بهاء أبو شقة: قانون الإجراءات الجنائية هو "الدستور الثاني" للدولة    هل يمكن للذكاء الاصطناعي إلغاء دور الأب والأم والمدرسة؟    سعر السكر والأرز والسلع الأساسية في الأسواق اليوم الجمعة 16 مايو 2025    البنك المركزي يطرح أذون خزانة محلية بقيمة 75 مليار جنيه الأحد المقبل    بيان مهم من العمل بشأن فرص عمل الإمارات.. تفاصيل    ندوة علمية تناقش المنازعات والمطالبات في عقود التشييد -(تفاصيل)    خطوات التسجيل للحصول على منحة العمالة غير المنتظمة بقيمة 1500 جنيه    رسميًا بعد الانخفاض الجديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الجمعة 16 مايو 2025    «الجانب الأفضل» في رحلة علاج السرطان.. الملك تشارلز يوضح    مستشار ألمانيا: العقوبات الأوروبية الجديدة ضد روسيا جاهزة وستُعتمد في 20 مايو    صفقات بمئات المليارات وتحولات سياسية مفاجئة.. حصاد زيارة ترامب إلى دول الخليج    الحوثيون يعلنون حظر الملاحة الجوية على مطار اللد-بن جوريون    رسالة إلى عظيم أمريكا.. داعية سلفي شهير يدعو ترامب إلى الإسلام (فيديو)    برشلونة يحقق أرقاما قياسية بالجملة فى طريقه لحصد لقب الدوري الإسباني    ليست ورقة في نتيجة.. أسامة كمال: عرّفوا أولادكم يعني إيه نكبة.. احكوها وورّثوها كأسمائكم    برشلونة يتوج رسميًا بلقب الدوري الإسباني للمرة ال28 في تاريخه    بعد قرار لجنة التظلمات.. ماذا يحتاج الأهلي للتتويج بالدوري المصري؟    "بعد الهزيمة من المغرب".. موعد مباراة منتخب مصر للشباب المقبلة في أمم أفريقيا    «يتمنى اختفاء الفيديو».. قناة الأهلي تهاجم حازم إمام وتستعرض مقطعا مثيرا    النصر للتعدين يواجه أسمنت أسيوط.. والأقصر يصطدم ب مسار في ترقي المحترفين    مصرع صغير وإصابة 21 آخرين في انقلاب سيارة عمالة زراعية في البحيرة    كمين شرطة مزيف.. السجن 10 سنوات ل 13 متهمًا سرقوا 790 هاتف محمول بالإكراه في الإسكندرية    الأرصاد تحذر: موجة شديدة الحرارة تضرب البلاد اليوم    حريق بأشجار يمتد لسطح منزلين بسوهاج.. والحماية المدنية تتدخل    دون إصابات.. سقوط سيارة في ترعة بالغربية    الثانوية العامة.. ننشر جدول مدارس المتفوقين STEM المُعدل    بالصور.. انهيار الفنانة أمل رزق من البكاء بحفل زفاف ابنتها "هيا"    25 صورة من عقد قران منة عدلي القيعي ويوسف حشيش    رامي جمال يعلن عن موعد طرح ألبومه الجديد ويطلب مساعدة الجمهور في اختيار اسمه    الكاتب صنع الله إبراهيم (سلامتك).. الوسط الثقافي ينتفض من أجل مؤلف «ذات».. بين الأدب وغرفة العمليات.. «صنع الله» يحظى باهتمام رئاسي ورعاية طبية    الرؤى متعارضة.. خلافات ترامب ونتنياهو تُحدد مصير «الشرق الأوسط»    الأهلي يمهل ثنائي الفريق فرصة أخيرة قبل الإطاحة بهما.. تقرير يكشف    لقب الدوري السعودي يزين المسيرة الأسطورية لكريم بنزيما    محاكمة متهم بجلب «الاستروكس» وبيعه في دار السلام    إعلان أسماء الفائزين بجوائز معرض الدوحة الدولي للكتاب.. اعرفهم    بعد زيارة ترامب له.. ماذا تعرف عن جامع الشيخ زايد في الإمارات؟    النائب إيهاب منصور يطالب بوقف إخلاء المؤسسات الثقافية وتحويلها لأغراض أخرى    سعر الذهب اليوم الجمعة 16 مايو محليا وعالميا بعد الانخفاض.. بكام عيار 21 الآن؟    أخبار × 24 ساعة.. الحكومة: جهود متواصلة لتأمين المخزون الاستراتيجى للقمح    حيازة أسلحة بيضاء.. حبس متهم باليلطجة في باب الشعرية    عرض على 5 أندية.. غموض حول مصير ساني مع بايرن ميونيخ    دعمًا للمبادرة الرئاسية.. «حماة الوطن» بالمنيا يشارك في حملة التبرع بالدم| صور    بسنت شوقي: نجاح دوري في «وتقابل حبيب» فرق معي جماهيريًا وفنيًا    وزير التعليم يتخذ قرارات جريئة لدعم معلمي الحصة ورفع كفاءة العملية التعليمية    أمين الفتوى: التجرؤ على إصدار الفتوى بغير علم كبيرة من الكبائر    البحيرة: الكشف على 637 مواطنا من مرضى العيون وتوفير 275 نظارة طبية بقرية واقد بكوم حمادة    استعدادا للامتحانات، أطعمة ومشروبات تساعد الطلاب على التركيز    ما حكم الأذان والإقامة للمنفرد؟.. اعرف رد الإفتاء    هل يجوز الزيادة في الأمور التعبدية؟.. خالد الجندي يوضح    بمشاركة واسعة من المؤسسات.. جامعة سيناء فرع القنطرة تنظم النسخة الثالثة من ملتقى التوظيف    جدول مواعيد امتحانات الترم الثاني 2025 في محافظة مطروح لجميع المراحل (رسميًا)    طريقة عمل القرع العسلي، تحلية لذيذة ومن صنع يديك    دايت من غير حرمان.. 6 خطوات بسيطة لتقليل السعرات الحرارية بدون معاناة    تيسير مطر: توجيهات الرئيس السيسى بتطوير التعليم تستهدف إعداد جيل قادر على مواجهة التحديات    محافظ الجيزة: عمال مصر الركيزة الأساسية لكل تقدم اقتصادي وتنموي    موريتانيا.. فتوى رسمية بتحريم تناول الدجاج الوارد من الصين    "الصحة" تفتح تحقيقا عاجلا في واقعة سيارة الإسعاف    "الأوقاف" تعلن موضع خطبة الجمعة غدا.. تعرف عليها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"العدالة الانتقالية ".. الفريضة الغائبة فى الثورة المصرية
نشر في صباح الخير يوم 26 - 02 - 2013

على الرغم من أن مفهوم (العدالة الانتقالية) ظهر فى أعقاب الحرب العالمية الثانية، فإن حضوره تكثف بشكل خاص منذ سبعينيات القرن العشرين، فمنذ ذلك الحين شهد العالم أكثر من 30 تجربة للعدالة الانتقاليةوقد طرحت لجنة حقوق الانسان بمجلس الشورى مصطلح العدالة الانتقالية وأكد أعضاء اللجنة يهدفون إلى ترويج المصطلح عبر وسائل الإعلام وطرحه للرأى العام مؤكدين أن العفو من مبادئ الشريعة الإسلاميةومع عودة هذا المفهوم للظهور من جديد - مع ثورات الربيع العربى- بات من الضرورى العمل على فهم واستيعاب ما يعنيه هذا المصطلح، خاصة إذا ما أخذنا فى الاعتبار حالة الغموض التى تكتنف المقطع الثانى من المصطلح؛ وأقصد هنا «الانتقالية»، إذ يثور السؤال: هل توجد عدالة انتقالية؟ وما الفرق بينها وبين العدالة التقليدية ؟! وهل يمكن أن نطلق - تجاوزاً- تعبير (الفريضة الغائبة).

مما لاشك فيه أن العدالة الانتقالية تختلف عن العدالة التقليدية فى كونها مختصة بالفترات الانتقالية مثل: الانتقال من حالة نزاع داخلى مسلح إلى حالة السلم أو الانتقال من حكم سياسى تسلطى إلى حالة الحكم الديمقراطى.. إلخ وكل هذه المراحل تواكبها فى العادة بعض الإجراءات الإصلاحية الضرورية سعياً لجبر الأضرار لضحايا الانتهاكات الخطيرة التى جرت قبل المرحلة الانتقالية، أى أنها تكييف للعدالة على النحو الذى يلائم مجتمعات تخوض مرحلة من التحولات فى أعقاب حقبة من تفشى انتهاكات حقوق الإنسان؛ وبعبارة أخرى يربط مفهوم العدالة الانتقالية بين مفهومين هما العدالة والانتقال، بحيث يعنى تحقيق العدالة أثناء المرحلة الانتقالية التى تمر بها دولة من الدول.

∎ المغرب خير مثال
ولعل التجربة المغربية كانت خير مثال - فى عالمنا العربى- على الرغبة فى الأخذ بهذا المفهوم والعمل على تطبيقه، وأذكر أننى خلال زيارتى للمغرب فى صيف عام 2001 - ولم أكن أدرك وقتها ما يعنيه هذا المفهوم- مصاحبا لمنتخبنا الوطنى لكرة القدم لتغطية فعاليات المباراة الحاسمة أمام المنتخب المغربى فى إقصائيات كأس العالم 2002، وخلال حفل أقامته إحدى الصحف لتكريم نجوم الكرة العربية بأحد فنادق الرباط، أتيحت لى الفرصة لمتابعة ندوة اكتشفت أنها لأحد ضحايا ( سنوات الجمر أو الرصاص) - كما يطلق عليها فى الأدبيات المغربية ،والتى شهدت تنكيلا بالمعارضين لنظام الملك الراحل الحسن، وهذه الندوة ما هى إلا جزء من منظومة متكاملة أتاحها الملك الشاب محمد السادس لضحايا هذه الفترة للحديث عن هذه المرحلة الصعبة، بل محاكمة جلاديهم والحصول على تعويضات من الحكومة المغربية من خلال هيئة (الإنصاف والمصالحة)، وهى تجربة ارتبطت بشكل أساسى بتوفر إرادة سياسية شكلت أرضية للإصلاحات التى انخرط فيها المغرب، بل إن بعض المراقبين يرون أن القيمة الأساسية التى تميز التجربة المغربية إشراك المعارضة وفتح ملفات الانتهاكات وتعويض الضحايا.

∎ شكلاً لا مضموناً
وبسؤال د. سمر يوسف سعفان.. مديرة (منتدى الحوار والمشاركة من أجل التنمية) عن إمكانية تطبيق العدالة الانتقالية فى مصر، قالت: «عرف التاريخ السياسى لمفهوم العدالة الانتقالية فى فترات التحول الديمقراطى للأنظمة السياسية، وتمثل أهم عناصرها فى الملاحقات القضائية، جبر الضرر، إصلاح المؤسسات، ووسائل التحقق من المعلومات.. وعند تتبع عناصر العدالة الانتقالية فى مصر نجد أننا قد نكون ركزنا عليها شكلاً فقط لا مضموناً، فنجد أن عدم تحديد تعريف واضح لمن هم مرتكبو جرائم الثورة يؤدى بالضرورة إلى دخول القضاء فى متاهة المحاكمات ونجدنا فى فزاعة البراءات، لأننا لم نحدد بعد من هم مرتكبو الجرائم، وبالتالى تفقد أهم عناصر العدالة الانتقالية لفعالياتها، وهى الملاحقات القضائية».

وأضافت:«أما (جبر الضرر)، فوجدنا جميع حكومات ما بعد الثورة تعترف بالأضرار وبالجرائم التى ترتكب ضد الشعب، ولكنها أبداً لم تضع خطوات لمعالجة تلك الأضرار، سوى دفع التعويضات المالية لأسر الشهداء والمصابين، أو مانسميه فوضى التعويضات وتأخرها وسوء تقديم خدماتها، وذلك نتيجة عدم تكوين هيئة أو مجلس فاعل معه كل الصلاحيات لسرعة إنجاز مهام الرعاية الصحية للمصابين والتعويضات الناجزة للشهداء، وحين ننتقل إلى إصلاح المؤسسات، فإن كل مفردات اللغة تعجز عن وصف التأخر الرهيب فى تقديم آليات لإصلاح المؤسسات وليست قرارات بتغيير أوجه الشخوص وإحلال رجال النظام الجديد محل رجال النظام القديم دون تغيير حقيقى فى السياسات واللوائح الداخلية ومن ثم حدث تدهور للمؤسسات وانهيار لأدوارها الحقيقية.. وهو ما ينقلنا مباشرة لوسائل التحقق من المعلومات التى تاهت بين جنباتها المعلومات والحقائق، فقد فقدت كل لجان تقصى الحقائق - التى تعد من أهم أشكال وسائل التحقق من المعلومات - القدرة أو قل لم تتمكن من جمع الأدلة لإنصاف الضحايا، وهو ما يعنى أننا نتخذ (شكلاً) عناصر العدالة الانتقالية وليس (موضوعاً)، بل إن الواقع الفعلى يؤكد أن الدولة المصرية انتقلت بشكل حقيقى من نظام مستبد إلى نظام أكثر استبداداً وعنفاً وجهلاً بأدوات الدولة الرشيدة وإهداراً لمقومات العدالة الانتقالية فى مرحلة انتقالية قد تستمر طويلاً».

أما الناشط الحقوقى والمحامى سعيد عبد الحافظ فأوضح أن الوضع الحالى فى مصر لا يسمح بتطبيق منهج العدالة الانتقالية كإحدى الآليات الرئيسية فى القصاص من مرتكبى الجرائم ضد المواطنين، وأنه إن لم تتوافر الإرادة السياسية الحقيقية لمحاسبة رموز النظام السابق بشكل جدى عن الجرائم التى ارتكبوها فلا أمل فى هذا النوع من العدالة، مؤكدا أنه «لايمكن تحقيق العدالة الانتقالية فى ظل مجتمع يعانى من ضعف وتردى مؤسساته، فضلا عن انفلات أمنى واضح فى ظل عدم رغبة أو عدم قدرة الجهاز الشرطى على العمل لتحقيق الأمن»،متسائلاً:

كيف يمكن تحقيق العدالة الانتقالية فى ظل أزمة مالية طاحنة ووضع اقتصادى متدهور؟. ولعل أهم شروط تحقيق العدالة الانتقالية - إذا أردنا - هى الإرادة السياسية وهى لازمة لإصدار القوانين اللازمة وتفعيل عمل مؤسسات الدولة.. وسيادة القانون، وذلك بالبعد قدر الإمكان عن القوانين الاستثنائية وقانون الطوارئ، والعمل على استقلال السلطة القضائية، وهو من الضروريات لتفعيل العدالة الانتقالية وأخيراً لابد من تشكيل محكمة متخصصة لمعاقبة جرائم النظام السابق ورموزه للتغلب على ظاهرة بطء إجراءات التقاضى فى مصر؛ لأن القانون الجنائى المصرى لا يعرف مثل هذه الجرائم ولا يعاقب عليها.

∎ العدالة الانتقامية!

ويشدد ناصر أبو العيون.. رئيس مجلس إدارة (جمعية حقوق الإنسان) بأسيوط على أن العدالة الانتقالية لا تعنى أبدا الثأر والانتقام، ولكنها تعنى الوصول إلى حل وسط بين الحاكم والمحكوم، بين مرتكب الانتهاكات وضحاياه، لإعادة بناء وطن للمستقبل يسع الجميع قوامه احترام حقوق الإنسان والديمقراطية وسيادة القانون، مضيفاً:«أخشى أن يكون ما سمعناه منذ فترة عن نية مجلس الشورى فى إصدار قانون للعدالة الانتقالية هو تجسيد لرغبة إخوانية فى الانتقام ،لكن التعجيل بإصداره سيساهم بشكل كبير فى تصحيح مسار الثورة ليس هذا فقط، ولكنه سيحقق أيضا أحد أهم أهداف الثورة الثلاثة وهى العدالة التى نرجوها».


أما صفاء على حسن، الناشطة الحقوقية والمدير التنفيذى للجمعية الوطنية للدفاع عن الحقوق والحريات NADRF فتؤكد أن الأمم المتحدة وضعت تعريفاً للعدالة الانتقالية يقول (كامل نطاق العمليات والآليات المرتبطة بالمحاولات التى يبذلها المجتمع لتفهم تركة من تجاوزات الماضى الواسعة النطاق بغية كفالة المساءلة وإقامة العدالة وتحقيق المصالحة)، أى أنها منظومة من القرارات التى يتخذها المجتمع والدولة بهدف تحقيق الاعتراف الواجب بما تكبدته الضحايا من انتهاكات ومحاسبة مرتكبيها، مضيفة: «ويستطيع القراء من خلال هذا التعريف أن يحددوا وضع مصر من تطبيق العدالة الانتقالية.. فالإجابة مفتوحة على كل المستويات، خاصة من أهالى وأسر الضحايا».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.