خيم الحزن وساد السكون، تملكها خوف شديد، أخذت تتطلع بنظرات يائسة، شعرت بأن السعادة تسربت من يديها بعد أن تمزقت مظلة الحب فلم تعد تتنسم عبق الزهور، هوت آمالها وانفرطت أيامها بعد رحيل والدها، كانت ترى دنيتها بعيونه زرع فيها قيما ومعانى غالية كبرت عليها حنونا فكانت ترى فى عقد الياسمين الذى يجمع حباته ويلفه حول عنقها الصغير صباحا وكأنه يحتضنها من غدر الناس والأيام عطوفا رحيما، فلم تنس فى أحد أيام عودتها إلى المنزل أباها وقد أعد طبق اللحم والبيض لأحد الكلاب الذى جاءه لاهثا فارتسمت صورته هذه بمخيلتها فقد كان يحدثه ويدعوه إلى الطعام والكلب الصغير يهز ذيله فى سعادة بالغة وقبع بجواره بعد تناول وجبته وتركه والدها ليعيش بحديقة المنزل، رحل والدها ومازالت تراه فى كل شىء من حولها لدرجة تكاد تسمع همساته حتى الكلب الصغير الذى تلقفه من شر البرية يأخذ فى النباح وكأنه يلمحه لم تتحمل حقيقة رحيله المرة، واتجهت صوب البحر باكية وكلبها يركض من خلفها تعثرت بسيدة عجوز تلتحف السواد وقفت تنظر إليها طويلا فشىء غامض استوقفها عندما امتدت يد العجوز بعقد من الياسمين عندها استشعرت الدفء الذى انبعث من خيوط الشمس الذهبية التى أخذت تداعبها ونظرت فى الأفق البعيد وظلت تتمتم بكلمات غير مفهومة تسمرت أمام البحر وبدت كأنها تتصفح صوراً لهما تنبهت لوجود الكلب الصغير الذى ظل يرقبها فنظرت إليه باسمة وأخذت تربت على ظهره بينما حملت الأمواج عقد الياسمين بعيدا وهو يتأرجح بين الواحدة والأخرى.