قال اللواء أبوبكر الجندى - رئيس الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء : إن الزيادة السكانية مشكلة كبيرة سوف تتحول مع الوقت إلى كارثة، لأنها لا يقابلها نمو اقتصادى، مؤكدا أن مستقبل مصر متوقف بشكل كبير على السكان، بعد أن وصلنا إلى 90 مليون نسمة. وأضاف إن اليابان ليس لديها أى موارد غير السكان، ولكنها استطاعت أن تتقدم بسكانها ويصبح اقتصادها من أوائل الاقتصاديات فى العالم، وأوضح الجندى أن هناك قانونا عالميا يشير إلى أننا إذا كنا نريد المحافظة على مستوى المعيشة، يجب أن يكون نمو الاقتصاد أكبر من نمو السكان ثلاث مرات على الأقل. فى البداية أكد لنا أن وصول عدد السكان فى مصر إلى 90 مليون نسمة، أمر كارثى، بل إنه يعد انتحارا جماعيا للمصريين، وقال عندما يصل معدل الزيادة فى السكان إلى 2.55%، فهذا أمر مفزع، ودولة الصين التى يصل عدد سكانها إلى 15 مرة مثل مصر يتماثل معدل المواليد بها كمصر، والغريب أن المجتمع المصرى لا يشعر بمرض النمو السكانى المتزايد، بكل المقاييس هذا الرقم كارثة، فهو رقم مرعب، ويأكل الأخضر واليابس ويلتهم أى تنمية اقتصادية، فهو يعنى كوارث، بطالة، وفقر، وتراجع فى الصحة، والتعليم، والإسكان، والخدمات العامة وأزمات فى كل مناحى الحياة، فنحن لدينا 4 مواليد فى الدقيقة، أى مولود كل 15 ثانية، وهو ما يعنى أننا نعيش كارثة حقيقية تلتهم كل مشروعات التنمية، وتؤدى إلى تدهور الحالة المعيشية، فنسبة المواليد فى مصر تساوى مواليد أربع دول أوروبية، هى ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وإسبانيا، وأن عددا كبيرا من الدول الأوروبية تسجل نسبة المواليد فيها أقل من الوفيات، أما النسبة فى مصر فتزيد بأضعاف النسبة العالمية، وهو ما يعنى أن الزيادة السكانية من أخطر المشاكل التى تواجه المجتمع المصرى فهى أخطر من مشكلة الإرهاب وتكمن خطورتها فى عدم إحساس المجتمع بأبعاد هذه القضية، خاصة أن أزمة الإرهاب سوف يتم حلها خلال عام أو عامين ولكن عند ولادة طفل فإن مشكلته سوف تستمر لمدة 80 عاما. • بعض علماء الاجتماع والاقتصاد يؤكدون أن وصول المصريين 90 مليون نسمة نعمة وليس نقمة خاصة أن قوة مصر فى مواردها البشرية؟ - كان يمكن أن يكون ثروة حقيقية لو كانت الموارد المتاحة تستطيع أن تخرج كفاءات فى جميع التخصصات، ولكن مخرجاتنا فى هذا المجال تساوى صفرا، وعندما تصل معدلات النمو الاقتصادى إلى 8% وقتها ستكون الزيادة السكانية نعمة، أما الآن فإن معدل النمو الاقتصادى أقل من 2%، وهذا يعنى أننا فى طريقنا إلى كارثة، فمثلا الفئات العمرية أغلبها فى سن الشباب، و75% من السكان تحت سن 40 عاما، و64% تحت 30 عاما، والفئة فوق 60 سنة أقل من 5%، وهو تكوين جغرافى يحسدنا عليه العالم، لكن فى المقابل معدل البطالة وصل إلى 12.8%، والعاطل الذى أقصده هو «القادر على العمل والباحث عنه والراغب فيه ولا يجده»، ولك أن تتخيل أن الأكثر تعليما هم الأكثر تعطلا، وبلغوا 3.6 مليون متعطل، 50% منهم مؤهلات متوسطة. • اختلاف فى المحافظات • هل نسب المواليد متساوية فى جميع المحافظات أم تختلف من محافظة لأخرى؟ - بالتأكيد يوجد اختلاف من محافظة لأخرى، والمحافظات الأقل نموا والأكثر فقرا هى محافظات الصعيد، وهى أيضا مرتفعة فى النمو السكانى، والأكثر إنجابا، فالصعيد يقدم 40% من المواليد فى مصر. • ما هى الاستعدادت التى قام بها الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء لتعداد 2016؟ - هذا التعداد كان معركة قام بها أكثر من 145 ألف عامل معظمهم من الجهاز الإدارى للدولة وشباب الخريجين، قاموا بعمل تجارب قبلية قبل التعداد، وبالفعل أجرينا تجربتين لاختبار استمارة التعداد التى سبق أن أرسلناها لأكثر من 50 جهة حكومية لإبداء ملاحظاتها عليها، وتمت التجربة الأولى فى مناطق ريفية وأخرى حضرية، والتجربة الثانية تمت فى ثلاث محافظات، أما التجربة الثالثة والأخيرة فقد تمت فى أكثر من عشر محافظات وشملت أكثر من 100 ألف أسرة لقياس معدل أداء الناس، ومدى تقبلهم للأسئلة الجديدة، كم تم فى هذا التعداد ولأول مرة الإجابة عن الاستمارة إلكترونيا، حيث إن 40% من السكان لديهم اتصال بالإنترنت. • ما الذى يميز هذا التعداد عن التعدادات السابقة؟ - هذا التعداد شهد اختلافا فى آليات التنفيذ والوسائل لجمع المعلومات، فمثلا لأول مرة يقوم الجهاز بعمل خريطة سكانية تشمل أصغر المنازل بصفاتها وعنوانها وموقعها الجغرافى، وكل المعلومات المتعلقة بهذا المنزل وأصحابه بحيث يمكن التعرف على أقل منزل فى جمهورية مصر العربية ومالكيه من خلال الخريطة السكانية التى أعدها العاملون بالجهاز، وعمل بهذا التعداد أكثر من145 ألف متدرب على جمع المعلومات، ولمدة شهر وفقا لجدول زمنى محدد. • كيف يتعامل أعضاء الجهاز مع المواطنين غير المتعاونين فى تقديم المعلومات؟ - يوجد بعض المواطنين ممن يخشون التعامل مع مندوبى الجهاز، لكن نظرا لتلقى هؤلاء المندوبين تدريبات مكثفة للتعامل مع المواطن يتمكنون من الحصول على المعلومات اللازمة، بعد إقناع المواطنين بأهمية هذه البيانات والمعلومات، وفى النهاية القانون وضع حدا لذلك، وأحذر من عدم التعاون مع مندوبى الجهاز فى تقديم المعلومات اللازمة والصحيحة حتى لايتعرض المواطن للمساءلة القانونية، وربما الحبس وفقا للقانون. • هناك انتقادات وجهت للتكلفة الهائلة التى تم تخصيصها للتعداد الاقتصادى التى بلغت500 مليون جنيه ما رأيك؟ - التعداد الاقتصادى يعتبر أهم الإنجازات التى يقدمها جهاز الإحصاء أمام صانعى القرار، حيث يشمل هذا التعداد حصرا لكل المنشآت الاقتصادية على مستوى الجمهورية، وأوجه نشاطها، وعدد العاملين بها، وأكثرهم طلبا فى السوق المصرية، وهذا يضع رؤية كاملة للمطلوب فى السوق من صناعات تسمح لصانعى القرار من الاستثمار فيها، وتحسين أدائها، خاصة أن القطاع الخاص يوفر أكثر من90% من فرص العمل فى مصر، وبالتالى فإن المعلومات التى يحصل عليها الجهاز تساهم فى خلق فرص عمل جديدة، وزيادة النشاط الاقتصادى من خلال إتاحة هذه المعلومات لكل من يرغب فى الاستثمار فى مصر، فمبلغ ال500 مليون جنيه التى أنفقتها مصر تحصل على أضعاف هذا المبلغ من فوائد إجراء هذا التعداد سنويا. • كيف يتم إعداد تقرير التعداد السنوى للمصريين؟ - يعد هذا البيان من أدق ما يخرج عن الجهاز، ويتم عمل التعداد كل عشر سنوات لأن تكلفته مرتفعة والمطلوب منها لا يتغير بسرعة، والتعداد هو الجزء الرئيسى فى معرفة الرئيس الجديد، فلا يوجد بيت فى مصر لم نذهب إليه لتسجيل بياناته، بعد تسجيل بيانات المصريين كل عشر سنوات نحسب المتغير من خلال سجلات المواليد والوفيات السنوية، تستلم أسبوعيا من 4500 مكتب صحة على مستوى مصر كلها، نستلمها من مصلحة الأحوال المدنية بالعباسية، ثم نقوم بتغذية الجهاز بالأرقام الجديدة، وهو متاح على الموقع الرسمى للجهاز على شبكة المعلومات، وأرقام السكان موجودة منذ بداية أول تعداد سكانى سنة 1882. • إحصاء المصريين فى الخارج • من المسئول عن إحصاء أعداد المصريين فى الخارج؟ - مهمة الجهاز تنحصر فى إحصاء المصريين داخل البلاد، أما المصريون فى الخارج فعملية إحصائهم تقع على عاتق وزارة الخارجية من خلال سفاراتها وقنصلياتها المنتشرة فى دول العالم، لذلك فى ديسمبر من كل عام نستلم من وزارة الخارجية رقمين، الأول خاص بأعداد المصريين المسجلين فى السفارات والرقم الثانى خاص بتقدير الوزارة لعدد المصريين فى الخارج، ويأتى هذا فى صورة بيان إحصائى يضم كل بلد بجواره رقم المسجلين من المترددين على السفارة فى ذلك البلد من المصريين، وتقدير السفارات بأعداد المصريين، ونضعه كثابت على إجمالى عدد المصريين فى الداخل. • فى النهاية ما هو الحل لمواجهة مشكلة الزيادة السكانية والحد منها؟ - ننظر إلى ما فعلته الصين فى بداية السبعينيات، حيث قامت باتباع سياسة «الطفل الواحد» للحد من الزيادة السكانية، إلا أنهم منذ عدة أشهر سمحوا بوجود طفل آخر، وفقا لشروط محددة، فضلا عما فعلته إيران من تغيير سياستها السكانية لثلاث مرات حتى وصلوا إلى «تعقيم الرجال»، ونحن أيضا علينا أن ندرك أن الزيادة السكانية فى مصر الآن تعد نقمة حقيقية خاصة مع انخفاض النمو الاقتصادى فى الوقت الحالى، والحل الحقيقى لن يحدث إلا عندما يدرك المواطنون أن هناك أزمة حقيقية، وأيضا على الدولة أن تضع حوافز إيجابية لكل أسرة لتحثهم على المساهمة فى الحد من تلك الأزمة. •