سوف أطوق غضبي.. وأسيطر علي «قرفي».. ذلك أن الإرهاب يمكن أن يؤجج انفعالات غير عاقلة.. وبعض ردود أفعاله تثير الاشمئزاز.. ومن ثم سوف أسجل بعض الملاحظات التي أعتقد أني قد ألجمت فيها ما قد يعتبره البعض الآن «شططًا». أولاً: لماذا ننسي جريمة الإرهاب في حي الحسين قبل فترة وجيزة.. ألم تكن هذه بدورها جريمة في منطقة عبادة.. ألم تستهدف مسلمين وأجانب.. ألم تكن ترويعًا لعباد الله؟ لماذا لم نعتبرها جريمة دينية أو طائفية؟ انتهت هذه الملاحظة. ثانيا: أتفهم جدًا كل المطالبات التي تثور الآن بشأن المناخ الطائفي.. أو الخطاب المحبذ للإرهاب.. أنا شخصيا أكتب في هذا كل يوم وكتبت فيه بالأمس.. وطالبت بتطبيق القانون وإعماله ضد كل محرض علي الطائفية.. ولكن هذا ليس وقت مطالبات.. ليمر وقت الأزمة.. ثم نتحدث مليا في كل شيء.. المسألة كما لو أنها قدرة ماكينة علي العمل.. لا يجوز أن تسرع في دورانها فجأة هكذا في لحظة.. وإنما يجب أن يتم هذا بالتدريج.. والتدريج لا يجب أن يعني أبدًا الإبطاء. ثالثًا: أسجل هنا ما قلته في تعليقي بمجلس الشوري الذي أثبت من خلال مناقشة واعية برئاسة صفوت الشريف أنه قادر علي أن يكون منبرًا للوحدة الوطنية.. ومصدًا للإرهاب.. وقد قلت في كلمتي ما يلي: عزاؤنا لأشقائنا الأقباط.. نتقاسم الأحزان.. ونتشاطر المعاناة.. وتتوزع علينا الصدمة.. كلنا لنا نصيب في الخطر بنفس القدر.. والمصاب لنا جميعًا.. والمصيبة ألمت بالوطن كله. هذه لحظة جلل.. وهذا وقت عصيب.. لن نعبره إلا بالعقل.. ولن نجتازه إلا بوحدة الصف.. فمصر بصدد ما هو أكبر من أزمة.. خطر حقيقي يهدد الاستقرار والأمن.. وليس بأقدر من الدولة علي أن تتصدي للتبعات والأنواء وحماية المجتمع من الفوضي وأخطارها. هذا وقت لا يجب أن يكون للمرتعشين والخائفين والمهملين.. الذين يختبئون خلف أبواب مغلقة لكي لا يعلنوا موقفًا أو يتصدوا لمسئولياتهم. هذا ليس وقت الفوضويين الذين يعتقدون أن الوقت حان لكي يقتنصوا الفرصة وهو ليس وقت الانتهازيين.. ولا النهاشين.. الذين أوهموا أنفسهم بعجز الدولة.. ويرغبون في استفزازها. كما أنه ليس وقت الطعن في الأمن.. هذا الذي نشد علي يديه.. ونؤكد علي دوره.. وندعو إلي عدم بعثرة جهوده في اتجاهات مختلفة.. حتي يتفرغ لما هو أهم وأخطر. لقد طالبت في كلمتي مجددًا بأن يطبق القانون علي كل محرض علي الفتنة وكل صاحب خطاب ضد الدولة المدنية.. وكل من قد يؤدي بكلماته إلي إثارة أو تفجير أو إشعال الوقيعة. كما طالبت بأن تكون أحد معايير محاسبة الحكومة برلمانيا أن يراجع أداؤها التنفيذي بشأن تعزيز قيم المواطنة وترسيخ مواصفات الدولة المدنية.. وأن يكون لمجلس الشوري دور في هذا.. وكذلك مجلس الشعب.. وأن تراجع كل برامج التعليم والإعلام والثقافة.. وأن تساءل الحكومة عن ذلك بشكل مستمر. وقلت بوضوح: إذا كنا نطالب بدولة مدنية.. نعزز مواصفاتها.. ونؤكد علي خصائصها.. فإن المدنية لا يقوي عليها إلا المدنيون.. ومع كامل الاحترام لكل المؤسسات الدينية فإن الجدير بأن يقوم بدوره في اتجاه الدولة المدنية هو النخبة المدنية.. والمؤسسات المدنية.. والمجتمع المدني.. لا يمكن توهم أن المدنية سوف يصل إليها رجل دين.. أو داعية دين.. أو مستغل للدين.. المدنية لا يمكن أن يتصدي لها إلا المدنيون. وإذا كنت أؤكد علي أن هناك مشكلات لابد من معالجتها.. وأن الوقت سوف يحين قريبًا جدًا بعد أن نعبر الأزمة.. وأن الإلحاح علي هذا الآن ليس وقته.. فإنني أؤجل بدوري كل مطالبة لإصلاح المؤسسات الدينية.. فهذا ليس وقته.. وليس وقته أن أطالب بتفعيل المجلس الملي ودوره في إدارة شئون الأقباط.. هناك ما ينبغي أن يقال الآن وهناك ما لابد أن يؤجل إلي ما بعد. الموقع الإليكترونى: www.abkamal.net البريد الإليكترونى: [email protected]