كتب : ماري يعقوب وفقا لتقارير وزارة الزراعة يوجد نحو20 تاجرا ورجل أعمال يحتكرون سوق اللحوم بمصر سواء المستوردة أو المجمدة أو الحية, والمحلية أيضا. وحسب نفس التقارير تبلغ كمية اللحوم المستوردة300 ألف طن سنويا معظمها من الهند والبرازيل, بالإضافة الي200 ألف رأس أبقار حية من السودان وجيبوتي وإثيوبيا.. تضم قائمة المستوردين أكثر من شركة كان قد تم إيقافها منذ شهور لمدة عام عن ممارسة نشاطها الاستيرادي بسبب شحنات معيبة, إما من بقايا لحوم أو غير مطابقة للمواصفات وكلها مجلوبة من الهند, الي جانب عدد من الشركات المملوكة لبعض رجال الأعمال تستورد قلوبا وكبدا وكلاوي.. كما تم إيقاف بعض الشركات الكبري التي تعمل في استيراد الماشية الحية لأنها سبق أن استوردت عددا كبيرا من الحيوانات المصابة بالأمراض كالسل والدودة الحلزونية والحمي القلاعية. الغريب أنه وفقا لما تؤكده بعض المصادر في هيئة الخدمات البيطرية أن أحد المسئولين بوزارة الزراعة يدخل كشريك أساسي مع رئيس رابطة منتجي ومربي الجاموس والذي يمتلك العديد من المزارع, كما كشفت المصادر أيضا أن تحالفهما يدخل حربا شرسة مع معظم الشركات المستوردة للحوم والحيوانات الحية من الخارج, خاصة الحيوانات الإثيوبية والسودانية المنخفضة الأسعار والتي تتسبب في كساد تجارتهما بالسوق المحلية, حيث نجحت حربهما في وضع اللحوم والماشية المستوردة موضع الشبهات بعد أن انتشرت ما يسمي اللحوم الفاسدة وغير الصالحة للاستهلاك الآدمي, بحسب مصادر وزارة الزراعة]. هل تستمر الأزمة وانعكاساتها علي السوق المحلية والمستهلك المصري, خاصة بعد إلغاء لجان الفحص؟! يجيب مهندس علاء رضوان رئيس رابطة مستوردي اللحوم.. بقوله بدأنا أخيرا التحرك في الطريق الصحيح خاصة بعد التسهيلات التي أعلنتها الحكومة, ومنها قرار البنك المركزي بالسماح للبنوك باستثناء عمليات استيراد اللحوم والدواجن بجميع أنواعها من الحد الأدني لنسبة الغطاء النقدي البالغ حاليا50% وترك الحرية للبنوك لتحديد نسبة الغطاء وبدون حد أدني, وذلك لمدة6 شهور اعتبارا من شهر اكتوبر حيث تأتي هذه الخطوة مكملة للتعليمات التي سبق وأصدرها البنك المركزي منذ عدة شهور بشأن تخفيض الحد الأدني للغطاء النقدي المقدم من التجار ليصبح50% بدلا من100% من قيمة الشحنة, وهذا أوجد مرونة أكبر للمستثمر وجعل الأسعار تنخفض في الأسواق بنسبة20% أو أكثر, أما القرار الثاني.. والذي قد تقدمت به شخصيا الي أمين أباظة وهي إلغاء لجان الإشراف والمتابعة علي المزارع المسموح لها بالتصدير الي مصر طالما أن الموقف الوبائي لهذه الدول في حدود المسموح به عالميا, كما أن هذه المزارع والمجازر كان قد تم زيارتها من قبل واعتمدت من اللجان, لذلك ليس من المجدي وجود لجان للفحص والمتابعة مع كل شحنة ومردود ذلك فتح استيراد اللحوم لجميع الشركات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة بعد أن كانت مقتصرة علي الشركات الكبيرة ذات المقدرة المالية لسفر هذه اللجان. كذلك لم يعد من الضروري ذبح الأبقار الحية المستوردة في المجازر المحلية بمصر لأنها محدودة المقدرة وتتاح الفرصة لذبحها في بلدانها حيث يتم وضعها في محاجز ذات اشراف حكومي وتذبح في مجازر قريبة من هذه المحاجر وهذا يعطي مرونة أكبر. ويضيف علاء رضوان انه لكي يعتدل سوق اللحوم في مصر لابد أن يطرح به مليون طن سنويا كنا نوفر منها500 ألف بالاستيراد ولكن للأسف هذا العام لم نحقق هذا الرقم بسبب انتشار الشائعات عن خلط اللحوم المجمدة بلحوم الخنازير والتشكيك بإصابتها بديدان الساركوسيست, وهذا الأمر أبعد المستثمرين وجعل كمية الوارد ينخفض وأدي الي الارتفاع الجنوني للأسعار. وردا علي إلغاء سفر لجان الفحص والمتابعة, انقسمت الآراء بينما يري البعض أن وجود هذه اللجان أمر مطلوب ومهم شرط أن تختار علي أساس علمي من أفراد متخصصين في اللحوم ومدربين علي الكشف عن الأمراض التي تصيب الحيوانات والتي يمكن أن تظهر في المواشي الحية ويفرق بينها وبين الأمراض التي تظهر في اللحوم بعد الذبح. ويؤيد هذه الفكرة د. عاطف راضي أحد المسئولين بوزارة الزراعة مضيفا أن اختيار هذه اللجان بشفافية وعلي الأساس العلمي سوف يبعد كل الشكوك التي تثار في الشارع المصري عن وجود شحنات بها اصابة أو غير صالحة للاستهلاك, كما أن فحص الشحنات سيمنع دخول أمراض كثيرة سواء عن طريق اللحوم المذبوحة أو عن طريق المواشي الحية, فمثلا جلب اللحوم بالغطاء خطأ كبير حيث إن العد البكتيري لهذه اللحوم كبير مما يعجل بفساد اللحوم نتيجة تكاثر البكتيريا.. ومثال ذلك أيضا عندما تحفظ فخذة بالعظم يتم وضع الثلج عليها.. ثم يقوم بعرضها معلقة في اليوم الثاني وهنا الفساد بعينه ولذلك فالمراقبة مطلوبة في هذه الحالات, رأي آخر يؤكد أن عمل اللجان مهم حيث إن بلدا مثل السودان موبوءة بإيدز الأبقار ولحومها صفراء الي جانب وجود31 وباء آخر. أما الإصابة بالساركوسيست فليست إشاعة وانما هي إصابة مؤكدة للحوم الهندية وهي تصيب الإنسان للأسف. وردا علي ذلك, يقول علاء رضوان.. هناك لجان للمعاينة فقط موجودة في بلاد الاستيراد للذبح علي الطريقة الاسلامية, كما أن سفر لجان الفحص والمراقبة ليست لها أي أهمية, ذلك أنه لدينا ثلاث جهات رقابية في الموانئ المصرية, منها معامل وزارة الصحة ومعامل وزارة الزراعة بالإضافة الي الرقابة علي الصادرات والواردات, وهذه الجهات دورها أخذ عينات من الشحنات وفحصها وتشكيل لجنة واحدة منهم يلغي رأي الجهتين الآخرين.. فكيف نتجاهل رأي هذه الجهات. وفي المقابل, يري الدكتور محسن صيام مدير المحاجر البيطرية بشرق الدلتا وسيناء, أن ما يقال من أن مصاريف اللجان تعد من أسباب ارتفاع أسعار اللحوم كلام فارغ حيث ان سبب جنون الأسعار هو جشع التجار والدليل هو منذ5 شهور فقط كان سعر كيلو اللحم القائم17.5 جنيه واليوم وصل22 جنيها للكيلو, ولذلك من يقول إن الأسعار انخفضت20% يغالط نفسه بدليل سعر اللحم القائم. ويضيف.. صحيح أن الحكومة فتحت باب الاستيراد علي مصراعيه من جميع بلدان العالم وهو يوفر نوعيات مختلفة علي كل المستويات ولكن إلغاء اللجان كان خطأ كبيرا لان هناك أمراضا لايمكن الكشف عنها بعد الذبح. كما أن المجموعة السنية للحيوان يجب أن تعرف.. الي جانب أنه من يدرينا أن كل المجازر بهذه الدول تذبح ذبحا شرعيا.. ولكن بالنسبة للحوم المجمدة فإنه.. طالما تم الكشف عليها قبل الذبح وبعده طبقا للبروتوكول أو دستور اللحوم فليس هناك خوف, أما الخوف من اللجان التي ترسل الي الهند هي أنه لا يتم اختيارها علي أساس صحيح, فليس كل طبيب بيطري مدربا أو متخصصا في فحص اللحوم والدليل علي ذلك دخول لحوم درجة ثانية مجلوبة من الهند, مصابة بديدان الساركوسيست, والسؤال كيف سمح لهذه اللحوم المضروبة بالدخول برغم وجود اللجان؟ برغم أن القانون10 لسنة1966 بشأن الرقابة علي الصادرات والواردات يقول إن حالة وجود اصابة تتعلق بالصحة العامة لا يجوز سحب عينة مكملة منها وترفض الشحنة نهائيا, ويتم اعدامها أو إعادة تصديرها, كما أقرت بهذا لجنة سلامة الغذاء, ولكن ما يحدث شئ آخر. ويضيف دكتور صيام, المفروض تطبيق القرار رقم1966 الصادر من وزير الزراعة سنة1979 الخاص بالاشراف الاجباري علي فحص الحيوانات واللحوم قبل استيرادها وعدم الامتثال لضغوط التجار ورجال الأعمال والمستوردين وحذر من استيراد الحيوانات الحية من الخارج خاصة من الدول التي وصفها بالموبوءة مثل أوروجواي وباراجواي وأن يتم الاستيراد للحوم مذبوحة وليست حيوانات حية تدخل مبردة من الدول الافريقية نظرا لقرب المسافة. وللمستوردين رأي, حيث يقول محمد سيد أحمد مستورد لحوم مجمدة, انه اوقف استيراد اللحوم من الهند لأنها لا تراعي الاشتراطات المصرية المطلوبة والتي تنص علي ألا يزيد عمر الجاموسة عن سنتين في حين أن جميع الجاموس الموجود هناك أكبر من ذلك, وهو ما لا يلاقي اقبال العديد من المستوردين الذين يبحثون عن فارق الأسعار وتحقيق ربح أكبر, حيث تباع الجاموسة ذات العمر الكبير هناك ل50 دولارا وهي لحوم تحتوي علي أمراض عديدة أقلها الساركوسيست.. ويضيف أنه بإلغاء لجان الفحص الطبي الي هذه البلدان سوف يفتح الباب علي مصراعيه لدخول النوعيات الرديئة والمصابة من اللحوم, كما أنه يترك الفرصة أيضا أمام المجازر لبيع لحوم غير موثوق في مصدرها.