مع دخول شهر رمضان الفضيل تهل علينا نسماته الروحانية لتلطف حرارة الصيف، ونهفو لذكرياتنا الجميلة فى هذا الشهر العطر لتأخذنا من زحمة الشوارع والعمل والامتحانات ومشاكل الحاضر الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، لتجرى السنوات بنا للخلف وتعيد لنا الفرحة والسلام النفسى الذى كنا نشعر به وقتها.. واليوم ومع كل ما حولنا من تغير وتطور.. تظل هناك ثوابت لا تختلف كفانوس رمضان.. ولمة العيلة على الأكل.. وصوت ابتهالات النقشبندى وصوت المدفع.. فوازير ومسلسلات رمضان.. ولكن هذا لا يمنع أن الكثير من المستجدات قد دخلت فى قاموس رمضان، لتواكب ما حولنا من تغير كدخول رمضان مع الصيف والحر، وطول ساعات الصيام، وقدومه فى الإجازة وما يرافقها من أوقات فراغ، وقدرة على السفر.. كذلك ارتفاع الأسعار الجنونى من سنة لأخرى، كل هذا كان له انعكاس مباشر على عزومات رمضان، وشكل السفرة الرمضانية ومواعيد اللمة فى هذا الشهر. • آه من الحر! أسباب كثيرة جعلت الأسر ترفع شعار «نعم لعزومات السحور» وفضلت الابتعاد عن عزومات الإفطار كما تعودنا، تقول رانيا شوقى، محاسبة فى أحد البنوك: «الحر مع الصيام يستهلك طاقتنا فى وقفة المطبخ فلم نعد نتحمل عزومات على الفطار واستقبال الضيوف، فنفطر «على خفيف» سوائل وشوربة والوجبة الأساسية تكون فى وقت متأخر، فأصبح السحور مناسبا جداً للمة الأقارب أو الأصحاب، وغير مهلك لى وأنقذنى من وقفة الحر فى المطبخ» توافقها الرأى ليلى حسين تعمل فى شركة سياحية فتقول: «أصبح الصيام فى الحر يجعلنا نريد أن نفطر على سوائل فقط، ولا مكان للمحمر والمشمر وأفضل شىء لحوم مشوية فقط مع لسان العصفور، وبعد الإفطار الكثير يفضل أن يرتاح ويبدأ خروجه ليلاً بعد صلاة التراويح، فأصبحت أنا وصديقاتى وأخواتى نتجمع على السحور، وتكمل ضاحكة: يكون الجو ألطف ونكون شربنا القهوة وظبطنا دماغنا وكلنا نحب السهر فى رمضان.. وهذا يسرى على أى عزومة طبعاً، إلا عزومة ماما وحماتى فهى إفطار مقدس لا يمكن تغييره». عادل محمود، مدير بشركة اتصالات يقول: «كلنا لا نحب السواقة فى الحر والصيام ونكون مجهدين قبل الإفطار لطول ساعات الصيام، لذا سعدت جدا عندما وجدت زوجتى تقترح أن تكون عزومات أقاربنا وأصدقائنا على السحور، فأفطر خفيف خفيف وأرتاح قليلا بعد ساعات الصيام الطويلة ثم ننزل ليلاً، وفى رأيى أنها فكرة أيضاً اقتصادية فحتى نوعية الأكل تكون تكلفتها أقل على مائدة السحور من مائدة الإفطار». محشى.. وبطيخ.. وآيس كريم شكل السفرة الرمضانية أيضاً اختلف فتقول ميادة سعيد ربة منزل: «للأسف نظل نطبخ ونطبخ ثم نجلس على السفرة لا نأكل إلا أقل القليل «شوية سلاطة.. وشوربة.. وخلاص» والكثير من العصائر لذا نجد أنفسنا على نهاية رمضان وقد انكمشت السفرة إلا من العصائر وزجاجات الماء الساقعة.. وفين وفين لما ولادى يطلبوا محشى.. ولا رقاق ولا بط.. أصبحوا يطلبون الآيس كريم وكل الحلو يضيفونه عليه فالجو يجعلهم فى حاجة مستمرة لما يرطب عليهم» تتفق معها فادية البستانى فتقول: «البطيخ.. ثم البطيخ.. ثم البطيخ كل يوم فى رمضان يؤكد على البطيخ فيشرب الشوربة ويصلى المغرب ثم يأكل البطيخ لم يعد كالسابق السفرة مليئة بالطبيخ واللحوم والبانيهات والمقبلات وتحولت للخضار والفاكهة وهو بالطبع صحى أكثر فى رمضان ويمكن المحشى هو الذى نشتاق له من بين كل الأصناف، ولكن أصبحت كميته أقل بكثير على السفرة فكمية بسيطة جدا تكفى منه». • لمتنا.. على الجروب وبعيداً عن السفرة الرمضانية والعزومات فالشباب يقضى وقته على الإنترنت لساعات وساعات فى رمضان فتقول سلمى فى السادسة عشرة من عمرها: «صعب فى رمضان الخروج لأنه متأخر أوى بسبب الجو فتكون الوسيلة الوحيدة إما نتجمع على الفطار أو السحور مرة فى بيت صديقاتى أو بيتى، وإما الأسهل والأريح أن نتكلم طول الوقت على الواتس آب» .. «أكيد هنتكلم على الفيس بوك والواتس آب لكن خروجات صعب»، هكذا بدأت معى شذا محمد طالبة فى كلية الألسن كلامها وتقول: رمضان للأهل والأقارب والوقت ضيق لمقابلة صديقاتى لذا ما فيش حد هينزل فى الحر الصبح ولا هيوافق أهلنا على سحورنا خارج البيت لوحدنا لوقت متأخر». • صيامنا فى المصيف «طبعاً هنسافر» كانت الإجابة سريعة على لسان يارا هشام طالبة فى كلية الفنون الجميلة وتقول: الجو حر ولا خروج ولا مذاكرة هنقعد نعمل إيه!! المصيف أحلى حاجة الجو حلو على البحر بدلاً من زنقة القاهرة.. أما راندا سليم ربة منزل فتقول: «الأكل فى الصيف بسيط وسريع ولا مجال للمشمر والمحمر لذا نفضل السفر معظم أيام رمضان فعمل زوجى خاص ويتحكم بمواعيده فمعظم الشهر نقضيه فى الساحل الشمالى حيث يكون المكان هادئا ومريحا للعبادة والاستجمام فى نفس الوقت ومعظم أخواتى وأخوات زوجى أيضا يقابلوننا هناك فتكون اللمة والسهر أفضل وأمتع.. مها أحمد مدرسة أيضاً توافقها الرأى حول رمضان فى المصيف وتقول: قررت أنا وأهلى وأصدقائى أن نتجمع فى رمضان فى المصيف فقرى الساحل قريبة من بعضها وهناك يكون الجو جميلا وكل أسرة تطبخ أكلة بسيطة ونتشارك فى الأكل، ونتجمع كلنا فى شاليه أحد مننا، فتكون اللمة أحلى ونسهر للفجر كلنا معاً وتكون أياما جميلة وممتعة». • لمة العيلة..ولمة الشغل من التجمعات المنتشرة الآن فى رمضان لمة زملاء العمل التى أصبحت لا تقل أهمية عن لمة العائلة وغالباً تكون فى الفنادق، أو المطاعم الشهيرة يقول حمدى إبراهيم, مهندس بإحدى الشركات الهندسية: أصبح يوم إفطارنا نحن العاملين فى الشركة يوما مهما بالنسبة لأسرة العمل ويكون فى ليلة السابع والعشرين فى أحد الفنادق بالقاهرة، ولنا ست سنوات على هذا التقليد الذى أصبح موجوداً فى كل الشركات والبنوك تقريبا ويقوى جداً الروابط بين الزملاء وبين المديرين والمرؤوسين فى جو لطيف. مشيرة إحسان تعمل بالتسويق فى إحدى الشركات تقول: أصبحت لا أذهب سوى لعزومة والدتى وحماتى وعزومة الشركة التى تجمعنا كل عام فى إحدى البواخر العائمة فى النيل، والجميل أننا نتجمع بأزواجنا وزوجات زملائنا فيكون الجو عائليا جميلا، وطبعاً لولا الشركة ما استطعنا أن نتجمع بهذا العدد الكبير فى بيوتنا للتكلفة وضيق مساحة الشقق بالنسبة لعددنا، أما فريدة نبيل موظفة فى إحدى الشركات فتقول: إحنا الشغل ما بيجمعناش إحنا اللى بنتجمع لوحدنا كزملاء مسيحيين ومسلمين، كل أسبوع فى بيت أحد من الزملاء نشترك كل واحد بأكلة حتى لا نثقل على صاحب البيت ونتجمع نفطر أو نتسحر معاً حسب ظروفنا وبتكون من أجمل الليالى».•