عقب اندلاع ثورة يناير 2001، انتظرت الأسر المصرية حدوث ثورة فى التعليم، ومضت الشهور، واندلعت ثورة يونيو 2013، ولا يزال المصريون ينتظرون ثورة التعليم، التى يرى الكثيرون أنها ستكون قادرة على إعادة الاعتبار لجدوى التعليم، بالنسبة للكثير من الأسر التى تضطر لإخراج أبنائها من التعليم، من أجل مساعدة الأسرة، فى الوقت الذى لايجد فيه المتعلمون مكانا فى سوق العمل. وزارة التعليم خطت خطوات منذ يونيو الماضى، فى وضع استراتيجية جديدة للتعليم، وفى رفع أجور المعلمين، ئكما خصص الدستور الجديد، الذى صدر منذ أيام، الكثير من المواد للتعليم. لكن هل تكفى هذه الخطوات لتحقيق آمال ملايين الأسر المصرية فى تحقيق تعليم جيد لأبنائها، وما هى الخطوات التى ينتظرها المعلمون والتربويون من رئيس الجمهورية القادم فى التعليم؟
ترى الدكتورة نوال شلبى، مديرة مركز تطوير المناهج بوزارة التربية والتعليم، أن التعليم الآن لايزال ينقصه الكثير، كفتح مدارس جديدة، ليجد كل طفل مكانا له داخل المدرسة، ووضع برامج لتدريب المعلمين لافتة إلى أن المركز يسير فى اتجاه تطوير مناهج التعليم، لتتواكب مع سوق العمل من ناحية، وعع متطلبات العصر والمناهج العالمية من ناحية أخرى.
ويطالب د.محمد الطيب، العميد السابق لتربية طنطا، الرئيس القادم بتطبيق المادة التى تنص فى دستور 2013، على أن اللغة العربية والتربية الدينية والتاريخ مواد أساسية فى جميع مراحل التعليم قبل الجامعى، وزيادة عدد المواد الدراسية، التى يجب أن تكون بمثابة الحد الأدنى المشترك التى تقرب الفروق بين الطلاب فى المدارس المصرية، التى تختلف فى المرحلة الواحدة، مابين الدولى والخاص والحكومى واللغات والتجريبى، وغيرها.
ويطالب الطيب أن تكون مرحلة التعليم فى رياض الأطفال ضمن مسئولية وزارة التربية والتعليم، وليس الشئون الاجتماعية.
∎ تدريس منهج للتفكير
ويتفق معه د. محمد المفتى، العميد الأسبق لتربية عين شمس، مؤكدا على أهمية تدريس التاريخ واللغة العربية لكل مراحل التعليم، لأن اللغة العربية وعاء التفكير، وأن التربية الوطنية تدعم الولاء والانتماء، حتى لا تتكرر مشاهد حرق العلم، متسائلا عمن سيضع مناهج التاريخ هذه، لكى تكون صادقة مع الواقع.
ويطالب المفتى بضرورة أن ينص فى الدستور مستقبلا على تدريس مادة «منهج التفكير العلمى» على الطلاب، وهى خليط بين علم المنطق وعلم النفس، لحث الشباب على الإبداع والابتكار، وكذلك تعميم مناهج الرياضيات على جميع تخصصات الطلاب، لأنها تساعد الطلاب على حل المشكلات، والتمييز بين الصحيح والخطأ.
ويطالب دكتور حسين بشير، أستاذ المناهج بمعهد البحوث التربوية بجامعة القاهرة، الرئيس القادم، بالاهتمام بتطبيق المادة «21» من الستور، والتى نصت على نسبة الإنفاق على التعليم ما قبل الجامعى، تكون من الناتج القومى الإجمالى للدولة على أن تبدأ النسبة ب4٪ منه إلى أن تصل إلى المعدلات العالمية فى عام 2016 للنهوض بالتعليم وتحسين جودته،ئمؤكدا على أهميةئدراسة مادة التاريخ لكل المراحل والتخصصات التعليمية، وإلى الاستعانة بأساتذة وخبراء التاريخ والمؤرخين، لوضع هذه المناهج.
ويرى د. سامى نصار ا،لعميد السابق لمعهد البحوث التربوية، أن من أهم الأولويات التى يجب أن ينظر إليها الرئيس القادم، أن يبنى استراتيجية لمستقبل التعليم فى مصر، حتى يسير عليها من سيأتى من بعده، أولها التأكيد على الديمقراطية فى التعليم، بالفصل بين النظام التعليمى من جهة، والنظام الحاكم من جهة أخرى، كما هو حادث فى أمريكا وإنجلترا التى تطبق الديمقراطية، عن طريق الاستعانة بالكفاءات الوطنية أيا كانت انتماءاتها، وعمل مناهج قومية وطنية لا تكون عرضة للتغيير تبعا للنظام الحاكم، خاصة فى مناهج التاريخ والتربية القومية والجغرافيا، التى يجب أن يؤلفها مؤرخون، وليس مستشارو الوزارة.
ئويشير نصار إلى أن على الرئيس القادم أن يدرك أن التلاعب فى المناهج، بهدف فرض وجهة نظر الانظمة الحاكمة، يفقد ثقة الطلاب فيما تقدمه الوزارة من معلومات، وبالتالى ينظر للتعليم على أنه تزييف للوعى، وهذا ما جعل الطلاب والشباب ينسحبون من المشاركة السياسية، ويتحركون من خلال مواقعئ التواصل الاجتماعى.
وحتى تحقق المناهج الدراسية الهدف منها، وهو أن تخرج طلابا مؤمنين بهويتهم ويقبلون الآخر المختلف معهم فى الجغرافيا والطائفة والعرق، يطالب نصار بأن يشارك فى وضعها كبار الفنانين والمفكرين والمبدعين والنشطاء السياسيين، لأنهم الأجدر فى تحقيق الأهداف.
∎ الإدارة قبل التمويل
وقال عبد الناصر إسماعيل، ممثل اتحاد المعلمين المصريين، إن كل ما أثير عن رفع قيمة رواتب المعلمين، لا يخرج عن كونه شائعات حتى الآن. مشيرا إلى أن الخطة الاستراتيجية التى أعلنتها الوزارة مؤخرا، هى نفس خطة الوزير الاسبق يسرى الجمل، التى تم وضعها عام 2000، لتطبق حتى عام 2013، ولم تطبق، مما يجعل ما أنفق على وضع استراتيجية جديدة، هو من قبيل إهدار المال العام، إلى جانب أن الخطة الجديدة بعيدة المدى، حيث تمتد إلى 2030، ولا يوجد ضمان حقيقى لتنفيذها.
ولفت عبد الناصر إلى أن اتحاد المعلمين سيقوم بخطوات تصعيدية، تصل إلى الإضراب العام، للمطالبة بوضع برنامج زمنى لتحسين أجور المعلمين، التى لم يحقق بها حتى الآن، الحد الأدنى للأجور، ولا كادر المعلمين.
ويرى عبد الناصر أن الرئيس القادم، عليه أن يركز على تطوير التعليم، لأنه لا يحتاج إلى أموال، بقدر احتياجه إلى التطوير الإدارى، المستند على اللامركزية، التى تتيح للمدارس تطوير الأداء داخلها بحسب وضعها، على عكس ما يقوله المسئولون فى الوزارة الآن.
فى حين يرى حسن أحمد، رئيس نقابة المعلمين المستقلة، أن على الرئيس القادم أن يركز على تطبيق ماجاء فى مواد الدستور، الخاصة بالتعليم ما قبل الجامعى، لأن تطبيقها كفيل باحدث ثورة حقيقية فى التعليم، وليس مايحدث الآن من زيادة رواتب للمعلمين أو وضع خطة استراتيجية للتطوير.
وأضاف: على الرئيس القادم أن يؤمن بأن التعليم قضية أمن قومى، وأن إحداث ثورة فيه، سيحل مشكلات المجتمع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. وأضاف أيضا، إن لدى نقابة المعلمين المستقلة، خططا وحلولا كثيرة بسيطة لتطوير التعليم، ووضع خطط للتغلب على الكثافة فى الفصول دون اللجوء إلى إنشاء مدارس جديدة. موضحا أن أهم ما يطالب به الرئيس القادم هو القضاء على الدروس الخصوصية، التى تكلف الأسر 27 مليار جنيه سنويا، عن طريق وضع أجر عادل للمعلم وتغيير المناهج القائمة على التلقين.