منذ ستة أشهر طفت على السطح قضية نجلاء وفا المحتجزة بالسجون السعودية بوشاية من إحدى أميرات الأسرة المالكة، وتناقلت الصحف والفضائيات أخبارها بكثافة، وكان ل«صباح الخير» السبق فى عرض مذكراتها من محبسها والحديث مع والدها وأبنائها، ورغم استجابة الخارجية لما تم نشره بالمجلة، وإرسالها فاكس تذكر فيه أن هناك خطوات جادة تتخذها الإدارة المصرية من جانبها للإفراج عنها، وهو نفس ماذكره مندوب رئاسة الجمهورية لوالدها الطبيب يحيى وفا، طالبا منه عدم التحدث فى وسائل الإعلام مرة أخرى حتى تأخذ المفاوضات الرسمية مجراها، وتتمكن الدبلوماسية المصرية من إعادتها إلى أرض الوطن، وسكت الإعلام بناء على طلب الرئاسة وماتت القضية، واليوم يتجدد الحديث عن معاناة المصريين فى الخارج ولكن هذه المرة من السودان، حيث يتواجد المدون والناشط السياسى «حسام عامر» ملقى على أحد أسرة مستشفيات السودان يصارع الموت بعد إضرابه عن الطعام لمدة تزيد على ثمانين يوما يعيش فيها على الماء والمحاليل الطبية مطالبا باستعادة حقوقه التى نهبها منه أحد ضباط المخابرات السودانية. لم أصدق ذلك فى البداية عندما ذكره لى أخوه عماد عامر، مما جعلنى أصر على الاتصال به شخصيا فى السودان لمعرفة القصة من صاحبها، وعندما جاءنى صوته الهزيل عبر الهاتف وقبل الخوض فى أية تفاصيل تأكدت يقينا أن كل ما ذكر لى عن حالة هذا الشاب صحيح، ورغم الإعياء الشديد إلا أن فرحته بدت واضحة لأن أحدا ما تذكره من وطنه وقرر أن يساعده حتى ولو بمجرد نشر قضيته وإيصالها للمسئولين.
يقول حسام: جئت إلى السودان منفيا، فأنا ضحية استبداد مبارك ومن خلفوه، وترجع قصتى إلى عام 2009 حيث أنشأت مدونة «شلوت مزدوج» على الإنترنت، عارضت من خلالها نظام مبارك عن طريق كتاباتى ومقالاتى المتتالية، وقد لاقت مدونتى رواجا كبيرا وسط الشباب حيث كان يزورها يوميا الآلاف، فتم التنكيل بى من قبل أمن الدولة وتضييق المعيشة على وإجبارى على الخروج من البلاد، فحاولت السفر إلى ليبيا، لكن رجال الحدود والجمارك المصرية تعنتوا معى فى إتمام إجراءات سفرى إلى هناك، ولم أجد أمامى غير السفر للسودان لعدم احتياجها لتأشيرة دخول، وبالفعل سافرت إليها فى ديسمبر 9002، وتعاقدت أولاً مع الجمعية السودانية لجراحة المخ والأعصاب وكنت المستشار الفنى لها، ثم تعاقدت بعد ذلك مع مستشفى الشعب التعليمى بالخرطوم كمطور ومدير للموقع الإلكترونى بها، وظللت أناضل بكتاباتى عن بعد، وقد شاركت فى ثورة 52 يناير وما تلاها من أحداث من خلال مقالاتى التى نددت فيها بالمتآمرين ضد الثورة، وذلك لعدم تمكنى من الحضور لمصر والمشاركة بشكل فعلى فى الثورة، كل ذلك بجانب عملى كمدير لموقع مستشفى الشعب الإلكترونى، الذى كان يعود علىَّ بدخل معقول، مما جعلنى أفكر فى مضاعفة هذا الدخل عن طريق افتتاح مشروع خاص، وبالفعل وضعت كل مدخراتى فى تجهيز مشروع مطعم، واستأجرت المكان من سيدة تدعى آمال حسن سهل وهى عضو ناشط فى الحزب الحاكم - حزب المؤتمر الوطنى - وعضوة باللجنة الشعبية ومتعاونة مع المخابرات السودانية وبعد تجهيز المكان وتحويله إلى مطعم وشراء الأدوات اللازمة لذلك، بدأ العمل بالمطعم لعدة أيام فوجئت بعدها بإغلاق المحل بالجنازير الحديدية وعندما استفسرت منها عن الأمر هددتنى بالقتل وحذرتنى من دخول المحل مرة أخرى وسبتنى وسبت مصر، وختمت حديثها معى بتهديدى باستخدام منصبها فى الحزب الحاكم وعملها فى المخابرات ضدى فى حال تقديمى شكاوى وبلاغات ضدها، ولكنى لم أهتم بكل هذه التهديدات وسارعت بتقديم بلاغات ضدها وأرفقت بها صورة إيصال تسديد إيجار المحل لعام كامل قادم، وذلك بعد أن ادعت عدم تسديدى للإيجار، ورغم ذلك فقد قام قسم الشرطة والنيابة بوقف التحقيق فى البلاغ، ومع ذلك استمررت فى دق كل الأبواب ولم ينتابنى اليأس، لكن سطوة ونفوذ تلك السيدة ظل تلاحقنى فى كل مكان، فى ظل صمت وتخاذل مهين من جانب السفارة المصرية فى السودان التى لجأت لها أكثر من مرة لتساعدنى فى استرداد حقوقى، حتى قررت الدخول فى اعتصام أمام السفارة المصرية فى الخرطوم وإضراب مفتوح عن الطعام لمطالبة السلطات المصرية بالتدخل الجدى أو مقابلة الرئيس السودانى عمر البشير شخصيا لسرد القصة عليه. ∎ المجهول المصرى ويحكى حسام ماتعرض له من تعذيب وخطف على يد المخابرات السودانية حيث يقول: تم خطفى وتعذيبى مرتين لإجبارى على التنازل عما قمت به من قضايا وبلاغات، واستمر اعتقالى ل11 يوما فى المرة الأولى والتى كانت بتاريخ 82 سبتمبر الماضى تعرضت خلالها للضرب والتنكيل والتهديد بضرورة التنازل وتم إطلاق سراحى، وعندما رفضت التنازل واستمررت فى إضرابى عن الطعام مطالبا بتوصيل مظلمتى للرئيس السودانى عمر البشير لكى استعيد أموالى تم اعتقالى للمرة الثانية بتاريخ 11 أكتوبر الماضى على يد المخابرات السودانية وحرس الرئيس السودانى عمر البشير ، واستمر هذا الاعتقال لمدة 5 أيام قبل أن تنقلنى المخابرات فى سرية تامة إلى مستشفى الخرطوم التعليمى بعد تدهور حالتى الصحية والتى احتجزت فيها تحت اسم المجهول المصرى.
وعن دور السفارة المصرية فى الخرطوم يقول: أشعر بخيبة أمل من إهمالهم لى وعدم سعيهم لاستعادة حقى الضائع، والمرة الوحيدة التى زارنى فيها مسئول كانت داخل عربة الإسعاف، حيث أرسلتنى مستشفى الخرطوم للتأكد من سلامة قواى العقلية فى أحد مستشفيات الأمراض العقلية بالخرطوم فى محاولة للتخلص منى لكنهم فشلوا وظهر تقرير المستشفى يوضح سلامة قواى العقلية، فعادت بى عربة الإسعاف مره أخرى إلى مستشفى الخرطوم وتوقفت أمام المدخل لمدة ساعتين وأنا بداخلها وقتها زارنى القنصل المصرى وموظف بالسفارة المصرية يدعى جمال حيث طلبا منى فك الإضراب عن الطعام ولكننى أشرت لهما بالرفض، فقال لى القنصل «على فكرة الموبايل اللى معاك ده غلط عليك» ثم غادرا العربة، لم أفهم وقتها مغزى الكلمات إلا بعد أن وجدت ثلاثة مخبرين ضخام الجثة يقومون بتفتيشى بشكل همجى ويجردوننى من ملابسى ووجدت نفسى أثور وأنفعل و لا أعلم كيف تمكنت من ذلك برغم كل ما أشعر به من آلام وظللت أقاومهم فقاموا بضربى وتكتيفى والبصق على وجهى، وفى النهاية تمكنوا من تجريدى من ملابسى ونزلوا بها من عربة الإسعاف وكان القنصل ومن يرافقه ما زالوا بالخارج ينتظرون، ثم قاموا بتفتيش الملابس جيداً حتى عثروا على الموبايل وأخذوه ثم عادوا إلى عربة الإسعاف وألقوا بالملابس فوقى وغادروا سيارة الإسعاف و أغلقوا بابها وأنا بداخلها ثم غادروا المكان ومعهم القنصل المصرى الذى أشرف على كل ما يحدث إشرافا كاملاً، وأخذ منهم الموبايل، والهدف الرئيسى من أخد الموبايل معرفة أرقام اصدقائى الذين يقومون بالتواصل معى والاتصال بهم وتهديدهم وتحذيرهم من نشر أى خبر أو معلومة عنى أو على لسانى، ثم أعادوا الموبايل لى مرة أخرى فى حوالى الساعة 12 صباحاً.
∎ مناشدات للمسئولين بلا طائل ومن حسام إلى شقيقه عماد الذى يقول: أرسلت فاكس لمساعد وزير الخارجية للشئون القنصلية والمصريين بالخارج يوم 18 نوفمبر، كما أرسلت تلغرافا لسفارة مصر بالخرطوم ووزارة الخارجية بل رئاسة الجمهورية استنجد بهم بأن ينقذوا أخى، حيث ساءت حالته الصحية جدا فى مستشفى الخرطوم لعدم وجود الرعاية الصحية الكاملة، ولولا قيام بعض الأصدقاء بنقل حسام بشكل فورى وعاجل إلى أحد المستشفيات الخاصة التى قامت برعايته ووضع المحاليل الدائمة له وشُرب السوائل وإعطائه اللازم من العلاج للحفاظ على سلامة أعضاء جسده، لكان فارق الحياة متأثرا بتدهور صحته، وكم الإهمال المتعمد الذى أصابه منذ أن كان متواجدا فى مستشفى الخرطوم التعليمى، مضيفا أن جواز سفر حسام منتهى الصلاحية من فترة وتتعنت السفارة المصرية فى الخرطوم فى تجديده له، مما يعنى ان السلطات المصرية لا ترغب فى تواجد عامر على أرض وطنه، وللأسف نحن لا نستطيع الذهاب إليه لإقناعه بالعدول عن الإضراب، فبعد الثورة أصبحت حالتنا المادية بالغة الصعوبة، كما أنه شخص عنيد ولن يتنازل عن «شقى عمره» بسهوله. الجميع تخلى عنه أما رغدة أحمد وهى ناشطة سياسية وأحد أصدقاء حسام المقربين والتى تتصل به كل فترة ليقوم بإملائها مقالاته أو أخباره لتقوم هى بنشرها على المدونة وعلى صفحة الفيس بوك التى أنشئت لمناصرة حسام، تقول: حاولت إيصال صوته بشتى الطرق، وتواصلت مع كثير من الإعلاميين والصحفيين لعرض قضيته عليهم، ورغم الوعود بالنشر ومحاولة حل القضية لا أحد يحرك ساكنا، ∎