الفساد هو أكبر حزب فى مصر وحيتان الأراضى ومافيا العقارات المخالفة هم أكبر أجنحة هذا الحزب الذى حول حياة آلاف المواطنين الذين يبحثون عن شقة لهم أو لأبنائهم الى جحيم.. ففى لحظة تضيع مدخرات السنين وتحويشة العمر .. وبعد أن كان الحلم الحصول على شقة يصبح كل هم الضحايا الذين وقعوا فريسة لمافيا العقارات المخالفة أن يستردوا ما دفعوه. وهو ما يصبح حلما بعيد المنال خاصة أن الدولة التى استولى الفاسدون على أراضيها وخدعوا مواطنيها مسئولوها غافلون عن أداء واجبهم بدون قصد وربما عن عمد!!
أحدث ضحايا العقارات المخالفة أكثر من 003 أسرة فى حلوان دفعوا حوالى 50 مليونا فى شقق ومحلات تجارية تلخص حكايتهم المذكرة التى أرسلها أحدهم وهو «مجاهد محمد عبدالنبى» لرئيس الوزراء ووزير الإسكان، والتى يقول نصها: «بناءً على قرار محافظ القاهرة رقم 106 لسنة 1987 تم منح جمعية، الخليفة للإسكان التعاونى قطعة أرض بمساحة 3266 متراً فى منطقة عين حلوان لإنشاء وحدات سكنية لمحدودى الدخل وأعضاء الجمعية حيث منحت المحافظة هذه الأرض للجمعية بسعر رمزى هو 83 جنيها للمتر فقط أى أنها ليست مخصصة للاستثمار السكنى وبعد ذلك قام عطية أبو سريع رضوان رئيس مجلس إدارة الجمعية بالحصول على رخصة بناء رقم 49 لسنة 2002 من حى حلوان لكنه لم يقم بالبناء حتى عام 7002، وبعد ذلك قام بعمل وتحرير عقد مشاركة بين الجمعية وشركة جبريل العامة للمقاولات التى يمثلها «محمد محمود جبريل» و «جبريل محمود جبريل» والتى قامت بتقسيم الأرض الى ستة أبراج، كان نصيب شركة «جبريل» البرجان 1، 2 منها، فى حين حصلت شركة المستقبل التى يملكها عماد لطفى سعد على البرجين 3، 4 وكان البرجان 5، 6 من نصيب شركة الحاج رضا حجى وقد حصلت الشركات الثلاث على حق البناء والبيع والتربح للأبراج الستة، ورغم أن الرخصة الصادرة من حى حلوان بالبناء كانت فى عام 2002 فإنهم شرعوا فى البناء فى عام 8002 دون تجديد الرخصة، مع العلم أن رخص البناء لا تسرى إلا لسنة واحدة فقط من تاريخ إصدارها، أى أنهم قاموا بالبناء دون ترخيص.
وتضيف المذكرة: «إن الشركات الثلاث بعد أن أتمت بناء الابراج الستة قامت ببيع الوحدات السكنية فى الأبراج على أنهم ملاك الأرض وقد ذكروا فى أحد بنود العقود أن تاريخ استلام الوحدات هو أول سبتمبر 2010 ولكن حتى تاريخ يونيو 2013 لم يكن قد تم إدخال أى مرافق للعقارات ولا تسليم الشقق السكنية، وعند السؤال فى الإدارة الهندسية فى حى حلوان كانت المفاجأة أن الأبراج الستة التى بنتها الشركات الثلاث «جبريل ولطفى وحجى» مخالفة لشروط البناء من حيث مخالفة منطوق الرخصة الصادر بالبناء والذى ينص على «مسجد وحضانة ومكتب بريد» فلم يتم إنشاء أى منها ومخالفة الرسوم الهندسية الصادر بها الترخيص رقم 49 لسنة 2002 حى حلوان وكذلك البناء على أرض الدولة والتعدى على خط التنظيم بالإضافة الى الاستيلاء على أرض حديقة العين الأثرية والبناء فى الفراغات الموجودة بين الأبراج الستة وآخيراً بناء دور مخالف.
وتشير المذكرة إلى «أن المواطنين الذين اشتروا شققا سكنية ومحلات فى هذه الأبراج المخالفة فوجئوا بأن رئاسة حى حلوان لم تحرر محضراً واحداً من تلك المخالفات منذ عام 8002 «تاريخ بدء البناء» وحتى يونيو 2013 وعندما اشتكوا من تجاهل الحى «رئيساً وإدارة هندسية ومهندسين» لهذه المخالفات الصارخة تم عمل محضر مخالفة بناء برقم 562 لسنة 3102 ولكن لأسباب لا يعلمها أحد إلا السادة المسئولون فى حى حلوان تم عمل هذه المخالفة باسم «جمعية الخليفة للإسكان التعاونى» وليس باسم المقاولين الثلاثة» جبريل ولطفى وحجى الذين قاموا بالبناء والبيع والتربح من هذه الأبراج ووقعوا على عقود بيعها للمشترين الغلابة ومن المعروف أن «جمعية الخليفة للإسكان التعاونى» هى شخصية اعتبارية لا يجوز معاقبتها كما أن مسئولى الجمعية لم يوقعوا على أى عقود لمشترى الشقق السكنية فى الأبراج المخالفة، فالمشترون لا يعرفون عنها شيئا وكل تعاملهم كان مع شركات المقاولات الثلاث حتى إن مشترى الشقق السكنية فى تلك الأبراج ليس منهم أى أعضاء الجمعية الموقرة أو محدودى الدخل رغم أن السيد محافظ القاهرة خصص تلك المساحة الكبيرة من الأرض فى عين حلوان فى عام 1987 لجمعية الخليفة للإسكان التعاونى بسعر المتر 38 جنيها «يعنى أرخص من متر الكنافة» لكى تقوم الجمعية ببناء مساكن لأعضاء الجمعية المحتاجين للسكن بالإضافة الى محدودى الدخل.. وفى نهاية المذكرة طالب ضحايا أبراج عين حلوان المخالفة كلاً من رئيس الوزراء ووزير الإسكان بالتحقيق فى هذه المخالفات ومعاقبة أصحابها الحقيقيين وحفظ حقوق مشترى الوحدات السكنية مع ندب لجنة من خبراء من مركز البناء والتشييد التابع لمجلس الوزراء الذى يضم أفضل الخبرات المصرية فى مجال البناء للكشف عن مدى سلامة هذه الأبراج وكتابة تقرير فنى هندسى حولها .
∎ قرار الإزالة حبر على ورق
الغريب أن محافظ القاهرة د. جلال مصطفى السعيد سار على نهج حى حلوان «ربما لأنهم مرءوسوه الذين قدموا له أوراق المخالفات» وأصدر القرار رقم 11867 لسنة 2013 فى 21 أكتوبر الماضى بإزالة الأبراج المخالفة باسم جمعية الخليفة للإسكان التعاونى لمخالفتها ترخيص البناء رقم 49 لسنة 2002 ولم يصدر القرار باسم شركات المقاولات الثلاث التى قامت ببناء الأبراج وبيعها والتربح منها ووقعت عقود البيع للمشترين، لذلك كان من الطبيعى ألا ينفذ قرار السيد المحافظ رغم أن قراره بإزالة المخالفات يقول فى مادته الثانية: يُعلن هذا القرار المخالف بالطريق الإدارى وفقا لأحكام المادة 61من قانون البناء رقم 119 لسنة 2008 بموجب كتاب موصى عليه بعلم الوصول كى يقوم بالتنفيذ بمعرفته خلال ثلاثة أيام وفى حالة الامتناع أو انقضاء المدة المحددة له لإتمام التنفيذ تتولى الجهة الإدارية بشئون التخطيط والتنظيم التنفيذ باسمها أو بواسطة من تعهد إليه به ويتحمل المخالف جميع النفقات وتحصل منه بطريق الحجز الإدارى وفى جميع الأحوال يتم إيداع نسخة من القرار بالحى وقسم الشرطة الواقع فى دائرته العقار وتلصق نسخة من القرار فى مكان ظاهر بواجهة العقار.. والأغرب أن قرار المحافظ بإزالة الأبراج المخالفة فى خلال ثلاثة أيام على نفقة المخالفين «شركات المقاولات الخاصة بالثلاثى «جبريل ولطفى وحجى» لم ينفذ ربما لأنهم اعتبروا أنفسهم غير معنيين بإزالة المخالفات لأن قرار السيد المحافظ خاطب جمعية الخليفة للإسكان التعاونى التى لم تبن الأبراج ولا باعت الشقق، كما أن الجهة الإدارية لم تقم بنفسها بإزالة الأبراج الستة المخالفة بعد امتناع المخالفين «جمعية وشركات مقاولات» عن تنفيذ الإزالة، حتى القرار بلصق نسخة من القرار فى مكان ظاهر بالعقارات المخالفة لم ينفذ!
ومازال أصحاب الأبراج المخالفة يخرجون ألسنتهم للجميع متحدين تقرير رئيس حى حلوان بالمخالفات وقرار السيد محافظ القاهرة بالإزالة وصرخات الضحايا مشترى الشقق السكنية باسترداد حقوقهم ولم يستطع أى مسئول لجأ إليه الضحايا أن ينصفهم ولم يكتفوا بذلك بل أخذوا يطالبون مشترى الشقق بسداد قيمة المرافق التى لم تصل للأبراج مثل الكهرباء والمياه والأسانسير ومن يرفض الدفع يقيمون ضده دعاوى قضائية بفسخ التعاقد!
∎ أسئلة للمحافظ
والسؤال مرة أخرى: أين مسئولو الدولة من مخالفات المبانى المنتشرة فإذا كان هؤلاء المسئولون ليس من ضمن اهتماماتهم رد حقوق ضحايا العقارات المخالفة التى تقدر بحوالى 05 مليون جنيه فهل لا يهتمون أيضا باسترداد حقوق الدولة فى هذه الأراضى والتى تقدر بعشرات الملايين من الجنيهات.. فهل يعقل أن تخصص الدولة متر الأرض ب 38 جنيها ولا يقول لى أحد إن قرار التخصيص صدر فى عام 1987 لجمعية إسكان تعاونى فالجمعية لم تقم بالبناء فى عام 1987وظلت الأرض بدون بناء لمدة 15 عاما، حيث صدر ترخيص البناء فى عام 2002 والبناء الفعلى بدأ فى عام 2007 بعد أن قامت بعقد شراكة مع ثلاث شركات مقاولات خاصة قامت بالبناء والبيع والتربح من الأبراج وسعر الأرض وقت البناء وصل إلى 10 آلاف جنيه فى هذه المنطقة فى حلوان كما أن قرار تخصيص الأرض لجمعية الإسكان التعاونى لم يكن للاستثمار السكنى وإنما لتوفير شقق سكنية لمحدودى الدخل وأعضاء الجمعية.. فهل تحقق الغرض من التخصيص؟!.