سوسن بدر: مهرجان القاهرة السينمائي لم يجاملني وأستحق الجائزة سعادة بالغة تعيشها حاليًا الفنانة سوسن بدر بعد أن نالت لقب أفضل ممثلة في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي عن فيلم «الشوق» وبالرغم من الهجوم الذي طال الفيلم إلا أن الجميع اتفق علي الأداء الرائع للفنانة «سوسن بدر» في دور السيدة «المسكونة بالعفاريت» التي تضطر للشحاذة من أجل إنقاذ حياة ابنها المريض وستر بناتها، وعن هذا العمل ونشاطها القادم تحدثت «بدر» في هذا الحوار: في البداية صفي لنا شعورك لحظة سماع اسمك كأحسن ممثلة في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي؟ من الصعب أن أصف هذا الشعور بالكلمات ولكن ما أريد لفت النظر له أنني لم أسمع اسمي ولكن فوجئت بالفنان خالد أبو النجا يشير لي ويقول لي «قومي» وقتها كنت مازلت مندمجة في التصفيق للممثلة الفرنسية إيزابيل خاصة أنهم لم يشيروا في البداية إلي أن الجائزة مناصفة لذلك ظن الجميع أنها الوحيدة التي حصلت علي الجائزة كأحسن ممثلة، ولكنني كنت أسعد إنسانة في الدنيا بهذه الجائزة. وهل توقعت الفوز بالجائزة؟ - وقت تصوير الفيلم لم يلتفت فريق العمل لفكرة إمكانية مشاركة الفيلم في مهرجانات دولية أو غيره وكان المطلوب هو أن يخرج الفيلم بالشكل المرسوم علي الورق أي بصدق وواقعية تتناسب مع الأحداث التي ينقلها كل مشهد أو جملة في هذا الفيلم. ولكن حصولي علي الجائزة يدل علي أنني استحقها. لكن تردد أن إدارة المهرجان وبالتحديد رئيس المهرجان عزت أبو عوف لم يكن راضيًا عن الفيلم، وكان يريد فيلمًا آخر؟ - لا أعرف ما السر وراء هذا الكلام فهو ليس منطقيا فكيف لا تكون الإدارة راضية عنه وتسعي لضمه للمشاركة في المسابقة الدولية. البعض انتقد تمثيل «الشوق» لمصر في المسابقة الرسمية والعربية للمهرجان واعتبرها محاولة للتحايل من أجل الحصول علي جوائز؟ - هذه مسألة تنظيمية ولا استطيع الحديث في تفاصيلها لأن إدارة المهرجان هي التي قررت أن يشارك في المسابقتين ومع ذلك هو لم يحصل علي أي جوائز في المسابقة العربية وحصل علي الجائزة فيلم «ميكروفون» وهذا شيء مشرف وشعرت بسعادة كبيرة لفوزه. وما ردك علي الهجوم الذي تعرض له الفيلم قبل وبعد الجائزة؟ - أري أنه هجوم ليس له أهمية لأنه لا يقوم علي أي أساس فكيف تهاجم عملا وأنت لم تره من الأساس وحتي بعد أن فاز بأهم جائزة جاء من يشكك في مصداقية الجائزة بالرغم من أنها جاءت بشهادة لجنة تحكيم مؤلفة من سينمائيين عالميين ليس لهم أي مصلحة في مجاملة فيلم بعينه، وحتي المصريين المشاركين في اللجنة مشهود لهم بالاحترام ومن بينهم المخرج علي بدرخان وهو رجل يدافع عن الحق دائمًا. فأتمني من المهاجمين أن يكفوا عن ذلك ويعترفوا بالأمر الواقع وهو أننا قدمنا فيلمًا مشرفًا استحق جوائز مهرجان القاهرة السينمائي الدولي. البعض رأي أن الفيلم يشوه الشعب المصري ويصوره أنه مؤمن بالخرافات والعفاريت؟ - أهم ما يميز هذا الفيلم هو أنه يتحدث عن المصريين وأعتقد أن محلية هذا الفيلم هي التي دفعت لجنة التحكيم للاحتفاء به وإعطائه هذه الجوائز ومن قبلها لجنة المشاهدة التي اختارت الفيلم وحرصت علي أن يمثل مصر في المسابقتين الدولية والعربية، كما أننا لا يمكن أن ننكر أن المصريين مازالوا يصدقون السحر والشعوذة وهي من بين موروثاتهم الثقافية. وكيف جسدت دور الشحاذة؟ - كنت دائمًا أتساءل عن هذا العالم وأتعجب منه، خاصة أن للشحاذين قصصًا كثيرة نسمعها جميعا إلي أن دخلت هذا العالم واكتشفت فيه أسرارًا كثيرة وأستطيع أن أقول لك إن الشعب المصري طيب وعاطفي جدا وتمكنت في أول يوم في مهنة الشحاذة أن أجمع «52 جنيهًا» في فترة زمنية قصيرة جدا في أول يوم تصوير لهذه المشاهد وفي اليوم الثاني تمكنت من جمع ضعف المبلغ. وهل شاهدت من قبل شخصية السيدة «الملبوسة» بالعفاريت؟ - بالطبع شاهدتها عندما كنت صغيرة في الريف، وبالمناسبة نحن قمنا بتصوير مشاهد الفيلم في الأماكن الحقيقية لها والتي يسكنها الفقراء ومع ذلك لن نطلق عليه فيلم عن العشوائيات. عدد من النقاد قال إن الفيلم يحتفي بنماذج سلبية وقاتمة، ما تعليقك؟ - وما العيب في ذلك نحن بالفعل قدمنا فيلمًا عن المقهورين والممزقين وهذه ليست جريمة فلابد أن نتحدث عن هؤلاء البشر لأنهم جزء من المجتمع ولا أعتبر ما قدمناه تشويهًا، ولكنه فيلم يحمل قضية مهمة عن بشر يعيشون في الفقر والخوف والجهل. البعض وجد أن المخرج خالد الحجر تعمد المط في كثير من المشاهد، ما رأيك؟ - لم أر هذا، بل أعتقد أن الفيلم كان يحتاج لتوضيح بعض المشاهد وزيادة عددها وبالرغم من أنني أعرف أن خالد الحجر كوميدي بطبيعته، لكن في هذه التجربة كان جادا وحزينا طوال الوقت حتي يساعدنا في الدخول في عمق الحالة التي تنقلها الأحداث والواقع الصعب الذي يعيشه أبطال الفيلم. هل تتوقعين أن يحقق «الشوق» النجاح في دور العرض؟ - أتمني أن يحقق نجاحا كبيرا ولست قلقة علي استقبال الناس له لأنه فيلم متماسك ويضم أبطالاً موهوبين وقضية تعبر عن شريحة كبيرة من المصريين وتجسد أحزانهم وأحلامهم الضائعة ومع ذلك التوفيق من عند الله ولكن جوائز المهرجان جعلتني متفائلة جدًا. وما هو مشروعك المقبل؟ - أستعد لتجسيد دور مميز في مسلسل بعنوان «شبرا» وأعتقد أن الاسم له دلالة كبيرة ليس مقصودا بها فقط إنها منطقة شعبية، بل هي منطقة مصرية ما زالت شاهدة علي الترابط بين المسلمين والمسيحيين وأجسد فيه دور سيدة مسلمة تجسد نموذجًا للاندماج مع جارتها المسيحية وأشعر بسعادة لتجسيدي هذا الدور لأن الموضوع مهم جدا ويلمسني شخصيا، خاصة أن من قامت بتربيتي كانت سيدة مسيحية اسمها «أم وليم» وما زلت أتذكر العلاقة الرائعة التي كانت تربط الأسرتين.
خالد الحجر: لو فازت مصر بكأس العالم سيخرج من يقول إنها لا تستحق خالد الحجر مخرج فيلم «الشوق» الحاصل علي جائزة الهرم الذهبي في مهرجان القاهرة السينمائي خلال دورته ال34 يواجه حملة هجومية غير مبررة حيث وصف الكثيرون الفيلم بأنه دون المستوي وشكك الآخر في مدي استحقاقه لجائزة الهرم الذهبي، الحجر وصف ذلك الهجوم بأنه ليس وليد اليوم ولكنه هجوم علي كل ما هو جيد منذ أفلام يوسف شاهين ومنها «باب الحديد» وطالب من يشكك في مدي استحقاقه للجائزة بأن يصنع أفلاما تستحق الجوائز.. «روزاليوسف» حاورته عن الفيلم وهذا الهجوم في السطور التالية.. العديد من النقاد وصف الفيلم بالضعيف وأنه لا يستحق الجائزة بل وصل الأمر لأن تكون الجوائز معلبة من أجل فوز مصر في مهرجان بلدها ما ردك؟ - هذا كلام فارغ وهؤلاء ناس لا تستطيع تحقيق ما حققته من نجاح كما أنني مندهش من هذا الهجوم بل الطبيعي أن يفخروا أن الفيلم حصل علي الهرم الذهبي منذ 14 عاماً غياباً عن الفيلم المصري خاصة أن لجنة التحكيم مكونة من 10 أشخاص وجميعهم أجمعوا علي مدي استحقاق الفيلم. تردد أن إدارة المهرجان وافقت علي الفيلم لأنهم لم يجدوا بديلاً له يمثل مصر أيضا صرح رئيس المهرجان عزت أبوعوف قبل إعلان الجوائز بأن الفيلم إذا حصل علي الهرم الذهبي سيكون «عاراً» علي مصر وفضيحة عالمية.. ما هو تعليقك؟ - وأنا اتساءل هل الأعمال التي ناقشت قضايا مهمة مثل «الحرام» و«بداية ونهاية» و«القاهرة 30» كانت عاراً علي مصر وهل الأفلام التي تناقش قضايا مهمة عار علي مصر أم الأفلام الهايفة التي لا تستطيع أن تمثل مصر في أي مهرجان هي العار الحقيقي.. أنا مندهش من الحالة السوداوية لدي النقاد وأعتقد أنه لو فازت مصر بكأس العالم سوف يخرج من يقول أن مصر لا تستحق الفوز. وما تفسيرك الشخصي لهذا الهجوم؟ - يكفيني أن اللجنة الفنية لاختيار الأفلام أعجبوا بالفيلم واختارته لتمثيل مصر في المسابقة الدولية ثم إجماع لجنة التحكيم علي اختياره كأفضل فيلم كما أن الصحف العالمية اهتمت بالجائزة ولكن أعتقد أن هؤلاء النقاد لا يحبون الخير لمصر.. وهذا ليس حديثا لأن موضة «الشتيمة» موجودة منذ وقت بعيد والدليل أن أفلاماً مثل «باب الحديد» و«الخوف» و«الناصر صلاح الدين» تم مهاجمتها رغم أنها من أفضل أفلام السينما في المائة عام الأخيرة. هل لجوؤك لفكرة الإنتاج المشترك مع فرنسا كان بسبب تخوف داخلي من عدم إيجاد منتج مصري يؤمن بهذه النوعية من الأفلام؟ - بالطبع هناك صعوبة في إيجاد إنتاج مصري كامل للفيلم في ظل الأزمة الاقتصادية الموجودة وقد بدأت في البحث عن إنتاج مشترك وقد وجدت تحمساً شديداً للفيلم بالخارج وهذا شجع المنتج محمد يس للمشاركة في الفيلم ويعتبر «الشوق» الفيلم الرابع الذي استعين فيه بالإنتاج المشترك. قدمت نموذجاً للمرأة «الملبوسة» ورغم ذلك لم يفهم الجمهور.. هل كنت تقصد ذلك الغموض أم أن ما رأيناه في فاطمة «سوسن بدر» كان مجرد حالة هيستيرية بسبب ما تعانيه من ظروف قاسية؟ - الفكرة أنني قلت لسوسن أن الشخصية التي تؤديها من الممكن أن تكون «ملبوسة» أو أنها تستغل هذا الشعور من أجل إيجاد قوة ما بداخلها تجعلها تسيطر علي الحارة كلها وتقهر بناتها وهذه القوة هي التي تؤدي لقتلها في نهاية الفيلم. ولماذا لم تقدم «شوق» و«عواطف» بأنهما تعملان في أي وظيفة من أجل المساعدة في مصاريف علاج شقيقهما «سعد» خاصة أنه كان غير منطقي يكتفين بالبكاء علي مرض أخيهما؟ - كانت لدي وجهة نظر وهي أنه يوجد الكثير من العائلات الفقيرة التي ترفض عمل بناتهم والاكتفاء بمساعدتهم في شئون المنزل لأن البنات في هذه السن يكون كل همهن هو الزواج فقط. البعض رأي أن ذهاب «فاطمة» إلي أختها لطلب المال ثم الهروب منها غير منطقي في ظل الظروف القاسية التي كانت تعانيها.. كيف تري هذا التناقض في الشخصية؟ - لأنها ذهبت بالفعل لكي تطلب المساعدة المالية ولكن بعد أن رأتها وسط أسرتها تراجعت عن فكرة المواجهة لأن «فاطمة» في الفيلم شخصية هشة ولذلك قررت الهروب إلي القاهرة لكي تبحث عن أي وظيفة. وهل كنت تريد أن تصل بالمشاهد إلي حالة التعاطف مع فاطمة لأنها تقاتل من أجل إنقاذ أسرتها أم يكرهها باعتبارها السبب في تدمير حياة ابنتيها؟ - كنت أريد أن أوضح للمشاهد كيف تحولت المرأة المقهورة في بداية الفيلم لشخصية متجبرة وتقهر بناتها بسبب المال الذي حصلت عليه من «الشحاذة» والتي رأت فيها مصدر قوة رغم أنها امرأة هشة من الداخل ولذلك عندما تموت في نهاية الفيلم لا يساعدها أحد بل يتركها بناتها وأيضا ينظر أهل الحارة لها دون أي شفقة أو رحمة. أليس من الطبيعي أن تتوقف «فاطمة» عن «الشحاذة» بمجرد وفاة ابنها؟ - فاطمة قررت ألا تترك الفقر يقتل بناتها بعد أن قتل ابنها لذلك قررت أن تستمر في «الشحاذة» التي اكسبتها قوة وسلطة واكتشفت أن «الشحاذة» هي الوسيلة الوحيدة لانتشال أسرتها منه. ما ردك علي الاتهام الموجه بالمط والتطويل في أحداث الفيلم خصوصا مشاهد «الشحاذة» ومشاهد مرض الطفل «سعد»؟ - كنت أقصد أن أقوم بتكرار المشاهد لخلق حالة من الصدق لدي المشاهد والتعاطف معها وهذا ظهر في نهاية الفيلم عندما أخرجت «شوال» مليئاً بالأموال التي جمعتها من «الشحاذة» وبدون ذلك المط في هذه المشاهد لن يقتنع المشاهد بذلك. هل كنت تقصد هذه النهاية السوداوية للفيلم؟ - تعمدت أن تستمر القسوة والألم لنهاية الأحداث لكي أظهر «شوق» و«عواطف» بلا مشاعر وبلا شرف وأن تموت أمهما من جراء ما فعلتاه. ما تفسيرك لقرار «شوق» و«عواطف» أن تتنازلا عن شرفهما دون سبب منطقي ضمن أحداث الفيلم خصوصا أنه لا توجد قصة عاطفية جمعت بينهما وبين هاذين الشابين؟ - لأنني أردت أن أظهر أنهما قررتا الانتقام من الحارة وأمهما التي قهرتهما عن طريق التنازل عن أغلي ما تملك البنت وهو شرفها وأيضا لكي تنتقما من حبيبهما.