صدمة جديدة تلقتها المصانع بعد ارتفاع أسعار الوقود من بنزين وسولار وغاز طبيعى، وذلك بعد قرارات البنك المركزى بتعويم سعر العملة لتضطر وزارة البترول لتعديل الأسعار فى ضوء أسعار الصرف الجديدة. عقب ارتفاع أسعار المحروقات دخلت بعض القطاعات فى أزمة كبيرة خاصة بعض المصانع التى تعمل فى مجال البتروكيماويات وصناعة الأسمدة والزجاج والطوب وغيرها من المصانع التى تستخدم الوقود فى عمليات الإنتاج. • قطاعات متأثرة وكان قطاع البتروكيماويات وصناعة الأسمدة الأكثر استخداما للوقود، حيث كان يصدر جزءا كبيرا من إنتاجه إلى الخارج وهو ما كان يوفر النقد الأجنبى لخزانة الدولة. وإذا لم تجر معالجة الأزمة فقد ترتفع أسعار التكلفة على الفلاحين بسبب زيادة أسعار الأسمدة لاسيما أن سعر العملة انخفض لأكثر من 100% فى حين جرى تحريك الوقود بنسبة تتراوح من 30 إلى 40%. اتخذت وزارة البترول قرارا برفع أسعار الوقود ليصل سعر بنزين 80 إلى 2.35 جنيه بدلا من 1.6 جنيه بينما قفز سعر بنزين 92 إلى 3.5 جنيه بدلا من 2.6 جنيه للتر فى حين بلغ سعر السولار 2.35 بدلا من 1.8 جنيه للتر الواحد بينما بلغ المتر المكعب من غاز السيار1.6 جنيه بدلا من 1.1 جنيه، فى حين لم تقرر الحكومة رفع أسعار بنزين 95 نظرا لأن سعره 6.25 وهو غير مدعوم. وقد يؤثر قرار رفع الوقود على من يرغب فى شراء سيارات شخصية أو للنقل بسبب الارتفاع فى التكلفة مما يزيد من حالة الركود التى تعيشها سوق السيارات حاليا فى الوقت الذى زادت فيه نسبة الجمارك والتى كان يجرى تحصيلها بالدولار ومع خفض قيمة العملة تضاعفت تقريبا نسبة التكلفة. وهناك نية داخل بعض المصانع والشركات للتقليل من استيراد مستلزمات الإنتاج لحين استقرار سعر الصرف على أمل انخفاضه فى المرحلة المقبلة مما يقلل من التكلفة ويشجع المواطنين على الإقبال باتجاه شراء المنتجات. وحتى الصناعات التى لا تعتمد على الوقود بنسبة كبيرة فإنها تضررت بشكل غير مباشر من خلال ارتفاع تكلفة نقل السلع من المصانع إلى التجار أو المخازن وأسواق التجزئة مما يعنى تحمل المواطنين هذه الزيادة حتى وإن كانت طفيفة. ولم يكن مجديا أن يحرر البنك المركزى سعر الصرف ليصل فى بداية القرار وفقا لسعر استرشادى إلى 13 جنيها ثم يقفز مع مرور الوقت إلى 18 جنيها فى بعض البنوك ثم تظل أسعار المحروقات يجرى حسابها وفقا لسعر 8.88 جنيه، حيث كان ذلك سيسجل خسائر كبرى ستتحملها الحكومة.. وفى الوقت نفسه توقف الاتفاق بين الحكومة وشركة آآرامكو السعودية الذى كان يوفر 700 ألف طن من المواد البترولية بتسهيلات ائتمانية فى الدفع وهو ما جعل المسئولين يتجهون إلى السوق العالمية لطلب نفس الكمية. • تحركات سريعة أكد المهندس شريف الجبلى رئيس غرفة صناعة المواد البتروكيماوية باتحاد الصناعات أن الغاز الطبيعى يشكل 70% من إجمالى صناعة الأسمدة والمواد البتروكيماوية وبالتالى ستتأثر بناء على قرار الحكومة برفع أسعار المحروقات. وأضاف الجبلى إن هناك نوعين من شركات البتروكيماويات، الأولى هى التى تعتمد على التصدير وهى لن تتأثر بنسبة كبيرة، لأنها تحصل على المقابل المادى لما تبيعه فى السوق العالمية بالدولار وبالتالى تستطيع أن تدفع نسبة التغير فى أسعار المحروقات لأنه يجرى تقييمه بالنقد الأجنبى فى نهاية المطاف. أما النوع الثانى فهو الشركات التى تضخ إنتاجها فقط فى السوق المحلية وهى التى ستتأثر بشكل مباشر بقرارات رفع أسعار المحروقات والغاز الطبيعى لأنها لا تستطيع أن تتحمل نسبة الارتفاع فى أسعار مدخلات الإنتاج التى قد تصل إلى 30% لذا فإن الغرفة ستبدأ فى التحرك من أجل مواجهة المخاطر التى تحيط بهذه الصناعات. واختتم الجبلى حديثه بأنه سيجرى إعداد عدد من المذكرات التى توضح حقيقة الضرر الذى سيقع على المصانع الكثيفة الاستهلاك للمحروقات من أجل عرضها على الجهات المسئولة من أجل توضيح الصورة وإمكانية الوصول إلى صيغة تفاهم تقلل من آثار القرارات على الصناعة. ومن جهته أكد أحمد الزينى رئيس شعبة مواد البناء باتحاد الغرف التجارية أن هناك ارتفاعات غير مبررة فى أسواق مواد البناء، فطن الحديد ارتفع إلى 9250 جنيها رغم أن القرارات المتعلقة بتحرير سعر الصرف ورفع أسعار الوقود لم تنتج آثارها داخل السوق. واستكمل الزينى حديثه أن طن الأسمنت يتراوح سعره من 800 إلى 900 جنيه رغم أن أغلب المصانع تعتمد فى إنتاج الطاقة اللازمة لتشغيل المصانع على الفحم وليس الغاز الطبيعى وبالتالى لا تزال الأسعار فى ارتفاع مما يهدد سوق البناء والتشييد بالارتباك والركود. وأشار الزينى إلى أن أسعار الطوب هى التى يمكن أن ترتفع وذلك لأنها تعتمد على المحروقات بنسبة كبيرة وفى النهاية فإن المواطنين هم من يتحملون التكلفة فى نهاية المطاف. ونوه الزينى إلى أن الكثير من الشركات تسعى لتحقيق أرباح من وراء بيع منتجاتها مضافة إليها نسبة الانخفاض التى طرأت على الجنيه المصرى كى يوازى ما كانوا يحققونه فى السابق من أرباح يجرى تقييمها بالدولار. وأضاف الزينى أن أسعار جميع مواد البناء ارتفعت قبل القرارات لأن رجال هذه الصناعة كانوا يدركون أن هناك مجموعة من الإجراءات الاقتصادية التى سيجرى اتخاذها مثل تحرير سعر الصرف ورفع أسعار الوقود وتحسبوا لمثل هذه الخطوة.. ومن جهته، ناشد على حمزة رئيس جميعة مستثمرى أسيوط رجال الصناعة بعدم رفع أسعار السلع على المواطنين من أجل التخفيف عليهم بسبب قرارات البنك المركزى بتحرير سعر الصرف ورفع أسعار الوقود بعد ذلك. وأضاف حمزة أن المواطنين تحملوا الكثير من القرارات وجاء الدور على رجال الصناعة كى يساهموا فى التخفيف عليهم رغم أن الإجراءات من الناحية الاقتصادية قد تساهم فى رفع أسعار المنتجات. • حقيقة الأزمة علق إبراهيم زهران خبير الطاقة على ارتفاع أسعار الوقود والمحروقات بصفة عامة بأن وزارة البترول رأت حتمية رفع أسعار الوقود بعد تحرير سعر الصرف وعلى سبيل المثال لو كانت الحكومة تشترى طن المحروقات بسعر 600 دولار للطن وكان يجرى حسابه على 8.88 قرش فإنه مع خفض قيمة الجنيه سيجرى حسابه بسعر البنك وقت الشراء وبالتالى يمكن أن يتضاعف. وكشف زهران عن أن حصة مصر من الحقول المنتجة للمواد البترولية تصل إلى 68% من احتياجاتها وبالتالى فإن ما تحتاجه مصر من السوق العالمية يصل إلى 32% فقط وبالتالى فإن الارتفاع فى سعر السعر سيطال هذه النسبة فقط. وأضح زهران أن الحكومة تريد أن تحاسب المواطنين على نسبة 100% من سعر الوقود فى ضوء ما يجرى تقييمه فى السوق العالمية ولكن الواقع يؤكد أن 68% من الإنتاج محلى، أى ما يتبقى فقط يصل إلى 32%. وأكد زهران أنه يتفهم ما يثار بأنه يجرى تقييم سعر البترول فى ضوء نظرية الفرصة البديلة، أى إذا قامت الحكومة بتصديره فإنها ستحقق أرباحا بدلا من طرحه فى السوق المحلية ولكن فى الوقت نفسه فإن ذلك يتطلب أن يجرى سداد سعره أولا لوزارة المالية قبل ذلك بدلا من الحصول عليه مجانا ومطالبة المواطنين بتحمل تبعات ذلك من دخلهم. واعتبر زهران أن توقيت الإعلان عن قرار رفع أسعار الوقود خطأ لأن الشعب كان يعانى من ارتفاع الأسعار فى وقت سابق نتيجة السياسات التى اتبعتها الحكومة وتسببت فى موجة من الغضب لدى رجل الشارع وأصحاب الدخول المحدودة.•