اتفقنا أم اختلفنا فلا أحد ينكر تعرض مؤسسات كثيرة بالدولة لضغوط كثيرة لتغيير اتجاهاتها وانتماءاتها السياسية، مبنى ماسبيرو أحد أهم المؤسسات الإعلامية المنتمية للدولة، ذلك المبنى الواقع بين شقى الرحى قبل قيام الثورة وحتى الآن. قبل الثورة وجهت إلى العاملين فيه اتهامات بمحاباة النظام وعدم بث الصورة الحقيقية للشارع المصرى وما يدور فيه وحدثت حالة عدائية كبيرة بين الشارع المصرى وبين تليفزيونه الرسمى ثم هدأت الأمور قليلا وبدأت المياه تعود إلى مجاريها لنفاجأ مرة أخرى بأصوات من داخل المبنى تحذر من محاولات سيطرة على ما يبث خلال شاشات التليفزيون المصرى وما يسمى ب«أخونة» المبنى وتغيير اتجاهاته ومحاولات السيطرة على العاملين والتحكم فيما يتم به وما يجب منعه. تحدثنا مع بعض العاملين داخل المبنى ليواجهونا بمخاوفهم. «فادى غالى» مذيع فى قناة نايل لايف، ومقدم برنامج «نهارك سعيد»: الموضوع زاد عن حده منذ بدأت جماعة البلاك بلوك عندما صرح النائب العام أنهم مطلوبون، وأنهم يتسببون فى عمليات إرهابية وقتها أذعنا الخبر، قالوا لنا بعدها: لا تذكروا النائب العام «ومحدش يجيب سيرته»، غير هذا فالقنوات هى التى لديها الحق فى الموافقة على الفقرات أم لا وعمل المعدين ولكننا نفاجأ بقرارات غريبة، أصبحت هناك تقارير تكتب عن كل ما نقدمه وفقدنا أى حرية عن التعبير عما يدور، هذا غير التعليمات طوال الوقت عبر المكمىِْفم بلاش الموضوع ده، أو قفل على ده، المسألة أصبحت دوشة ولا تطاق، فى إحدى المرات التى فقدت فيها أعصابى على الهواء كان بسبب قضية البلاك بلوك، أعصابى لم تحتمل ووجهت كلامى للنائب العام، فهو أصدر قرارا بضبط واحضار أعضاء البلاك بلوك وكشف مصادر دخولهم وتمويلهم، فى الوقت الذى لم يتم الكشف فيه عن مصادر تمويل جماعة الإخوان المسلمين نفسها، من أهم الأزمات التى واجهناها فى برنامجنا أيضا طرد المنتج الفنى للبرنامج والستايلست وغيرها من أمور تصرف المذيع عن مهمته الأساسية وتجعله منشغلا بأمور أخرى، أنا وزملائى أسسنا حركة «لا» للوقوف ضد أخونة الإعلام وسياسة تكميم الأفواه، وأيا كان صداها فنحن نقوم بمواقف ونسجلها وليس أمامنا حل آخر، ويتابع حديثه قائلاً: الوزير تصريحاته المعيبة جعلت العديد من المذيعات يرفضن الالتقاء معه، فهو يمثل الإعلام المصرى والإعلامى يجب أن يكون من ذهب، وهو إذا أراد الجلوس لوضع حلول على أرض الواقع فهناك قاعة مؤتمرات كبيرة فى المبنى فليجتمع معنا جميعا، ونتناقش فى كل هذه المشاكل، ولكنه يرفض أن يقابل أحدا ولا نراه إطلاقا، اللواء طارق المهدى الذى أدار الاتحاد لفترة أثناء المرحلة الانتقالية كنا نستطيع التحدث معه وقال لنا تكلموا وانتقدوا ولكن بشكل موضوعى، ولكن الوزير «مش بشوفه»، رفعنا قضايا عليه أيضا بسبب الأجور المتأخرة والتى قد تتسبب فى حبس زملائنا بسبب التزاماتهم التى لا يستطيعون سدادها فهل يصير هذا حال الإعلام المصرى. الإعلامية «آيتن الموجى» تقول: يتم التدخل فى الضيوف وفى نوعية المواضيع والمداخلات التليفونية وكل شىء ممكن أن تتخيلينه التدخل وصل للذروة، أنا تحولت للجنة تقييم أداء لأن فى حلقة لى مع عصام الإسلامبولى وقلت وقتها أن بورسعيد أعلنت العصيان المدنى، فهل غيابها عن الانتخابات قد يؤثر على النتيجة؟ والخبر على شريط الأخبار أن بورسعيد تعلن العصيان المدنى، أنا لا أريد أن أنقل حالة إحباط ولكن فعلا أنا الآن وفى هذا التوقيت تحديدا لم يعد لدى أمل، ولكن أملى كبير فى ربنا، ربنا من سيحل الأزمة لا معارضة ولا رئاسة ولا أى أحد. تغريد الدسوقى، معدة برنامج «نهارك سعيد» الضغوط موجودة ولكن احقاقا للحق فهى ليست وليدة اليوم فقط وليست فقط وليدة عصر صلاح عبدالمقصود ولكن طوال الوقت ولكننا طوال الوقت نحاول أن نعترض وألا نستسلم للظروف ونحاول أن نعمل ما نستطيع تقديمه والاعتراض بطريقتنا وأسلوبنا، حدث لنا موقف منذ فترة طويلة حيث تم تحويل فريق عمل البرنامج بأكمله للتحقيق بسبب ضيف وجه نقدا حادا لسياسة الحرية والعدالة، وقتها بدأت حالتنا المعنوية فى التراجع وأصابنا الاحباط قليلا، والمشكلة أن الأوامر لا تصلنا مكتوبة بطريقة يمكن أن نثبتها ولكنها دائما من خلال التليفون حول الضيوف الذين يجب أن نستضيفهم أو تخفيف حدة الحديث فى موضوع ما والحرص الدائم على استضافة نماذج من الحرية والعدالة بحجة عرض الرأى والرأى الآخر، ومن الطبيعى وما نعرفه طوال مدة عملنا أن المذيع لا يحق له إبداء رأيه، الآن لم يصبح هذا كافيا بل أصبح على المذيع أن يدافع أمام الطرف الذى يهاجم الحزب. «كامل عبدالفتاح» المذيع بالقناة الأولى وهو مؤسس حركة «لا» يكلمنا عن الحركة ويقول: المبنى به أكثر من أربعين ألف شخص وعندما نحب أن نسجل اعتراضا ما عن أى شىء يحدث سواء أزمات مادية أو محاولات الأخونة والقمع أو غيرهما، فسيكون صعبا أن نحشد الناس، ففكرنا فى حركة «لا» التى ترفض القمع ومحاولات أخونة الإعلام وجمعنا حتى الآن 005 توقيع وليسوا من داخل المبنى فقط بل بها سينمائيون وكتاب أيضا ونرحب بالجميع، أما عن التدخل فنحن لدينا جهاز للرقابة يتابع كل البرامج المسجلة وليست الهواء أو البث المباشر ويتم مونتاج، منها ما هو ليس على هواهم وهناك جهاز آخر لمتابعة برامج الهواء والبرامج المسجلة وكتابة تقارير خاصة بكل هذا وبما أننا فى جهاز روتينى يعمل به أشخاص ملكيون أكثر من الملك «وإخوانيون أكثر من الإخوان» فقد يلجأون إلى الحرص والمنع من تلقاء أنفسهم خوفا من المشاكل، خاصة أنه ليس هناك قائمة سوداء أو تعليمات صريحة خاصة بالضيوف ولكن الأمر أصبح معروفا ونجد أن 06% من الضيوف من التيار الإسلامى وفى المقابل أفراد من المعارضة ليسوا من النجوم أو الوجوه المعروفة مثلا، بهذا تتحقق معادلتهم، وإذا نظرنا إلى القنوات الفضائية الخاصة سنجد أن الearpiece مجرد وسيلة لنقل معلومة للمذيع وإضافة معينة ولكنها الآن فى ماسبيرو أصبحت وسيلة للضغط لغلق موضوع معين وإنهائه، وحركتنا الجديدة بدأت صغيرة وأى شىء فى بدايته يكون صعبا خاصة فى المقاومة ولكننا مستمرون.\محمود العزالى مراسل بقناة النيل للأخبار، وحاليا مدير إدارة المراسلين بقناة النيل للأخبار - ولم ينفذ القرار حتى الآن - يقول: إن لم يتم تنفيذ هذا القرار من قبل قيادات القطاع سواء رئيس قناة النيل للأخبار أو رئيس قطاع الأخبار رغم صدور القرار فى 72 نوفمبر 2102 سأتخذ كل الخطوات القانونية من تظلمات داخلية لرئيس الاتحاد ورئيس التليفزيون وأضربت عن الطعام ولم يتم تنفيذ القرار حتى الآن، والآن أعمل فقط كرئيس تحرير نشرات اقتصادية. بعد الثورة والانطباع الذى ساد لفترة بحرية الفكر وحرية التعبير عنه نفاجأ بكل شىء يعود بنا للوراء بغض النظر عن التيار الذى نعارضه سواء كان ليبراليا أو يساريا حتى، ولكننا جميعا فى النيل للأخبار نستنكر أن يكون هناك من يستحوذ على القناة واتجاهاتها فهذا هو تليفزيون الدولة وتليفزيون الشعب وليس تليفزيون الحكومة ولا تليفزيون السلطة، فخلال الثورة وبعدها قمنا أنا وزملائى بوقفات احتجاجية لنعبر عن رأينا باستقلالية القناة وعدم تبعيتها لفكر أحد ولا اتجاه أحد ولا تعبر عن شىء سوى الحقيقة، ولسنا تابعين لأحد سواء حزب وطنى سابقا أو إخوان مسلمين حاليا، ولكن ما يحدث على أرض الواقع أن من بيده القرار فى التليفزيون المصرى يستسلم لأى سلطة قائمة. ماذا عن أشكال التدخل التى تعانى منها أنت وزملاؤك؟ - أشكال التدخل قبل الثورة مختلفة فكان التوجيه من قبل شخص واحد وهو عبداللطيف المناوى رئيس قطاع الأخبار أما الآن فالتدخل من القيادات أصبح صورة مختلفة ومتعددة فهناك مثلا انتهاكات صريحة وواضحة وواقعات مخالفة للأعراف والتقاليد، فالسيد الوزير استعان من خارج المبنى بالأستاذ ياسر الدكانى وهو صحفى فى جريدة الجمهورية وتولى رئاسة تحرير قناة النيل للأخبار، ولا يوجد فى الهيكل الوظيفى للقناة هذا المسمى من الأساس وبهذا يتحكم فى ديسك التحرير وإدارة البرامج والمراسلين وبهذا يتحكم فى الصورة وال منىٌ والخبر نفسه ويتمثل أيضا التدخل فى ما يصور وما لا يصور وما يثار وما لا يثار، وفى تغيير بعض الصياغات كلمة «مثيرى شغب» بدلا من المتظاهرين والمحتجين، فللقمع والحجب أشكال كثيرة ومتعددة، وهناك زملاء كثيرون منعت لهم تقارير. وما أعانى منه بشكل شخصى هو منعى من تنفيذ القرار الوظيفى الخاص به ليرضى توجهاتهم، والمصيبة والكارثة الكبرى هل هناك فى المقابل مع محاولات تسيس القناة وتوجيهها تطوير حقيقى، الإجابة طبعا «لا»، فهناك محاولة لإسقاط القناة ومشاكل يومية كمحاولة لاجهاض القناة وطمس معالمها ولا تتوازى التحديثات المادية فى الاستوديوهات والأدوات مع فكر القناة وانتشارها، ويستطرد قائلاً: لا يخفى أن هناك محاولة لتطبيق نظرية «فرق تسد» بين العاملين وذلك عن طريق وعود للبعض أو تصعيد البعض على حساب الآخر لضمان الولاء من قبل البعض لتفرقتنا ولكننا نحاول أن نعمل معا والزملاء بتوقيعات متعددة طالبوا الوزير بعدم أخونة القناة وحذروه من عواقب التدخلات المستمرة «وشباب النيل للأخبار يبذلون قصارى جهدهم طوال الوقت لمنع هذا التدخل لحماية القناة واسمها ومنع وجود من يتم الاستعانة بهم من خارج القناة، ورفعوا دعوة للوزير بهذه المطالب ووقفات مستمرة أمام ماسبيرو وصلت للمطالبة برحيل الوزير. هل ترون أن إقالة الوزير حل؟ - إقالة الوزير هى أحد الحلول كى يعلم من يأتى من بعده أن مصر تتغير وأن لا شىء ولا إرادة تعلو فوق إرادة الحق، فبغض النظر عن اختلافى مع عبداللطيف المناوى إلا أنه إداريا كان مهنيا فى أسلوبه وإدارته على الرغم من تزييف بعض الحقائق وقتها ويستطيع توفير إمكانيات للقناة وكانت هناك صورة متكاملة إلا أننا الآن نعيش فى ظل تزييف للحقائق يصاحبه عشوائية فى الإدارة.