فتح الارتفاع الجنوني وغير المبرر لأسعار اللحوم المستوردة والبلدية العديد من التساؤلات حول وجود احتكار لبعض المستوردين وكبار المربيين للماشية وبعض كبار التجار، وتبادل التجار والمستوردون الاتهامات، وكل دافع عن وجهة نظره. وبينما اتهم القصابون "الجزارون"، كبار منتجي ومستوردي اللحوم-يتراوح عددهم حوالي 15 مستورداً- باحتكار الأسواق، وبأنهم يقفون بشدة أمام دخول الأبقار الحية إلي مجزري البساتين والمنيب، الأمر الذي يسهم بشكل في ارتفاع الأسعار، وشح المعروض من اللحوم، فضلا عن استيرادهم للحوم الفاسدة؛ نفي المستوردون تلك التهم جملةً وتفصيلاً، مؤكدين في الوقت نفسه أنه لولا وجود الاستيراد لارتفعت أسعار اللحوم بنسب هائلة، وعزوا الارتفاع إلي الزيادات العالمية، فضلاً عن وجود عجز في الثروة الحيوانية، فيما يواصل جهاز حماية المنافسة ومنع الاحتكار دراسة ملف اللحوم، بعد تبرئته الأخيرة منذ العام الماضي للمستوردين.
الاستيراد مفتوح للجميع وأكد نائب رئيس شعبة اللحوم والدواجن والأسماك بغرفة الصناعات الغذائية وأحد كبار المستوردين محمد مؤمن أن ما يثار حول وجود ممارسات احتكارية في سوق استيراد اللحوم المجمدة واقتصار 15 تاجراً على استيراد اللحوم من الخارج غير صحيح جملة وتفصيلا، مشيراً إلى أن الهيئة العامة للخدمات البيطرية والهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات لديها إحصائيات بعدد مستوردي اللحوم والدول التي يستوردون منها. وأضاف أن جهاز منع الممارسات الاحتكارية العام الماضي أثبت عدم وجود أي ممارسات احتكارية في استيراد وتصنيع اللحوم، موضحاً أن كل شخص لديه بطاقة استيرادية (ترخيص استيراد) يستطيع الاستيراد من الخارج. ودلل علي ذلك باتجاه عدد كبير من مستوردي أجهزة الحاسب الآلي إلى استيراد الدواجن أثناء ارتفاع أسعارها بالأسواق في الفترات الماضية. وقال مؤمن: إن المشكلة تكمن في الدول التى يستطيع المستورد التعامل معها وكيفية التعامل ومعرفته ودرايته الكاملة بطرق تخزين اللحوم المجمدة وبيعها، وكيفية السيطرة على مراحل الاستيراد والتوزيع والبيع. موضحاً أن كل مستورد يحصل على موافقة الهيئة العامة للخدمات البيطرية قبل الاستيراد. إشراف حكومي كما أن الدولة تشرف على جميع عمليات الذبح للحوم المصدرة لمصر في تلك الدول من خلال وجود شهادة ذبح إسلامي معتمدة من المركز الإسلامي وموثقة من السفارة في تلك الدول التى نستورد منها، وبدون هذه الشهادة لا يتم قبول الشحنة في الحدود، والكلام مازال لمؤمن. الذي نفي بشدة ما يثار عن دخول شحنات لحوم فاسدة من الجمارك دون فحص، موضحاً أنها تتهم المصدر والمستورد والجهات الرقابية فى هذه الدول، وكل الجهات المصرية ممثلة في وزارة الصحة ووزارة الزراعة ووزارة التجارة والصناعة والهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات. قائلاً: إنه إذا كانت "مصر" فاسدة فلا يعقل أن تكون فاسدة بجميع أجهزتها، أو أن تكون جميع الدول المصدرة لنا بجميع أجهزتها فاسدة أيضاً، مشيراً أن الجهات الرقابية المصرية تمتلك المهارات والتقنية في معرفة سن الأبقار وكونها مريضة فضلاً عن معرفة نوع الأعلاف التى تتناولها الأبقار إلا أنه رغم ذلك َتَعبُر شحنات أبقار كبيرة في السن. قائمة محددة وحول ارتفاع أسعار اللحوم أوضح محمد مؤمن أن اللحوم مثلها مثل غيرها من باقي السلع كالذهب والبترول لها بورصة عالمية تحدد أسعارها وفقا لآلية العرض والطلب. وأشار إلى أن مصر لديها قائمة محددة بأسماء الدول التى تستورد منها وحددت طبقاً لطرق الذبح الإسلامية؛ فضلاً عن أن كل دولة لها تخصص أو نقطة تميز عن الأخري، فمثلاً الهند معظم لحومها جاموسي، في حين أن أستراليا ونيوزلندا متخصصة في لحم الضأن والبتلو، وأمريكا اللاتينية متخصصة في لحوم الأبقار. وأشار إلي أن مصر ضاعفت صادرات اللحوم المجمدة من أستراليا ونيوزلندا والهند وأمريكا اللاتينية والبرازيل والأرجنتين، بعدما تراجعت عن استيراد كميات ضخمة من أوروبا بعد الأمراض التى أصابت الأبقار. وأوضح أن مصر تواجه مشكلة في استيراد لحوم وأبقار حية من بعض الدول مثل أستراليا التى ترفض تصدير أبقار حية وأغنام لمصر، لأنهم يتهمون مصر بأنها تتعامل مع الماشية بما لا يتماشى مع مبادئ الرفق بالحيوان، فضلا أن المجازر لدينا غير مؤهلة للتعامل مع الماشية من حيث الطاقة الاستيعابية بها وتوافر الأجهزة الطبية الكاملة للفحص، فى حين نستورد اللحم أو الأبقار الحية من أثيوبيا الصومال والسودان وأستراليا. وأشار أن هذه اللحوم تذبح بمجزري العين السخنة وسفاجا وتأخذ الختم البنفسجي منعاً للاختلاط بين اللحوم البلدية التى تختم بالأختام الحمراء. سيطرة المنتجين من جانبها شددت رئيس جمعية حماية المستهلك د. سعاد الديب على ضرورة حساب التكلفة الاقتصادية للحوم فى مصر مشيرة إلى أن المتحكم بها هم كبار المربين للثروة الحيوانية فى مصر، حيث يقومون برفع الأسعار للجزارين يومياً معلنين من يرفض الأسعار لا يشترى. وأضافت أن رفع الأسعار فى السوق ترجع إلى حلقة البيع والشراء ابتداء من المربيين ثم كبار التجار ومنهم إلى الجزارين ومحلات التجزئة. وفي المقابل قال عضو شعبة القصابين "الجزارين" بغرفة القاهرة التجارية محمد شرف: تسيطر مافيا كبيرة مكونة من المربيين والمستوردين علي سوق اللحوم وتقوم برفع الأسعار حسب أمزجتهم، موضحاً أن المنتجين يسيطرون علي الأسواق عن طريق البيع لأنفسهم من خلال العاملين لديهم، وضرب مثلاً علي ذلك أن بعض المنتجين الذين يمتلكون مزارع كبيرة تصل سعتها 3 آلاف عجل فما أكثر يقومون بالبيع لأنفسهم أو الشراء من الغير بسعر مرتفع، ويخسرون بضعة ألاف مقابل مكاسب مهولة يحققونها بعد رفع السعر. وأضاف أن المنتجين رفعوا سعر الكيلو الصاحي إلي 28 جنيهاً بعد أن كان يباع ب22 جنيهاً، وبذلك يصل للمجزر ب48 جنيهاً بعد "التشفية" ليباع للمستهلك النهائي ب65 جنيهاً للكيلو. لحوم فاسدة وعن اللحوم المستوردة قال: إن معظمها يأتي فاسداً وغير صالح للاستهلاك الآدمي، والمواطن البسيط ليس لديه القدرة علي التفرقة بين السليم والفاسد. موضحاً أن مجزر العين السخنة خدمة للمحتكرين، وأن المستوردين رفعوا سعر الكيلو من 22 إلي 32 جنيهاً علي أن يباع في الشوادر ب38 جنيهاً ويباع لدي الجزارين بسعر 48 و50 جنيهاً رغم عدم ارتفاع سعر الدولار واليورو. وهناك بعض الجزارين يتعاملون مع المستوردين ويأخذون اللحوم المستوردة ويبيعونها علي أنها لحوم بلدية مثل التاجر "م.ج" بالمنيب و "ع.ح" بالقلعة. وأضاف "أن كل تاجر أو رجل أعمال متخصص ومحتكر الاستيراد من دولة معينة يصبح اسمه مقترنا بلحوم تلك الدولة، فمنهم من يفضل استيراد اللحوم الحية ومنهم يفضل المجمدة لتكون سهل التلاعب فيها، خاصة أن الكثير من المستوردين يلجئون إلي شراء بقايا لحوم المجازر في تلك الدول وهي غير صالحة للاستهلاك الآدمي ويتم وضع بيانات "مضروبة" عليها، وتأتي لمصر وتباع لثلاث جهات مختلفة إما للفنادق والمطاعم الكبرى التي تقدمها للزبائن علي أنها طازجة أو بيعها إلي محلات الجزارة وتباع علي إنها بلدية، إما يتم بيعها إلي مصانع تصنيع منتجات اللحوم مثل "اللانشون والبسطرمة والبورجر" وغيرها وفي كل الحالات يحقق المستورد أرباحا بالغة وخرافية، واغلب الأطباء الذين يسافرون إلي دول المنشأ يكونون غير مؤهلين، وتكون مهمتهم فقط التنزه و"الفسحة"، حسب ما جاء علي لسان شرف. مخالفات بالجملة ويقول الخبير الاقتصادي الدكتور حسن هيكل في دراسته حديثة عن أزمة اللحوم إن مصر تستورد كميات كبيرة من اللحوم من دول مختلفة وتقدر الكميات التي تستوردها ب250 ألف طن لحوم مجمدة و200 ألف رأس أبقار حية. وأشار إلي أن أهم مخالفات الشركات المستوردة تتمثل في مخالفه المواصفات كالإصابة بديدان الساركوسيست أو السالمونيلا ووفقا لتقرير الهيئة العامة للرقابة علي الصادرات والواردات فإن المخالفات باستيراد منتجات محظور استيرادها ضمن رسالة تحوي لحوم مصرح باستيرادها، وأنه تم ضبط أحد المستوردين حاول إدخال حاوية من لحوم التريمنج أو الفلانكت وذلك لبيعها لمصنعي اللانشون والسجق وغيرها من مصنعات اللحوم. وأضاف أن بعض المستوردين يستوردون اللحوم الممنوعة دوليا "نفايات أوروبا وأمريكا اللاتينية، والهند، وإفريقيا"، وبيعوها في الأسواق المصرية. وأشار إلي أن مصر تستورد سنويًا نحو 250 ألف طن لحوم مجمدة و200 ألف رأس أبقار حية، وأن هناك نحو 15 مستوردًا للحوم فقط في مصر، ويشكلون 90% من سوق استيراد اللحوم حسب الإحصاءات والأرقام الصادرة عن رابطة مستوردي اللحوم والدواجن. واستطرد: أحيانا يتفق المستورد مع أصحاب المراعي الرخيصة والمصابة في الدولة المصدرة، ويذبحها داخل أسوأ المجازر وأرخصها بالنسبة للحوم المجمدة، أما اللحوم الحية فيتم استيرادها ودخولها البلاد بشهادات "مضروبة" وكل ذلك بالاتفاق مع اللجنة الطبية في دولة المنشأ ويحدث أيضا اللجان بالعين السخنة. وعند التفتيش بالجمارك والفحص يكون هناك عدة كراتين بها لحوم بقري كعينة يتم فحصها واعتمادها وباقي الكراتين غير سليمة وأحيانا تكون تلك اللحوم المجمدة عبارة عن مخزون منتهي الصلاحية ومصيرها الإعدام. تحذير ومن جهته حذر رئيس جهاز سلامة الغذاء الدكتور حسين منصور من إغراق السوق باللحوم المستوردة لأنها تؤثر سلبا على مشاريع التربية والتسمين المحلية التي يجب تشجيعها من أجل سد العجز في الإنتاج. وأوضح أن ما يتم ذبحة خارج المجازر يمثل نسبة 60 % من اللحوم وهى إما فاسدة أو إناث محرم ذبحها بموجب القانون. وطالب منصور بإلغاء البعثات الفنية التي تسافر من أجل فحص اللحوم المستوردة في بلد المنشأ لأن ثلاثة أرباع النفقات يذهب إلى الفنادق وتذاكر الطائرات ويجب إعادة استخدام هذه الأموال المهدرة في الخارج في رفع مرتبات البيطريين في مصر ليصل راتب كل بيطري ل 1000 جنيها كحد أدنى، وذلك من خلال صندوق يخصص لهذا الغرض والاكتفاء بفحص اللحوم المستوردة داخل مصر، موضحاً أن هذه اللجان تكلف 170 مليون جنيه سنوياً يتحملها المستهلك لأن المستورد يحملها علي السلعة النهائية. وكشف رئيس جهاز سلامة الغذاء أنه لا يوجد لدينا أي معامل في مصر لديها الإمكانية لفحص اللحوم في السوق، مشيرا إلى أنة قد تم الإعلان مسبقا عن تصدير مصر ل 70 ألف طن جلود حمير ولا احد يدري حتى الآن أين ذهبت لحومها. الحلول وعن الحلول لازمة ارتفاع أسعار اللحوم طالب محمد شرف وزارة الزراعة باستيراد اللحوم بنفسها، بدلا من الاستعانة بالقطاع الخاص الذي يتحكم في السعر ويقوم برفعه باستمرار، كما طالبها بتخصيص 10 ملايين جنيه لشراء عجول حية من السودان من خلال شعبة القصابين، الأمر الذي سيخفض أسعار اللحوم البلدية إلى 40 جنيها للكيلو، ويحد من جشع المستوردين وشدد عضو الشعبة على أن الأسعار لن تنخفض إلا من خلال منع ذبح البتلو وتسمينه حتى يصل إلى 450 كيلو، ودعم صغار المربيين من الفلاحين للاهتمام بالثروة الحيوانية. وطالب الخبير الاقتصادي حسن هيكل بضرورة تشديد الرقابة علي اللحوم المستوردة وشطب المجازر المخالفة ومنعها من التصدير لمصر، ومنع سفر لجان الفحص علي نفقه المستورد ومنع اتصالها به تماما من خلال استحداث نظام للفحص الدائم في بلدان المنشأ بالتعاون مع سفاراتنا بالخارج وملحقينا التجاريين وإنشاء قاعدة بيانات عن مخالفات المجازر في كل دولة لدى سفارتنا لتقييم المجزر قبل التعاقد معه. وإيقاف الشركات المخالفة للمواصفات ومنع التعامل معها نهائيا و سحب ترخيص الاستيراد وفرض تامين أو خطاب ضمان علي الرسائل يعادل 50% علي الأقل من قيمه الرسالة المستوردة وفقا للشروط و المواصفات المصرية بحيث يتم تسييل خطاب الضمان و مصادرته في حال المخالفة.