«وحوى يا وحوى.. إياحة، روحت يا شعبان.. وحوينا الدار جيت يا رمضان، وحوى يا وحوى، هل هلالك والبدر أهو بان.. يا لا الغفار، شهر مبارك وبقاله زمان، محلا نهارك بالخير مليان، وحوى يا وحوى.. إياحة».. كلمات الأغنية الأشهر فى استقبال رمضان منذ عقود طويلة، عاصرتها أجيال مع بداية بث الإذاعة المصرية، لكنها فى شارع جميل باشا فى شبرا، لها وقع مختلف، فصاحبها حسين حلمى المانسترلى، جارهم الذى لا زال الكبار والصغار من أهل الشارع يحكون حكاياته، وحكاية وحوى يا وحوى، ونورت يا قطن النيل وغيرها من الأغانى الدينية والشعبية. فى أول الشارع الذى عاش فيه الشاعر الكبير صلاح جاهين، خلف مدرسة التوفيقية، ستجد بيت المانسترلى بطرازه القديم، الذى بناه الشاعر فى 1926، مدخله ببوابة حديد، تنتهى فى الأعلى ب«هلال». أقدم بقال فى الشارع، السبعينى عم على إبراهيم، الذى ورث المحل عن والده الذى كان مكوجيا فى نفس المحل من 1928، ما زال يذكر جاره صاحب العمارة الملاصقة لمحله، الشاعر حسين المانسترلى، وبلكونته فى الطابق الثانى. يخرج عم على وصل الكهرباء ووصل المياه الخاص بالعمارة المجاورة، وهو يشير إلى أنها ما زالت تأتى باسم حسين حلمى المانسترلى حتى الآن. «كان والدى –رحمه الله- يحب أن يسمع أغانى المانسترلى الدينية، خلال عمله فى المحل، يشغلها على جهاز الجرامافون، مثل أغنية «حبيب الله يا سيد الكل»، «إمتى تعود يا نبى» بصوت أحمد عبد القادر، الذى غنى أيضا وحوى يا وحوى» يكمل عم على. عائلة المانسترلى بحسب المصادر المتاحة عن الشاعر الغنائى حسين المانسترلى، ولد فى القاهرة فى 27 فبراير 1892، وتوفى فى 5 نوفمبر 1962، وعمل موظفا بوزارة الأوقاف، وقبلها فى العشرينيات والثلاثينيات كان مسئولًا فنيًّا عن شركة أوديون للأسطوانات الغنائية، وينتمى إلى نفس عائلة «فؤاد المانسترلى باشا» صاحب القصر الشهير فى المنيل، الذى يضم الآن متحف أم كلثوم. لكن «أشرف صبحى» حفيد الشاعر حسين حلمى المانسترلى، يقول إن جده ولد فى إسطنبول وليس فى القاهرة، كما هو شائع، وجاء مع والده من تركيا، وهو أحد أفراد عائلة المانسترلى، التى يعود نسبها فى مصر إلى جدهم الكبير، حسن فؤاد باشا المانسترلى، «كتخذا» مصر، صاحب القصر الشهير بالمنيل. ويقول أشرف: جدى عمل بوزارة المعارف، ثم عمل مديرًا للمعاهد الدينية بالأزهر، ومن هنا جاء ما كتب عنه أنه عمل بالأوقاف. كتب حسين المانسترلى العديد من الأغانى والمونولوجات الشعبية، مثل نورت يا قطن النيل، «يا عرقسوس شفا وخمير يا اللى الليمون منك يغير»، كما غنت له أم كلثوم وإبراهيم حمودة وليلى مراد وآخرون، كما كان له الفضل فى اكتشاف الفنانة نجاة على، وكتب حوار بعض الأفلام السينمائية. من شبرا للمعادى «عاش جدى مع والده فى منزلهم بشبرا، وأنجب ابنته الوحيدة «حورية»، وتوفيت أمى قبل 4 أعوام، وهى من مواليد 34، ودرست فى مدرسة الراعى الصالح الشهيرة فى شبرا، وفازت بعضوية مجلس الشعب عن دائرة المنيل، 35 سنة، كما شغلت منصب عضو مجلس إدارة معهد الموسيقى العربية برمسيس، وكانت محبة للشعر وتنظم بعض أبياته»، يؤكد أشرف. ويكمل: ترك جدى منزل شبرا، بعد أن بنى الفيلا رقم 57 بشارع 10 بالمعادى، وكان بها حديقة غناء كبيرة، لكن هدمت الحديقة، وبنى مكانها 3 أبراج سكنية الآن، وما زالت الفيلا موجودة، وسكنها جدى حتى وفاته فى 1962. يتذكر أشرف ما حكته والدته حورية، عن سهرات والدها فى الخميس الأول من كل شهر بفيلا المعادى، والتى كان يدعو إليها كبار الفنانين والموسيقيين، وكان الموسيقار عبدالوهاب حريصًا على حضورها، وكذلك فريد الأطرش، وعبدالحليم حافظ فى بداية مشواره الفنى. البلكونات والبرج تتميز واجهة عمارة حسين المانسترلى بشبرا، بما يعرف معماريا بالبرج، الذى يشبه المشربية فى العمارة الإسلامية، وهو جزء بارز من المبنى يتوسط الواجهة، به ثلاث نوافذ، واحدة فى الوسط والأخريان على الجانبين، بما يسمح لتيار الهواء بالمرور وتلطيف الأجواء فى الداخل. ينظر عم على لعمارة المانسترلى، ويشير قائلا: كل شىء كما هو منذ أن بناها المانسترلى، البوابة الحديد، ودرابزين السلم الحديد، والنوافذ والبلكونات، كلها خامات وأشكال لم تعد موجودة الآن. العمارة المكونة من ثلاثة طوابق وطابق أرضى، مقسمة على شقتين، وارتفاع الطابق يصل لأربعة أمتار، ويميزها أربعة أشكال من البلكونات، وكلها من الفورفورجيه والدرابزين الخشبى، منها فراندات تطل على الشارع الرئيسى، بأبواب خشبية، تشبه أبواب الشقق القديمة، بشراعة علوية من الحديد. وبلكونات أخرى ذات شكل مربع على الواجهة، بباب من الخشب الشيش العادى، أما بلكونات الشقق الداخلية المطلة على مدرسة التوفيقية، فكبيرة الحجم، بلفة تأخذ زاوية، وأبوابها من خشب السلسلة، عبارة عن مربعات خشبية يتخللها زجاج أبيض، وشراعتها العلوية من الزجاج. تتكون شقق العمارة المطلة على الشارع الرئيسى من 4 غرف وصالة وحمامين ومطبخ، بأرضيات من الباركيه، وبها أشكال من البلكونات، أما المطلة على مدرسة التوفيقية، فتصغرها بغرفة، وإيجار هذه الشقق، التى يسكنها الآن أحفاد المؤجرين الأوائل، لايزيد عن جنيهين. يتذكر عم على سيارة المانسترلى، ذات الأبواب الخشبية، والتى كانت تقودها له ابنته الوحيدة «حورية»، وكان يأتى بها إلى عمارته بشبرا، بعد أن سكن فى المعادى فى الخمسينيات، «كان حسين حلمى يأتى بسباك، كل فترة، ليتأكد من سلامة دورات المياه والحنفيات فى شقق العمارة الثمانى بنفسه، فكانت الحكومة تلزم أصحاب العمارات بدفع فواتير المياه وليس السكان». لكن حورية باعت العمارة المبنية من الحجر والطوب الأحمر، بعد وفاة والدها، بنحو 4000 جنيه، بحسب عم على، ثم بيعت بعدها بسنوات لمكتب عقارات ب15 ألف جنيه، ومن 25 عاما اشتراها الحاج إبراهيم فرج صاحب ورشة خراطة بقليوب ب25 ألف جنيه، وما زال يمتلكها حتى الآن. وآلت إليه بعض شققها التى توفى أصحابها، وبعضها الآخر ما زال مؤجرًا، ولم يتبق من سكان العمارة المقيمين الآن سوى شقتين، واحدة بالطابق الأرضى والأخرى بالطابق الثانى. •