طلاق الأقباط، والزواج الثانى.. تلك القنبلة الموقوتة التى طالما هددت الكنيسة بأكملها، وكانت هى الشرارة الأولى التى خرج بسببها الأقباط ولأول مرة يهتفون ضد البابا المتنيح شنودة الثالث. وعلى الرغم من أن البابا تواضروس الثانى بمجرد توليه كرسى البابوية أعلن أن الكنيسة ستتناول جميع الملفات الشائكة، وأولها الطلاق.. لكن الأمر تأخر مما اضطر الأقباط إلى الخروج للتظاهر أمام الكاتدرائية، وهتاف شباب - أطلقوا على أنفسهم لقب «منكوبى الأحوال الشخصية» - فى قلب عظة البابا الأسبوعية: عايزين نتجوز.. عايزين نتطلق، ووصل الأمر إلى قبض الشرطة على المتظاهرين. جدير بالذكر، أن مناوشات كثيرة كانت تحدث بين البابا الراحل شنودة الثالث والأقباط بسبب الطلاق، وما إن جاء البابا تواضروس ليتولى كرسى البابوية أعلن أن الكنيسة ستخترق جميع الملفات الشائكة وأولها الطلاق. لاطلاق بغير علة الزنى بالنظر فى قانون الطلاق القديم نجد أن العلة الوحيدة التى سمح فيها الكتاب المقدس بطلاق الأقباط هى علة الزنى الواضحة، فلا طلاق بغير علة الزنى، لكن بغير ذلك لا يجوز أبدا الطلاق مما أدى إلى تفاقم المشكلات بين الأزواج الذين استحالت بينهم العشرة، وأدى بدوره إلى فتح أبواب الزنى والخيانة اللفظية. والحقيقة أن هذه المشكلة ولدت أزمة كبيرة بين الأقباط والكنيسة، لدرجة أن بعض المواطنين كونوا رابطة تسمى رابطة 38 للمناداة بحقهم فى طلب الطلاق والعمل بلائحة 38 التى تنادى بذلك. وقد تأسست رابطة أقباط 38 بعد ثورة 25 يناير مطالبة الكنيسة بالرجوع للائحة 38 فى الزواج والطلاق، التى كانت توافق على الطلاق لعشرة أسباب منها الزنى، وشروع أحد الزوجين فى قتل الآخر، والعجز الجنسى، وسجن أحد الزوجين مدة تزيد على سبع سنوات وغيرها من الأسباب التى تراها الرابطة منطقية للطلاق، وقد قام البابا شنودة بإلغائها فى عام 2008 ووضع لائحة تقتصر الطلاق لعلة الزنى فقط. أما البابا تواضروس، فكان أيضا رأيه واضحا وصريحا، كما قال: موضوع الأحوال الشخصية يحتاج دراسة متأنية، وأحب أن أوضح أن المشكلات التى نشأت فى أسر يجب ألا ينسى أصحابها أنهم من يتحملون المسئولية الكاملة عنها وليست الكنيسة فقط. وأنا أحب أن «أريح الناس»، ولكن فى ظل القانون الدينى والإنجيلى والكنسى والوضع الاجتماعى. وكل مشكلة لها خصوصيتها وستتم دراستها، ولكن لن نكسر قانونا دينيا ووصية الإنجيل تقول إن الطلاق لا يتم إلا لسبب واحد وهو الزنى، والزنى له شكلان الشكل العقلى والشكل الحكمى، وعندما يخطئ طرف هذه الخطية الكنيسة لا تستأمنه على زواج آخر. لا نخالف تعاليم الله يقول نادر الصيرفى المتحدث الإعلامى باسم رابطة 38: تكمن المشكلة الحقيقية فى الطلاق المدنى، وليست فى الزواج الثانى وعدم القدرة على الطلاق المدنى خاصة الحاصلين على بطلان كنسى الذى له عدة سلبيات، أبرزها عدم حصول الزوجة على معاش، وإن ذلك يعد مخالفة لتعاليم الإنجيل وقرارات المجلس الإكليريكى. وقد عبرنا عن استياء الرابطة، بسبب أن الطلاق للقانون المدنى للزنى فقط، مما يعنى فتح الباب لأبناء الكنيسة فى ساحات القضاء ويسم الأسرة ككل بالعار، خاصة فى حالة وجود أطفال، وطول فترة الهجر تعتبر تحريضاً غير مباشر على الزنى. وأضاف الصيرفى أن هناك أموراً مدنية بحتة لا تحكم فيها الكنيسة مثل: الميراث والنفقة والطلاق، وكل هذه الأمور يتم البت فيها عن طريق قوانين الأحوال الشخصية للمسيحيين أمام المحكمة. كما أن هناك حالات سمحت لها الكنيسة بالطلاق، ويعتبر أمرها منتهيا أمام الله والكنيسة، إلا أن الأمر برمته يبقى عالقاً أمام المحكمة، بسبب رفضها فسخ العقد المدنى للزواج إلا بعد إثبات علة الزنى على الطرف الآخر كمسبب رئيسى للطلاق. ونتيجة لذلك يصبح الزوجان المنفصلان أمام المحاكم أعداء لتشويه سمعة بعضهما بمحاولة أحدهما إثبات الزنى على الآخر، مما يعرض سمعة الأسرة بأكملها للتشويه وسوء السمعة، مشيرا إلى وجود حالات معلقة بسبب هذه القوانين. وقد رفض الصيرفى اتهامهم بمخالفة تعاليم الكنيسة، مؤكداً التزام الرابطة بقوانين الكنيسة من الزواج والسماح بالزواج الثانى، مشيراً إلى عمل الكنيسة فى عهود سابقة بنفس اللائحة التى يطالبون بالعمل وفق قوانينها. غير منفصلة عن شعبها يقول المفكر القبطى - كمال زاخر - رئيس جبهة العلمانيين الأقباط: الكنيسة غير منفصلة عن شعبها، وبالتالى فمهمتها ليست الوقوف فى وجه الناس ومطالبهم، لكن دورها هو التوفيق بين احتياجات الناس وتعاليم الإنجيل المقدسة. ونحن كجبهة العلمانيين الأقباط كنا قد تقدمنا من قبل بمشروع لقانون جديد لطلاق الأقباط للضرر فى عهد البابا المتنيح شنودة الثالث، كما أعدنا تقديمه لقداسة البابا تواضروس بمجرد اختياره، ووقتها وعد بالنظر فيه. ويرى زاخر أن ما حدث ليس منقطع الصلة بمنظومة متكاملة من إعادة النظر فى الملفات الشائكة.•