العقيد أحمد محمد عاشور يحصل على زمالة كلية الدفاع الوطني حول استراتيجية مقترحة لاستخدام الأنماط القيادية في تحقيق التميز المؤسسي    وفد القومي للمرأة يزور وكالة التنمية الفلاحية في الرباط    سعر الريال السعودي في البنك المركزي بختام تعاملات الأسبوع    جيش الاحتلال يتبنى هجوم اللاذقية ويزعم أسباب القصف    مفاجأة، الأهلي يقترب من اللعب في الإسماعيلية الموسم المقبل    القبض على تاجري مخدرات وبحوزتهما كميات مختلفة في قنا    المحامي محمد حمودة عن وفاة أحمد الدجوي: ده مش بحبح وسوكة اللي نفذوها    أحمد السقا يتابع مونتاج فيلم "أحمد وأحمد" بعد عودته من دبي    ولادة قيصرية ل سيدة مصابة بالإيدز بقنا، والمحافظة تكشف التفاصيل    محافظة قنا: التزام بالإجراءات الوقائية فى التعامل مع حالة ولادة لمصابة بالإيدز    مفتي الجمهورية: التمسك بأحكام وحدود القرآن الكريم هو السبيل للحفاظ على الأمن الروحي والاجتماعي    هل تلقت تعويضا؟.. ريهام سعيد تكشف كواليس الصلح مع طبيب التجميل نادر صعب    بدأت بهجوم وانتهت بتقبيل الرأس.. القصة الكاملة لخلاف آية سماحة ومشيرة إسماعيل    ثلاثي بشتيل يقترب من الدوري الممتاز    "حزب الوعي" يدين قرار الاحتلال بإنشاء 22 مستوطنة جديدة في الضفة المحتلة    إكسترا نيوز تطلق تجربة جديدة.. مذيعات بالذكاء الاصطناعى عن مستقبل السينما    باكستان ترفع مستوى التمثيل الدبلوماسي مع أفغانستان إلى مرتبة سفير    تطرق أبواب السياسة بثقة :عصر ذهبى لتمكين المرأة فى مصر.. والدولة تفتح أبواب القيادة أمام النساء    من هو أحمد زعتر زوج أمينة خليل؟    مصرع شابين وإصابة 3 آخرين في حادث تصادم دراجتين بخاريتين ببني سويف    العشر من ذى الحجة    العمل: مستعدون لتوفير الكوادر المصرية المُدربة لسوق العمل الصربي    بتواجد ثلاثي ليفربول.. محمد صلاح يتصدر فريق الجماهير في الدوري الإنجليزي    بالمجان| الكشف الطبى على 800 مواطنًا خلال قافلة طبية بعزبة 8 في دمياط    وفد من مسئولي برامج الحماية الاجتماعية يتفقد المشروعات المنفذة بحياة كريمة في الدقهلية    عالم بالأوقاف: كل لحظة في العشر الأوائل من ذي الحجة كنز لا يعوض    سوريا تُرحب بقرار اليابان رفع العقوبات وتجميد الأصول عن 4 مصارف    4 مشاهدين فقط.. إيرادات فيلم "الصفا ثانوية بنات"    برنامج توعوي مخصص لحجاج السياحة يشمل ندوات دينية وتثقيفية يومية    نادي مدينتي للجولف يستضيف الجولة الختامية من دوري الاتحاد المصري للجولف    ألمانيا تربط تسلم أسلحة إسرائيل بتقييم الوضع الإنساني بغزة    عطل مفاجئ.. انقطاع المياه عن 3 أحياء بمدينة الخارجة    شعبة مواد البناء: أسعار الأسمنت ارتفعت 100% رغم ضعف الطلب    سقوط المتهم بالنصب على المواطنين ب«الدجل والشعوذة»    الحدائق والشواطئ بالإسكندرية تتزين لاستقبال عيد الأضحى وموسم الصيف    محمد حمدي لاعب زد يخضع لجراحة ناجحة فى الكوع    هام بشأن نتيجة قرعة شقق الإسكان الاجتماعي 2025| استعلم عنها    الأحد.. مجلس الشيوخ يناقش الأثر التشريعي لقانون التأمين الصحي والضريبة على العقارات المبنية    «أوقاف الدقهلية» تفتتح مسجدين وتنظم مقارئ ولقاءات دعوية للنشء    فى ليلة ساحرة.. مروة ناجى تبدع وتستحضر روح أم كلثوم على خشبة مسرح أخر حفلاتها قبل 50 عام    خطيب المسجد الحرام: الحج بلا تصريح أذية للمسلمين والعشر الأوائل خير أيام العام    الأعلى للجامعات: فتح باب القبول بالدراسات العليا لضباط القوات المسلحة    حكم من شرب أو أكل ناسيا فى نهار عرفة؟.. دار الإفتاء تجيب    الرئيس السيسى يؤكد التزام مصر الكامل بالحفاظ على المكانة الدينية الفريدة لدير سانت كاترين    أزمة تايوان تتفاقم.. واشنطن تعيد تشكيل الردع وبكين تلوّح بالرد    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من مسجد الشهيد بالقليوبية    الرئيس اللبنانى يزور العراق الأحد المقبل    طهران: تقرير الاستخبارات النمساوية المشكك في سلمية برنامجنا النووي كاذب    أسعار النفط تتجه لثاني خسارة أسبوعية قبيل قرار أوبك+    وزير الزراعة يستعرض جهود قطاع تنمية الثروة الحيوانية والداجنة خلال مايو الجاري    ليلة في حب وردة وبليغ حمدي.. «الأوبرا» تحتفي بروائع زمن الفن الجميل    طقس مائل للحرارة اليوم الجمعة 30 مايو 2025 بشمال سيناء    ريا أبي راشد: أجريت مقابلة تلفزيونية مع مات ديمون بعد ولادة ابنتي بيومين فقط    حملة للتبرع بالدم بمديرية أمن البحر الأحمر    موعد مباراة الاتحاد والقادسية في نهائي كأس خادم الحرمين والقنوات الناقلة    «اعتذرتله».. ياسر إبراهيم يكشف كواليس خناقته الشهيرة مع نجم الزمالك    فرنسا تحظر التدخين في الأماكن المفتوحة المخصصة للأطفال بدءًا من يوليو    تقارير: أرسنال يقترب من تجديد عقد ساليبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مجاعةالروح وثقافة الاستهلاك!
نشر في صباح الخير يوم 04 - 04 - 2012


[غلاف الكتاب]

الشعار غير المعلن للمجتمع الاستهلاكى هو: «أنت أهم شىء على وجه الأرض، كل شىء يدور حول رغباتك».. طوفان الإعلانات عن السلع التى تغرقك وتداهمك فى كل لحظة، فى الشارع، وفى البيت أمام شاشة التليفزيون هى إعلانات تسحر خيالك وتثير فيك نزعة الاستهلاك والرغبة فى التملك، ولكن هذه النزعة وتلك الرغبة تؤديان إن عاجلا وإن آجلاً إلى مجاعة الروح!، بل قد تؤدى النزعة الاستهلاكية إلى تدمير الكون وهذا هو الأخطر!

هذا الكتاب يجعلك شريكاً فى المسئولية، يحملك مسئولية الكون!

الكتاب بعنوان: «ثقافة الاستهلاك»، قدم له وحرره الكاتب الأمريكى روجر روزنبلات، ونقلته إلى العربية ليلى عبدالرازق، وصدر عن المركز القومى للترجمة.

ويحتوى الكتاب على عدد من المقالات والأبحاث التى تتناول ثقافة الاستهلاك من نواح عدة وأسهم به باحثون، ومتخصصون منهم ويليام جرايدر، وستيفانى ميلز وآخرون.

∎ الممتع والمدمر معا؟!

يقول روجر فى مقدمته للكتاب: «عندما تنفد الأشياء التى نرغب فيها وذلك بامتلاكها هل سنفقد الأشياء التى نرغب فيها؟ أم يكون قد فات الأوان لإنقاذ أنفسنا من دافع الامتلاك إلى جانب إنقاذ بقية العالم الذى لوثناه؟».

ويقول روجر فى موضع آخر: «ومع محاكاة المجتمعات السكانية الشرقية للنزعة الاستهلاكية الغربية فمن المخيف أن نفكر أنه يمكن أن تنمو فكرة التأكيد على الإشباع الفردى المطلق للنزعة الاستهلاكية وتصيب الثقافات الأخرى التى تتوجه أكثر للعمل معا، والعمل بما لدى الفرد».

يناقش الكتاب فى مجمله: الأشكال الغربية للديمقراطية، والرأسمالية الغربية ولكليهما علاقة بعلم النفس الغربى، وبعلاقة الامتلاك أو عدم الامتلاك فرغبة الاستهلاك يمكن تفسيرها بفكرة فرويد: «أن الناس فى حالة دائمة، وغالباً مأساوية من الحنين من لحظة الانفصال عن الأم كما تقول مولى هاسكل فى مقالها: «الأفلام وبيع الرغبة».

وهناك طريقة واحدة للبدء فى فهم هذا الدافع الواسع والممتع والمؤلم وأخيراً المدمر وهو أن نفهم أن لدينا رغبة!، وكل الأشياء تدور حول الرغبات فليس هناك شىء يمنح المرء الشعور بالاهتمام بالذات كما يفعل الاستهلاك، كل ما يحتاجه الفرد فى لحظة الشعور بانعدام الأمن هو إجراء جرد لممتلكاته لكى يؤكد لنفسه أنه كائن مجد وجوهرى، ولكن ماذا بعد أن يصل المرء إلى حالة يكون إشباع الرغبة الاستهلاكية فيها شيئاً بعيد المنال؟!

∎ استهلاك من أجل الحب!

يقول إدوارد لوتواك فى فصل خاص بهذا الكتاب: إن التغييرات الهيكلية فى المجتمع الأمريكى على سبيل المثال، وكذلك عدم الأمان الشخصى المصاحب الذى نجم عن كفاءة عالية للرأسمالية فائقة السرعة قد تسببت فى أن «معظم الأمريكيين محرومون عاطفياً، ويعانون من الفقر فى علاقاتهم الأسرية»، وكبديل ووسيلة للتأقلم مع الغضب والشعور بعدم الأمان يشترى الجميع لأنفسهم هدايا عديمة الفائدة بمبالغ هائلة ولا يدخرون إلا أقل القليل و«يقترضون مقابل التنازل عن جميع المصادر الممكنة» وهذا يخلق تناقضا وحلقة مفرغة شريرة يضحى الذين بداخلها بحريتهم الشخصية وبالحياة العائلية لمجرد أن يستهلكوا أكثر!.

ويتحدث إدوارد لوتواك فى مقالته: «الاستهلاك من أجل الحب» فيقول: بالطبع لايزال كثير من الأمريكيين يتزوجون، لكن زواج اليوم هو الآن من المفترض أن يكون هشا إن لم يكن محطما بسبب كثير من القلق، وبالنسبة للأطفال الأمريكيين فإن الأعمام والعمات لهم فى معظم الحالات وجود لكنه وجود متباعد وهم فى أفضل الأحوال مصادر للهدايا الصغيرة النادرة، وأحياناً هم مواضيع للتندر المرح أو القصص الخبيثة وذلك بدلاً من أن يكونوا مصدرا للرعاية شبه الأبوية ومصدرا للدعم، وحتى الأشقاء يحدون من مسئوليتهم تجاه بعضهم البعض، وعدد ليس بالقليل من المشردين الذين عثر عليهم أمواتا بعد ليلة شتاء باردة لهم إخوة أو أخوات يعيشون فى رغد من العيش لكنهم تحرروا من جميع أعباء الإخوة منذ فترة طويلة، ربما قد يعطون على مضض القليل من الدولارات من خارج عتبة الباب دون أن يسمحوا لهم بدخول المنزل.

أما الحلول التى يلجأ إليها الأمريكيون للتعاطى مع الوحدة والعزلة والعجز العاطفى فتتمثل فى الاستعاضة عن الأمن المفقود بالإدمان الدائم أو المؤقت للكحوليات والمخدرات، ووفقاً لآخر الإحصائيات عن السمنة يجد نصف الأمريكيين وجبتهم العاطفية السريعة فى الطعام السريع والفورى متمثلة فى الوجبات الخفيفة أو الحلوى، ويلجأ بعضهم إلى الإفراط فى ساعات إضافية فى العمل وهو علاج غريب للروابط العائلية الميئوس منها بينما تقوم بعض الجهات بتوفير المعادل العاطفى مثل الكنائس والمعابد والجماعات ذات المرجعية الدينية والطوائف»، وتروج معظم الطوائف لنفسها على أساس أنها تقدم رعاية متبادلة بل والحب، وتقوم كل جهة جاهدة لتكون العائلة البديلة بينما يزيد إنفاق الأمريكيين على دور المسنين حيث لا يشير تفضيل كثير من الآباء المسنين العيش بعيداً عن أبنائهم - باستثناء بعض الزيارات - إلى شىء سوى إلى أن التفكك الأسرى أصبح شيئاً طبيعياً .

ويؤكد لوتواك على أن فرض التغيير الهيكلى المستمر على النظام الاقتصادى يؤدى إلى آثار نفسية وتزايد عادات الاستهلاك والشراء فيقترض الأمريكيون بكثرة من كل المصادر الممكنة حتى مع المجازفة بفقد مساكنهم، ويدخرون أقل القليل ويقول لوتواك: وليس من قبيل المصادفة أن الديون الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية الآن أكبر بكثير من أى رقم مسجل فى أى بلد آخر، فى أى وقت فى التاريخ لأن المدخرات المحلية صغيرة جداً بالمقارنة لكل من ديون الأسر والدين الحكومى.

∎ أزياء الهيب - هوب والبنطلون الساقط!

وتشير مقالة أليكس كوتلويتز وهى بعنوان: «روابط زائفة» إلى أن الأزياء ذات المستوى الاقتصادى المرتفع هى أزياء الذين استطاعوا الوصول فبالنسبة لكثير من المراهقين ما يرتدونه هو الذى يدل على ماهيتهم لأن ذلك هو كل ما يربطهم بباقى المجتمع، إنها بالطبع حالة زائفة فهم يتمسكون بفكرة أن تصل: يعنى أن تستهلك عند الرغبة، وشركات الماركات التجارية تستثمر شعبية هذه الماركات بين الفقراء فى المدينة الذين على الرغم من معاناتهم من صعوبات اقتصادية يمثلون سوقا مربحة بشكل مدهش، والعلاقة الوحيدة للأطفال الذين يكبرون فى وسط أطلال قاع المدينة بعالم أكثر رخاء وأكثر أمنا هى علاقة الاستهلاك أى بوصفهم مستهلكين يطالبون بالمواطنة! لكنهم أكثر من مجرد مستهلكين فهم يساعدون أيضاً فى ترويج الأزياء، وهناك وجه آخر لذلك كما يقول أليكس: وهو أن المراهقين البيض جعلوا من فكرة الفقر فى المدينة فكرة رومانسية فقام مجموعة من المراهقين بسانت جوزيف بولاية ميتشجن بتقليد جيرانهم وأزيائهم عبر النهر فى بنتون هاربور بولاية ميتشجن وهى مدينة كل سكانها تقريبا من السود، وقد تم تخريبها اقتصادياً بإغلاق المصانع المحلية، ومن هنا انتشرت أزياء الهيب - هوب التى أصبحت لها شعبية حيث موضة البنطلون الأزرق الكبير الذى يكفى لشخصين!، وساقط إلى الركبتين «نشأت موضة البنطلون الساقط «بدون حزام» ومتدل على الأرداف فى السجن حيث لا يسمح للنزلاء بارتداء الأحزمة».

يقلد المراهقون البيض أقرانهم الفقراء فى قاع المدينة حيث يرون أن حياتهم عاصفة وخطيرة وهو كل ما يتوق إليه المراهقون فهم يعتقدون بوصفهم مستهلكين أنهم هيب، وهى: ما يرونه فى نظرائهم، هم يجدون بعض التواصل فى الجينز الساقط إلى الركبة، وقبعات البيسبول والقميص مفتوح الصدر، وعلى الرغم من ذلك فهو فى النهاية تواصل زائف فالصبية السود الفقراء بوصفهم مستهلكين يدعون انتماءهم للمجتمع الأكبر ويعتقدون أنهم بوصفهم مشترين للماركات الرائجة يستطيعون أن يتجاوزوا وضعهم البائس، وبالنسبة للمراهقين البيض يريدون أن يشعروا أنهم يعيشون على الحافة!، ويعتقدون أنهم بذلك موجودون مع هؤلاء البؤساء وأنهم مروا بالرعب والألم الذى يشعر به السود والفقراء وبالطبع لا شىء يعرفونه عن الصراعات التى يتحملها جيرانهم، وهكذا بدلاً من إقامة روابط حقيقية عن طريق إتاحة فرص أو إعادة بناء المجتمعات فالروابط تقوم عن طريق بعض الأسس المشتركة أهمها استهلاك العلامات التجارية!

∎ الأفلام وبيع الرغبة!

أما مولى هاسكل التى درست الكتابة والسينما فى كلية برنارد وجامعة كولومبيا ومن أهم كتبها «من التبجيل إلى الاغتصاب: معاملة النساء فى الأفلام» فقد تناولت فى مقالها: «الأفلام وبيع الرغبة» وتقول: إن الأفلام السينمائية التى هى أقوى وسيلة ثقافية لدينا تحرض على النزعة الاستهلاكية وتناميها ففى وقت ما كان أقطاب السينما الأمريكية يلعبون على رغبة المهاجرين المحرومين الذين يرغبون فى محاكاة دبابير طبقة النخبة أما الآن فتحاول السينما إغراء أولئك الذين لم ينالوا إلا حظا قليلا من التعليم ولديهم الحد الأقصى من الانطباعية والقدرة الشرائية: المراهقون الأمريكيون وجمهور عالمى من مشجعى أفلام الحركة والإثارة، لقد خلقت السينما النزعة الاستهلاكية منذ بدايتها وذلك بمخاطبة احتياجات اللاوعى والرغبات وتخلق فى الوقت نفسه الظروف الاجتماعية لكن سحرها الخاص يكمن فى تقديم الخيال فى هيئة واقع افتراضى.

∎ فشل عميق فى قلب الاقتصاد العالمى!

أما جولييت شور فى مقالها «ما الخطأ فى المجتمع الاستهلاكى» فتقول: النزعة الاستهلاكية الجديدة والتى يغذى فيها الاستهلاك التنافسى نظام الفوارق الطبقية الواسعة حيث يتطلع الناس إلى مستوى الاستهلاك الذى حققه الآخرون، يركز النظام على بضائع ذات أسماء تجارية بوصفها بديلا أكثر فائدة فأصبح الآن ما ترتدى وما لا ترتدى يحدد من أنت، والمكان الذى تحتله على الخريطة الاجتماعية، وحيث يقضى الناس ساعات من أوقاتهم أمام جهاز التليفزيون «الذى يقدم صورة الانحراف فى أنماط الإنفاق» اتسعت الفجوة بين ما يرغب فيه الناس وبين دخلهم الفعلى: «فجوة الطموح» وهو يقدر حاليا بأكثر من ضعف متوسط دخل الأسرة فى أمريكا ومن هنا تقول شور سنتجه بالتجربة نحو فشل عميق فى قلب الاقتصاد العالمى إذا لم يتمكن البشر من السيطرة على أنفسهم بشكل كاف فى مجتمع استهلاكى غير مقيد.

∎ حدود الاستجابة لرغبات الجمهور!

ويطرح أندريه شيفرين فى مقالته: «عندما كنا نقرأ الكتب بنهم» أفكارا مهمة حول كيف يمكن أن يناقش المجتمع قضايا المستقبل والأفكار الجديدة والمناهج والاتجاهات المختلفة ودور النشر الآن قد وضعت الضغوط لكى يغطى كل كتاب تكاليفه ولا يعنى هذا فقط تغطية التكاليف الخاصة به لكن أيضا تحقيق ربح يكفى لتغطية حصته من النفقات العامة فأصبح من الصعب نشر العمل الجاد أو الأعمال الطموحة لمؤلفين جدد وخاصة بعد أن تحول هيكل ملكية دور النشر فى أمريكا من نمط الشركات العائلية فيما مضى إلى شركات قابضة كبيرة.

ويرى شيفرين «أنه من المفترض نشر أفضل الأعمال ونتوقع أن يقرأها الناس بالفعل ولكن لابد من وجود حد أقصى للاستجابة لرغبات الجمهور الذى يمنع الناشر من نشر الكتب الإباحية والكتب التى يعتقد أنها تتضمن امتهانا للذات البشرية - الكتب التى تغرق السوق الآن، وبشكل متزايد، من الصعب العثور على الكتب الجديدة والجادة إلا من خلال دور نشر جديدة مستقلة وبديلة بدأت تملأ الفراغ الذى خلفته دور النشر العتيدة، وهذه الدور الجديدة تعتمد على دعم أعضاء هيئة التدريس المتحمسين إذ توجد فى حرم الجامعات أو خارج نيويورك ومن هنا يتساءل شيفرين: كيف سيناقش المجتمع الأمريكى قضايا المستقبل؟!

∎ استهلاك أخبار العنف!

وفى بحثها عن قانون حماية حقوق مستهلك الأنباء الإخبارية تقول سوزان براون: «هناك نتيجة فسيولوجية للتهليل للصراعات والأخطار وأخبار العنف ووفقا لعالم النفس دانيال جولمان فإن الإنسان عندما يواجه بالأخبار التى تهدده بشكل غامر فإنه يدخل فى حالة نفسية بدائية: القتال أو الهروب فعند الشعور بالخطر تفرز مادة الإدرينالين الذى يجعل مخ الإنسان عند مستوى تفكير البقاء على قيد الحياة ويقضى على أى قدرة أخرى على التفكير العميق وهنا تقول براون:

إنه ليس من الإنصاف أن يخرج مستهلكو الأخبار من أكثر التجارب الصحفية بضخ الإدرينالين وبدون الشعور بأنهم تعلموا شيئا ما فعندما لا يكون الفكر جزءا من الأخبار التى يتم تقديمها للجمهور يمكن اعتبار أن الخدمة الإخبارية لم تقدم له بشكل منصف، الإنصاف وحده يمكن المستهلك المثقف للأخبار أن يكون مسئولا عن تقييم المنتج بما لديه من خبرة كافية، يكون عليه الحذر من ممارسات التصنيع الرديئة والإعلانات المضللة والمنتجات الخطيرة.

∎إغواء الدعاية ومذهب المتعة!

ومن أهم المقالات التى نشرت فى كتاب «ثقافة الاستهلاك» مقالة بعنوان: «البيئة.. عطاؤها واستهلاكها» ويقول فيها كاتبها ديفيد دبليو: يجرى الآن جدل عالمى واسع حول استمرارية الأنماط الحالية للاستهلاك ومشروعيتها فمن ناحية هناك الذين يتحدثون عن فقراء العالم مثل المنظمات الدينية والبيئية المتعددة ويجادلون بإصرار أن الأثرياء الأمريكيين واليابانيين والأوروبيين هم الأكثر استهلاكا وفى هذا كما يعتقدون ظلم للفقراء والأجيال القادمة وللأشكال الأخرى من الحياة وهناك آخرون يجادلون بأننا لا نستهلك كثيرا ولكن نستهلك بكفاءة أقل وأظن أن وراء هذه الآراء الاعتقاد المتشائم بأن الوقت قد تأخر لكبح مذهب المتعة الذى تطلقه الإعلانات.

ويضيف دبليو: فى وقتنا الحاضر نحن نعرف أنفسنا بفخر ليس بوصفنا مواطنين أو بوصفنا منتجين أو حتى بوصفنا أفرادا بقدر ما نعرف أنفسنا بوصفنا مستهلكين بينما نترك حقوقنا كمواطنين تذبل وتضمحل، وسلوكنا الاستهلاكى هو نتيجة إغواء الدعاية والوقوع فى شرك الائتمان السهل، والأسعار التى لا تنبئ عن حقيقة التكاليف الكاملة لما نستهلكه والجهل بالمضمون الخطير لكثير مما نستهلكه، وانحلال المجتمع والاستخفاف بالمستقبل.

∎ التوازن هو الحل

أما مارتن مارتى فيرى: أنه من الصعب الهروب من فكرة وجود عامل الأخلاق فى مناقشة موضوع الاستهلاك، وخاصة عندما يضر الاستهلاك بالبيئة كما فى حالة ما تفعله الانبعاثات الزائدة لثانى أكسيد الكربون فى الهواء الذى نتنفسه وفى درجة الحرارة التى نتحملها، وأن هناك أسبابا وجيهة للاستماع إلى النقد الموجه للاستهلاكية من أهمها التلوث البيئى، والنفايات الملقاة على الأرض أو فى الأنهار، وسوء استخدام الموارد الذى له تأثير بغيض على ما يمكن أن نسميه بالروح والوجود الداخلى، ولكننا يمكن أن ننقذ الحياة البرية التى بداخلنا من الانقراض كما يقول ستيفانى ميلز، الانقراض الذى تهددنا به بطاقات الائتمان ورحلات الذهاب إلى مراكز التسوق فالحياة الجيدة هى حق بالميلاد تدور حول الكينونة والعمل وليس حول الامتلاك، بإمكاننا أن ننقذ أنفسنا من ثقافة الاستهلاك ..من مجاعة الروح.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.