الزمان: فجر الخميس الماضى، المكان: آخر المعاقل الداعمة للجماعات الإسلامية المتطرفة «كرداسة وناهيا بالجيزة»، المهمة: ملاحقة المسلحين والخارجين على القانون والمطلوبين أمنيا لجهات التحقيق والقبض عليهم، الهدف: السيطرة الأمنية المحكمة على إرهاب الإخوان والقضاء على أخطر البؤر الإجرامية فى مصر.. رغم التسريبات الإعلامية التى كشفت عن نية وزارة الداخلية القيام بهذه الحملة الأمنية الموسعة فى أقرب فرصة ممكنة فإن استمرار تدهور الحالة الأمنية هناك وتهديد عشرات الآلاف من الطلاب بعدم الانتظام فى مدارسهم فى العام الدراسى الجديد كان الفيصل فى قرار الداخلية فى تحديد ساعة الصفر «فجر الخميس الماضى» لتنفيذ هذه الحملة الأمنية.. السؤال الذى يطرح نفسه الآن: هل ستكون حملات تطهير كرداسة وناهيا الأخيرة من نوعها؟، وهل الداخلية عازمةبالفعل على القضاء على البؤر الإجرامية فى كل أنحاء الجمهورية؟، وما إمكانية استقرار الأمن فى مصر بعد هذه الحملات الأمنية المتلاحقة؟.. نجيب عن هذه الأسئلة وغيرها من خلال هذا التحقيق. ∎ حملات التطهير مستمرة
الحالة الأمنية الآن بعد حملة «تطهير كرداسة وناهيا» الموسعة التى نفذتها وزارة الداخلية بمعاونة قوات من الجيش، أقرب إلى الهدوء النسبى، أما الحالة المعنوية لمنفذى الحملة فمرتفعة للغاية ولا تقل عنها حالة الارتياح الكبير والفرحة العارمة الى انتابت أهالى مركزى كرداسة وناهيا بعد ضبط 68 مطلوبا لجهات التحقيق، وبحوزتهم عدد من الأسلحة الآلية والخرطوش والقنابل اليدوية، بالإضافة إلى كمية كبيرة من طلقات الرصاص.
فى البداية، أكد وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم أن الوزارة أعدت خطة شاملة يشرف عليها بنفسه لتطهير جميع ربوع مصر من الإرهاب والعناصر الإجرامية، مشددا على أن الشرطةلن يهدأ لها بال حتى تعيد الأمن للمواطن وفرضه فى كل مكان فى مصر.
ونوه اللواء إبراهيم بأن وزارة الداخلية ماضية فى عزمها على تطهير جميع البؤر الإجرامية ومطاردة العناصر الإرهابية مهما بذلت فى سبيل ذلك من تضحيات.
وأفاد مدير الإدارة العامة للعلاقات والإعلام اللواء عبدالفتاح عثمان أن مداخل ومخارج الطرق المؤدية إلى مركزى كرداسة وناهيا أغلقت تماما بعد إحكام الشرطة قبضتها بالكامل عليهما، لافتا إلى أنه لم يحدث حالة إصابة واحدة أو وفاة فى صفوف المواطنين، مما يعكس مدى الحرفية التى تؤدى بها أجهزة الشرطة عملها كما يؤكد تحلى القوات الأمنية بأقصى درجات ضبط النفس والحرص الكامل على دماء المصريين وعدم إزهاق أى أرواح من المواطنين الأبرياء.
وعن دور القوات المسلحة التى شاركت فى خطة تنفيذ الحملة الأمنية، أوضح اللواء عثمان أن مهمة القوات المسلحة كانت إحكام السيطرة على جميع المنافذمن الخارج، على أن تتولى قوات الأمن المركزى والعمليات الخاصة وقوات أمن الجيزة والمباحث الجنائية عمليات الاقتحام والتمشيط وملاحقة جميع المطلوبين، مشيرا إلى وجود تكامل بين القوات المسلحة وأجهزة الأمنية فى تنفيذ جميع المأموريات الكبرى وملاحقة وضبط المطلوبين لجهات التحقيق.
وعلق مساعد وزير الداخلية الأسبق اللواء عبدالوهاب خليل قائلا: إن خطة وزارة الداخلية فى حملتها لمداهمة مركزى كرداسة وناهيا حققت نجاحا ملموسا، وأكدت أن الدولة لن تسمح بوجود دويلات داخلها تحاول العمل ضد مصر.. وأضاف: إن تطهير دلجا وكرداسة وناهيا وغيرها من البؤر الإجرامية كشف عن إصرار الحكومة والأجهزة الأمنية على تصفيتها من ناحية، واستعادة هيبة الدولة وسيطرتها وقدرتها على فرض الأمن على جميع الأماكن فى مصر مهما كلف الأمر.
∎شائعة انسحاب الشرطة
وفى السياق ذاته، كشف مصدر أمنى عن استمرار حملة «تطهير كرداسة وناهيا» حتى تحقيق هدفها الأساسى وهو تطهير مركزى كرداسة وناهيا بالكامل وإعادة الأمن وبسط نفوذ الشرطة هناك، مؤكدا مواصلة القوات حملتها الموسعة لتتبع وملاحقة باقى المطلوبين لجهات التحقيق، والاستمرار فى تنفيذ مثل هذه الحملات لإعادة الأمن إلى كل ربوع مصر.
وقال المصدر: إن الأجهزة الأمنية بمديرية أمن الجيزة أنشأت نقاط تفتيش عند مداخل كرداسة وناهيا لإحكام سيطرتها، مع تمشيط المراكز المجاورة لتتبع العناصر الإجرامية والمتورطين فى مذبحة قسم شرطة كرداسة الذين تمكنوا من الهرب قبل القبض عليهم.
وأضاف: إنه تم أيضا وضع عدد من الأكمنة على طريق «القاهرة - الإسكندرية» الصحراوى لمنع المتهمين المطلوبين للجهات الأمنية والقضائية من الهروب إلى خارج المنطقة، لافتا النظر إلى أن قوات من العمليات الخاصة والأمن المركزى داهمت قرية أبورواش لتطهيرها من العناصر الإجرامية والمطلوبين باتهامات التحريض على العنف والإرهاب.
ونفى المصدر الأمنى ما تردد عن انسحاب القوات الأمنية من مركزى كرداسة وناهيا، مؤكدا أن وزارة الداخلية مازالت مستمرة فى حملتها الموسعة، وفق خطة أمنية محكمة تتمثل فى الانتشار الداخلى لقوات الأمن المركزى والعمليات الخاصة والمباحث الجنائية والأمن العام المدعومة بأكثر من 20 مدرعة لتنفيذ حملات المداهمات واستهداف المطلوبين من ناحية، والحصار الخارجى المحكم لقوات الجيش المدعومة بآليات ومدرعات من ناحية أخرى.
∎ إعادة ثقة الشعب فى الشرطة
فيما اعتبر الخبير الأمنى فؤاد علام أن نجاح الحملات الأمنية الموسعة التى نفذتها وزارة الداخلية فى رابعة العدوية ونهضة مصر ودلجا وكرداسة وناهيا، أثبتت أن جهاز الشرطة وصل إلى مرحلة كبيرة من التعافى كما أكدت أن رجال الشرطة أصبحوا قادرين على تطهير أى بؤر إجرامية وتحجيم انتشارها، بالإضافة إلى مواجهة أى أعمال إرهابية تحاول أن ترهب المجتمع.
وأضاف: إن نجاح الشرطة فى تنفيذ هذه الحملات الأمنية أعاد ثقة الشعب فى الشرطة وفى قدرتها على خدمته وحمايته ورعاية أمنه، متوقعا تراجع عمليات الإرهاب والبلطجة والعنف فى الفترة المقبلة بعدما أثبتت الشرطة قدرتها فى التصدى لها بكفاءة عالية وبأقل الخسائر.
وطالب علام بضرورة وجود تعاون بين الأجهزة الأمنية والمسئولين فى المدن والقرى والمحافظات لمساعدة هذه الأجهزة فى معرفة البؤر الإجرامية والقضاء عليها تماما.
من جانبه، رأى مدير مركز الجمهورية للدراسات والسياسات الاستراتيجية سامح سيف اليزل أن تطبيق القانون على الجميع ودون استثناء هو العامل الأساسى المطلوب لعودة الأمن والاستقرار فى مصر، مشددا على ضرورة مواصلة الشرطة لحملاتها الأمنية المكثفة لمواجهة أعمال البلطجة وضبط الخارجين عن القانون وحائزى الأسلحة النارية والبيضاء وإحكام السيطرة الأمنية فى كل شبر على أرض مصر.
وطالب اليزل: «يجب ألا تقتصر جهود الأجهزة الأمنية فى الفترة المقبلة على مداهمة البؤر الإجرامية المعروفة فقط بل سرعة التحرك والتمشيط المستمر لكل البؤر الإجرامية على مستوى الجمهورية لضمان القضاء عليها تماما». وخلص إلى القول إن حملة «تطهير مركزى كرداسة وناهيا» ومن قبلها «قرية دلجا» هو إيذان بالقضاء على الإرهاب والبؤر الإجرامية، والانطلاق نحو التنمية الاقتصادية والسياسية التى تحتاجها مصر حالياً.