وأخيرا .. الكنيسة تقرر الخوض فى الملف الشائك.. طلاق الأقباط، تلك القنبلة الموقوتة التى طالما هددت الكنيسة بأكملها، وكانت هى الشرارة الأولى التى خرج بسببها الأقباط ولأول مرة يهتفون ضد البابا المتنيح شنودة الثالث.. لكن بمجرد أن تولى البابا تواضروس الثانى كرسى البابوية أعلن أن الكنيسة ستتناول جميع الملفات الشائكة، وأولها الطلاق. لم يصدق الأقباط أنفسهم عندما سمعوا أن الكنيسة ستنظر أخيرا فى قضاياهم.
نفتح معكم هذا الملف الشائك، ونستعرض معكم أهم البنود التى سيتناولها القانون المقترح للطلاق. بالنظر فى قانون الطلاق القديم نجد أن العلة الوحيدة التى سمح فيها الكتاب المقدس بطلاق الأقباط هى علة الزنى الواضحة، فلا طلاق بغير علة الزنى، لكن بغير ذلك لا يجوز أبدا الطلاق مما أدى إلى تفاقم المشكلات بين الأزواج الذيناستحالت بينهم العشرة، وأدى بدوره إلى فتح أبواب الزنى والخيانة اللفظية.
والحقيقة أن هذه المشكلة ولدت أزمة كبيرة بين الأقباط والكنيسة، لدرجة أن بعض المواطنين كونوا رابطة تسمى رابطة 38 للمناداة بحقهم فى طلب الطلاق والعمل بلائحة 38 التى تنادى بذلك.
وجدير بالذكر، أن مناوشات كثيرة كانت تحدث بين البابا الراحل شنودة الثالث والأقباط بسبب الطلاق، وما إن جاء البابا تواضروس ليتولى كرسى البابوية أعلن أن الكنيسة ستخترق جميع الملفات الشائكة وأولها الطلاق.
∎القانون الجديد
وبالفعل اجتمع البابا تواضروس مع أعضاء المجلس الإكلريكى وبعض أعضاء رابطة 38 للاستماع إليهم، والتوصل إلى نتيجة، وبالفعل هذا ما حدث، واتفق الجميع على قانون جديد للطلاق يتوافق مع روح النص الإنجيلى ولا يختلف مع متنه.
وقد حصلنا على نص هذا القانون قبل عرضه على المجمع المقدس لاعتماده، وهو كالتالى: تم وضع العجزالجنسي والفرقة كأسباب للطلاق، لأنها تؤدي إلي الزني الفعلي من أحد الطرفين، وأيضا المرض النفسى، وذلك بعد أن تمت الاستعانة بالأطباء النفسيين.
بالإضافة إلى بعض الأمراض النفسية التى تقع في إطار «الزني الحكمي» وهي الأسباب التي تدفع للزني، وبعض الأمراض الجسدية والجنسية التى تعتبر «مبطلة للزواج» ويحصل بموجبها الطرفان علي «بطلان للزواج» وليس الطلاق.
ولأول مرة يتم تحديد الفترة التي يمكن أن يستطيع فيها الطرف المتضرر الانتظار قبل الطلاق حتي لا تسبب طول المدة في الوقوع في خطيئة، فتم منح الشخص المتضرر عاما كفترة للانفصال ومحاولة لحل الصراع أو الخلاف بين الزوجين قبل الطلاق إذا كان في الثلاثينيات من عمره وثلاث سنوات إذا كان في الأربعينيات من العمر.
∎مكافحة الزنى
ذهبت إلى المستشار رمسيس النجار محامي الكنيسة ليفسر لنا بنود القانون فقال: لقد اجتمعت لجنة تعديل لائحة الأحوالالشخصية برئاسة البابا تواضروس بدير الأنبا بيشوي العامر بوادي النطرون بحضور الأنبا رافائيل سكرتير المجمع المقدس الأنبا بولا رئيس المجلس الإكليريكي وبعض القانونيين والأطباء النفسيين لمناقشة أسباب الطلاق المستمدة من لا تطليق إلا لعلة الزنى.
وبالفعل تم الاتفاق على مسودة القانون وسيتم إرسالها إلى المجمع المقدس لإقرارها أو تعديلها.
ومن أهم البنود: العجز الجنسى، والمرض النفسى، وافتراق الزوج عن الزوجة لأن ذلك يؤدى بدوره إلى دفعه إلى الزنى والعكس صحيح.
وأشار المستشار النجار إلى أن الموضوع بدأ يختلف من ناحية الزنى، وليس من ناحية الإنجيل والمقصود من واقعة الزنى هو الزنى بجميع أشكاله، لفظى أو فعلى، وإلكترونى، ولكن نص الكتاب المقدس كما هو.
ويؤكد المستشار رمسيس أنه بمجرد حدوث الطلاق من حق كلا الطرفين الحصول على ترخيص بالزواج الثانى من الكنيسة مادام لم يرتكب أحدهما فى حقالآخر أى خطأ.
ومن المتوقع أن ينعقد المجمع المقدس لإقرار القانون بعد العيد فى شهر مايو.
∎تحريض غير مباشر
يقول نادر الصيرفى - المتحدث الإعلامى باسم رابطة 38: بالفعل لقد شاركت الرابطة فى الاجتماع بثلاثة من أعضائها بجانبه، وهم: رفيق فاروق أمين عام الرابطة، ورأفت ريد المستشار السياسى، ألقيت فيها كلمة تناولت رؤيتنا لملف الأحوال الشخصية.
وتحدثنا أيضا عن المشكلة الحقيقية، والتى تكمن فى الطلاق المدنى وليست فى الزواج الثانى وعدم القدرة على الطلاق المدنى خاصة الحاصلين على بطلان كنسى الذى له عدة سلبيات، أبرزها عدم حصول الزوجة على معاش، وإن ذلك يعد مخالفة لتعاليم الإنجيل وقرارات المجلس الإكليريكى.
وقد عبرنا عن استياء الرابطة، بسبب أن الطلاق للقانون المدنى للزنى فقط، مما يعنى فتح الباب لأبناء الكنيسة فى ساحات القضاء ويسم الأسرة ككل بالعار، خاصة فى حالة وجود أطفال، وطولفترة الهجر تعتبر تحريضاً غير مباشر على الزنى.
ونتيجة لذلك يصبح الزوجان المنفصلان أمام المحاكم أعداء لتشويه سمعة بعضهما بمحاولة إحداهما إثبات الزنى على الاّخر، مما يعرض سمعة الأسرة بأكملها للتشويه وسوء السمعة، مشيرا أن إلى وجود حالات معلقة بسبب هذه القوانين.
وقد رفض الصيرفى اتهامهم بمخالفة تعاليم الكنيسة، مؤكداً التزام الرابطة بقوانين الكنيسة من الزواج والسماح بالزواج الثانى، ومشيراً إلى عمل الكنيسة فى عهود سابقة بنفس اللائحة التى يطالبون العمل وفق قوانينها.
∎انفراج الأزمة
ويعلق المفكر القبطى كمال زاخر- رئيس جبهة العلمانيين الأقباط- على القانون الجديد قائلاً:
من الجيد أن الكنيسة بدأت تخترق الملفات الشائكة كالطلاق وغيرها وأنها بدأت تستجيب لمطالب الأقباط الملحة.
فالكنيسة غير منفصلة عن شعبها، وبالتالى فمهمتها ليست الوقوف فى وجه الناس ومطالبها، لكن دورها هو التوفيق بين احتياجات الناس وتعاليم الإنجيل المقدسة.
ونحن كجبهة العلمانيين الأقباط كنا قد تقدمنا من قبل بمشروع لقانون جديد لطلاق الأقباط للضرر فى عهد البابا المتنيح شنودة الثالث، كما أعدنا تقديمه لقداسة البابا تواضروس بمجرد اختياره، ووقتها وعد بالنظر فيه.
وأنا أعتبر أن ما حدث خطوة إيجابية وتأكيد لعدم وجود انفصال بين الكنيسة والناس، وكلها بوادر إيجابية تتناسب مع الظرف الحالى الذى تعيشه الكنيسة، والتطورات التى تحدث فى الأسرة والمجتمع.