ب 10 جنيه تقدر تلبس وتتشيك.. ب10 جنيه تشترى البنطلون والقميص وما تحتهما كمان.. ب10 جنيه تقدر تتنافس وتتباهى بين أقرانك فقط فى مكان لامثيل له.. وكالة البلح بحى بولاق أبوالعلا من الأسواق المهمة فى مصر لبيع الملابس المستعملة وهى السوق الأوحد فى محافظة القاهرة والمحافظات المجاورة.. يرجع أصل تسمية المكان بوكالة «البلح» إلى الميناء النهرى الذى اشتهرت به المنطقة منذ قرون، قبل تدميرها من جيوش الحملة الفرنسية إبان ثورة القاهرة الثانية فى أبريل عام 1800م. كانت تورد أغلب إنتاج مزارع نخيل الصعيد من التمر إلى القاهرة وشمال مصر عبر مراكب وسفن نيلية تستقر ببضائعها من «البلح» فى ميناء بولاق أبو العلا، وهو ما دعا إلى تسمية المكان بميناء البلح ثم وكالة البلح فيما بعد.. وتعتبر تجارة الملابس المستعملة من النشاطات المهمة التى يقوم حولها الكثير من الأنشطة المجاورة، وتعتبر بورسعيد هى المكان الأساسى الذى تأتى إليه كميات هائلة من (البالة) من خلال الميناء يتلقاها تجار بورسعيد ويشتريها منهم تجار وكالة البلح بالكيلو. كانت جولتى فى سوق وكالة البلح.. فالسوق لا تقتصر على الفقراء فقط كما يعتقد الكثيرون فالوكالة فيها من كل الطبقات بداية من الطبقات الدنيا وحتى الطبقات العليا . محل أرزاق كان أول محل على باب الوكالة استقبلنى العاملون بالترحاب عارضين بضائعهم الشتوية الجديدة.. الأسعار تبدأ من 30 جنيها للبلوفر أو تصل إلى 100 جنيه.. المعاطف تبدأ من 150 جنيها وتصل ل 500 جنيه كل قطعة يتحدد سعرها طبقا لحالتها وخامتها وموضتها. أحمد صبحى عامل فى محل ملابس أكد أن الموسم الشتوى قد يكون أكثر رواجا من الصيفى بالنسبة لناس معينة فإذا كانت الملابس الصيفية تتميز بانخفاض سعرها، لذلك قد يقبل عليها الفقراء فيوجد تى شيرتات ب 10 جنيهات وبلوزات حريمى 15 جنيها. لكن فى المقابل فإن الموسم الشتوى له زبونه حيث المعاطف والجواكت التى يزيد سعرها على 200 جنيه.. صبحى يشير إلى أن كلمة بالة ليست بالضرورة هى الملابس المستعملة بل أحيانا توجد بضاعة فى الوكالة (موضة قديمة وارد بلاد بره) أى أنها فى بلادها أصبحت موضة قديمة لذلك يصدرونها بالكيلو لبلادنا.. صبحى يؤكد أن زبائنه من كل الطبقات فنانين ومذيعين وموظفين بوزارة الخارجية وماسيبرو.. كل المحيطين بالوكالة هم زبائن عنده. • بلجيكى وإيطالى (الوكالة مليئة بالمستورد من كل البلدان فكل بلدان العالم لديها بالة لكن السوق المصرية تختص بالبلجيكى والإيطالى والصيني) هذا ما أكده عبد الفتاح عامل مشيرا إلى أن البالة درجات منها نمرة 1 ونمرة 2 وهى بالمصطلحات الخاصة بالسوق ثلاثة أنواع: الكريمة وهى أجود نوع وكريمة مضروبة فى واحد وهو النوع الثانى وهو نوع أقل جودة ، ثم النوع الثالث والأخير وهو سحابة.. وتختلف البضاعة من تاجر لتاجر داخل السوق فمن لديه محل يختلف عن من يقف فى الشارع يعرض بضاعته على الشماعات. عبد الفتاح يشير إلى أن السوق اختلفت عن الأعوام السابقة فكل شىء ارتفع سعره وأثر ذلك على نوعية البضاعة الواردة، فضلا عن أن الزبائن فى انخفاض نظرا للظروف المعيشية. عبد الفتاح يشير إلى أن بعض الملابس تأتى بها عيوب والزبون هو المسئول عن إصلاحها وليس المحل. الحاج فتحى أبو سميرة من التجار المشهورين فى الوكالة يقول: الأحوال تبدلت فى الوكالة نظرا لظروف عديدة أهمها ارتفاع أسعار المعيشة فالملابس عادة تأتى فى المرتبة الثالثة بعد الأكل والدواء ومع زيادة الأعباء فإن الأسعار المرتفعة قد لاتتناسب مع زبون الوكالة لذلك يلجأ التاجر لشراء الدرجة الأخيرة من الملابس لكى تلائم الأسرة المكونة من خمسة أفراد.. فتحى يؤكد أن مصر كلها تتعامل مع الوكالة فزبون الوكالة قد يكون ميسور الحال لكنه اعتاد على لبس الوكالة وقد يكون فقيرا لا يملك أن يشترى الملابس الجديدة وقد يكون هاوى للملابس المستوردة وخاصة مع رداءة الملابس المصرية التى تغرق الأسواق.. فتحى يقول : لولا الوكالة الشعب يتعرى فنصفه يرتدى من الوكالة والنصف الآخر يعمل بها فهى تجارة كبيرة تفتح بيوت ناس كثيرة . • ممنوع الاقتراب من الأشياء المهمة التى يمتنع عن الإجابة عنها أغلب تجار الوكالة هى ثمن كيلو البالة وهامش ربحهم .. الحاج أبو العز فتح قلبه لى وتحدث معى لما يزيد على نصف ساعة عن أحوال الوكالة والتجار وركود حركة البيع والشراء موضحا أن الوكالة تأثرت خلال السنوات الثلاث الماضية وخاصة أنها فى وسط البلد وأى أحداث تؤثر فى تواجد الزبائن. حتى أيام الجُمع التى كانت تشهد رواجا للسوق أصبحت شبه خالية نتيجة خوف البعض من مشاحنات وسط البلد. سألت أبو العز عن سعر كيلو البالة لكنه رفض أن يعطينى أى أسعار حتى ولو بالتقريب مشيرا إلى أن هامش الربح غير محدد ونكتفى بجنيهين للقطعة الواحدة . • زبائن الوكالة زبائن الوكالة من مختلف الطبقات منهم الفقير والغنى الذى يريد شراء أكثر من قطعة بثمن قطعة واحدة من المحلات الكبيرة والعاشق للمستورد. هؤلاء الزبائن يحاولون إخفاء ملامحهم بارتداء نظارات شمسية كبيرة، خوفا من أن يعرفهم أحد من أقاربهم أو أصدقائهم، ويرجع ذلك إلى الصورة الذهنية السلبية المأخوذة عن الملابس المستعملة أو منطقة الوكالة بشكل عام، والتى لعبت الدراما دورا كبيرا فى ترسيخها. مها محمود أم لأربعة أطفال أكدت أن الوكالة هى أحسن سوق بالنسبة لحالها فزوجها موظف بسيط لا يستطيع أن يوفر ملابس جديدة لها ولأطفالها وهى تعمل فى مستشفى الجلاء الحكومى بجانب الوكالة وتجد ان التسوق من الوكالة يوفر المال، بالإضافة إلى أن الخامات على الرغم من أنها مستعملة قد تبقى على حالها لمدة عامين لأن أغلبها خامات أوروبية. فتاة جامعية رفضت الإدلاء باسمها كانت تتسوق بين المحلات ملابسها تنم على أنها من طبقة متوسطة سألتها عن رأيها فى بضائع الوكالة فقالت: أنا أشترى دائما من الوكالة وخاصة الملابس الشتوية، فالملابس الشتوية التى تأتى من أوروبا تتميز بأن خامتها جيدة وتعطى إحساساً بالدفء أكثر، إن أهم شيء هو اختيار محل جيد فمحلات الوكالة ليست جميعها واحد.. منها من يبيع ملابس قديمة متهالكة لا تحتمل لبسة واحدة ومنها ما يبيع ملابس جيدة. رمزى رجل فى الخمسين من عمره يتفق مع الرأى السابق مؤكدا أن من ينزل الوكالة لابد أن يكون على معرفة بالمحلات الكبيرة فيها والتى تأتى بالملابس (اللقطة). شيماء صبحى كانت موجودة هى الأخرى بالوكالة قالت لى: أول مرة أزور فيها الوكالة ولا أرى شيئاً يستحق الشراء. محمود موظف فى شركة سيراميك يتفق مع شيماء فى أن أسعار البضائع فى الوكالة مرتفعة وتقترب من سعر الملابس الجديدة فى المحلات.•