مازال الكثير من علامات الاستفهام تلف بغموض قصة اختفاء ثلاثة ضباط من الشرطة وأمين رابع بمنطقة الحدود الشرقية مع غزة ورغم ظهور زوجة الرائد محمد الجوهرى أحد المخطوفين الأربعة على مدار أكثر من سنتين فى أكثر من حوار تليفزيونى تتحدث عن الملابسات الغريبة لاختفاء الرائد الجوهرى إلا أن القصة تعود إلى السطح مرة أخرى اليوم خاصة أن لدى السيدة دعاء الكثير من التفاصيل التى لم تروها دفعة واحدة فى أى حوار آخر والتى التقت منذ يومين وزير الداخلية الذى وعدها مستبشرا أن هناك خيطا «أمسكت به الداخلية بالاشتراك مع الأمن القومى والمخابرات العامة» إلا أنه فى الوقت نفسه أرسلت لها الداخلية رسالة مع أحد الأشخاص مفادها أن تكف عن الحديث مع وسائل الإعلام والصحف خاصة بعد أن قابلت الرئيس محمد مرسى لأن مؤسسة الرئاسة مستاءة من حديث دعاء للإعلام. إلا أندعاء أكدت لى أنها لديها كل اليقين بأن زوجها على قيد الحياة وأنه لن يساعدها فى إيجاده سوى الله عز وجل بعد أن فشلت كل أجهزة الدولة فى عودته حيا أو حتى ميتا.
وبداية القصة ترويها دعاء الجوهرى زوجة الرائد محمد مصطفى الجوهرى وتقول:
محمد تم انتدابه لمأمورية تعزيز وتأمين الحدود الشرقية بين مصر وفلسطين فى رفح، هذه المأمورية تستغرق خمسة عشر يوما على قوة مديرية شمال سيناء ورغم أن كلاً من الرائد محمد مصطفى الجوهرى والنقيب شريف المعداوى العشرى وملازم أول محمد حسين سعد وأمين شرطة «وليد سعد الدين عبدالمقصود» رغم أنهم على قوة أمن الدقهلية إلا أنه تم انتدابهم لهذه المأمورية منذ 22 يناير 2011 وهذه هى المرة الخامسة التى يتم فيها انتداب زوجى لمثل هذه المأموريات لتأمين الحدود بين رفح المصرية ورفح الفلسطينية وكل مرة يعود سالما لبيته وأولاده إلا أنه منذ اليوم الأول وفى حديث زوجى معى عبر الهاتف بدأ يقول لى إن فيه أشياء كثيرة تحدث لم يشاهدها من قبل مثل ناس غريبة مش مصريين دخلوا إلى سيناء والبلاد انتشر فيها فجأة أسلحة كثيرة وناس مش معروفة جنسيتهم لكنهم عرب وفى يوم «28» يناير اتصل بى زوجى الجوهرى وحكى لى أنه حدث انفلات أمنى بشكل غير مسبوق فى رفح والعريش واقتحام المئات من الفلسطينيين للحدود الشرقية وبدأت هذه المئات تدخل إلى سيناء أغلبهم أشخاص ملثمون وبعد كده والكلام كله على لسان زوجى حصل تباعا نسف للأكمنة التى كانت تابعة لوزارة الداخلية فى سيناء، كما تم نسف قطاع الأمن المركزى ومبنى أمن الدولة كل ده بشكل منظم للغاية فى مساء يوم «82» جمعة الغضب الشهيرة، وفى هذه الجمعة أيضا جاء إلى زوجى وزملائه إخطار من مديرية أمن شمال سيناء لعدم التوجه لأى أكمنة نظرا لأن العديد منها تم نسفه من قبل ملثمين مجهولين اقتحموا الحدود فرجع محمد إلى الفندق المخصص للإقامة «بالما بلازا» فى العريش وطلبت منه الرجوع إلى البيت ولأولاده، ولكنه رد علىّ وقال لى مديرية الأمن قالت لنا فى إشارة رسمية بأن كل واحد فينا يلزم مكانه فى الفندق حتى إشعار آخر.
وهكذا بقى زوجى الرائد محمد الجوهرى على اتصال معى حتى يوم 4 فبراير 2011 وكان فى اتصالاته الأخيرة بى بيقول لى إنه حاسس إنه متراقب وأن أحداً يمشى وراءه أثناء تنقله بسيارته من مكان لآخر بعد قيام الثورة وإن هذه المراقبة من قبل مجهولين شعر بها كل من زملائه شريف وأحمد وأذكر جملة قالها لى كثيراً يا دعاء سينا ماعدتش بتاعتنا أنا حاسس إنى فى بلد تانية غير مصر وآخر اتصال له بى كان فى يوم 4/2/2011 مساء وقال لى إنه داخل ينام وطلب منى عدم الاتصال به حتى لا أوقظه من نومه وقال لى «أول ما أنا أصحى هكلمك على طول» وما اتكلمش تانى أبدا وبعدها فى الفجر سمعت فى الأخبار أنه تم تفجير أول خط غاز فى العريش وأول حاجة عملتها اتصلت بزوجى والذى كانت كل خطوطه التليفونية المحمولة الخاصة مغلقة ثم بعد ذلك اتصلت بالفندق وأكدوا لى فى الفندق أن الثلاثة مش موجودين فى الفندق زوجى محمد وزملاؤه أحمد وشريف وقلت لهم يعنى عملوا «شيك أوت» فردت علىّ إدارة الفندق وقالوا لى لأ الوضع عندنا مختلف مفيش حد عمل شيك أوت منهم بشكل رسمى لكن غرفهم فاضية ومفيش أى ملابس أو متعلقات شخصية لهم داخل الغرف!
وذهبت بنفسى إلى هناك وأكد لى «سايس الفندق» أن سيارة زوجى غادرت الفندق وكان يقودها محمد ومعه اثنان وعندما وصف لى السايس السيارة وأوصاف زوجى وزملائه أحمد وشريف تأكدت من صحة كلامه خاصة أن محمد كان معتادا على الذهاب لمثل هذه المأموريات بسيارته البيجو الخاصة وأقسم لى سايس الجراج إن السيارة غادرت من أمام الفندق الساعة الحادية عشرة والنصف مساء، يوم الرابع من فبراير واستنتجت أن زوجى كان هيرجع عندما طلب منى عدم الاتصال به وكان عاملها بشكل فيه مفاجأة لى علشان لو ما عرفش يرجع ما أزعلش منه عشان كده لم يذكر لى إنه هيرجع لكن كل الاستنتاجات بتقول إن محمد وزملاءه كانوا راجعين «الدقهلية»!
وتكمل دعاء زوجة الرائد محمد مصطفى الجوهرى حديثها معى وصوتها يملؤه الحزن والحسرة وتقول: كل ما أقوله لك من أن زوجى كان فى نيته أن يعود وإن فلان قال لى والإدارة قالت لى وكلها تحقيقاتى الشخصية وتفسيراتى وأقسم بالله أن حتى هذه اللحظة لم يخبرنى أى شخص فى أى مؤسسة فى هذه الدولة ماذا حدث لزوجى فى هذه الليلة المشئومة ولم يساعدنى أى شخص للوصول إلى الحقيقة.
∎وقلت لدعاء ولكنك قابلت رئيس الجمهورية؟! فيه أكثر من رئيس الجمهورية مفيش.. ماذا حدث فى حوارك معه عندما ذهبت إلى مقابلته؟
أولا إحنا اللى طلبنا نقابل د.محمد مرسى أنا وزوجات وعائلات باقى المفقودين الأربعة فى سيناء وقت الثورة وأول شىء قاله د.مرسى إنه ما عندوش أى فكرة عن الموضوع إطلاقا، ولكنه أكد لى إنه سمع عنه ولكن ليس بالتفصيل يعنى «قالوله» وهذه المقابلة كانت من شهر وقلت لرئيس الجمهورية أنا متأكدة إن حماس هم من خطفوا زوجى وزملاءه ورد على فورا وقال «استحالة تكون حماس وقطعا مش حماس»، وأنا أجريت -والكلام للرئيس - اتصالا تليفونيا بحركة حماس ونفوا أى علاقة لهم بهذا الموضوع تماما، وتكمل دعاء كلامها: الحقيقة كنت عاوزة أسأل الرئيس .. وأقول له إزاى معندكش أى فكرة عن الموضوع وإزاى اتصلت بحماس وتقطع قطعا نهائيا أنهم لم يخطفوا زوجى ومن معه!
المهم انتهى اللقاء بأن أم النقيب شريف نزلت على ركبتها تقبل جزمة أو حذاء الرئيس وتطلب منه أن يجد ابنها وعندها نزلت دموع رئيس الجمهورية الذى كان يقول لنا فى أول كلامه أنه إذا لم تجد الجهات المسئولة محمد ومن معه فيجب أن نحتسبهم عند الله شهداء وأن نبدأ حياتنا من جديد ونكملها من غيرهم.
وتكمل دعاء فى آخر كلامها مع الرئيس مرسى بأنه قال لها ما أقدرش أديكى أمل وإنه فيه مشكلتين مش عارف إيه الحل لهم حتى الآن.
مشكلة اختطاف الرائد محمد الجوهرى والنقيب شريف المعداوى والملازم أحمد محمد حسين سعد والمشكلة الأخرى التى لم يجد لها أى حل هى قتل ال «16» جنديا مصريا على الحدود مع سيناء، ووقتها رددت سريعاً على كلام دكتور مرسى وقلت له اللى قتلوا الجنود المصريين حماس ورد عليا وقال لى: «يابنتى مش حماس».
وسألت دعاء لماذا لديك هذا الإصرار على أن حركة حماس هى من خطفت زوجك وزملاءه أو علي الأقل تعرف مكانهم؟!
وترد دعاء «فى الأول أنا كنت مستبعدة إن تكون حركة حماس هى من خطفت زوجى وقلت هيخطفوه ليه ما هو كل اللى ليهم فى السجون المصرية خرجوا» إلا إن هذا التفكير تغير كلياً عندما وصلتنى رسالة إلى منزلى من أحد الأشخاص فلسطينى الجنسية وهذه الرسالة كانت من «ممتاز دغمش قائد جيش الإسلام»، وقال لى الوسيط الفلسطينى إن زوجى ومن معه هم محتجزون عند «دغمش» منذ شهر يونيو 2011، وأن ممتاز دغمش لديه عدة طلبات على رأسها الإفراج عن محمد الظواهرى شقيق القيادى فى تنظيم القاعدة أيمن الظواهرى وطبعاً وقتها أنا أبلغت الجهات المعنية بهذه الطلبات وبعدها بشهور وفى مارس 2012 تم إعادة محاكمة محمد الظواهرى فى قضية «العائدون من ألبانيا»، وأفرج عنه وذهبت وقابلت «محمد الظواهرى» وطلبت منه أنه يعيد لى زوجى وقالى لى هاتيلى تفويض من رئاسة الجمهورية وأنا هرجعهم ويقصد محمد زوجى ومن معه وأبلغت ده للرئيس محمد مرسى ووقتها ضحك ضحكة غريبة وقال: خلينا نتواصل مع الظواهرى ونشوف هو هيعمل إيه عشان بعدها نعطيه التفويض.
∎وسألت دعاء طيب لماذا لم يعود زوجك ومن معه بعد الإفراج عن محمد الظواهرى أليست هذه هى طلبات مختطفيه ؟
-لأن الموضوع اتضح أنه كبير جداً وإن جيش الإسلام قد حدث خلاف بينه وبين أحد الجماعات الجهادية فى سيناء وعرفت فيما بعد أن هذه الجماعات هى فى الأساس من قامت بخطف زوجى وزملائه وكانوا قد سلموهم لجيش الإسلام وعندما وافق جيش الإسلام على الإفراج عن محمد ومن معه اختلفوا مع مختطفيه الأصليين لأن الجماعة الجهادية لها طلبات أخرى غير الإفراج عن محمد الظواهرى لا أستطيع أن أذكرها الآن!!
∎إذن ما دخل حركة حماس فى الموضوع؟!
- سأقول لك شيئا ذهبت إلى سيناء وقصدت أن أذهب إلى غزة عن طريق الأنفاق وبالفعل قمت بدفع رسوم الدخول عبر النفق وأنا الحقيقة لم أدفعها ولكن دفعها لى شيخ من فلسطين له بيت فى رفح المصرية وعلمت أن أجرة العبور عبر النفق تتراوح ما بين «30 إلى 50 دولار»، والمهم ذهبت إلى غزة عبر النفق لأنى كنت أعلم تماماً أن المخابرات لن تسمح لى بالذهاب عبر معبر رفح
- أردت أن أٍقابل ممتاز دغمش قائد جيش الإسلام أو أى شخص من طرفه ولكن هذا لم يحدث إلا أنى تأكدت تمام التأكيد بأن حركة حماس على علم تام بكل من يدخل ويخرج من مصر إلى غزة عبر الأنفاق حتى أن هناك وزارة فى حكومة حماس اسمها «وزارة الأنفاق» يعنى لو حماس مش هى اللى خطفت محمد أكيد هتعرف مين اللى خطفه!!
∎وهل عثرتم على سيارة زوجك أم هى مختفية أيضاً؟!
- وجدنا السيارة بعد حادثة اختفاء زوجى ومن معه محروقة بعد خمسة كيلو من العريش باتجاه الإسماعيلية وكان جنبها شنطة ملابس أمين الشرطة «وليد سعد الدين عبدالمقصود» ولا أعلم حتى الآن ما دخل ملابس أمين الشرطة المفقود فى سيناء بمكان سيارة زوجى الذى كان يحمل معه زميليه الضابطين الآخرين فى طريق عودتهم إلى «الدقهلية» إلا أن هذا اللغز هو بداية شقاء أسر الأربعة المخطوفين والتى هى مستمرة حتى اليوم، وكل يوم ولادى «ردينة» 6 سنين وابنى «مصطفى» 4 سنين بيسألوا عن أبيهم راح فينوبنتى بتقولى يا ماما كل آباء زملائى بيروحوا ويرجعوا من الشغل إلا بابا!.