استكمالاً لما بدأناه فى العدد الماضى من اتهام يوجه للمرأة هذه الأيام بأنها «مفترية» وعرض حالات لنساء كن ضحايا ولسن بأى حال «مفتريات» نتيجة التمييز الواضح فى القوانين بين المرأة والرجل والتى نتج عنه مآس فى البيوت وبين أروقة المحاكم، نستمر فى عرض حالاتهن وتكملة تلك القوانين التى بشهادة القانونيين أنفسهم أنها قوانين ظلمتهن ولم تنصفهن لما يعانينه من طول مدة التقاضى فى دعاوى الأحوال الشخصية أمام المحاكم خصوصا فى دعاوى النفقات، وتليها مشكلة مسكن الزوجية سواء أثناء فترة الحضانة أو بعد انتهائها وتصبح السيدة بلا مأوى ومشكلات النساء فى النفقة وغيرها حتى الخلع يستمر لسنة وسنتين فى المحاكم وتتنازل المرأة عن كل حقوقها.. وملامح الدراسة التى قام بها المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية بصدد تنفيذ أحكام محكمة الأسرة. • تأجيل ورا تأجيل بعد استحالة العشرة بين هيام 34 سنة ربة منزل وزوجها حتى بعد محاولات للإصلاح التى استمرت لسنوات وبعد حكم استغرق سنوات أخرى فى المحاكم قبل أن تحكم به المحكمة لجأت للمحكمة لتأخذ حقوقها بعد أن أثبتت الضرر الواقع عليها، وللأسف ظلت خمس سنوات فى المحاكم وكل جلسة تؤجل تقول هيام : «استنفدت مالى وصحتى وعمرى فى تجربة مريرة وحتى بعد حكم المحكمة لى بالشقة لأنى حاضنة لم أجد أثاث البيت لا أعرف متى بدده وهو الذى وضع فيه والدى رحمه الله تحويشة عمره وليس لى أى دخل حتى أشترى أثاثاً جديداً حتى أنام عليه أنا وابنى.. ونعانى الآن مع تحصيل النفقة منه فلا يستدل على مكانه ولا أعرف هل سافر أم مازال هنا والمحامى يخبرنى بالتأجيل كل مرة ولا أعرف متى سأحصل على حقوقى وحقوق ابنى؟؟!! - أما هند 37 سنة بكالوريوس تجارة موظفة فى بنك فبعد تأجيل وتسويف لسنوات فى المحاكم حصلت على الطلاق بعد ست سنوات تقول: «وجدت أن البيت مؤجر لخمس سنوات وزوجى سافر للعمل فى الخارج بعد أن تزوج أخرى ويعيش حياته وأنا حاضنة ولا أعرف كيف أحصل على النفقة وكامل مستحقاتى، والمحامى يجرى فى المحاكم وأنا تائهة بين أروقة المحاكم وأدفع أتعاب المحامى وأتحمل نفقات ابنى بمفردى»!! - هالة 44 سنة خلعت زوجها وذلك ليس دليلاً على حياتها المترفة فهى موظفة مرتبها 800 جنيه ولكنها آثرت أن تنجو بنفسها من حياتها مع زوج قاس وبخيل وحكم لها بعد سنتين بالخلع وتقول: «طلعت عينى» إلى أن صدر الحكم بسبب التأجيل والبيروقراطية!! تنازلت عن جميع حقوقى ولكن قضية النفقة لأولادى هو ملزوم بها حكم فيها بعد أربع سنوات لف على المحاكم وكنت أضطر للبقاء فى منزل والدتى طوال الشهر حتى أوفر المصاريف.. وكلفتنى الدعاوى القضائية أكثر من 7 آلاف جنيه كأتعاب محاماة رغم أن راتبى لم يتعد 800 جنيه من الوظيفة الحكومية التى أعمل بها، استدنت من إخوتى وجيرانى وكل من أعرفهم وتحملت نفقات المحامى، بالإضافة لمصاريف ابنتى الاثنتين فى الجامعة، ولم يحكم لى إلا ب 200 جنيه ولم أجد سوى إقامة دعوى قضائية جديدة لزيادة النفقة، أقمت دعوى أخرى فى عام 2014 لزيادة النفقة ولم أحصل على شىء «فهل هذا عدل ؟!! طليقى تزوج وأنجب وعاش حياته ولأن عمله خاص لا يمكن إثبات دخله الحقيقى وهو يرفض أن يساهم فى مصاريف بناته والمحاكم حبالها طويلة وأنا تعبت!!! ومع أنى خلعته لكنى أيضاً «دُخت السبع دوخات». - شهيرة ربة منزل 35 سنة تقول: «اضطررت لبيع كل ما أملك من أرض إرثى من أبى لذهبى للإنفاق على أولادى ولإقامة 11 دعوى قضائية (طلاق نفقة زوجية، نفقة متعة، نفقة صغار، نفقة عدة، نفقة مؤقتة، إثبات حضانة، ضم الصغار، تبديد منقولات، ولاية تعليمية، ضرب الزوجة) ضد زوجى الذى كان يعمل فى الأعمال الحرة لزواجه من أخرى ورفضه الإنفاق على وعلى أبنائه. وبعد عامين تمكنت من الحصول على نفقة بأثر رجعى، ولكن يضيع عمرى وفقدت أعصابى وصحتى فى المحاكم فقط لأحصل على حقوقى وحقوق أولادى». - سارة مدرسة 42 سنة ومشكلتها أنه بعد 17 سنة من الزواج وإنجاب ثلاث بنات قرر الزوج الزواج بأخرى لم تجد مكاناً تلجأ له عندما رفضت ثم رضخت للأمر وقبلت أن تأتى زوجة أخرى لبيتها وتقول: «لم أعرف أين سأذهب أو كيف سأعيش فتحملت الذل والعيشة مع ضرة ولأنها صغيرة فى السن فى سن ابنتى الكبيرة فعاملتها معاملة حسنة وحدث تغير لزوجى بعدما ولدت له الولد فطلقنى ورمانى فى الشارع لأنى فى نظر القانون غير حاضنة وطبعا مرتبى كمدرسة فى مدرسة حكومية لن يمكننى من شراء شقة فوصيت معارفى وزملائى للبحث لى عن شقق تطرحها المحافظة لمن فى حالات صعبة وأقيم عند زميلة لى مؤقتاً ولا أعرف ماذا سأفعل؟؟ فأين القانون؟! • دراسة المركز القومى للبحوث الاجتماعية ونستكمل حديثنا الذى بدأناه الأسبوع الماضى مع الدكتورة فادية أبوشهبة أستاذ القانون الجنائى بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية حول الدراسة التى بصدد خروجها للنور من المركز التى تتناول كل ما يتعلق بالنفقة والحضانة والرؤية، والمشكلات المرتبطة بها من معوقات قانونية وإجرائية. تقول الدكتورة فادية: «تعنى الدراسة بتنفيذ أحكام محكمة الأسرة وبالخطوات الإجرائية.. فالنسبة عالية فى عدم التنفيذ ويجب تعديل مادة حول كيفية إجراء الحكم وليس شفوياً فقط لأن الواقع ملىء بالمعوقات فى القانون وبالثغرات فيجب أن تكون هناك مادة للتنفيذ الفورى، ويجب أن يكون هناك شرطة قضائية مخصوصة بالتنفيذ بدلاً مما يحدث الآن من تقديم الطلب لقسم البوليس ويأخذ وقتاً فى تنفيذه والنسبة الكبيرة لا تنفذ على أرض الواقع، فنجد عند الحكم بالحجز على الشقة للزوجة نواجه بالتحايل عن طريق البيع الصورى الذى يقوم به الزوج لزوجته الثانية مثلا. والحاضنة لا تستطيع تنفيذ الحكم أو نجد البيت مؤجراً مثلاً، أو نفتح الشقة فلا نجد عفشاً على الرغم من وجود حكم بالحجز على المنقولات بالشقة، أو يقوم الأزواج بكتابة الأثاث باسم الزوجات الجديدات، وما يحدث أن المُحضر يخطر الرجل فيتصرف ويهرب ، أو يتصرف بالبيع الصورى أو الإيجار، للأسف فساد المحضرين وأمناء الشرطة السبب الأساسى فى عدم تنفيذ الأحكام فباتصال سريع يخبرون الزوج ويحذرونه من استلام الدعوى أو تنفيذ الأحكام مقابل الرشوة، فصغار الموظفين ويسمون معاونى التنفيذ هم السبب المباشر فى عدم تنفيذ الأحكام، فكل محكمة لديها إدارة لتنفيذ الأحكام وكما قلنا الصلة قوية بين عدم تنفيذ الأحكام وفساد صغار الموظفين.. والنفقة لها مشكلاتها وإقامة دعوى النفقة يتطلب توفير عدة أوراق منها حكم الطلاق، ومفردات مرتب الزوج وإثبات دخله، أو السجل التجارى أو الحيازة الزراعية له، مع صعوبة تحديد ذلك، خاصة إذا كان الزوج لا يعمل لدى الحكومة والقطاع العام وهو ما يعرقل تحديد النفقة. والمنظومة القضائية فى مصر تسمح بضياع الوقت فى القضايا بشكل عام، قضية نفقة تستغرق خمس جلسات ولا ينبغى فى الأحوال الطبيعية أن تستغرق أكثر من 6 أشهر، لكن ما يحدث من تأجيل جلسات وطول الوقت بين الجلسات يعطل الحصول على أحكام. كذلك هناك الشق الخاص بالمحكوم له خارج مصرف كثير من الناس يجهل أن هناك إدارة للتعاون الدولى تابعة لوزارة العدل منوط بها المشاكل المحكوم فيها خارج البلاد. • مكتب تسوية المنازعات وتضيف الدكتورة فادية أبو شهبة «كارثة اسمها مكتب تسوية المنازعات الذى من المفترض عند رفع الدعوة يذهب إليه الزوجان لمحاولة الصلح كشرط لرفع الدعوى، الواقع أن المكتب لا يقوم بدوره بل يعطل رفع الدعوى فقط!! المفترض أن تجلس السيدة تحكى مشكلتها وهناك ثلاث موظفات ومحامية ومن تسجل الجلسة والإخصائية، والمكتب فى الواقع ملىء بالبشر فلا تستطيع المرأة التحدث بحرية عن مشكلاتها أمام كل هؤلاء الناس، بالإضافة لذلك لا تكون هناك إلا موظفة واحدة تكتب وتتحدث.. المفترض أن يكون المكان مهيأ ومناسباً لحل المنازعات بالفعل كما هو الغرض من إنشائه. • الاستضافة والرؤية كذلك تشير الدكتورة فادية لقوانين الاستضافة فى الدراسة: «يجب أن تنقح فهناك العديد من الإجراءات التى تتعارض مع قوانين المرافعات فالشخص الذى لا يدفع نفقة ليس من حقه رؤية أولاده ولكن لماذا أعاقب الجد والجدة إذا امتنع من له الحق.. قوانين عديدة حول الرؤية والاستضافة ترتبط بالحضانة، فالحق فى الحضانة يكون للأم، وبعد سن معينة يسأل الطفل حتى الزواج، ومن حق أهل الأب رؤية حفيدهم ولا يجوز أن يقتصر الأمر فقط على الأب، أهل الزوج جميعا لديهم حق فى رؤية الحفيد، ثانيًا، ترتيب الحضانة، فالأم عندما تتزوج تسحب منها الحضانة وكأننا نعاقبها على أنها تزوجت فى الحلال، أو نجبرها على الزواج فى السر أو عرفى أو إقامة علاقة بدون زواج، كى لا تخسر حضانة الأولاد». • الست مظلومة حتى لو خلعت!! سحر عمران محامية ترى أن المرأة المصرية مظلومة فى المجتمع والشارع والبيت فحتى القوانين التى من المفترض أن تأتى لها بحقها فيها تمييز فج ضدها بحكم عملها وتجربتها الشخصية أيضاً وتتعجب أن الخلع يضرب به المثل فى حصول المرأة على حقها وانها افترت به فحتى التى تشترى حريتها بالخلع تعانى ضرراً نفسياً بالغاً فتقول: «الخلع اساسا ضد المراة والقضية انه الخلع به عدم دستورية فقد استندوا الى حديث الرسول للمراة التى طلبت الخلع بان ترد عليه حديقته التى وهبها لها لكن هناك نص تشريعياً أعلى من الحديث مع احترامنا للحديث فهناك اية أن نعطى المرأة حقها فكيف يدفع الرجل للمراة لتتزوجه يستحلها ويأخذ كل شىء ولا تأخذ مؤخر ولا نفقة ولو لم يكن لها آموال أين تذهب؟؟؟!!لتفتدى نفسها تتنازل عن كل شىء..لازم ضوابط لا ننكر أن هناك نساء تستولى على الشقة وتكون قد كتبت رقماً فى المهر وتتخلص من الزوج لتذهب لغيره ولكن هذا لا يمنع ولا يبرر ان الكثيرات يلجأن له ليفتدين أنفسهن وقد قال الله فى قرآنه «اعطوهن اجورهن» طالما هناك نص قرآنى بأنه لو مافيش زواج ازاى اتنازل عن كل دا عشان ظالمنى وعايزة اخلص لازم ضوابط فهو يستحل جسمها و بعد ذلك يأخذ ما اعطاه لها فتظل تشعر بظلم بيّن وتشعر بحرمانية على جسمها وهذه قضية صعبة جدا على اى امرأة ...الخلع اسوأ ما يمكن وأشد إيلاماً للمراة».. • حال المرأة المصرية من الأكيد بعد عرض هذه النماذج من المشكلات التى تمثل قطرة فى بحر كبير من المظالم.. ما يدل على حال المرأة المصرية فى مجتمعنا وليس غريباً أن يصرح الأمين العام للأمم المتحدة أن الدراسات التى أجرتها المنظمة الأممية أظهرت أن أكثر النساء العرب قهرا. هن المصريات.. والسوريات» وجاء ذلك فى الكلمة التى ألقت فى يوم المرأة العالمى خلال احتفالية أقيمت فى العاصمة اللبنانية وتابع فى كلمته أن المصرية تصادفها صعوبات وعراقيل اجتماعية واقتصادية وموروثات ثقافية تحدد أدوار معينة للنساء.. وهو ما سنتناوله فى الحلقة القادمة من «ستات آخر زمن» للوقوف على حال المرأة المصرية وما يثقل كاهلها فيدفعها للقيام بدور الرجل فتفقد أنوثتها ورقتها وهدوءها لتجارى ما يفرضه عليها المجتمع لتتمكن من الاستمرار.•