا فى يوم مشهود أمام 160 ألف متفرج.. وهو فى نفس الوقت موظف فى شركة المقاولون العرب. كان هذا فى صباح ثانى يوم من مقتل أنور السادات.. لذا كان البلد كله فى يوم عصيب غير عادى. - خير يا على؟! - أبدًا.. البس أولاً لأن الموضوع عاجل.. هناك مقابلة مهمة للغاية.. والكل فى انتظارك! قلت لنفسى وأنا أرتدى أية بدلة على عجل.. قلت لنفسى مين يعنى الكل هؤلاء الذين ينتظروننى!! وجدت قامتين كبيرتين.. حسين عثمان رئيس مجلس إدارة المقاولون العرب ووزير الصحة الدكتور محمود محفوظ.. قالا لى أسرارًا لم يكن يعرفها أحد. •• علمت منهما أن على مكتب أنور السادات ملفين فى منتهى الأهمية والخطورة.. ملف لحسين عثمان اسمه «مشروع الصالحين، الكفيل بالاكتفاء الذاتى من القمح ثم الخطوة الثانية التصدير كما كانت مصر فى العهد الملكى حينما أطلقوا على مصر لقب «مصر سلة قمح العالم». المشروع الثانى هو التأمين الصحى مثل أوروبا بالضبط.. بل بنفس شركات التأمين العالمية المتخصصة فى أوروبا. وكان من المقرر أن يوقع السادات على الملفين بالموافقة مع تعيين حسين عثمان وزيرًا لاستصلاح الأراضى. •• كان الحديث طويلاً.. فى حجرة جانبية من مبنى المقاولون فى شارع عدلى كان سؤالى: ما دورى فى هذا الموضوع؟! كان الرد طويلاً مليئًا بالأسرار. - لك دور كبير فى هذا الموضوع بالذات. قل لنا من الذى قتل السادات؟! لا تقل لنا الإخوان المسلمين كما يقولون.. الإخوان المسلمون لم يشهدوا عهدًا أفضل من السادات الذى أفرج عن كل من فى السجون وعلى رأسهم المرشد التلمسانى، الذى كان ضيفًا فى كل المحافل لأن السادات كان يعاديه اليساريون والناصريون والشيوعيون فكان لابد من توازن سياسى يعادل القوى المعادية.. لدرجة أن السادات استجاب لطلب أفغانستان لإرسال المتطوعين من جماعة الإخوان إلى أفغانستان، بل ساعدهم فى السفر. لا تقل إن الإخوان دبروا جريمة القتل لأن التخطيط أعلى مستوى من إمكانيات هذه الجماعة.. قتل السادات وسط جيشه فى يوم عرسه «حكاية غريبة» مائة فى المائة والإخوان مجرد مأجورين لمهمة معينة.. وهذا ذكاء من الغرب الذى استعان بالقيادات داخل البلد.. شىء بعيد تمامًا عن إمكانية هذه الجماعة.. قيادات مصر كانت على علم وربما المساعدة فى عملية القتل.. قال لى حسين عثمان ومحمود محفوظ.. هنا الخوف على مشروعات السادات الكبرى.. تأمين الطب وإحياء زراعة القمح.. المسئولون القادمون يهمهم إرضاء «أصحاب الأصابع الخفية» وراء أخطر حادث قتل فى التاريخ بعد قتل كيندى! •• - ما هو المطلوب منى؟! - بهذه الجرأة التى تكتب بها فى أكثر من جريدة.. مطلوب مجرد نشر أخبار المشروعين وتحضيرهما للتوقيع فى ليلة النصر.. مجرد أخبار.. وأنت خالك أحمد أبو الفتح صاحب جريدة «المصرى» وكان أحد أفراد شلة السادات التى تسهر تقريبًا يوميًا فى الأماكن المختلفة.. مرة فى الإسماعيلية ومرة فى قرية فى الريف وغيرهما.. نحن لم نقابلك، ولكن هذه معلومات من جلسات شلة الأصدقاء المقربين.. ومنهم خالك. •• كتبت فى «الجمهورية» والأعداد موجودة.. كتبت يومين متتالين حتى صدرت التعليمات بوقف هذه السلسلة! ولعل هذا هو سبب العداء الغريب المتواصل، من جانب الرئيس الأسبق مبارك لأسرتى ولشخصى بالذات.. كتبت سلسلة مقالات تحت عنوان «مبارك وأنا» فى جريدة «الوفد» حينما كان الأخ سليمان جودة رئيسًا للتحرير.. ثم أرسل الأستاذ الصحفى حتى النخاع ياسر رزق الصحفى الكبير حنفى المحلاوى لمنزلى لكى نقوم بتلخيص هذا المسلسل الذى استغرق شهرًا فى حدود صفحة! •• كان هذا فى ثانى يوم من مقتل السادات.. ولكن ماذ حدث فى ثانى يوم تولى فيه رئاسة الجمهورية •• أول برقية تلقاها السادات -غير برقيات التهنئة والنفاق- كانت أول برقية من مرتضى المراغى ابن الشيخ المراغى شيخ الأزهر.. البرقية من روما.. كان مرتضى قد تولى وزارة الداخلية فى وزارة نجيب الهلالى التى تم تشكيلها فى ليلة قيام الثورة «23 يوليو» وما إن علم مرتضى بالثورة سارع إلى مكتبه وابتدأ يفكر فى القبض على هؤلاء الضباط، الذين قبضوا على رئيس هيئة أركان الجيش حسين فريد، ثم فوجئ مرتضى بأن البلد أصبح فى قبضة الجيش كله، وهناك اجتماع مفاجئ فى بولكلى بالإسكندرية لمجلس الوزراء الجديد، فسافر إلى الإسكندرية بسرعة وترك الشرطة تتولى حفظ أمن البلد إلى أن يعود فى نفس اليوم. ثم فوجئ فى ليلة عودته إلى منزله بالقاهرة بمن يقبض عليه.. وقُدم لمحاكمة عاجلة وحُكم عليه بالإعدام.. استطاع وزير الداخلية أن يخرج من الحجرة التى تم حجزه فيها! ومنها إلى المطار ثم روما! وأقام مرتضى هناك ال16 عامًا مدة حكم عبدالناصر. - ماذا قال مرتضى المراغى فى البرقية: والدتى حرم شيخ الأزهر مريضة تتمنى أن ترانى قبل موتها.. وتعهد مرتضى فى البرقية الطويلة أنه لن يغادر منزل والدته إذا تفضلت فخامتكم بالموافقة للعودة إلى مصر.. بل تعهد ألا يغادر حجرة والدته، بل سينام فى نفس الحجرة وبمجرد إما شفاء الوالدة أو موتها مستعد أن يسلم نفسه للشرطة، ويسلم رقبته لعشماوى الإعلام كما تأمرون وختم البرقية بقوله: وإن كنت أتمنى أن أحظى بكرم فخامتكم بالسماح لى بالعودة إلى روما لأقضى أنا الآخر أيامى الباقية وألحق بوالدتى.. تأثر السادات بالبرقية.. واتصل السادات «الإنسان» بنفسه بسفيرنا فى إيطاليا لكى يخطر مرتضى المراغى بأنه ألغى حكم الإعدام بقرار جمهورى وأنه آمن فى بلده مدى الحياة. وبالفعل.. عاد مرتضى إلى مصر.. وعاش تحت سمائها ودُفن فى ترابها.. فقد كان ابن أحد أعظم مشايخ الأزهر طوال تاريخ الأزهر الجديد ألا وهو الشيخ الجليل محمد مصطفى المراغى. •• تذكر أنور السادات- بعد قراءته برقية مرتضى المراغى- تذكر هؤلاء الذين هاجروا وابتعدوا عن مصر طوال فترة حكم عبدالناصر. لذا بعد يومين أو أكثر أو أقل.. لمح السادات الأستاذ إحسان عبدالقدوس فى درهات القصر.. بطريقة السادات العفوية نادى على إحسان وقال له: فين الواد عبده فهمى.. الكل ينادونى بعبده بعيدًا عن اسم آبائى الكبار.. كان السؤال غريبًا.. فاقترب إحسان من السادات وسأله لماذا؟!.. فقال السادات: لماذا لم يعد أحمد أبوالفتح خاله؟!.. اتصل بى إحسان فى نفس اليوم.. فكان رأيى أن أبوالفتح لم يأخذ الإذن مثل مرتضى المراغى.. فقال لى إحسان بصوت عالٍ محتجًا على كلامى: أى إذن بعد هذا الذى حدث فى بهو السراى أمام الجميع.. أرجوك اتصل بخالك فورًا.. وقد كان وعاد آل أبو الفتح جميعًا. •• قصة شخصية إنسانية زارنى فى مكتبى بجريدة «الجمهورية» ثلاثة شبان صغار.. طلبة فى كلية الآداب جامعة القاهرة.. الثلاثة من أسر رقيقة الحال يكفى أنهم لم يجدوا مكانًا لمجرد النوم فى الليل.. اتخذوا أسفل الكبارى العالية مكانًا. فى إحدى حملات الشرطة تم القبض عليهم لمجرد إبعادهم عن النوم فى العراء.. طلبوا أن يذهبوا إلى قسم الشرطة ليكون مأوى حتى الصباح! وقصص أخرى عن الغذاء والملبس.. كتبت قصصهم بكل عواطفى مع دموع تسيل على وجهى تمنعنى عن الكتابة لحظات. ناشدت أحد الأثرياء بتبنى شباب ورد بلا أى شىء.. لا مال و لا غذاء ولا مأوى.. لدرجة أنهم بعض الليالى ناموا فى محل كبير جدًا مشهور فى الدقى يبيع الفاكهة والخضار، حينما قابلوا صاحب المحل وطلبوا منه باستجداء وشبه تسول بعض ما يبيع بلا مقابل، علم الرجل بقصصهم العائلية فقرر إطعامهم وأن يناموا فى المحل الكبير بشرط عدم إضاءة أى نور، وذات ليلة أضاءوا شمعًا من أجل امتحان ما، فتم طردهم فلجأوا لى.. فى صباح نفس اليوم اتصل بى سكرتير السادات الخاص.. وطلب منى أسماء الطلبة الثلاثة وكيفية العثور عليهم.. أمليت عليه الأسماء وخير وسيلة للعثور عليهم، كلية آداب جامعة القاهرة. بعد ثلاثة أيام زارنى ثلاثة شبان غرباء لم أرهم من قبل.. فإذا بأنهم هم الشبان أنفسهم.. فركت عينى أكثر من مرة وأمعن النظر.. وألبس النظارة وأخلعها.. إنهم فعلاً نفس الشبان بملابس جديدة ووجه جرت فيه الدماء وروح معنوية مختلفة تمامًا.. ماذا حدث يا أولاد؟! سيارة أخذتنا من الجامعة إلى منزل السادات بالجيزة.. جلسنا فى حجرة فى الدور الأول.. جاءنا من ينصحنا بأن نفتح الكتب التى معنا ونقضى الوقت المتبقى على مدفع الإفطار- كانت الحكاية فى رمضان المعركة- وانطلق المدفع وجلسنا على منضدة عليها مأكولات لم نرها من قبل. فى نفس اللحظة التى بدأنا نأكل دخل الرئيس أنور السادات وجلس وتناول إفطاره معنا.. وخرجنا فوجدنا شنطًا بها ملابس خارجية وداخلية لنا.. أين سنضع هذه الشنط وننام بجوارها! محجوز لكم ثلاث غرف فى المدينة الجامعية.. الغرف مدفوعة الأجر لمدة طويلة. فى المساء.. تلقيت تليفونًا من سكرتير السادات المشهور الذى نسيت اسمه وكان يعرج بإحدى رجليه.. التليفون لتعليمات صريحة من السادات شخصيًا ألا أكتب أى شىء عن هذا الموضوع.. هنا أيقنت أننا سننتصر.. كان باقيًا على الحرب ثلاثة أيام! أقسم بالله العلى العظيم ثلاثًا.. بأن هذه الحكاية حقيقية بكل هذه التفاصيل. أحد هؤلاء الشباب شاعر مشهور الآن، ويتردد اسمه وأشعاره فى وسائل الإعلام، وآخر آثر أن يعمل مدرسًا بالمملكة السعودية، عاش ومات فى المدينةالمنورة. تفاصيل وأسرار ليلة لا ينساها التاريخ الساعات الأخيرة للقائد العظيم قبل الضربة الجوية الحرب بالنسبة للسادات لم تبدأ يوم 6 أكتوبر 1973، بل بدأت منذ توليه المسئولية عقب رحيل عبدالناصر مباشرة. ما كيفية الإعداد لحرب بل لملحمة كبرى أمام عدو متفوق سلاحًا وتمركزًا، وبدعم بلا حدود من أقوى دولة فى العالم، فى نفس الوقت السادات يعانى من اقتصاد منهار إلى أقصى مدى وخزينة خاوية.. وشعب لايزال يعانى نفسيًا من آثار 1967.. ثم الخطة الدفاعية التى بذل فيها عبدالناصر مع الوزير محمد فوزى مع الخبراء السوفييت- الخطة المسماة- 200- انهارت قبل موت عبدالناصر بشهر بالتمام!. وهذا هو الأهم.. لا تفكير فى الدفاع خلاص.. لابد من الهجوم! كان طريق النصر للسادات صعبًا للغاية على كل الأصعدة.. كان يحارب فى كل الاتجاهات.. حتى الجبهة الداخلية كانت معبأة بالشكوك على قدرة القائد أن ينتصر.. حتى الجبهة العربية كانت مليئة بالشروخ. كتب موسى صبرى فى كتابه عن السادات بأن أقوى أسلحة العدو كانت الحرب النفسية التى أثارت الشكوك فى قيام حرب.. وهو ما استفادت منه مصر فى نجاح مفاجأتها بالضربة الجوية.. كانت الضغوط التى تحيط بالسادات تهد جبلاً.. ولكن السادات كان عملاقًا شامخًا واثقًا.. لم يهتز قط. لذا بعد المعركة سألوا السادات: - كيف اتخذت أخطر قرار فى التاريخ رغم كل ما حولك؟! قال السادات بثقة: لست أنا.. إرادة الله سبحانه وتعالى كانت هى القرار. •• أعود إلى ليلة الحرب.. لم ينم السادات ليلة الحرب فى منزله.. اختار قصر الطاهرة لإقامته طوال فترة الحرب.. وكان قد أقام غرفة عمليات عسكرية فى أسفل القصر دون أن يعلم أحد.. تشاءم السادات من غرفة العمليات القديمة منذ جمع عبدالناصر قادة الجيش والخبراء السوفييت وأيضًا محمد فوزى وزير الدفاع لبحث الخطة الدفاعية.. التى تصدت! نمت فى قصر الطاهرة فى موعدى المعتاد.. وأمضيت يوم الجمعة عادى جدًا.. صليت الجمعة فى كوبرى القبة فى نفس الزاوية التى تعلمت فيها الصلاة منذ خمسين عامًا. •• وكان لابد من أن يجتمع مجلس الأمن القومى بدعوة عاجلة مفاجئة من السادات استعرض فيها الموقف كله من جوانبه السياسية والعسكرية. أنهى السادات الاجتماع الطويل جدًا حينما أجمل الموقف الخطير بكلمة «حتمية المعركة» استمرار الوضع الحالى هو الموت المحقق.. أمريكا ترى أن استمرار الوضع الحالى معناه سقوط مصر خلال عامين على الأكثر.. وكان للسادات عبارة غريبة رددها أكثر من مرة «بدون معركة مصر سوف تنكفئ على نفسها» نحن بصدد أخطر قرار، ولكن لابد منه. فى هذه الليالى الحاسمة فى تاريخ بلد.. كان القائد السادات فى منتهى هدوء الأعصاب لم يهتز لحظة واحدة. على جانب من الاجتماع قال أحد أعضاء مجلس الأمن القومى إن إسرائيل التى تظن الآن ومنذ مدة أن مصر لا تفكر فى معركة ستعيد حساباتها بعد هذا الاجتماع.. ويبتسم السادات ويقول له: اقرأ كل الصحف.. الأخبار أن مصر فى حالة غليان من هذه الأوضاع، فقرر السادات عقد مجلس الأمن القومى لدراسة الموضوع واتخاذ بعض القرارات المحلية.. الصحف مليئة بهذه القرارات. بدون ذكاء السادات وبُعد نظره وثقته بنفسه وفى من حوله.. وشجاعته فى اتخاذ القرارات.. ما كانت مصر ستنتصر قط!• أمريكا تكرم السادات في مئويته أعلنت السفارة المصرية فى واشنطن أن هناك مشروع قانون لمنح الرئيس المصرى «محمد أنور السادات» الميدالية الذهبية للكونجرس تقديرًا لإنجازاته التاريخية ومساهماته الشجاعة فى تحقيق السلام فى الشرق الأوسط.. وسيتم إعلان التكريم فى مئوية ميلاده.. أذيع هذا الخبر فى المجلة الاقتصادية العالمية نقلاً عن تويتر الكونجرس.. هذه الميدالية تمنح لمن حقق عملاً أو نصرًا عالميًا.. جورج وشنطن أول رئيس لأمريكا كان أول من نال هذه الميدالية!! تكريم من السويد «نوبل» ثم أمريكيا..أين مصر؟! حكاية حقيقية حكاية فى منتهى الغرابة لا يعلمها إلا المقربون للأسرة.. فى ليلة اغتيال السادات.. ليلة 6 أكتوبر نفسها.. رأت مدام جيهان السادات زوجها الشهيد بدمه ولحمه وطوله وعرضه.. رأت السادات وليس خيالاً بجوار السرير يقول لها بنفس صوته المميز: «أنا بخير يا جيهان».. صدق أو لا تصدق.. اسألوا أهل بيته! من أسرار حرب أكتوبر.. كان اللواء الجمسى رئيس لجنة دراسة موانع العدو على الضفة الشرقية للقناة.. ولما سمع السادات عن انبهار الجمسى بكل هذه الموانع.. استدعى الجمسى وقال له: خذ هذا الكتاب واقرأه عدة مرات.. الكتاب عن الحرب العالمية الثانية.. كيف هبطت قوات الحلفاء فى نورماندى.. كيف تهبط قوات عسكرية معها كل الأسلحة على شاطئ العدو! لاحظ الجمسى أن السادات وضع خطوطًا تحت عبارات معينة توضح خطة مونتجمرى قبل الاقتراب من الميناء.. كان هذا فى أغسطس 1971. عام 1946 اغتيل أمين عثمان باشا وزير المالية فى حكومة الوفد وكان صديقًا للإنجليز صاحب نظرية الزواج الكاثوليكى بين مصر وإنجلترا.. تم القبض على عشرين شابًا منهم محمد أنور السادات وقضى 31 شهرًا فى السجن ثم صدر الحكم ببراءته للعثور على تذكرتين سينما فى نفس يوم الحرب ونفس الموعد. السادات صحفيا فى روزاليوسف خرج السادات من السجن بلا أى إيراد أو جنيه واحد طلب من صديقه إحسان عبدالقدوس أن يكتب فى مجلة «روزاليوسف» مذكراته فى السجن لمدة ثلاثين يومًا.. قدمه إحسان للقراء بأنه أذكى متهم وأقوى شخصية وأكبرهم عمرًا وأكثرهم ثقافة وتجربة ووطنية. نشرت المذكرات فى ديسمبر 1948 فى مجلة «روزاليوسف» تزوج أنور السادات بمجرد خروجه من الكلية الحربية من إحدى بنات بلده.. تم الطلاق عام 1949.. كان يختبئ بعيدًا عن البوليس السياسى فى مدينة السويس عند أحد أصدقائه.. تعرفت عليه فتاة اسمها جيهان صفوت التى كانت مبهورة ومعجبة أشد العجب بهذا الشاب المكافح فى سبيل بلده.. وانتهى الأمر بالزواج وتحملت معه أسوأ أيام.. خلال محاربته كل من يعادى بلده.. وتمر الأيام ويتقابل السادات مع صديقه القديم يوسف رشاد ضابط طبيب فى مستشفيات الجيش، كان يوسف رشاد صديقًا شخصيًا للملك فاروق فصدر قرار بعودة محمد أنور السادات إلى الجيش بنفس رتبته القديمة «يوزباشى» وزملاؤه كانوا «صاغ». وتدخل مرة أخرى يوسف رشاد لينال رتبة صاغ.. وعام 1951 تمت ترقية السادات إلى بكباشى حيث أكبر وأخطر وأعطم تحول فى حياته.. وكانت بطلة هذا التحول زوجته جيهان رءوف صفوت التى تحملت ما لا يمكن أن تحتمله إلا زوجة رائعة غير عادية.