لا صوت يعلو فوق صوت عودة المدرب البرتغالي مانويل جوزيه علي رأس الإدارة الفنية للقلعة الحمراء بعد رحلة من التكهنات والاجتهادات ملأت جميع وسائل الإعلام علي مدي شهر تقريبا .. إلي أن جاء الساحر البرتغالي ليقضي علي كل هذه الشائعات ويوقع عقدا مع الأهلي لمدة موسم ونصف ومن المنتظر أن تكون هذه المهمة بالنسبة لجوزيه هي الأخيرة في عالم الساحرة المستديرة فهو من مواليد عام 1946 أي أنه يبلغ من العمر الآن 65 عاما وتعاقده الحالي مع الأهلي سينتهي وهو في سن 67 عاما وتعتبر فرصة تولي أي مهمة أخري مستقبلية بعد هذه المرحلة من العمر شبه صعبة بالنسبة له ، لذلك من المتوقع ان تكون هذه الولاية الأخيرة للبرتغالي في مسيرته التدريبية ليحقق جوزيه ما حلم به دوما عندما صرح في أكثر من مناسبة عن أمله في أن ينهي مشواره التدريبي في الأهلي. لذلك ينبغي القول أن جوزيه عاد إلي أحضان الأهلي لينتصر لنفسه وللشياطين الحمر.. فمنذ أن ترك الأهلي لم يذق جوزيه طعم البطولات سواء مع المنتخب الأنجولي أو اتحاد جدة السعودي لذلك يريد أن يختتم مشواره التدريبي بانجازات وبطولات وأرقام قياسية جديدة تكون بمثابة تتويج لمسيرته الحافلة بالإنجازات غير المسبوقة مع القلعة الحمراء.. وإذا تحقق له ذلك سيكون بمثابة انتصار للأهلي نفسه ورد اعتبار بعد تراجع مستواه خلال الفترة الماضية. ظروف مختلفة علي الرغم من أن هذه الولاية هي الثالثة لجوزيه مع الأهلي إلا أن التعاقد هذه المرة مختلف شكلا وموضوعا عن سابقه ، فالتعاقد الأول لم يكن جوزيه له اسم كبير أو شعبية جماهيرية كما هي الآن، ولم يكن قد حقق مع الأهلي نتائج جيدة ولكنه رحل سريعا قبل أن يعود مرة أخري لينتشل الأهلي من بحر الأزمات ، وبالفعل نجح في أن يسطر تاريخًا غير مسبوق مع القلعة الحمراء. أما الآن فالوضع مختلف نوعا ما، فالزمالك والاسماعيلي وانبي وغيرهم ازدادوا قوة والاهلي يعاني من ارتفاع معدل الاعمار مع هبوط نسبي في الثقة فضلا عن أنه يحتل المركز الرابع في جدول الدوري بفارق 6 نقاط عن الزمالك "المنتفض". لذلك يعود جوزيه هذه المرة وهو يعلم تماما أنه اذا فشل قد يقضي علي كل انجازاته السابقة وسيعطي المنافسين فرصة كبيرة في التشفي فيه ، وهو ما يؤكد أن جوزيه الذي سبق أن حقق مع الأهلي 19 بطولة محلية وقارية بالإضافة لبرونزية مونديال الأندية يدخل هذه المرة في مغامرة جنونية يتحلي خلالها بشجاعة كبيرة تستحق الكثير من الاعجاب والتقدير. مبررات النجاح الكثير من الآراء تتنبأ بفشل جوزيه إلا أن الواقع يقول عكس ذلك فهذه المرة لن يجد صعوبة فنية بالغة كما يصور البعض في اعادة قوة الفريق الي سابق عهدها، فهو يملك الأدوات التي تساعده علي بناء فريق ربما أقوي من الذي صنعه عام 2004 فالفريق الذي كان يدربه لم يفقد الا عددا قليلا من اللاعبين أبرزهم شادي محمد وفلافيو وجلبرتو، بينما زاد عليه نجوم أغلبهم دوليون يساوي كل منهم فريقاً بأكمله مثل محمد شوقي وحسام غالي ومحمد ناجي جدو ومحمود أبو السعود وشريف عبد الفضيل وعبدالحميد شبانة وشريف اكرامي. فضلا عن مجموعة من اللاعبين الموهوبين من صغار السن يتمني أي مدرب أن يمتلك نصفهم مثل شهاب الدين أحمد، أحمد شكري، أمير سعيود، مصطفي عفروتو، حسين السيد، أيمن أشرف ، سعد الدين سمير، عبد الرحمن أحمد، علاء شعبان، أحمد نبيل مانجه، رامي ربيعة، حمدي السعيد، هشام محمد، عبد الله عبد العظيم. ضحايا جوزيه من المعروف أن جوزيه هو المدرب صاحب التاريخ الأكبر من حيث هزيمة المنافس التقليدي الزمالك لدرجة أنه كون عقدة تاريخية للفريق الابيض تسببت في إقالة أكثر من مدرب وأطاحت بهم خارج أسوار الزمالك بلارجعة وعلي رأسهم الألماني أتوفيستر صاحب مباراة الستة الشهيرة وفاروق جعفر، دراجوسلاف، محمود سعد، كابرال، كاجودا، وكرول. ومن المتوقع في حال نجاح جوزيه في مهمته أن ينضم حسام حسن إلي تلك القائمة السوداء ليكون ضحية جديدة من ضحايا السفاح البرتغالي الذي سيدخل رهان الفوز علي الزمالك هذه المرة بكثير من المبررات، أولها الحفاظ علي ما حقق من تاريخ سجل له في مواجهات الكلاسيكو، وثانيها تأكيد تفوقه وتأثيره القوي، حيث فشل الأهلي منذ ان رحل جوزيه في الفوز علي الزمالك في الدوري حتي الآن. وكان جوزيه قد بدأ في رمي سهامه المؤثرة تجاه الزمالك في أول حديث له فور قدومه إلي مصر قائلاً هناك فارق 6 نقاط بيننا وبين الزمالك لقد أقنعوا أنفسهم أنهم فازوا بالدوري عقب التعادل مع الأهلي .. سأطلب من باقي الأندية مراقبة شيكابالا وبذلك ستكون المهمة سهلة جداً". وهو إن أوحي بأنه يقول ذلك علي سبيل المزاح لكنه يدرك تماماً مدي الحساسية لدي التوأم من هذا الكلام ، لأنه في الفترة الأخيرة كثر الكلام بأن شيكابالا هو الزمالك وأن الفريق من دونه عادي جداً، وبالتأكيد هذه النغمة تغضب حسام وشقيقه كثيرا. استعادة الهيبة من أهم الرهانات والأهداف التي سيعمل من أجلها البرتغالي جوزيه هو استعادة هيبة ورونق الفريق الذي كان ينافس نفسه فقط قاريا ومحليا .. جوزيه يعزف في هذا الامر علي وتر الدوافع وسيعمل علي خلق دوافع بشكل متجدد امام لاعبي الفريق من اجل حثهم علي العمل بشكل اقوي واكبر وكما هي عادته لن يضع حدا للطموحات، فجوزيه يريد استعادة الفريق الذي كان الجميع يتأهب للخسارة امامه قبل أن تبدأ المباراة. وإذا نجح في ذلك سيكون بمثابة وضع حد لسيطرة بطل الكونغو مازيمبي الذي فاز بدوري أبطال أفريقيا مرتين متتاليتين وصعد إلي نهائي كأس العالم للأندية للمرة الأولي في تاريخ الأندية الأفريقية. فجوزيه يعشق التحديات ويفضل دوري الابطال، فهو يعرف انها الطريق الاقرب والاسهل نحو العالمية والارقام القياسية والتواجد علي اغلفة الصحف الاوروبية والافريقية والعربية. أسعد الشخصيات في الوقت الذي تمثل فيه عودة مانويل جوزيه إلي الأهلي كابوسًا بالنسبة لمعظم المنافسين وعلي رأسهم حسام حسن نجد أنها في الوقت نفسه مصدر سعادة لآخرين وعلي رأسهم محمد أبوتريكة الذي يعتبر أن رجوع جوزيه بمثابة عودة الروح له واستعادة مستواه المعهود ، كذلك الجماهير الحمراء التي تري في جوزيه أسطورة قادرة علي عودة الأهلي مرة أخري، خصوصا أن اسمه ارتبط بالأرقام القياسية التي حققها خلال قيادته للفريق . كانت جميع الفرق التي تلعب مع الأهلي خلال عهد جوزيه أغلب طموحها أن تنهزم بفارق هدفين أو ثلاثة فقط .. أما الآن فنجد أن أغلب الفرق التي تلاعب الأهلي تضع الفوز في أولوياتها وهو ما دفعهم إلي الاستعانة بحكام أجانب في مبارياتهم لضمان النزاهة ومن ثم تحقيق الفوز .. لذلك فإن عودة جوزيه ستمثل إعادة لهيبة التحكيم المصري خاصة أن الفرق ستجد أن التحكيم سواء محليا أو أجنبيا لن ينقذهم من مقصلة الهزيمة أمام الأهلي. الجميع يعلم علاقة الكره التي تربط مصطفي يونس مع جوزيه، ولكنه ربما يكون من أكثر الأشخاص سعادة لأنه وجد ضالته في المدير الفني البرتغالي حيث سيوفر له ساعة أسبوعيا في برنامجه للتقطيع، وبالتالي فقد ضمن فقرة ثابتة، ولا أحد يعرف حتي الآن السر في الهجوم الدائم ليونس علي جوزيه. المترجم الخاص بالمدير الفني سيكون أيضا من ضمن القائمة، فهو سيقوم بالترجمة لأربعة أشخاص في الجهاز الفني، وبدلا من أن يأخذ مرتب شخص واحد فقط، فمن حقه المطالبة بمرتب أربعة. في كل مناسبة وكل تصريح للإعلامي مدحت شلبي لابد وأن يربط الضرائب بما يتقاضاه جوزيه، ومن المؤكد أن شلبي الأكثر سعادة بعودة جوزيه لأنه وجد مادة دسمة للحديث عنها وهي" مرتب" المدير الفني الكبير. أسئلة هامة هناك أسئلة كثيرة ستطرح نفسها في المرحلة القادمة والجميع يتشوق لمعرفة اجاباتها فعلي سبيل المثال.. هل ستزداد نار التعصب اشتعالا بين جمهوري الأهلي والزمالك بعد حرب التصريحات المتوقعة بين جوزيه وحسام وابراهيم حسن والتي بدأها التوأم مبكرا بشكل غير مبرر ؟ ، هل سينجح جوزيه للمرة الثالثة علي التوالي ويثبت أنه رجل المستحيل الأول في تاريخ الأهلي ؟ ، هل يعود منتخب مصر الي قوته وعنفوانه بعد عودة جوزيه مرة أخري وهو الذي عودنا أن يكون منتخب مصر في عهده في أعلي مستوياته؟، هل ممكن يوما ما أن يلتقي أهلي جوزيه مع مريخ البدري والنحاس والحضري في دوري أبطال أفريقيا ؟ لا يسعنا سوي أن ننتظر الرد علي تلك الإجابات في أرض الواقع خلال الأيام المقبلة التي من المتوقع أن تشهد العديد من الأحداث الساخنة و المنافسة الشرسة في الدور الثاني من الدوري العام بين الأهلي وغريمه التقليدي الزمالك.