«تعلمون أيها الإخوة أن هدف الإخوان تكوين جيل من المسلمين يفهم الإسلام فهما صحيحا ويعيش به ويجاهد فيه ويجمع العقول والقلوب عليه ويقيم حضارة تستند إلى أسسه وتحقق أهدافه؟ ونحن فى هذا متبعون لا مبتدعون لم نأت بشيء من عند أنفسنا وإنما نحاول التحقيق بالإسلام أفرادا وجماعة، ووضوح هذا الأساس يساعدنا كثيرا فى اتباع الكتاب والسنة وهدى سلفنا الصالحين».. هكذا أعلنت جماعة الإخوان على لسان الراحل محمد عبدالله الخطيب، مسئول قسم الدعوة بالجماعة، عن استراتيجيتها بكلام معسول خلال محاضرة ألقيت فى مدرسة النقباء بالمركز العام بالقاهرة فى أكتوبر عام 1953. حلم استاذية العالم وتمر السنوات سريعاً ويتحقق حلم الإخوان فى الوصول للسلطة على أنقاض ثورة يناير 2011 وبدأ حلم «أستاذية العالم» يرى طريقه إلى النور عبر إسقاط القوميات والحدود الجغرافية تحت مسمى «الحدود تراب»، ومن ثم بدأت الجماعة السعى للانتقال من الحديث عن الكليات والعموميات إلى الدخول فى التفاصيل، فصاروا يتحدثون كأنهم الممثلون للإسلام وحدهم ومن سواهم خطأ لا يعرفون عن دينهم شيئا وصار أعدى أعدائهم هم التيار الإسلامى سواء حزب النور- الدعوة السلفية- أو الجماعة الإسلامية والجهاد فقاموا بإقصائهم للانفراد بالحكم وحدهم وأخونة كل ما يمكن أخونته فى الدولة. اسناد المناصب لاهل الثقة والحقيقة أن أخونة الدولة وإسناد المناصب لأهل الثقة لا الخبرة، يرجع إلى تفضيل الجماعة الولاء والبراء للجماعة قبل احترام أهل التخصص والخبرة، فالجماعة منذ قديم الأزل تستخدم تربية أحادية فى التفكير لخلق جيل يتعامل مع من هم أعلى منه مرتبة كالميت بين يدى مغسله، لما خلق جيل «أحادى التفكير» يتصور أنه يمتلك الحقيقة المطلقة باعتباره نال «الحسنيين» الدنيا والآخرة، فيقوم بتفجير نفسه فى ضابط أو كنيسة وهو يتصور أنه سيظفر بالشهادة فى الدنيا وبالفردوس فى الآخرة. كيفية اعداد الاخوانى والسؤال كيف يتم إعداد الجيل الإخوانى منذ نعومة أظافره حتى يصبح إرهابياً بنكهة إسلامية؟ فى جماعة الإخوان يبرز دور «الفراز» من مسئولى التربية بالمرحلة الابتدائية والإعدادية والثانوية لاختيار العناصر المناسبة. ويتم الاختيار وفق نوعين من المحددات الأولى معلنة والأخرى غير معلنة، وتتلخص المحددات المعلنة فى التطور والشخصية والذكاء والقوة والمستوى الاجتماعى، لكنها ليست المحدد الوحيد، فهناك محددات غير معلنة، وهى الإخلاص لفكر الإخوان والولاء للتنظيم والسمع والطاعة «بدون نقاش، وبكلمة أخرى إلغاء العقل والتحول إلى أحد أفراد القطيع.. وعلى الرغم من ذلك تحرص قيادات الإخوان فى لقاءاتها مع الشباب على تأكيد رغبتها فى أن يكون تفكير شبابها «خارج الصندوق» لكن الحقيقة عكس ذلك تماما، فمهما امتلك الشاب من قدرات الإدارة وقيادة الرأى بعيدًا عن تصور الجماعة فيوصم بأنه «مشاغب» ولا يصلح وقد يصل الأمر للتحقيق معه بتهمة عصيان الأوامر. وسائل جذب الشباب أبرز وسائل الجذب للشباب فى مرحلة الطفولة هى مباريات كرة القدم ودورات التنمية البشرية، واحتفالات تكريم الطلاب آخر العام، والندوات الثقافية ودورات الكمبيوتر والمعسكرات، والمعارض الخيرية، فضلاً عن الدعوة الفردية والربط العام. والربط العام، هو الركيزة المظلومة فى وسط الأولويات، الذى يتم إبعاده عن بؤرة اهتمام الوسط الجمعى فى المناقشات والحوارات والمتابعات.ويمكن إيجازه على مستوى الجماعة باعتباره الرافد المبدئى والحيوى لمراحل الدعوة التالية بداءًا من الدعوة الفردية إلى ما تلاها من مراحل بداخل الصف، وهو مصدر رئيسى فى تكوين الرأى العام المؤيد لمواقف الجماعة والالتفاف المجتمعى حوله، أى أنها القاعدة الصلبة التى تبنى عليها قرارات كثيرة تؤثر فى مستقبل الدعوة وقوتها وحيويتها وارتباطها بالواقع الشعبى والوطنى والقومى. كما يعتبر بمثابة حائط الصد الأول فى وجه معارضى الجماعة أمام الرأى العام الشعبى، وتسعى الجماعة للاستفادة من أصحاب الخبرات والتميز من خارج الصف بما يُمَكِّنْ الجماعة من توظيف غير أفرادها لما فيه خير المجتمع والدعوة، وذلك بتغلغلها داخل المجتمع وفرز معادنه من خلال وضعه تحت مظلة الربط العام والتفاعل معها. الربط العام ! ويمثل الربط العام على مستوى الفرد، محضن التدريب التربوى لأفراد الصف، والذى يُفْرَزُ من خلاله الرواحل- رجال الدعوة - التى تتحمل الأعباء التربوية أو الاجتماعية أو السياسية أو غيرها من رموز مهمة تنطلق بها الجماعة فى وسط الجماهير أو بداخل الصف نفسه. كما يعتبر- بحسب أدبيات الجماعة، محضن التدريب الرئيسى لأفراد الصف فى كيفية التواصل مع المجتمع ومحيطه، والتفاعل مع همومه وانشغالاته ومحاولة حل مشكلاته التى قد تحتاج إلى مجهودات فردية يمكن أن يثمنها المجتمع فى مواقف يتلمس فيها الداعية النصرة والمؤازرة من خارج الجماعة.. ودوما ما تحرص الجماعة على أن يكون «الربط العام» فى محور المتابعات الرئيسية فى المستويات الإدارية المناسبة، بمعنى أن يفرد الوقت المناسب لهذه المتابعات بما يخدم مصلحتها والاستفادة منها. كما يتم تدريب الأفراد على معنى الربط العام وأسس تطبيقه وأهميته وعرض النماذج المتميزة على مسار تاريخ الدعوة بما يضمن توارث جينات العمل الدعوى الجمعى وفق أعراف وتقاليد ونظم الجماعة وتبعًا للانضباط التنظيمى. وتؤكد الجماعة من خلال الربط العام لأفرادها ضرورة استشعار مقدار الثواب الذى يعود على الفرد لقيامه بهذه المهمة، وتلمسه لحديث رسوله الكريم «لأن يهدى الله بك رجلاً واحداً خير لك من الدنيا وما فيها»، حتى يصبح الربط العام من واجباته الرئيسة على مسار حياته التى يضعها فى ورد محاسبته اليومية أو الأسبوعية، فضلًا عن المتابعة المتميزة لرأى الجماعة وتفصيلاته مع تبنيها بما يسهل نقله الواضح والمناسب للربط العام وما حوله، مع عدم عرض الوجهات الشخصية، فى الأمور المحسومة أو التى تتم مناقشتها، ولاسيما إن كانت مخالفة لرؤى الجماعة وقراراتها، وطرح الشبهات والخلافات الفقهية جنباً لضمان التجميع دون التفريق وجمع القلوب على الأصول دون الفروع.. إضافة إلى عدم التبرم من هذه المهمة الأصيلة فى حياة أفراد الجماعة جميعهم وعلى مختلف مستوياتهم، وتشترط الجماعة نزول الداعية من برجه العاجى الذى يتحصن به وينكفئ به على نفسه ويتقوقع بداخله من خلال الاهتمام بأولويات المجتمع وهمومه حتى لاتكون الفرقة بين الداعية وربطه الدعوى نتيجة طبيعية لاختلاف الاهتمامات والأولويات. لكل مرحله كتب خاصه! وفيما يخص كتب «إعداد القادة»- التى تعتبر السند الفكرى لأفكار التطرف، فكل مرحلة لها كتبها الخاصة التى تضعها لجنة التربية ويتم كتابة أحد أعضاء الجماعة «الكبار» على الكتاب حتى لا يتم اعتقال الشباب الصغير، فعلى سبيل المثال كتب الإعدادى والثانوى مكتوب عليها اسم القيادى الإخوانى على لبن، رغم أنه لم يكتب فيها حرفًا، أما كتب الأخوات فكتب عليها اسم جمعة أمين، نائب المرشد العام للإخوان المسلمين، رغم أن مؤلفيها قيادات أخرى لعدم ملاحقتهم أمنيًا. انتقاء قيادات الرأى يبرز بشكل أساسى فى مرحلة الجامعة، بسبب العمل الطلابى والأنشطة، والتركيز يكون على التعليم العالى «الجامعات والمعاهد العليا»، حتى يتم اختيار الكوادر الشبابية لتولى مسئوليات الشعب ثم المكاتب الإدارية بالانتخابات.. وهناك عدة مستويات للانتخابات «الشعب، والمناطق، و7ن ،القطاعات، والمحافظات وصولاً لمجلس الشورى العام، والانتخابات تعقد على قاعدة أن الكل مرشح والكل منتخب، فكل فرد يكتب بشكل سرى أسماء من يريد ترشيحهم - دون أن يترشحوا- ولا يرشح نفسه. وعقب اختيار مجلس شورى الجماعة، تسند الاختصاصات بحسب التصويت أو بحسب رؤية قيادات مكتب الإرشاد وهو أرفع مجلس يدير شئون الجماعة ويتحكم فى الإخوان فى أكثر من 80 دولة حتى يترأس الجماعة بالخارج مراقبون تابعون لمرشد واحد فقط فى مصر.•