سلسلة جديدة من الاحتكارات تعرفها اللحوم الحمراء بمختلف أنواعها.. بلدية أو مجمدة أو ماشية مستوردة.. جميعها حكر على عدد قليل من التجار ورجال الأعمال.. وليت الأسعار فقط هى الوحش الذى ينهش جيوب الفقراء.. بل وصل الرهان إلى التلاعب بصحتهم حتى بعد التآمر على دخول لحوم غير صالحة ولحوم حمير إلى الشعب فى وقت من الأوقات. قصة مصر مع اللحوم لا تنتهى.. فأغلب الشعب ممن أصبحوا تحت خط الفقر تحولوا إلى مواطنين نباتيين رغما عنهم بسبب ضيق ذات اليد وعدم قدرتهم على الوقوف أمام الجزار وطلب كيلو من اللحم قد ينسف ميزانيتهم المحدودة. وبات السر الذى يعرفه التجار أن أسعار اللحوم ستقفز مرة أخرى كلما اقتربنا من شهر رمضان، ومع الزيادة المتوقعة فى الأسعار مع بداية شهر يوليو، فإن البروتين الحيوانى لم يصمد كثيرا وسيرتفع سعره. ويتراوح كيلو اللحم البلدى بين 65 جنيهًا و100 جنيه حسب المنطقة، أما اللحوم المستوردة فحسب بلد المنشأ وما إذا كانت الماشية قد جرى ذبحها فى الخارج أم فى الداخل. • أرقام صادمة فى تقرير صادر من الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء جاء فيه أن متوسط نصيب الفرد من اللحوم الحمراء أصبح 14.8 كيلو جرام سنويا فى 2009، وسرعان ما تراجع فى 2010 إلى 10.4 واستمر على هذه النسبة فى 2011، أما عام 2012 فتراجع بشدة إلى 7.4 كيلو جرام سنويا! ووفقا لذات التقرير فى عام 2013، فإن المجازر قامت بذبح 132406 ذبائح مستوردة من الخارج فيما كان الإنتاج المحلى مليونا و488 ألف ذبيحة محلية، أما بقية الاحتياجات فجرى استيرادها مجمدة من الخارج، وهذا الرقم لا يشمل الأبقار، بل يضم الماعز والجمال والخراف وغيرها من مصادر اللحوم الحمراء. • صراع علنى أباطرة اللحوم فى مصر معروفون بالاسم فهناك رجل أعمال أردنى - هناك شكوك بانتمائه لحركة حماس - يقوم باستيراد العجول وضخ لحومها فى السوق المصرية، ورغم أن الاستيراد محظور بالنسبة للأجانب، ولكن لا أحد يعلم من الذى يستورد باسمه.. وأدى صراع اللحوم فى عهد جماعة الإخوان إلى الهبوط بسعر الكيلو إلى 23 جنيها وذلك لسببين، الأول هو ضرب إحدى الشركات التابعة لإحدى كبرى مجموعات الاستثمار المالى فى مصر وإفلاسها، وهو ما حدث بالفعل، والثانى هو المشاركة فى الدعاية الرامية إلى دعم الإخوان فى الشارع. هذا بالنسبة للحوم المستوردة.. أما اللحوم المجمدة.. فلها رجالها الذين يسيطرون على الأسواق، وقد كشفهم الباحث الاقتصادى حسن هيكل عام 2010 فى دراسة بالاسم، الذى أكد ل«صباح الخير» أن الخريطة لم تتغير كثيرا وكانت القائمة تضم كلا من محمد مؤمن ومحمد فرج عامر ومحمد رجب ومجموعة النجار وشركة صلاح وعبدالفتاح ورامى الرفاعى وسلفر رومانى وسمير ونادر سويلم ومحمد طه ومحمد جابر ونعيم ناصر وسامى شاهين وسيد شلبى وعاطف بسيونى وغيرهم.. ولا تستبعد نشوب صراعات كبيرة على سوق اللحوم. أما اللحوم البلدية فهى الأخرى لديها من يفرض سيطرته عليها، ومن خلال حديث «صباح الخير» مع وزير تموين سابق أكد أن هناك عشر عائلات معروفة بالاسم انتقلوا من مجزر السيدة إلى البساتين ويتحكمون فى الأسعار. • تحدى الدولة أكد الباحث حسن هيكل أن المصريين أكلوا لحوم الحمير، وذلك مثبت فى الأوراق الرسمية بعد فضيحة ظهرت فى 2010، حيث أكدت سفارة مصر فى باراجواى أن قضية مثارة هناك بشأن تصدير لحوم الحمير إلى مصر، ولم يعرف أحد من الذى استوردها وكيف دخلت إلى الأسواق وجرى بيعها وسط غياب من الرقابة؟! وأضاف هيكل أن الحرب كانت مستمرة ضد الحكومة ذاتها بعد إصرار الوزيرة فايزة أبو النجا على استيراد لحوم من إثيوبيا ورفض عدد من المحتكرين تلك الصفقة وعلموا بتفاصيلها وأنهوا الاتفاق مع الموردين بمبلغ أعلى، فى الوقت الذى أثيرت فيه الشائعات حول بعض شحنات اللحوم بأنها مريضة ومصابة بالفطريات رغم أنها غير صحيحة. وأوضح هيكل أن لبنان على سبيل المثال أصدر قرارًا بمنع دخول اللحوم الواردة من مجزرى عمرون والكبير فى الهند بسبب إصابتها بالأوبئة والأمراض رغم أنهما ظلا يوردان اللحوم إلى مصر دون أدنى مشاكل حتى وقت قريب، خاصة أنه من المعروف عالميا أن الهند تعتبر من الدول الأقل درجة ورتبة من دول كثيرة فى الرقابة على جودة اللحوم، لذا فإن أسعارها متدنية للغاية بالمقارنة باللحوم البرازيلية على سبيل المثال. وتابع هيكل أنه يجب تشديد الرقابة على الغذاء واللحوم، وفى بعض الأحيان تعلن معامل وزارة الزراعة أن بعض اللحوم مصابة بالأمراض فيتظلم المستورد، ويلجأ إلى وزارة الصحة التى تكتفى بالكشف الظاهرى فقط دون فحص مخبرى ويحصل على الموافقة على دخول الشحنة، لذا يجب توفير هيئة واحدة تكون مختصة بالغذاء منعا للتلاعب. • الأمن الغذائى اعتبر هيثم عبد الباسط، نائب رئيس شعبة الجزارين باتحاد الغرف التجارية، أن الأمن الغذائى المصرى «رايح فى ستين داهية» - على حد وصفه - بسبب غياب الرؤية خاصة أن المؤتمر الاقتصادى لم يشر من قريب أو بعيد إلى غذاء المواطن وصحته. وأضاف عبد الباسط أن سعر كيلو اللحمة الحية يصل إلى 31 جنيها، وبعد ذبحها تصل إلى 53 جنيها، وبعد هذا الرقم يحصل الجزار على ربحه وعليه أن يدفع الضرائب والخدمات ويحصل على مكاسب كى يستمر فى عمله خاصة أن الحيوان المصرى لا يحتوى على الكثير من اللحم. وتطرق عبدالباسط إلى ضرورة إقحام العلم فى تربية الماشية وتوافر وسائل مناسبة للزراعة لتخفف من سعر الأعلاف وتقلل من تكلفة الإنتاج حتى تهدأ الأسعار بعد ذلك.. وحتى لو اتجهنا لتطبيق الأساليب الأوروبية ونقل خبراتها إلينا. أما محمد وهبة رئيس شعبة القصابين باتحاد الغرف التجارية فيرجع ارتفاع أسعار اللحوم المستوردة إلى الزيادة فى سعر الدولار، وهو ما تسبب فى رفع الأسعار على المستهلكين على اعتبار أن السلعة شأنها شأن السلع الأخرى. • سلوكيات سيئة وأكد الدكتور عبد الخالق الشيخ أستاذ الطب البيطرى بجامعة الزقازيق أن ارتفاع أسعار اللحوم بشكل مبالغ فيه يرجع بنسبة كبيرة إلى عدد من التجار الكبار فى مصر. وأضاف عبد الخالق: إن انتشار الأمراض بين الماشية تسبب فى ارتفاع الأسعار نتيجة قلة المعروض من الحيوانات.. كما أن ذبح صغار الماشية تسبب فى فقدان الثروة الحيوانية للكثير من قيمتها، كما أن ذبح إناث الماشية خاصة فى الأعياد يزيد من تفاقم المشكلة التى تعيشها مصر.•