فى معملها بالمركز القومى للبحوث، تعكف د. وفاء عبدالرحيم، أستاذ ورئيس قسم الميكروبيولوجيا البيئية، على تحويل الميكروبات المفيدة إلى أقراص، تستخدمها مصانع النسيج للتخلص من المواد الملوثة للبيئة.. وفى الوقت نفسه، تستطيع هذه الميكروبات أن تجعل أقمشة الكتان ذات جودة عالية، لتحصد المزيد من الجوائز عن أبحاثها القابلة للتطبيق بالفعل. تتذكر د. وفاء أجواء حصولها على أول جائزة فى حياتها، وقتها فى عام 2003. كانت قد انتهت للتو من رسالة الدكتوراه، وكانت الجائزة من رئيس المركز القومى للبحوث، لأحسن بحث قابل للتطبيق. «بدأت من حيث توقفت فى رسالة الدكتوراه، حول المعالجه الحيوية لمخلفات مصانع النسيج الملوثة للبيئة، كان هدفى أن أجد ميكروبات مفيدة تقوم بتكسير الميكروبات الضارة». هناك طرق كثيرة لعملية تكسير الملوث الضار، منها الطرق الكيميائية عن طريق إضافة المادة الكيميائية لتتحد مع المادة الملوثة، لكن نتيجة التفاعل قد تنتج مادة أكثر سميّة من الملوث نفسه، والمصانع تطبق هذه الطريقة، وتقول إنها تعالج المادة الملوثة للبيئة، وتنقلها إلى أبيار، لكن النتيجة أننا لا تنقضى على المادة المضرة، لكن يتم نقلها من حالة لأخرى. رحلة البحث عن الميكروب رحلة البحث عن الميكروبات المفيدة، بدأت عندما سافر للخارج د. حسن معوض، المشرف على رسالة الدكتوراه للدكتورة وفاء، ورئيس مدينة الأبحاث العلمية والتطبيقات التكنولوجية الأسبق، ووجد أن استخدام الميكروبات المفيدة فى المعالجة بدلا من المواد الكيميائية هو مجال جديد يجب أن يبدأ القسم فى البحث فيه، فالميكروبات المفيدة كائنات تحمينا، لأنها تأكل المخلفات أو الصبغات وتكسرها، وتخرج مادة جديدة أفضل من الأولى. تقول د. وفاء: بدأنا نحضر الميكروب المفيد على كبسولات الجيلاتين، التى تخرج من مصانع الأدوية، لينمو الميكروب بشكل أسرع، وتوصلنا إلى اثنين من الميكروبات المستخدمة فى معالجة الملوثات، وهذا كان موضوع البحث الذى فاز بأحسن بحث قابل للتطبيق من المركز. وفى 2006 قدمت مشروعًا بتمويل من أكاديمية البحث العلمى وحصلت على جائزة الدولة التشجيعية، فى نفس التوقيت تقريبًا فى عام 2005 حصلت على جائزة المركز للتشجيع العلمى، عن مشروعات تفيد فى معالجة ملوثات البيئة. مضت د. وفاء فى أبحاثها قدمًا، لتصنع الميكروب فى شكل أقراص، يمكن للمصنع وضعه على المادة الملوثة للبيئة، بدلاً من استخدام المصانع لوحدة معالجة متكاملة، وسجل هذا العمل براءة اختراع.. شاركت بهذا الاختراع فى معرض كوريا العلمى والمعهد الإيراني2013 وفازت بالمركز الأول، من بين 26 دولة قدمت براءات اختراع، وحصلت على جائزة أخرى من المعهد الإيرانى. وفى عام 2015 قدمت مشروعًا آخر ممولاً من قبل صندوق العلوم والتكنولوجيا ،وهو عبارة عن نموذج أولى لوحدة معالجة يمكن وضعها فى المصانع، موجودة فى المركز القومى للبحوث، والوحدة متاحة لأى مستثمر يريد استخدامها وتطبيقها. وفى 2016 دخلت الأبحاث فى شراكة مصرية أمريكية، لاختيار موضوعات الأبحاث التى يشارك فيها علماء من الطرفين، والبحث الآن يدور حول سلالة نأخذ منها الجين المسئول عن تكسير الملوثات، وهو جزء فى البحث الوراثى، فالميكروب المفيد هو كائن حى يحتوى على إنزيم نحاول استخلاصه ، ونحوله إلى أقراص للمعالجة بدون استخدام الوحدات الكبيرة فى الحجم، وهذا أسهل بالنسبة للمصانع. أقمشة كتان عالية الجودة طرق استخلاص ألياف الكتان من النبات فى مصر، لاستخدامه فى الصناعة تجعل هذه الألياف ذات مستوى غير جيد، لكن د. وفاء تؤكد أن استخدام الإنزيم الذى توصلت إليه مع فريقها البحثى، يجعل هذه الألياف ذات مستوى عالٍ، وبذلك يستخرج الكتان بجودة عالية، وفى نفس الوقت يأكل الميكروب الصبغة الملوثة للبيئة، وهو المشروع الحاصل على جائزة أحسن مشروع قابل للتطبيق فى معرض الابتكار الرابع لأكاديمية البحث العلمى هذا العام. تتمنى د. وفاء أن تستخدم أقراصها لمعالجة ملوثات المصانع، لأنها ستحدث طفرة فى طرق معالجة ملوثات مصانع الغزل والنسيج، التى ترمى مخلفاتها على الأراضى الزراعية، مما يسبب وينشر الكثير من الأمراض الخطيرة.•