اللواء أبو بكر الجندى رئيس الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء ل «الأهرام»: انتبهوا ..دقت ساعة ال «90 مليون نسمة»
بعد 48 ساعة، مساء بعد غد «الاحد» ستدق الساعة السكانية.. وهى الشاشة المضيئة التى تعلو بناية الجهاز المركزى للتعبئة العامة والاحصاء، لتعلن وصولنا إلى 90 مليون نسمة بالتمام والكمال، وتعلن معها أننا على بوابة الخطر أو الانتحار الجماعى كما يصف الكارثة اللواء أبو بكر الجندى رئيس الجهاز . اللواء الجندى فى حوار ل «الأهرام» يدق كل نواقيس الخطر، ويؤكد أن سن قانون بتحديد عدد الاطفال لن يقبله المجتمع وأن المقارنة بين مصر والصين فى الازمة السكانية ظالمة، ويتحدث عن معدلات الفقر المتزايدة والحلول العملية للازمة السكانية.. وغيرها من المحاور فى السطور القادمة.. بداية.. ما تفاصيل رقم ال 90 مليونا الذى سيعلن بعد 48 ساعة..؟ للاسف ،سنصل للرقم «الكارثة» ال90 مليونا، بعد 48 ساعة، وبإيجاز فإن أعلى المحافظات فى عدد السكان هى القاهرة ب 9 ملايين نسمة و517 ألفا، تليها الجيزة 7 ملايين و764 ألفا، ثم الشرقية 6 ملايين و638 ألفا،والدقهلية 6 وملايين 98 ألفا، وتأتى محافظة الاسكندرية فى المركز الثامن لتصل إلى 4 ملايين و936 ألفا، وفى المركز العاشر سوهاج 4 ملايين و704 آلاف نسمة، وأسوان تحتل المركز السابع عشر بمليون و465 ألفا ، وبورسعيد فى المركز الحادى والعشرين وتصل إلى 684 ألف نسمة، وشمال سيناء فى المركز الرابع والعشرين ويصل تعداد السكان إلى 444 ألف نسمة ، والبحر الاحمر 354 ألفا، وتأتى جنوبسيناء فى المركز السابع والعشرين ب 173 ألف نسمة فقط. قلت إن ال 90 مليون .. كارثة..لماذا ؟! بكل المقاييس والمعايير والتعريفات هذا الرقم كارثة، بل انتحار جماعي، فهو رقم مرعب، ويأكل الأخضر واليابس ويلتهم أى تنمية اقتصادية، فهو يعنى كوارث .. بطالة وفقرة وتراجعا فى الصحة والتعليم والاسكان والخدمات العامة وأزمات فى كل مناحى الحياة. أصبح لدينا 4 مواليد فى الدقيقة، أى مولود كل 15 ثانية، وهو ما يعنى أننا نعيش كارثة حقيقية تلتهم كل مشروعات التنمية، وتؤدى الى تدهور الحالة المعيشية . فهل تعلمين أن نسبة المواليد فى مصر تساوى مواليد أربع دول اوروبية،هى المانيا وفرنسا وبريطانيا واسبانيا و أن عددا كبيرا من الدول الاوروبية تسجل نسبة المواليد فيها اقل من الوفيات اما النسبة فى مصر فتزيد بأضعاف النسبة العالمية. وما انعكاسات هذا الرقم على المجتمع المصرى فى ظل تلك الزيادة؟ سأتحدث عن الفقر وحده كمثال،ففى عام 2000 كانت نسبة الفقر 16.7% وقفزت عام 2010 إلى 25.2% ثم عام 2013 أصبحت 26.3%،وقريبا نصدر نسبة الفقر لعام 2015، ولان الفقراء ينجبون اكثر من الاغنياء ، فنجد أن 67%من الافراد الذين يعيشون فى أسر بها 10 أفراد فأكثر،هم من الفقراء عام 2013،مقابل 53% عام 2009، ونجد أن 7%فقط من الافراد الذين يعيشون فى أسر بها أقل من 4 أفراد عام 2013 من الفقراء ،مقابل 3.9%عام 2009..مع ملاحظة أن الاسرة التى تنفق أقل من 1600 جنيه تحت خط الفقر،وفقا للمعايير. وإذا تحدثنا عن أثر تلك الزيادة على التعليم،يكفى القول إن مصر كانت تصدر أيدى عاملة من الأطباء والمهندسين والمدرسين لمعظم الدول العربية، لكن وللاسف أصبحت الوظائف البسيطة « العمال ، السائقون...إلخ» من نصيب المصريين. لكن الكثيرين يعتبرون الثروة البشرية «نعمة»..فهل تعتبرها «نقمة»؟! لو كانت تلك الزيادة فى وضع اقتصادى مختلف لكانت «نعمة» ، لكنها تحولت الآن إلي» نقمة» فى ظل ما يعانيه الاقتصاد المصري..فالسكان عماد أى دولة ،وأهم مورد من مواردها، ومصر تتميز بأنها دولة شابة ،حيث إن 75 % من تعداد سكانها تحت 45 سنة ، أى أنها مجتمع شاب ومنتج ،فإذا كان النمو الاقتصادى يتناسب مع النمو السكاني، فأهلا بالزيادةً ،لكن القضية أن المليون مولود الذين تسجلهم الساعة السكانية فى اقل من 6 أشهر، يبتلعون كل الخدمات. فالمتعارف عليه عالميا أن الحفاظ على المستوى المعيشى دون زيادة أو نقصان يتطلب تحقيق معدل نمو اقتصادى يفوق النمو السكانى بمعدل 3 أمثال،فكان النمو الاقتصادى على سبيل المثال- بعد الثورة أقل من 2% والنمو السكانى 52% ، وحتى نستطيع احتواء الزيادة السكانية يجب أن يصل معدل النمو الاقتصادى إلى 8%. مقارنة ظالمة إذا تحدثنا عن الزيادة السكانية باعتبارها «كارثة» يكون الرد الوحيد الجاهز «شوفوا الصين» التى استطاعت توظيف الثروة البشرية لديها ، فهل المقارنة بيننا وبين الصين ظالمة؟ لا مجال إطلاقا للمقارنة، فحالة الصين مختلفة، وهى تماثلنا 19 مرة من حيث عدد السكان، لكنها اتبعت سياسة سكانية منذ عام 1970، بوجود طفل واحد للاسرة، لكنها منذ شهر تقريبا غيرت تلك السياسة، بعدما وجدت ان المجتمع الصينى قد « شاخ» ،فعدلت القانون وسمحت بإضافة طفل ثان، بشرط ان يكون كل من الام والأب «وحيدا» . كما أن معدلات النمو السكانى فى الصين وصلت ل 0.7% بينما فى مصر وصلت ل2.5 % ، ونحن لا نمتلك الموارد لتقديم الخدمات الصحية والتعليمية والتوظيفية والمعيشية لهذا الكم من الزيادة سنويا. فالصين انتهجت معادلة من طرفين: حددت النمو السكانى ، وانطلقت فى النمو الاقتصادي... وهذا ما ينبغى النظر اليه بعين الاعتبار،لأن أى تنمية اقتصادية فى مصر تحتاج لمليارات الجنيهات وعشرات السنين، ومن هنا فان الحل الأمثل والأسرع دون شك هو تخفيض معدل المواليد،ثم النمو الاقتصادى وليس العكس. البعض طالب بسن قوانين لتحديد النسل ،أو الاكتفاء بطفلين ويرفع الدعم ومجانية التعليم والصحة عن الطفل الثالث كحل للازمة السكانية... فما رأيك؟ الحوافز السلبية لتقليل النسل لن يقبلها المجتمع مطلقا، رغم ان عدة دول نفذت مثل هذه الإجراءات مثل ( ايران)، والصين .. والحل؟! الحوافز الإيجابية .. فيمكن منح معونة بسيطة للاسر الفقيرة التى يستمر أبناؤها فى التعليم، فالمعروف ان الفقير ينجب كثيرا، لان أولاده يعتبرون مصدر دخل له وليس مصدر انفاق ، ولذلك بعد ان يتم الطفل عامه الخامس يلتحق بالاعمال البسيطة ،فيمكن ان تشجع بعض مؤسسات المجتمع المدنى ورجال الاعمال الاسرة الفقيرة على استمرار ابنها فى التعليم ،بمنحه ولو 50 جنيها. والحل الثانى بالتوعية المباشرة، أى بالتواصل المباشر مع الأسر الفقيرة من خلال الرائدات الريفيات التى تكون مهمتهن طرق « الباب الصاج» الذى يؤوى الأسر الفقيرة، لتقنع الام بطريقة سهلة بأهمية تنظيم النسل ، ثم تأخذها من يدها على الوحدة الصحية لاختيار الوسيلة المناسبة لتحديد النسل ، ومن الطبيعى ان تلك الزوجة ستنقل تجربتها الى جارتها وهكذا . هل هؤلاء الرائدات الريفيات مازلن يؤدين الدور المنوط بهن ؟! هن يحتجن إلى تأهيل مهنى وزيادة الاعداد ، فهن 13 ألفا فقط، وصرف حوافز تشجيعية لهن كما يجب تطوير الوحدات الصحية . أى قطاع فى الجمهورية يجب ان يستهدف أولا فى التوعية ؟ الصعيد، طبعا، فهو يمثل 25 % وينجب 40% من المواليد .. إجمالا، فى رأيى ان حل المشكلة السكانية ، له 3 أضلاع، الحكومة ،ورجال الاعمال، والمجتمع المدني، فالحكومة عليها من خلال الوزارات المعنية ان توفر العنصر البشرى المدرب للقيام بالتوعية ،وتخطط وتنفذ مشروعات تنموية وغيرها، اما الضلعان الثانيان ،فمنوط بهما تحمل مسئوليتهم الاجتماعية بتوفير الدعم المادى لعيادات متخصصة فى تنظيم النسل، والمجتمع المدنى يجب ان يقوم من خلال منظماته وجمعياته فى الوصول للاسر الأكثر احتياجا ، والتواصل معهم . الجهاز يستعد حاليا للتعداد السكانى لعام 2016 والذى يجرى كل 10 سنوات.. ما الجديد فى آليات التعداد؟ اولا حصر التعداد السكانى يهدف إلى توفير قاعدة بيانات دقيقة عن أعداد السكان والمنازل وأفراد الأسر وبحث حالاتهم الاجتماعية لتقديمها إلى الجهات المعنية للتطوير وتحسين حالات المواطنين وتوفير جميع الخدمات لهم، وتم اجراء بعض التجارب فى عدد من المحافظات، والجديد هو الحصر الكترونيا، الى جانب الاستمارات المعدة لذلك، فسيكون مع المختصين «تابلت»، حيث نستهدف ان يجرى عشر التعداد الكترونيا،مما يتطلب 120 ألف تابلت، المتوافر منها حاليا 25 ألفا، وسيتم توفير الباقى باذن الله، والطريقة الثانية عن طريق الانترنت، فلدينا 46% من الأسر لديها إمكانية الدخول على شبكة الانترنت، والمهم الاستجابة . وهل تتوقع استجابة المصريين لملء بياناتهم الكترونيا، وهل ملء خانة الديانة سيظل اختياريا؟ التجارب التى أجريناها على التعداد أوضحت أن 3% فقط يستجيبون،أما كتابة الديانة فهو أمر اختياري، وحددته اللجنة الاحصائية بالأمم المتحدة. والحقيقة أننا نحاول تحفيز المواطنين لملء بيانات التعداد إلكترونيا ،فنتواصل مع وزير الاتصالات لعمل حوافز تشجيعية عن طريق شركات المحمول ، بتخصيص دقائق مجانية او باقات او غيرها لمن يسجلون بياناتهم الكترونيا ،وهذا الإجراء سيوفر جهدا ووقتا كبيرا ، فالمواطنون فى معظم دول العالم يقدمون بياناتهم، بل يتطوعون فى تعداد دولهم. وأخيرا.. أى الجهات فى الدولة أكثر تفاعلا مع أرقام الجهاز، وهل كل البيانات متاحة للعامة ؟ البنك المركزي، ينتظر أرقامنا ويتجاوب ويسأل عنها،فينتظر أرقام التضخم ليستطيع مواجهته،يليه وزارة التربية والتعليم،التى تبنى المدارس وتتحرك وفق البيانات التى نصدرها،وفى الحقيقة، فإن كل مؤسسات الدولة تعمل وفق البيانات التى نصدرها،لا سرية فى عملنا ،كل الارقام والبيانات والنشرات على الموقع الالكترونى للجهاز.