رغم انخفاض سعر الأعلاف بنسبة 04٪ فإن سوق اللحوم البلدية مستمرة في موجة الغلاء.. حيث وصل كيلو الكندوز الي أسعار فلكية وقد أدت عدة أسباب الي مساعدة الجزارين علي الاستعداد لاستقبال شهر رمضان بالجشع والطمع!.. أهمها اختفاء شوادر البيع التي كانت تعرض اللحوم بسعر 72 جنيها للكيلو.. وعدم طرح اللحوم المستوردة بكميات تكفي لاحداث التوازن المطلوب في السوق.. ثم الارتفاع الأخير في أسعار الدواجن! الأخبار قامت بجولة في السوق، فماذا هناك؟ اختلاف الاسعار وعدم تطابقها من منطقة الي اخري دليل قوي علي ان كل محل جزارة تحول الي امبراطورية منفصلة ، وان الجزار هو الامبراطور الذي يحكمها ، وهو الذي يضع قوانينها كيفما شاء ، والقوانين داخل هذه الامبراطورية متغيرة غير ثابتة ،فعلي سبيل المثال نجد الاسعار في الأحياء الراقية أعلي منها في الأحياء الشعبية.. وفي المناسبات أعلي بكثير من الأيام العادية ففي منطقة مثل الزمالك نجد ان سعر الكيلو من اللحوم الكندوز وصل الي58جنيها ، اما كيلو اللحوم الضأن فوصل الي 60 جنيها، ، ولان الاسعار ليس لها سقف ثابت وتختلف باختلاف المناطق او الشوارع ، فنجد الاسعار السابقة مختلفة عن اسعار منطقة فيصل فكيلو اللحوم الكندوز ينخفض بمقدار جنيهين حيث يصل إلي 57جنيها في حين يصل الضأن 59 جنيها والبتلو بلغ سعره 87 جنيها . ورغم سلسلة الارتفاعات في اسعار اللحوم البلدية دون مبرر أو سبب واضح نجد الجزارين يدافعون عن انفسهم ويطلقون الحجج والاسباب التي تدفعهم الي الغلاء ، فيقول محمد سيد محمد - جزار - أن ارتفاع أسعارالرؤوس الحية الصغيرة وكذلك مبالغة التجار والمربين في الاسعار أدي إلي زيادة أسعار اللحوم، مشيرا إلي أن الأسعار ارتفعت هذا العام بمعدل 22 جنيها في الكيلو الكندوز حيث وصل سعره الي 58 جنيها للكيلو، مقابل 38 جنيها العام الماضي، والضأن الصغير60جنيها مقابل 35 جنيها العام الماضي، مؤكدا ان الاقبال ضعيف جدا علي شراء اللحوم البلدية مما ادي الي حدوث ركود في سوق اللحوم ، فالجزارون يخسرون يوميا لانهم يذبحون ويدفعون نفقات الذبح والنقل وغيره ولايبيعون. ويستكمل قائلا انه يخسر في العجل الواحد اكثر من 500 جنيه، كما ان الشوادر التي كانت موجودة بالجيزةوالقاهرة كان لها اثر سلبي كبير علي سوق اللحوم البلدية، فالجزارون مظلومون ، مؤكدا بأن كيلو اللحم يخرج للجزار من المجزر " ب42 جنيها للكيلو بالعظم والدهن ويصل سعر الكيلو بعد "التنظيف والتشفية" ب58 جنيها للكيلو، وبذلك يكسب في الكيلو 2 جنية فقط . ويتوقع محمود مصطفي - جزار - ان تشهد اسعار اللحوم قفزات اخري خلال ايام شهر رمضان وفترة العيد نظرا لقلة المعروض من اللحوم حيث لا توجد حاليا لحوم بتلو في الاسواق لاننا في فصل الصيف ، وهذه الفترة تكون العجول البتلو صغيرة جدا وفي مرحلة الرضاعة وتأخذ دورتها في التسمين بحيث تصبح قابلة وجاهزة للذبح خلال فصل الشتاء ، وبالطبع هذا الامر ادي الي تخفيض كميات اللحوم البتلو حاليا بالاسواق مما نتج عنه ارتفاع في اسعار اللحوم . ويكمل محمود انه بالرغم من انخفاض سعر مكونات الاعلاف بنسبة04٪ حيث انخفض طن الذرة من0081 جنية الي مابين0001 و0021جنية للطن وفول الصويا من0063 إلي0072 للطن فإن اسعار اللحوم تواصل الارتفاع، ويعود السبب الرئيسي في ذلك الي المربين فالجزارون يشترون الذبائح من المربين باسعار خيالية ، ولان المربي لا يظهر في الصورة فان الاتهامات يتم توجيهها الي الجزارين بأنهم سبب الغلاء بجشعهم وطمعهم ، فنحن نشتري كيلو اللحم الحي من المربين بالفيوم ب21 جنيها للكيلو الجاموسي، و23 جنيها لكيلو اللحم البقري، بالاضافة الي مصاريف الشحن والنقل والذبح "بالسلخانة" وايجار المحلات والضرائب وغيرها من المصاريف التي يتحملها الجزار بمفرده، فكم نبيع كيلو اللحم ومكسبنا لم يتجاوز جنيهين في الكيلو الواحد. ويضيف عثمان عبد الحميد جزار بمنطقة شبرا إن هناك تباينا شديدا في الأسعار بين التجار وبعضهم البعض وقد يصل سعر الكيلو الكندوز إلي 60 جنيها للكيلو في بعض المناطق وفي شبرا وصل الكيلو الي 55 جنيها، مضيفا إن الحكومة أغرقت الأسواق باللحوم المستوردة سواء بالمجمعات او في الشوادر التي اغرقت الاسواق في مختلف مناطق القاهرة الكبري مما أدي إلي ركود في سوق اللحوم البلدية، فالزبون الذي كان يشتري خمسة كيلوجرامات مثلا من هذه اللحوم خفضها إلي كيلو واحد ويستكمل احتياجاته من اللحوم المستوردة وهذه ظاهرة جديدة في سلوك هذا النوع من المستهلكين، وأن سوق اللحوم في حالة ركود شديد ولا يوجد إقبال من المستهلكين علي الشراء ، وان ارتفاع الاسعار يرجع نتيجة انخفاض الاستهلاك وان الجزار يحاول كسب بعض الارباح من عملية بيع بسيطة ! ويشير الحاج محمد الجزار صاحب محلات جزارة بمنطقة فيصل ان اسعار اللحوم زادت مؤخرا ووصل سعر كيلو الكندوز البلدي 06جنيها والجزار لايرفع السعر بل المربي هو الذي يتحكم ويحتكر. وفي محل جزارة بالدقي يؤكد نفس الكلام محمود عطا حيث يقول ان سعر كيلو اللحم الكندوز الصغير06 جنيها والبتلو90 جنيها والاسعار زادت لان التجار رفعوا اسعار الذبائح وبسبب عدم وجود البتلو الذي كان يتوافر في الشتاء وشهر يناير بالذات بسعر رخيص، والجزار ليس من مصلحته ان يبالغ في الاسعار لان ارتفاع الاسعار يضر بالزبون والجزار حيث تنكمش المبيعات وتنخفض القدرة الشرائية. يقول محمد حجاج صاحب مزرعة لتربية العجول: ان اسعار الحيوانات الصغيرة مرتفعة جدا فنحن نشتريها من الاسواق بأسعار عالية وتكلفة التربية مرتفعة ايضا، ونحن نريد تحقيق هامش ربح لتعويض الانفاق الضخم الذي انفقناه علي تربية هذه الماشية، والجزارون هم الذين يتحكمون في الاسعار يرفعونها كما يريدون ، اذن هم المسئولون عن هذا الارتفاع الجنوني في الاسعار ويتطرق قائلا: ان مصر لم تحقق الاكتفاء الذاتي من اللحوم إلا في أوائل التسعينيات عندما وصل مشروع البتلو إلي أوج عظمته لكن مع اهماله عانت مصر من فجوة كبيرة في استيراد هذه اللحوم، بالاضافة لثبات مساحة الرقعة الزراعية وعدم وجود المراعي ومحدودية الارض الزراعية والبديل هو منح قروض للمربين بفوائد بسيطة لتمويل مشروع البتلو في صورته الجديدة وتشجيع تربيته لعدم ذبحه في سن صغيرة حتي يعطي انتاجا أكثر لان الانتاج المحلي من اللحوم لايكفي لتغطية الطلب وانه يمثل 06٪ فقط وتم استيراد04٪ من اللحوم لتغطية احتياجاتنا ، لاننا نعيش في ظل اقتصاد حر وسياسة عرض وطلب وآلية سوق هي التي تحدد السعر واذا رأي المستهلك ان سعر كيلو اللحوم لدي الجزار أعلي من مقدرته علي الشراء فهناك حلول بديلة ممثلة في لحوم في منافذ مخصصة تبيع بأسعار في متناول المستهلك وهناك ايضا لحوم بلدي ومستوردة ومجمدة في المجمعات. ويضيف هاني محمود احد المربين قائلا: ان المنتج وصاحب المزرعة يحسبها حسبة اقتصادية بالورقة والقلم فعند عمر ووزن معين لابد ان يبيع لانها لو بقيت سوف تخسر لانها ستحتاج لأعلاف ومصاريف وتزيد التكلفة فالافضل له ان يبيعها قبل أن تصل للوزن الذي تكون الزيادة فيه غير مربحة بحيث تزيد جرامات ويحتاج لعلف بسعر اكبر خاصة ان الأعلاف يتم استيرادها من دول مختلفة لان هناك نقصا في المعروض من الاعلاف المحلية موضحا ان ارتفاع أسعار اللحوم يرجع الي ارتفاع اسعار الرؤوس الحية والتي وصل فيها سعر الكيلو الي 20 جنيها بسبب الأمراض الوبائية التي دفعت المربين الي زيادة الإنفاق علي الحيوانات فضلا عن زيادة فترة التربية لتعويض الوزن المفقود لهذه الحيوانات نتيجة المرض حتي شفائها كما ان انتشار هذه الأمراض ادي الي عزوف الكثير من المزارعين والمربين عن تربية المواشي لارتفاع حجم المخاطرة في ظل إهمال الجهات الحكومية لمواجهة هذه الأمراض ودعم حقوق صغار المزارعين . أسعار الرؤوس ويستكمل هاني قائلا: ان الكثير من المربين تحملوا خسارة فادحة بسبب الامراض وارتفاع اسعار الماشية الصغيرة مما اضطرهم إلي التوقف عن تسمين الماشية، والاكتفاء بعملية شراء الأضاحي من الفلاحين والمستثمرين الكبار وبيعها للمواطنين، مما يهدد باختفاء شريحة كبيرة من صغار المستثمرين ، مؤكدا أنه قلص حجم إنتاج مزرعته، لأنه إذا لم يفعل ذلك كان سيتعرض لخسارة كبيرة، لافتًا إلي أن المواطنين أحجموا عن الأضحية منذ عامين بعد الارتفاع الجنوني في أسعار الرؤوس. ويقول فوزي عطية - موظف - : ان اسعار اللحوم في زيادة مستمرة ومن المفارقات أنه في الوقت الذي تعلن فيه الحكومة انخفاض اسعار الاعلاف الا اننا نجد اسعار اللحوم ترتفع وترتفع "نار" وعند تفسير الاسباب نجد ان زيادة الطلب الذي لايتناسب مع انتاجنا من الثروة الحيوانية بسبب الزيادة السكانية واحتكارات السوق وذبح البتلو والأهم من هذا كله غياب الرقابة، وعجز الجهات المسئولة عن اعادة الانضباط للسوق بزعم أنها سوق حرة! ويضيف باسم - احمد موظف - انه لكي تنخفض هذه الاسعار لابد من مقاطعة اللحوم والبحث عن بدائل لاجبار الجزارين علي خفض الاسعار كما ان اللحوم الاثيوبية التي تعلن عنها الدولة كل يوم غير موجودة في المجمعات وان الشوادر التي كانت بمثابة طوق النجاة للمواطنين من جشع الجزارين لم تعد موجودة خاصة في محافظة الجيزة ، فبعد ان استمرت فترة طويلة كان يحاربها الجزارون "بالكلام" ولكنهم لم يفلحوا إلي ان حاربوها بواسطة المسئولين في المحليات وقد نجحوا، واغلقت كافة الشوادر التي كان يشتري منها المواطن البسيط" الغلبان" كيلو اللحمة ب27 جنيها للكيلو. أين المستورد؟ كان يمكن للحوم المستوردة أن تكسر موجة الغلاء في سوق اللحوم البلدية.. لو أنها تأتي بالكميات الكافية.. وبالمواصفات الصحية المطلوبة .. وبالسعر المناسب.. هذا ما يشير اليه المحاسب احمد عطا الله، موضحا انه اذا كان المستوردون يمثلون »مافيا« فإن مافيا السوق المحلية أكبر وأخطر منها بكثير»!«. ويشير الطبيب البيطري حافظ عبدالمنعم الي ما يسمي بتبادل المواقع.. فانفلونزا الطيور التي أدت الي انخفاض المعروض من الدواجن نتيجة نفوق قطعان كثيرة، ساهمت - مع أسباب أخري - في أرتفاع اسعار اللحوم الحمراء اثناء وبعد الاصابة بالمرض.. لكن عندما تجسدت ملامح فوضي السوق وتم تغييب عوامل السيطرة عليها زاد جنون اسعار اللحوم الحمراء وتبدل حال التأثير واصبحت هذه اللحوم احد أسباب الزيادة الراهنة في اسعار الدواجن.