في نفس هذا الموعد من كل عام، ومع موعد اقتراب حلول عيد الأضحي المبارك تشتعل أسواق اللحوم ويسارع التجار في رفع أسعارها الي اكثر من الضعف في بعض المناطق، لدرجة ان سعر الكيلو فى بعض المناطق تعدي 50 جنيها، وفي الوقت نفسه يتبادل المربون والمستوردون والجزارون الاتهامات عن سبب الارتفاع فى الأسعار، ليس هذا فحسب بل إن هناك حربا شرسة أقامها مستوردو اللحوم من أمريكا الجنوبية " الأرجنتين والبرازيل" على اللحوم المستوردة من إثيوبيا والسودان للحفاظ على مكاسبهم، ومنع دخول منافسين جدد للاسواق، خاصة وأن اللحوم الأثيوبية من المنتظر أن تدخل مصر بأسعار أقل من نظيرتها المستوردة من أمريكا الجنوبية . وأكد المستوردون أن تلك الارتفاعات جاءت نتيجة ارتفاع الأسعار العالمية ومن جهة أخري اتهم أصحاب محلات الجزارة مربي المواشى بأن إحجامهم عن ذبح المواشى بكميات كبيرة أدى إلى نقص المعروض، ومن ثم تم زيادة الاسعار ، مما عرضهم لخسائر كبيرة وصلت إلى غلق بعض المحلات، وتغيير نشاطها بالكامل. يقول محمد النجار عضو مجلس إدارة اتحاد الغرف التجارية وأحد كبار مستوردى اللحوم: إن ارتفاع الأسعار مع قرب حلول عيد الأضحي نتيجة متوقعة لزيادة الطلب وانخفاض حجم الانتاج المحلي من اللحوم نتيجة ضعف العائد منها واتجاه معظم المنتجين إلي الاستيراد من الخارج لتحقيق أرباح مرتفعة بمجهود أقل. وأضاف النجار: أن الاسعار العالمية للحوم ارتفعت بشكل جنوني خلال الشهر الماضي بمقدار 2000 جنيه للطن نتيجة دخول دول الاتحاد السوفيتي وأمريكا الشمالية للشراء من الأسواق البرازيلية والهندية بكميات ضخمة مما أدي إلي ارتفاع وتقلبات الأسعار في هذه البلدان. ونوة إلى أن أسعار اللحوم البرازيلية المستوردة ارتفعت من 16 الي 18 جنيهاً واللحوم الهندية من 15 جنيهاً إلي 17 جنيهاً مشيراً إلي أن المستهلك لم يستوعب هذه الزيادة وأنه مع اقتراب عيد الاضحي سيضطر لقبولها، خاصة مع ارتفاع اسعار اللحوم البلدية متأثرة بالاسعار العالمية. وأرجع صلاح الكومى رئيس جمعية الثروة الحيوانية بالبحيرة السبب وراء جنون الأسعار الحالي إلى قيام المربين بذبح الإناث بما فيها الأنواع المخصبة، مما أدي إلي انخفاض واضح في حجم الثروة الحيوانية. واتهم الموردين بالإحجام عن بيع ما لديهم استعدادا لزيادة أخري في الأسعار في عيد الأضحي، مما تسبب في قلة المعروض في السوق. وأوضح الكومي: أن سعر الذرة 1270 جنيها للطن، والردة لا يتجاور 1100 جنيه، ومع ذلك ارتفعت أسعار اللحوم بشكل عشوائي، فتكلفة كيلو اللحم الحي لا تتجاوز 14 جنيها، ولكن انخفاض المعروض رفع السعر إلي 20 جنيها، والجزار في الأرياف يبيع اللحوم بسعر 45 جنيها بدلا من 40 جنيها، وكيلو اللحم قائم سجل 20 جنيها والجاموسي 18 جنيها؛ لافتا الى ان هناك توقعات بزيادة أخري بسبب قلة المعروض. ويري الكومى أن الحل يكمن في زيادة دور الدولة لضبط السوق من خلال دعم أسعار الأعلاف وتثبيتها، مشيرا إلي أن المربي سبق له أن اشتري كيلو الذرة بسعر 2400 جنيه بدلا من 1100 والردة بسعر 1600 بدلا من 800 جنيه. وأكد الكومي أن قيام الحكومة باستيراد لحوم حية من أثيوبيا ليس حلا؛ لأن جميع الدول الإفريقية موبوءة بالأمراض الحيوانية، وحذر من ارتفاع كيلو اللحم علي عيد الأضحي إلي 60 جنيها إذا لم يتوافر اللحم الكندوز بسعر مناسب، ولفت الى ان المجمعات الاستهلاكية في مصر تعانى نقصاً شديداً في لحوم الكندوز لديها بسبب قلة المعروض، إثر رفض الموردين البيع بأسعار مخفضة لشركة اللحوم، في الوقت الذي استغل فيه الجزارون الموقف وقاموا برفع أسعار الكندوز 5 جنيهات ليصل الى 48 جنيها للكيلو، وسط توقعات بزيادة أخري مع اقتراب عيد الاضحى المبارك. واوضح شفيق بغدادي، وكيل اتحاد الصناعات المصرية ، عضو غرفة الصناعات الغذائية ، أحد مستوردى اللحوم: أن مصر تستورد 150 ألف طن سنويا من اللحوم معظمها من الأجزاء الأمامية للأبقار ذات السعر الأقل، وهي تمثل جزءًا كبيرا من احتياجات الاستهلاك المحلي، خاصة لمحدودي الدخل، ويشمل ذلك بصفة أساسية اللحوم الهندية ، وتمثل ثلثي اللحوم المستوردة وقد ارتفع سعر بيعها جملة خلال الأيام الماضية من15 إلي 17 جنيها, مشيرا إلى أنه يتم بيعها للمواطن في نفس الوقت من17 إلي19 جنيه. وأشار بغدادى: إلى ان سعر اللحوم البقري البرازيلية والتى تمثل ثلث احتياجات الاستهلاك المحلي من اللحوم المستوردة شهد ارتفاعا ليصل سعر الكيلو للجملة من17 إلي19.5 جنيها, وسعر البيع للمستهلك من19.5 إلي22 جنيها. وتأتي تلك الزيادة كاستجابة سريعة من السوق المحلية لارتفاع الأسعار العالمية برغم أنه لم يتم حتي الآن استيراد أي كميات من اللحوم المستوردة بالأسعار الجديدة المرتفعة، وأن الموجود في السوق هي كميات من اللحوم المستوردة طبقا للاسعار السابقة المنخفضة . واضاف بغدادى : بالنسبة للمصانع فإن اسعار منتجاتها من اللحوم المصنعة لم ترتفع حتي الآن ومازالت كما هي ويشمل ذلك اللحوم المفرومة و"الهامبورجر" و"البسطرمة" و"السجق "و"اللانشون" واللحوم المبردة المصنعة محليا، مما يؤكد حرص المصانع علي عدم زيادة أسعارها مادامت تصنع هذه المنتجات من مخزون اللحوم الموجود لديها والتي اشترته قبل الزيادة السعرية في اللحوم المستوردة. وأوضح وكيل اتحاد الصناعات : أن المؤشرات توضح أنه في حالة استمرار ارتفاع الأسعار العالمية للحوم المستوردة فإن ذلك سينعكس علي السوق المحلية في تحقيق زيادة مماثلة خاصة بعد بدء استيراد اللحوم المستوردة بأسعارها الجديدة، لافتا إلي أن المصانع المصرية المنتجة للحوم المصنعة بأنواعها حريصة تماما علي سمعتها، وبالتالي فمن الصعب جدا أن يخاطر أي مصنع ويدخل أي مكونات أو أجزاء من لحوم الخنازير في عمليات تصنيع منتجاته خاصة أن هذه المصانع تخضع لرقابة من الجهات المختصة. وقال بغدادى : إن هناك عددا محدودا جدا من المصانع الأخري المتخصصة في تصنيع منتجات تستخدم لحوم الخنازير لتوزيعها علي الجهات التي تستخدم تلك المنتجات, وهي معروفة بذلك وتتعامل في هذا المجال منذ زمن. أما بالنسبة للحوم المتداولة في الأسواق فإنه من المهم أن يتعامل المواطنون مع متاجر مرخصة ومعروفة بتداول اللحوم المحلية المذبوحة في المجازر، والتي تحمل أختاما بذلك. كما يجب علي المواطنين الراغبين في مزيد من التحوط أن يطلبوا مشاهدة عمليات تشفية اللحوم وتقطيعها قبل شرائها ، فأجزاء جسم الخنازير تختلف في أبعادها وحجمها بصورة كبيرة عن أجزاء وأبعاد حيوانات الماشية الأخرى كالجاموس والأبقار. وبالتالي يمكن التفرقة بين هذه النوعيات من خلال تلك الطريقة وأكد بغدادى أن اللحوم المستوردة المطروحة بالأسواق حققت أسعارها زيادة قدرها 12% خلال الفترة القريبة الماضية، وذلك نتيجة لزيادة الأسعار العالمية للحوم بنسبة 15% علي الأقل بعد تراجع الطلب العالمي علي لحوم الخنازير، وزيادته علي اللحوم من النوعيات الأخري كالبقري والجاموسي، متوقعا أن تستمر الزيادة فى أسعارها خلال عيد الاضحى. ومن جانبة أكد محمد وهبة رئيس شعبة القصابين بغرفة القاهرة التجارية: أن سوق اللحوم فى حالة ركود شديد ولا يوجد إقبال من المستهلكيين على الشراء ، وان ارتفاع الاسعار يرجع الى قلة المعروض ، نتيجة انخفاض الاستهلاك وان الجزار يحاول كسب بعض الارباح من عملية بيع بسيطة. واضاف وهبة : ان المشكلة الحقيقية ان اسعار اللحوم المستوردة فى ارتفاع مستمر، بحجة ارتفاع الاسعار عالميا ، وبالتالى لا يوجد فرق بين اسعار اللحوم البلدى، ونظيراتها المستوردة ، فضلا عن ضعف القوى الشرائية فى الوقت الحالى ، مشيرا الى انه يجب على المستوردين تنوع المصادر الاستيرادية من الدول كالاتجاة الى دول افريقيا ، خاصة ان الزيارة الناجحة التى أجراها وزيرا التعاون الدولى والزراعة إلى أثيوبيا الأسبوع قبل الماضى لتنشيط مجالات الاستثمار المشتركة عملت على تذليل الصعوبات، التى كانت تواجه المستثمرين هناك، حيث تم الاتفاق لأول مرة مع مجموعة من البنوك المصرية، وهى "الأهلى" و"مصر" و"بنك تنمية الصادرات" على مساندة القطاع الخاص فى تمويل عمليات استيراد اللحوم. مشيرا الي ان اسعار الخراف والعجول زادت بنسبة 20 % من قبل مربى المواشى، وهذا ادى الى الزيادات فى اسعار اللحوم بالسوق المحلى ، موضحا ان هناك بعض الشركات المستوردة ستبدأ باستيراده كميات من اللحوم الافريقية ، التى ستدخل من ميناء السويس، وسيتم بيعها فى شوادر يقيمها القطاع الخاص، كما رفض وهبة الإفصاح عن سعر بيعها حالياً، مكتفياً بقوله إنها لن تزيد على 24 جنيهاً للكيلو وانه لا يوجد تخوف من اصابة تلك اللحوم بالامراض خاصة أن دولاً عديدة اتجهت إلى فك الحظر المفروض على استيراد اللحوم المذبوحة من إثيوبيا من بينها مصر، مطالباً باستمرار الحظر على الأبقار الحية منعاً لانتقال أى أمراض للقطيع المصرى، وأضاف أن السودان وإثيوبيا تمتلكان ثروة حيوانية ضخمة، تستطيع أن تفى باحتياجات المواطن المصرى بأسعار أرخص من أماكن أخرى. فيما اكد د. حامد سماحة -رئيس الهيئة العامة للخدمات البيطرية بوزارة الزراعة: ان الوزارة اتخذت عدة اجراءات بجميع المجازر والتى تبلغ عددها 478 مجزرا لتلبية احتياجات المواطنيين ، ومن تلك الاجراءات زيادة عدد الاطباء البيطريين العاملين بالمجازر، علاوة على إصدار موافقات استيرادية لتغطية احتياجات السوق خلال فترة العيد. واضاف سماحة: أنه تم الموافقة على استيراد 12 الف و237 طن لحوم بقرية مشفاة ومجمدة ، بالاضافة 1069طن لحم ضانى مجمد بالعظم، و21 ألف و525طن كبد وكلاوى وقلوب بقرية مجمدة من دول الهند والبرازيل وبارجوى ونيزيلاندا واستراليا وامريكا ، فضلا عن الموافقة على استيراد 7 الاف و868 راس عجول بقرى ذكور للذبح الفوري من أوراجوى ، و20 الف و300راس جمال ذكور حية من جيبوتى واثيوبيا .