أعيش أيامى لتتابع ثوانى العمر وهى تتقافز على حبل مغزول من ضحكاتى ودموعى، أشهد لحظات العمر منسابة من نهر لحظات الحب إلى بحر الواقع المزدحم بأمواج من أكاذيب متعددة الأوجه. ولأنى سيد ذاكرتى وأسيرها فى آن واحد، أستعيد اللحظات التى بنيت فيها قصورا من عشق لا ينفد منه- أبدا- عطر الياسمين الذى كنت أدخر ثمنه من قروشى القليلة التى لم تكن تكفى لسندويتشات الفول.
[أنور السادات]
أضحك عندما أجد فى الذاكرة واحداً من سادة الصدق الضاحك والموخز أيضا، أرى الكاتب محمود السعدنى أثناء رئاسته لتحرير صباح الخير، وهو من تبادل معى ثقة بغير حدود لمجرد أن قرأ لى التحقيق الصحفى الذى كلفنى به، عن لقاء كبار الصحفيين الذين شارفوا على النهاية، أحمد الصاوى محمد رئيس تحرير الأهرام قبل أن يولد الأهرام من جديد معاصرا وله تاريخ بموهبة لا نظير لها، وأعنى بها موهبة أستاذ أساتذة الصحافة محمد حسنين هيكل، ومن الصحفيين الكبار الذين التقيتهم محمد التابعى الذى تحول من كاتب فى مجلس النواب إلى رئيس تحرير لروز اليوسف قبل أن يؤسس مجلة آخر ساعة والتى كانت هى الرحم الذى ولدت منه مؤسسة أخبار اليوم، وفكرى أباظة الذى اشتهر بأنه الضاحك الباكى.
[مأمون الهضيبي]
بعد أن قرأ التحقيق قال لى: «من الذى تأثرت بلقائه أكثر من غيره؟»، ضحكت هامسا: تأثرت كثيرا بلقاء محمد التابعى الذى سمعت الكثير عنه من أستاذنا إحسان عبد القدوس، سمعت من أستاذنا إحسان أن التابعى كان يعيد المقال للكاتب إن نسى النقطة على حرف ما، وكان يرى قداسة حركة القلم على الورق، وتأثرت متعجبا مما تفعله الشيخوخة بالكاتب، فقد استقبلنى بالفانلة الداخلية وبنطلون البيجاما فى حرارة يوليو، وكان مشغولا بالحوار مع محمصة طرطوس بالإسكندرية ليطلب من صاحبها كيلو فستق حلبى، ويرجوه بلهجة أقرب للتوسل منها إلى الأمر بالشراء، بأن يبحث بأى طريقة عن صندوق كريز، ولم يصافحنى إلا أن وجه اللوم لخادمة المنزل معاتبا إياها بقسوة، لأنها اشترت فرشاة أسنان لزوجته على نفقته وكان عليها أن تأخذ ثمنها من الزوجة.
[منصور حسن]
قال محمود السعدنى «هذا اللورد الكبير غاضب لأن زوجته اشترت فرشاة أسنان على حسابه بينما كان يطلب الفستق والكريز؟ اسأل لنا طبيباً نفسياً من أصدقائك عن تفسير لذلك، لا لكى تكتبه، ولكن لنفهم كيف ستصير أحوالنا عندما نتعدى السبعين»، أضحك للعم محمود قائلا: «لعله كان يتذكر بالفستق والكريز أيام العشق مع أسمهان، ولسنا فى حاجة لسؤال طبيب نفسى، لأن قراءة مسرحية سترسبرج «رقصة الموت» تغنى عن ذلك». وما أن نطقت اسم الكاتب المسرحى حتى وجدت محمود السعدنى يتذكر تفاصيل المسرحية والتى قال لى أنه شاهدها فى لندن. ولم أجد بدا من سؤال العم محمود «زرت العديد من البلدان وسهرت فى الأسواق والموالد، ولم تكن تنام إلا مع الفجر، فمن أين كنت تأتى بالوقت لتقرأ مقدمة ابن خلدون ورحلات ابن بطوطة، والمقريزى وإبن أياس ؟» أجابنى «قرأت كل ذلك فى سنوات الشباب الأولى؛ دائما أجد وقتا للقراءة»، قال ذلك وهو لم يكن قد وصل إلى الخمسين.
[محمود السعدني]
أحسد بينى وبين نفسى العم محمود وأعلن له ذلك فيضحك متسائلا «ولماذا الحسد؟» فأجيب لأنك تجد وقتا لنوعين من القراءة، قراءة البشر وقراءة التاريخ، وضحكت متذكرا ما رواه فى كتابه «مصر من تانى » عن الحرافيش الذين سرقوا جثمان «شجرة الدر» ليغتصبوها وهى ميتة، وطبعا تم الاغتصاب ثم بعد أن فكوا دكة سروالها التى كانت مشدودة بحبل من حرير وفى طرفى الحبل لؤلؤتين كل لؤلؤة منها فى حجم البيضة.
و لم أنس هذا الحديث لأنه دار فى صباح يوم استشهاد جمال عبد الناصر، فكل لحظات هذا اليوم محفورة فى الذاكرة. وطبعا لم أتخيل مشاهدة أستاذنا كامل زهيرى وهو يبكى كأن عبد الناصر هو والده، أما أنا فلم أجد دموعا لأنى كنت مشغولا بمتابعة الصراع السياسى الذى بدت ملامحه فور صعود روح الزعيم إلى خالقها. ولا أنكر أنى أحسست بلون من المواساة حين رأيت أستاذنا محمد حسنين هيكل يبرز تعزية زكريا محيى الدين فى افتقاد مصر لزعيمها. وقد أصاب هذا الإبراز كافة القوى السياسية العاملة على المسرح بارتباك، فعلى صبرى الزاحف إلى منصب القائد والمتطلع إليه بحكم كونه نائبا للرئيس عبد الناصر ظن أن حرب هيكل معه لم تنته، وأنور السادات الذى كان نائبا لعبد الناصر تذكر الليالى التى كانت زوجته السيدة جيهان تقوم بتقشير الخيار وإعداد طبق الجبنة البيضاء بالزيت الزيتون والطماطم، وتقمير العيش فى الفرن المنزلى، انتظارا لمجىء جمال عبد الناصر ليتناول عشاءه عندهم، وكان الزعيم الكبير يستريح لأحاديث السادات ونكاته، إلى الدرجة التى قيل فيها أن مزاج عبد الناصر كان لا يصبح رائقا إلا بموعد العشاء على الجبنة البيضا الممزوجة بزيت الزيتون والتى تجيد السيدة جيهان إعدادها بشكل متميز. ولكن عندما مات عبد الناصر فالصراع الآن سيكون ضاريا بين السادات وبين بقية أعضاء مكتب جمال عبد الناصر.
[عثمان أحمد عثمان]
وكان ظهور صورة زكريا محيى الدين هى اختيار صائب من الأستاذ هيكل، فلو أن الجميع التفت أيامها إلى موهبة زكريا محيى الدين السياسية، لما توانوا للحظة واحدة عن تأييده، ولكن الطموح السياسى المكتفى بأن يكون طموحا تابعا منتظرا للترقية من شخص الزعيم، هذا الطموح كلفنا الكثير والكثير.
وهاهو زكريا محيى الدين يغادر دنيانا بعد ترفع عن صغائر الصراع مع من لم يستوعبوا حقائق قدراته السياسية التى كانت تتفوق بشكل قاطع على قدرات السادات وكافة المحيطين بجمال عبد الناصر باستثناء فرد واحد هو أمين هويدى الذى كان وزيرا للحربية بعد هزيمة يونيو ثم مديرا للمخابرات العامة، ثم معتقلا بواسطة السادات.
مازلت أتذكر ملامح العم محمود السعدنى وهو ينشر مسلسلا حواريا كل أسبوع على صفحات صباح الخير مع كل الذين عملوا مع جمال عبد الناصر. وشرح العاملون مع جمال عبد الناصر تفاصيل حياته وأسلوبه اليومى ومدى تأثر البسطاء والكبار به.
تمنيت على العم محمود أن ننشر أى شىء عن رفاق جمال عبد الناصر سواء من أعضاء مجلس الثورة، أمثال حسن إبراهيم قائد الجناح الذى تفرغ للتجارة أو حسين الشافعى الذى اعتصم خلف السادات _وهو من تخلص منه بعد حرب أكتوبر مباشرة _أو زكريا محيى الدين، لكن العم محمود قال إن تلك الحوارات مقصود بها بسطاء العاملين وكبار المسئولين عن تنفيذ أفكار جمال عبد الناصر.
ومازلت أتمنى وأنا أكتب تلك السطور على الكاتب العزيز أكرم السعدنى أن يجمع تلك الحوارات فى كتاب، فمادته موجودة على صفحات صباح الخير .
وما زلت أتذكر كيف زارنا المهندس عثمان أحمد عثمان فى صباح الخير وهو فرح بانتهاء كوبرى الجامعة والذى قامت بتجديده المقاولون العرب. وعن نفسى لم أكن أستريح للقاء المهندس عثمان أحمد عثمان، لأنى أراه لاعبا سياسيا من نوع شديد الخطورة، وقد اكتشفت ذلك أثناء دعوة غداء من السيد زغول كامل أحد كبار العاملين بمكتب الرئيس جمال عبد الناصر، وكان المدعوون هم والد جمال عبد الناصر والحاج أبو الوفا دنقل صاحب شركة أتوبيسات الصعيد والتى تم تأميمها، وكان محل الغداء هو أبو شقرة، ومازلت أتذكر مباراة المديح فى والد جمال عبد الناصر من عثمان أحمد عثمان وأبو الوفا دنقل، وكل منهما خضع للتأميم بشكل أو بآخر. وسمعت من يصف والد جمال عبد الناصر بأنه قطب صوفى من أولياء الله الصالحين لأنه أهدى مصر رجلا فى قامة جمال عبد الناصر، ولكن التعليق الوحيد الذى خرج من فم عثمان أحمد عثمان فى أثناء زيارته لنا عن جمال عبد الناصر '' أراح واستراح .. فقد أرهق نفسه وأرهقنا ''. ومن هذا التعليق يمكن أن نرى بدء تحويل الدفة فى الحديث عن الزعيم الذى رحل. ووصل الأمر من بعد ذلك إلى أن قام عثمان أحمد عثمان بإهالة التراب على قيمة الرجل حين أصدر مذكراته التى بعنوان '' تجربتى '' وهى المذكرات التى أقامت الدنيا وأقعدتها، لأنها كانت بشارة بإعادة استكمال تنظيمات تنتمى للدين وتتهيأ للسيطرة على السلطة. وطبعا كان عثمان هو من أقنع السادات بالتخلص من قوى الشباب التى تظاهرت مطالبة بسرعة القتال، وهو من قام بتقوية تنظيمات الجماعات الإسلامية فى أسيوط وأمد محافظها الأسبق محمد عثمان إسماعيل بالجنازير والأسلحة البيضاء. هذا المحافظ الذى سبق وقام بفصل كبار الصحفيين من مؤسساتهم بدعوى أنهم مناوئون للسادات. وهو من وضع البذرة الأولى للفتنة الطائفية فى أسيوط .
وطبعا حدث ذلك وقت أن خرج العم محمود السعدنى من القاهرة شبه منفى، لأن السادات لم يكن يستريح له، فضلا عن أن العم محمود لم يكن يثق فى السادات، وهو من سبق له العمل معه فى جريدة الجمهورية وكان السادات رئيسا لمجلس إدارتها .
وفى أثناء وجود العم محمود السعدنى فى أبو ظبى عام 1976 سمعنا وقرأنا عن زيارة السادات للشيخ زايد آل نهيان، وهو العاشق لمصر والمحب بغير حدود لمحمود السعدنى، وكان محمود السعدنى يرأس تحرير جريدة الفجر التى ترفع شعار العروبة، وكان قد أرسل لى تذكرة ذهاب لأعاونه فى إصدار الجريدة. ولأننا كنا فى خارج مصر، لذلك وافقنى محمود السعدنى على ضرورة الترحيب بقائد مصر حتى ولو كنا مختلفين معه. وهكذا طبعت صورة السادات على بوسترات كبيرة وكتبت تحتها ''أهلا ببطل الانتصار''، وعندما علم السادات أن تلك البوسترات مطبوعة من جريدة الفجر التى يرأسها محمود السعدنى، لذلك طلب من عثمان أحمد عثمان أن يتصل بالعم محمود كى يرتب اللقاء بينهما. وهكذا وصلنى صوت عثمان أحمد عثمان، طالبا زيارة العم محمود السعدنى، فذهبنا معا لزيارة عثمان فى فندق هيلتون، و بضحكات العم محمود خرج منه سؤال لعثمان أحمد عثمان '' كم تتوقع فترة حكم السادات لمصر ؟ أجاب عثمان '' لن تزيد مدة حكمه عن أحد عشر عاما على أكثر تقدير ''، وطبعا صرخ العم محمود '' يعنى عايزنى أفضل بعيد عن مصر كمان خمس سنين ؟ هل ده معقول ؟ '' فقال عثمان أحمد عثمان '' طبعا بعد أن تلتقى بالسادات يمكنك أن تعود ''. ولكن عدم ثقة العم محمود فى السادات فضلا عن قدراته على التنبؤ بأن رضوخ السادات للولايات المتحدة لابد أن يقود إلى أمر لن تقبله الشعوب العربية، لذلك آثر العم محمود أن يظل خارج مصر.
ظل تقييم عثمان أحمد عثمان لفترة حكم السادات باقيا فى رأسى طوال الوقت، متسائلا '' كيف توقع هذا الأمر ؟ ''. وتذكرت ذلك حين صدرت مذكرات عثمان التى وضعت علاقته بالسادات فى مأزق، فعلى الرغم أنه ارتبط بالسادات بعلاقة مصاهرة، إلا أن صدور تلك المذكرات التى تكشف لأى قارئ مدقق لها عن أن هناك تنظيما قويا للجماعات الإسلامية، وقد تطاول عثمان فى مذكراته على جمال عبد الناصر. واضطر السادات إلى تحويل صهره إلى لجنة تحقيق وقبل استقالته من منصبه كنائب لرئيس الوزراء. واعتذر الرجل عن هذا التطاول .
ومازالت الذاكرة تحفل بصوت عثمان أحمد عثمان وهو يتحدث عن شخص وثيق الصلة بأنور السادات بعد انتهاء حفل زفاف ابنة أحد الوزراء، وحضر السادات الحفل، وعندما اصطف الوزراء لتحية السادات أصر السادات على تخطى يد عثمان الممدودة له بالسلام. وكانت تلك أكبر من قدرة عثمان على الاحتمال فراح يسأل كل من له علاقة بالسادات عن سر تغيره تجاهه وهو صهره، وكانت إجابة الشخص الوثيق الصلة بالسادات '' أستطيع أن أقول لك أنها مجرد قرصة ودن، وأنك تزحلقت بتلك المذكرات على قشرة موز، ونحمد الله أنك لم تنكسر ''. ولم تمر سوى أسابيع قليلة حتى كان اغتيال السادات بعد مرور أحد عشر عاما بالتمام والكمال على حكمه، وصدق توقع عثمان أحمد عثمان، ومازلت أتذكر كيف أراد عثمان كنقيب للمهندسين أن يحتفل بيوم للمهندس المصرى، وأصر على أن يجرى التليفزيون المصرى حوارا معه، وأن يكون المحاور هو طارق حبيب، وفوجئت بالصديقة تماضر توفيق تتصل بى وتقول '' هل من المعقول أن نترك المهندس عثمان أحمد عثمان يوجه كلمات غير مناسبة وهو يتحدث عن الرئيس جمال عبد الناصر ؟ '' فقلت لها '' ولماذا لا تكتمين الصوت عندما تأتى تلك الكلمات على لسانه ؟ '' أجابتنى '' ولكنه شخص مسئول فى الدولة ''، قلت لها '' فليكن مسئولا أو غير مسئول، فهذا التليفزيون أقامه جمال عبد الناصر، ولا يجب أن يصدر منه أى تقليل من شأن هذا الرجل .'' ووافقتنى السيدة الفاضلة قائلة '' حتى ولو صدر قرار بفصلى، فعلينا أن نحترم تاريخ من أضافوا لهذا البلد. '' وطبعا خرج لقاء عثمان مع طارق حبيب وعندما جاء ذكر الكلمات التى تسىء لذكرى جمال عبد الناصر، تحرك فم عثمان مفتوحا ومقفولا دون صوت. وعندما سأل عن السبب قيل له '' خلل فى التسجيل '' وأعلن لى المهندس عثمان يومها أن لعبد الناصر رجال فى الإعلام، فذكرته بقصائد المديح على مائدة أبو شقرة فى حضور والد جمال عبد الناصر وزغلول كامل الرجل الكبير فى مكتب الزعيم الراحل.
طبعا تهجم الذكريات كثيفة بعد أن ظهر الإخوان المسلمون على السطح السياسى، ومازلت أتذكر حوارات كل من المرشد العام الأسبق عمر التلمسانى وهو بصحبة المرشد الذى جاء من بعده مصطفى مشهور، وقد أوكل لى الصديق الكبير منصور حسن مهمة رعاية عمر التلمسانى أثناء حضور التلمسانى للحوار مع السادات، وكيف احتد اللقاء بين الاثنين على الهواء مباشرة. وذكرت المرشد العام للإخوان عمر التلمسانى عن صلة الإخوان بالأمريكان، فقد حضر إلى القاهرة محام من جذور مصرية ويعيش حاليا بالجنسية الأمريكية، وعلى مائدة العشاء فى منزل السيد منصور حسن، قال المحامى '' لقد اتصلت بالإخوان المسلمين ، ونسقت معهم على ان يقوموا بمظاهرة فى ميدان عابدين احتجاجا على اعتقال الثوار الإيرانيين للرهائن الأمريكيين بالسفارة الأمريكية بطهران، وهنا سأل منصور حسن المحامى المصرى الجذور '' هل تتحدث معى الآن بجنسيتك المصرية التى أعادها لك الرئيس السادات. أم بجنسيتك الأمريكية ؟ '' فأجاب المحامى '' أتحدث معك طبعا بصفتى الأمريكية ''. وهنا رفع منصور حسن سماعة التليفون المتصلة بمجلس الوزراء وطلب منهم أن يتصلوا بالسيد عمر التلمسانى، وقال منصور بحسم واضح وهادئ '' أى مظاهرة تتم بدون إذن من السلطات المصرية، سيتم تفريقها بالشكل الملائم، ولا داعى لاختبارات القوة أو تنفيذ اتفاقات مع الأمريكيين بدون علم سلطة المصرية. وإن تم التوافق بين الحكومة المصرية والأمريكان على أن تقوم مظاهرة سأخبرك يا فضيلة الشيخ عمر بذلك ويمكن أن تخرج المظاهرة من الأزهر ''. وطبعا طلب منصور حسن من المحامى الأمريكى الجنسية والمصرى الجذور أن يزوره فى الغد ومعه السفير الأمريكى، ليناقش معه نوعية التأييد الذى يمكن أن تقدمه مصر فى هذا المجال.
وطبعا جاء السفير الأمريكى ومعه المحامى المصرى الجذور، وطلب منه منصور العديد من طلبات تجديد معدات أجهزة الإذاعة والتليفزيون، وخرج منصور بعدها ليعلن أمام كاميرا التليفزيون المصرى ما تم التوافق عليه''. أتذكر أنى سألت منصور حسن يومها '' ولماذا لم يوافق على إقامة المظاهرة ؟ '' فضحك منصور قائلا «هل توافق على أن يقوم سفير أو محام عالمى بلاتصال بقوى سياسية فى الداخل ليحركها على هواه ؟ طبعا هذا مستحيل. ثم إن كان الأمريكيون يبحثون عن دعم وعون فلماذا يؤخرون ما نطلبه من تجديدات لأجهزة رغم أن بيننا وبينهم اتفاقات على معونات ينفذون هم منها ما يشاءون ويمتنعون عما يشاءون. إن الإرادة المشتركة هى أساس التعامل، هذا هو المبدأ». وبطبيعة الحال لابد أن ذاكرة الإخوان المسلمين لم تنس لمنصور حسن كان أول من رفض تواصلهم مع الأمريكان بعيدا عن الدولة المصرية، ولذلك تأرجحوا فى أمر ترشيحه لمنصب الرئيس، ومن المؤكد أن مصر كلها قد خسرت بعد وجود منصور حسن فى السباق الرئاسى، فالكل يعلن الآن الاحتياج للتوافق، وكان أول من اقترحه هو منصور حسن، وضن الإخوان على أنفسهم بأن يكونوا ضمن فريق مصرى متآزر، وكأنهم يصرون على التعامل مع كل القوى السياسية وعموم المصريين الذين لا ينتمون إلى جماعة الإخوان وكأن الجميع هم كفار قريش وأن محمد مرسى ومعه المرشد العام هم حملة الرسالة الإسلامية التى نزلت منذ أربعة عشر قرنا من الزمان.
أكاذيب الدعاية الإخوانية تملأ الساحة وهى موجات تستعين بزجاجات الزيت وبعض كيلو جرامات من البطاطس يريدون بها الاستيلاء على حكم المحروسة، لندخل من بعدها فى دوامات من عودة لختان البنات وإدخال الوطن فى دوامات الصراع الذى أتمنى من القوات المسلحة وقيادتها حسمه بعدم تسليم السلطة لهواة الانتقام من عموم المصريين.
فليست المسألة هى ظاهر الديمقراطية عبر الصناديق، ولكننا ضد تسليم الوطن لحزب وطنى جديد يتعامل مع عموم المصريين وكأنهم كفار قريش.