التخبط الذى يشهده مبنى اتحاد الإذاعة والتليفزيون يبدو أنه جزء من مشهد عام، وبدلا من أن يصحح الجهاز الإعلامى الرسمى الصورة «عشان تطلع حلوة» ومعبرة ومجمعة لأشلاء هذا الوطن المفكك ويكون المتحدث الرسمى بلسان الشعب.. تحول إلى اتجاه واحد وهو ما يرفضه الجميع..الصورة المرسومة عن الجهاز الإعلامى الخطير لا يؤكدها فقط المشاهد العادى، بل العاملون فيه الذين يرفضون أيضا إكمال خطة التمكين والاستحواذ على مفاصل الدولة. اللحظة التى بدأت بظهور أول مذيعة محجبة فى نشرة الأخبار «فاطمة نبيل»، والتى كانت تعمل فى قناة مصر 25 وجاءت إلى التليفزيون المصرى بأمر من وزير الإعلام كشف لنا خطة تحجيب المذيعات غير المحجبات على الشاشة من خلال ضوابط تتضمن أوامر مشددة، مثل عدم ارتداء البادى الضيق والاستريتش ومنع الظهور بالشعر الأصفر والأحمر وتخفيف الماكياج لتظهر المذيعات بمظهر جيد ومحترم - من وجهة نظر الإخوان - وكان ذلك هو ما كشفته «روزاليوسف» فى سبتمبر 2012 الماضى بتحقيق موسع حول «فحص الانتماء الإسلامى للمذيعات.. والحشمة بالإكراه»! مما أثار التوتر داخل مبنى «ماسبيرو» وبالأخص فى قطاع الأخبار، ليبادر رئيس المكتب التنفيذى لقطاع الأخبار محمد طعيمة ويتهمنا بعدم الدقة فى تحرى الأخبار، ليصدر الآن وبعد مرور 6 أشهر «شكرى أبوعميرة» رئيس التليفزيون قرارا ينص على ارتداء الألوان الهادئة والحيادية فى الأحاديث المهمة والبرامج بصفة عامة، وعدم المغالاة فى ألوان الشعر، عدم البهرجة فى الإكسسوارات والأقمشة المقلمة والمشجرة والكاروهات، من الأفضل عدم ارتداء الجينز الضيق والبادى الضيق، والالتزام بالشياكة المحترمة، أما بالنسبة للمحجبات فلابد من الالتزام بالحجاب البسيط دون البهرجة فى الألوان والأشكال الغريبة، بالإضافة إلى عدم وضع المذيعة ساعدا على ساعد فى أى حوار وعدم مناقشة الضيف.
هذه التوصيات أشعلت النيران داخل أجواء ماسبيرو، بعد أن رفض عدد كبير من المذيعات مضمون القرار وأكدوا أن جماعة الإخوان المسلمين تريد أن تفرض الغطاء على مصر. على سيد الأهل «رئيس القناة الأولى» وصف قرار أبوعميرة بأنه عادى ومطالبته المذيعات بعدم ارتداء «البادى» لا يعد تقييدا لحريتها لأنه دائما يكون ضيقا و«يفصل» الجسم، كما أن الألوان المشجرة تعطى إحساسا للمشاهد بزيادة وزن المذيعة، وكذلك الألوان الصارخة والساخنة والماكياج الصارخ والبهرجة أمر مرفوض، ومن حقه كرئيس للتليفزيون ومخرج من اتخاذ هذا القرار. أما المذيعة هبة رشوان فتعترض على هذا القرار وتصفه بأنه غريب ومثير للدهشة. و ترى أن المذيعة حرة فى اختيار ملابسها، كما أنه لا يجوز لأى إنسان تحديد الملابس التى ترتديها أمام الشاشة وقالت: سأظل كما أنا ولو كان هناك قانون أنا مستعدة للتحويل للتحقيق ولن أصمت على حقى، لأننى من الأكرم لى ولتاريخى العمل فى جو يحترم العاملين به. وتتفق المذيعة داليا درويش مع ما قالته هبة وأضافت: القرار لا يليق برئيس التليفزيون لأنه قرار يتحدث عن أمور خاصة بالمذيع، وأتصور أن هناك مشاكل عديدة فى التليفزيون كان عليه الانتباه إليها وإيجاد حلول لها لأنها أهم من «المشجر» و«الكاروه». فى المقابل قالت المذيعة هبة فهمى: إن قنوات النيل المتخصصة ليست لها علاقة بقرار رئيس التليفزيون، ولكن على الرغم من ذلك هناك تضامن من هذه القنوات مع مذيعات التليفزيون لمنع تنفيذ هذا القرار الذى يعد - على حد قولها - واضحا وصريحا تجاه أصحاب الآراء الحرة.
هالة تختتم حديثها بالقول بأن جميع القرارات التى تتخذ داخل قطاع التليفزيون باطلة لأن القيادات الذين يملكون القرار «مجرمون» - حسب وصفها - ولابد من محاكمتهم بتهم الفساد المالى والمهنى والإدارى، أما القرار فأتصور أنه «معتوه». أما هند سعد بقناة النيل للدراما فوصفت من جانبها القرار بأنه غوغائى وأضافت: «يمشى المذيعات أحسن على اعتبار أن صوت المرأة عورة» خاصة أن طبيعة عملها تجعلها ترتدى ملابس «كاجوال» فهل عليها أن ترتدى جلبابا أم بدلة الإخفاء، لافتة أن ماسبيرو على يد وزير الإعلام صلاح عبدالمقصود أصبح كارثة وقنبلة موقوتة ستنفجر قريبا فى وجه جماعته.
وفى المقابل، تختلف المذيعة داليا ناصر عن زميلاتها فى تعليقها على القرار وقالت: إن هذا القرار سليم وليس بجديد لأنه دائما يتم التنبيه على المذيعات بضرورة الالتزام بالبساطة فى ملابسهن مثلهن مثل جميع القنوات العالمية وهذا التنبيه كان يأتينا من رؤساء التليفزيون السابقين أمثال زينب سويدان وسهير الأتربى، مشيرة إلى أن هذا القرار روتينى و«تحصيل حاصل» ولا يمثل قهرا لأى مذيع لأنه لو كان هناك قهر فلن يرضى به أحد، ولذلك لم أشعر بالاستياء منه وتكرار التعليمات أمر مطلوب، لكن القواعد معروفة.وإنه فى عهد عبداللطيف المناوى رئيس قطاع الأخبار السابق كان يرفض أن ترتدى المذيعة «هاى كول» وكان هناك توجيه بذلك وكنا نعلم أن أيام المناوى لايختلف عليها اثنان، كما أن الوضع الحالى فى البلاد ينم عن حالة من الحزن والبهرجة غير مطلوبة ولابد أن يكون لدى المذيع حس إعلامى. وتتفق المذيعة مها حسنى «مدير عام برامج المرأة بالقناة الأولى» على أن هذا القرار هو مجرد تأكيد على بعض المعانى والمبادئ الإعلامية المعروفة لدينا كمذيعين، والهدف منها التذكرة لنا طيلة الوقت حتى لا تغيب عنا، وأن هذه التعليمات لا تمثل أى إهانة خاصة أنها من اختصاصات رئيس التليفزيون، وهناك بعض الإعلاميين ينسون هذه التعليمات الخاصة بالموضوعية والحيادية على سبيل المثال، حيث يظهر توجه المذيع ويعبر عن رأيه الشخصى على الهواء وهو أمر غير مطلوب، وهذا ما بدا واضحا فى الآونة الأخيرة مع وجود مشاكل قليلة فى المظهر.وتطالب «مها» بضرورة التركيز على أدوات أهم للمذيعين والقيادات ومنها عمل التفكير فى الإضافة والابتكار لتحسين الشاشة والمذيعين على قدر المسئولية والتحديات القادمة.