منذ عامٍ أو يزيدُ قليلاً، غاب محمود عبد العزيز عن عالمنا. وفى كل يومٍ أجد على حسابات ابنه محمد فى برامج التواصل الإلكترونى رثاءً له.. بكلمات قليلة وطلباً للدعاء وقراءة الفاتحة. يتكرر هذا المشهد بصورة يومية أو شبه يومية.. ويعيدنى فى كل مرة إلى قصيدة نزار قبانى فى رثاء أبيه.. أمات أبوكَ؟ ضلالٌ، أنا لايموت أبى ففى البيتِ منه روائحُ ربٍ وذكرى نبى هنا ركنهُ، أشياؤهُ، جريدتهُ، تبغهُ، متّكاهُ كأن أبى بعدُ لم يذهبِ ونظّارتاهُ. أيسلو الزجاجُ عيوناً أشفّ من المغربِ؟ أبى خبراً كان من جنةٍ ومعنيً من الأرحبِ الأرحبِ وعينا أبى ملجأٌ للنجوم فهل يذكرُ الشرقُ عينيْ أبى إنّ تاريخَ طِيبٍ وراءكَ يمشى فمِن طِيبٍ شهيّ المجانى إلى أطيبِ حملتك فى صحوِ عينيّ حتى تهيّأ للناسِ أنى أبى أشيلُكَ حتى بنبرةِ صوتى فكيف ذهبت وما زلت بي؟ كأنها كتبت لمحمود عبد العزيز وابنه.. وقصة وفاء شديدة الندرة.. تثير عدة تساؤلات: هل كل الأبناء كذلك تذكر الآباء الراحلين وتحنّ إليهم؟ هل تربطهم علاقة حبٍ فى المقام الأول أم أنه فقط مجرد امتنان وتقدير لقيمة الأب لاعتبارات دينية وربما اجتماعية شكلية؟ أو ما الذى عساهُ يكون قد فعله محمود عبدالعزيز مع أبنائه ليحملوا له هذا المزيج من الحب والحنين والقداسة؟! والشىء الذى ربما نستطيع أن نجزم به فى هذا المقام. أننا نحب محمود عبدالعزيز، ونذكره بالخير، وندعو له، ومن ذا عساهُ لا يفعل؟ أمات أبوك؟ •