صراع شديد تخوضه شعبة المستوردين بالاتحاد العام للغرف التجارية من أجل توفير الدولار من البنوك لإنقاذ استثماراتها التى تعانى منذ فترة بسبب صعوبة توفير العملة الصعبة فى الفترة الأخيرة نتيجة تردى الأوضاع الاقتصادية والأزمات السياسية الداخلية والخارجية التى عانت منها مصر منذ أربع سنوات. مع تهاوى الاحتياطى النقدى قرر البنك المركزى فرز طلبات الاعتماد للحصول على الدولار من أجل ترتيبها وفقا لأولويات البلاد، حيث وضع السلع الأساسية من غذاء ودواء ووقود فى المقدمة وأهمل البحث عن السلع الاستفزازية أو الثانوية التى لا تحتاجها البلاد لحين توفير حصيلة نقدية تسمح بتنفيذ تلك الطلبات، فى حين يرى البعض أن بعض السلع التى تندرج تحت بند الاستفزازية يطلبها السياح. • تقرير رسمى وفى تقرير صادر من البنك المركزى أكد خلاله أن حجم ما جرى إنفاقه من عملة صعبة على استيراد السلع وصل إلى 59.8 مليار دولار فى 2014 مقابل 57.7 فى 2013 وهو ما يعنى ارتفاع حجم الإنفاق السنوى على السلع المستوردة. واحتل القطاع الخاص الصدارة فى حجم الأموال المخصصة له لاستيراد السلع، حيث وصلت إلى 40.1 مليار دولار فى عام 2014 وتمثلت فى المنتجات البترولية والمصنوعات من الحديد والصلب واللدائن والمواد الكيماوية والطبية ولوازم السيارات وقطع غيارها والأخشاب. أما القطاع الحكومى فيستورد من الخارج بما قيمته 15.2 مليار دولار وتمثلت فى وارداته فى البترول والمواد المتعلقة به والزيوت والشحوم والقمح والمحركات والمولدات والمحولات الكهربائية وأجزائها والسكر والمواد الصيدلية. وفى المؤخرة حل القطاع الاستثمارى ب 4.6 مليار دولار فى عام 2014 وتتمثل أهم السلع التى يستوردها فى قطع الغيار والمواد الخام اللازمة لعمل المصانع والزيوت المعدنية وغيرها من مستلزمات إدارة المنشآت الاستثمارية. • المستوردون يدافعون رفض «أحمد شيحة»، رئيس شعبة المستوردين بالاتحاد العام للغرف التجارية ما يشاع بأن هناك سلعا استفزازية يجرى استيرادها مثل أطعمة القطط والكلاب والكافيار والدباديب بأرقام فكلية، وأن الأمر لا يتجاوز فى مجمله بأى حال من الأحوال 150 مليون دولار، معتبرا أن البنوك بصفة عامة تصنف بعض السلع الوسيطة على أنها استفزازية ويجرى ترحيلها لقائمة انتظار طويلة حتى يتم فتح اعتمادها. وأشار «شيحة» إلى أن الكثير من المصانع توقفت بسبب أزمة الحصول على الدولار من البنوك معتبرا أن السوق السوداء لم تغلق أبوابها كما يروج البعض، وإنما زاد الطلب على العملة الصعبة نتيجة رفض البنوك فتح خطابات الاعتماد والموافقة على الاستيراد وأغلب المتعاملين فى السوق يدركون تلك الحقيقة لأنهم أطراف فيها ويعيشونها بشكل يومى. وأكد «شيحة» أن الكثير من مصانع الحلويات توقفت لأن أصحابها يريدون جلب مكونات من الخارج كى تدخل فى عملية الإنتاج وللأسف العمال الذين يعملون لديه لا يدركون حجم معاناتهم وكل ما يشغلهم هو الحصول على أجورهم وهو أبسط حقوقهم وأمام تلك المشكلة يتوقف الكثير من خطوط الإنتاج. وتابع «شيحة»: إن البنك المركزى له سياسته التى يتبعها من خلال البنوك العاملة فى مصر التى تلتزم بعدم فتح الاعتماد إلا بعد الموافقة على نوع السلعة المراد تخصيص العملة الصعبة لها ولا أحد يدرك أن تلك السلعة مهما كانت بسيطة فإن هناك مصانع كبيرة تتوقف بسببها. واختتم «شيحة» حديثه أن ما يتردد عن أن المستوردين يحصلون على الدولار من أجل شراء أطعمة للقطط والكلاب أمر لا يمكن تقبله، لاسيما أن تلك الأطعمة لا تمثل أهمية كبيرة بالنسبة لغالبية الشعب ومن يهتم بها فقط هى طبقة محدودة فى المجتمع لا تمثل الرقم الذى تحاول البنوك ترويجه. ومن جانبه يرى «محمد جنيدى»، نقيب المستثمرين الصناعيين أن رجال الأعمال يضطرون للانتظار لفترة لحين الحصول على اعتماد بالعملة الصعبة لتوفير متطلبات الإنتاج مما يهدد مصالحهم بسبب وجود مشاكل فى خطوط الإنتاج تستدعى توفير قطع غيار معينة أو مشاكل تطرأ على السلع المنتجة يستلزم معها توافر مواد خام جديدة تساهم فى تحسين جودة المنتجات فى شكلها النهائى. وأوضح جنيدى أن رجال الأعمال والمستثمرين فى المجال الصناعى يخشون من توقف خطوط الإنتاج مما يؤدى إلى تعثرهم وعدم حصول العمال على رواتبهم نتيجة فشل المصانع فى الوفاء بالتزاماتها وتوقيع غرامات تأخير عليها. وأكد جنيدى أنه يجب على البنوك أن تدرك أن المصانع تحتاج إلى كثير من المواد الخام المستوردة من الخارج مما يهدد المنشآت الصناعية بالغلق إذا لم تتوافر تلك المواد أو المعدات لاسيما أنه لا يوجد بديل محلى يغنى عن استيرادها. • سياسات بنكية واعتبر «إسماعيل حسن»، محافظ البنك المركزى الأسبق أنه من الصعب فتح الباب على مصراعيه أمام أى شخص يريد الحصول على العملة الصعبة، خاصة فى ظل الظروف العصيبة التى تعيشها مصر على المستويين السياسى والاقتصادى خلال السنوات الأربع الماضية. وأكد «حسن» أن الظروف الاقتصادية أثرت فى مصدرين مهمين لجلب النقد الأجنبى إلى مصر وهما: السياحة والاستثمارات الأجنبية لذا فإن كلا من المواطن والمستورد عليه الاستغناء عن السلع غير الأساسية كى تعبر مصر من تلك الأزمة حتى يتاح توجيه النقد الأجنبى إلى السلع الضرورية. وأوضح «حسن» أن الوضع الحالى وضع المسئولين بين خيارين: الأول هو شراء السلع الأساسية مثل القمح أو شراء منتجات ثانوية يمكن الاستغناء عنها مثل الأقلام الملونة طالما أنه يوجد بديل متوفر فى الأسواق. وأضاف «حسن».. أن البنوك تفحص الطلبات الواردة إليها من المستوردين، فعلى سبيل المثال لو أن لدى مليون دولار وأمامى طلبات بخمسة ملايين دولار فإن الأولوية تكون للمواد الأساسية والضرورية. أما الدكتورة بسنت فهمى، الخبيرة المصرفية فترى أن مصر حالياً تدخل فى حرب وعليه فإننا يجب أن نتعامل وفقا لذلك، فضلاً عن أن الاحتياطى النقدى متواضع للغاية ولا يمكن فتح الطريق أمام طلبات الحصول على النقد الأجنبى لاستيراد مواد لا يحتاجها الشعب المصرى فى هذا التوقيت، فى الوقت الذى ستقل فيه السياحة نتيجة اشتعال المنطقة، فضلا عن وجود أزمات فى الشحن البحرى نتيجة التوتر الحالى فى المياه الإقليمية الدولية خاصة عند باب المندب. وأشارت «فهمى» إلى أنه يمكن النظر بعين الاعتبار إلى طلبات أصحاب المصانع خشية ألا تتوقف ويتشرد العمال، ولكن الحصول على عملة صعبة لشراء مواد لا تمثل احتياجا للمواطنين فهو أمر مرفوض. أوضحت «فهمى» أن البنك المركزى يضع سياساته وفقا لما لديه من تحديات مثل ضرورة تسديد الديون الأجنبية بما تحمله من فوائد وإلا يشهر إفلاس الدولة وهو ما لا يقبله أحد. وطالبت «فهمى» الحكومة فى أكثر من مناسبة بضرورة حظر بعض السلع التى لا تمثل أهمية للمواطن, ولكن لا أحد يطبق ذلك على أرض الواقع، رغم أن الظروف الحالية التى تعيشها مصر تتطلب اتخاذ إجراءات وتدابير تحافظ على قوام الاحتياطى النقدى قدر الإمكان.•