رغم التعثر الواضح لعملية السلام في الشرق الأوسط، أعلن رئيس الحكومة الفلسطينية سلام فياض عقب مباحثات أجراها في واشنطن أن السلطة الفلسطينية لا تزال تسعي إلي إعلان قيام الدولة الفلسطينية، ولكن ليس من جانب واحد. قال فياض في حديث لقناة التليفزيون الإسرائيلية الثانية أنه لا يجب اعلان الدولة الفلسطينية من جانب واحد لأن ما تسعي اليه السلطة هو دولة فلسطينية حقيقية، وليس إعلان استقلال اضافيا. الموقف الذي أعلنه فياض مؤخرا يواكب الإجراءات التي بدأت الإدارة الأمريكية في اتخاذها ردا علي اتجاه بعض الدول إلي الاعتراف الأحادي بالدولة الفلسطينية، كانت السلطة الفلسطينية طرحت من بين البدائل التي سوف تلجأ إليها مطالبة الولاياتالمتحدة بتحميل إسرائيل مسئولية فشل المفاوضات والاعتراف من جانبها بالدولة الفلسطينية. الاقتراح أو الفكرة الفلسطينية التي طالبت الولاياتالمتحدة بالذات بالاعتراف بالدولة الفلسطينية دون اتفاق مع اسرائيل يبدو أنها فكرة خيالية للغاية، فهذا الاجراء، اذا حدث من جانب الولاياتالمتحدة، يعني حدوث انقلاب في سياسة الولاياتالمتحدةالأمريكية، وأنها اتخذت قرارا استراتيجيا بتخفيض درجة التعاون الاستراتيجي بين اسرائل وبين الولاياتالمتحدة، أو ما يمكن وصفه باللغة الدارجة في منطقة الشرق الأوسط تغيير ثوابت السياسة الأمريكية التي اتفق عليها الساسة الأمريكيون من الديمقراطيين والجمهوريين. بدرجة قد تبدو متفاوتة بقدر يسير للغاية، يدعم الحزب الذي يأتي الي البيت الأبيض والكونجرس إسرائيل ويسعي الي تدليلها وغض الطرف عن كل مخالفاتها للقانون الدولي لدرجة السماح لها بتجاوز المصلحة الأمريكية ذاتها، ولعلنا نتذكر تحدي إسرائيل لرغبة الرئيس الأمريكي أوباما عند بداية توليه السلطة قبل عامين حين قال إن مصلحة الولاياتالمتحدة في تسوية قضية الفلسطينيين وإقامة دولة فلسطينية، لكن إسرائيل أخرجت لسانها للرئيس الأمريكي وأجبرته علي التراجع عن تنفيذ سياسته المعلنة. تحدت اسرائيل مطالبتها بتجميد الاستيطان كليا من أجل انجاح المفاوضات، وقلبت الانتقاد العلني غير مسبوق من جانب أوباما للسياسة الإسرائيلية رأسا علي عقب ، ثم أجبرته علي التراحع عن مطالبته لها بتجميد الاستيطان مؤقتا لمواصلة المفاوضات، ثم مؤخرا أجبرته مرة ثالثة علي التخلي عن فكرة تجميد الاستيطان نهائيا، ودفعته دفعا هو ووزيرة خارجيته للبحث عن بدائل أخري، ربما لا ترفضها الحكومة الإسرائيلية. كان فياض سبق أن أعلن التزامه بخطة بناء مؤسسات الدولة قبل صيف 2011 وطرح فكرة إعلان الدولة من جانب واحد، ولكن رئيس الحكومة الفلسطينية عاد بعد مباحثاته في واشنطن ليقرر عدم صلاحية هذا الاقتراح وليضيف أنه ليس لديه مشروع بديل، ولن يتقدم بمقترحات أخري، ولكن لا يجب الاستسلام للفشل حتي ولو حصل ذلك وتكرر عدة مرات. فيما يشبه الاعتذار أضاف فياض ان الموضوع لا يتعلق بنزع الشرعية عن اسرائيل، بل بنزع الشرعية علي الاحتلال لأننا نريد السلام مع اسرائيل واعترفنا لها بحق الوجود ولكن المشكلة بالنسبة للفلسطينيين هي استمرار الاحتلال. كانت القناة الاسرائيلية الثانية سجلت الحديث مع فياض الاسبوع الماضي خلال زيارته لواشنطن التي اعلنت مؤخرا فشلها في دفع عملية السلام من خلال استحالة اقناع إسرائيل بوقف حركة الاستيطان في الضفة الغربية والتي تمثل الشرط الفلسطيني الرئيسي للعودة الي طاولة المفاوضات. بعد حالة الاحباط التي خلقها موقف إسرائيل وتراخي الموقف الأمريكي، ومع غياب بديل واضح أو بشائر وجود بديل آخر سارع الكونجرس الامريكي إلي إدانة أي اعلان للدولة الفلسطينية من جانب واحد أو أي اعتراف بها دوليا ودعا الي تسوية فلسطينية اسرائيلية من خلال التفاوض، لوضع مجلس النواب الأمريكي بهذا القرار عقبة جديدة أمام تحقيق السلام الشامل والدائم والعادل علي أساس انسحاب إسرائيل إلي خطوط الرابع من يونيو1967 وإقامة دولة فلسطين المستقلة بعاصمتها القدسالشرقية. تعود حالة الإحباط التي سادت في المجتمع الدولي إلي أن كل المساعي الفلسطينية في العقدين الماضيين تركزت حول المفاوضات، كبديل وحيد، ولكن هذا المسار لم يأت بالثمار المرجوة ولم يؤد إلي رفع الاحتلال عن الأراضي الفلسطينية.