إذا كانت هناك حكمة تعلمتها في السنين الأخيرة فهي لا تصدق كلمة تقرأها علي الإنترنت بدون فحص وتريث وتدقيق وحتي بعد ذلك يستحسن ألا تصدق وإنما تنظر إلي المعلومات علي أنها قد تكون صحيحة ولكن يبدو أن وراءها أكثر كثيرًا مما يبدو من هو المستفيد من هذا التسرب المسمي «ويكيليكس» وأنا أسميه «ويكدلك» وهي كلمة نصفها إنجليزي ونصفها الآخر عربي وتعني «شر لك». الدين الإسلامي الحنيف يحثنا علي إنه «إذا جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا» ما هو الداعي لهذا التسرب ومن هو المستفيد منه؟ المعلومات برمتها تافهة لا معني لها سوي إيقاع الشعوب في بعضها ببعض والإساء إلي زعامات كثيرة وأهمها الإساءة إلي الإدارة الأمريكية، وبالذات الرئيس الخلوق الإنسان باراك حسين أوباما الذي لا يقارن في خلقه وإنسانيته بأي رئيس آخر في تاريخ الولاياتالمتحدة ولا حتي جيمي كارتر ودويت ايزنهاور ولكنه فعلاً إنسانيًا يفوق كليهما. الشخصية الوحيدة التي استفادت من التسرب الشرير هو «بيبي نتانياهو» الذي وصفه التقرير بأنه شخصية جذابة وبالتالي تكون سياسة بناء المستعمرات وسلب الأراضي والديار الفلسطينية والتنكيل بالشعب الفلسطيني الأعزل رجالاً ونساء وأطفالاً هي سياسة جذابة. بالإضافة إلي ذلك من هو المستفيد من الإيقاع بين شعوب منطقة الشرق الأوسط ومن هو الذي يريد أن يفرق ويسود سوي الكيان العنصري الحالي لحكومة إسرائيل. الدبلوماسية هي فن ضبط النفس والتعامل مع العدو كما لو لم يكن عدوا ومحاولة الوصول إلي الأهداف بدون استخدام القوة إلا في نهاية المطاف. السياسي والحاكم ما هو في النهاية إلا إنسان له عواطف ويشعر بالألم ومهدد بالموت تمامًا ككل المخلوقات ومن هنا كان الدبلوماسي رجلاً حريصًا علي عدم خلط الأوراق وقد يعتبره البعض نفاقًا وقد يكون ولكنه نفاق اجتماعي ملتزم بالآداب العامة وما تعارف عليه الناس حتي لا يتعرقل سريان الحياة بدون داع. كان والدي اللواء صلاح الدين النشائي رحمه الله يقول لنا كثيرًا من الحكم وأذكر أحدها كمثال «كل حب بعد حب الوالدين هو نفاق اتفق القوم علي تسميته نفاق اجتماعي لصلاحية المجتمع وبقائه» لم تكن والدتي تسعد لسماع هذه الحكمة ولكن المغزي العميق كان مفهومًا. إذا كان السياسيون يعرفون تمامًا الأوضاع وإذا كان الحكام يعرفون تمامًا طبيعة الأحوال بينهم وإذا كان المهتمون بشئون السياسة علي جميع المستويات يعرفون فما هي قيمة هذا التسرب سوي الإحراج علي أقل تقدير أو الإثارة وربما إيجاد الشغب عن طريق تهييج بعض العناصر في الدول المختلفة. هل هناك شخص لا يعي كل الحقائق البيولوچية عن جسم الإنسان ومع ذلك هناك مجلات تخصصت في تعرية الإنسان يوميًا لأغراض دنيئة للإثارة تسمي في الغرب باللغة الإنجليزية «بورنو» وهي اختصار كلمة «بورنوجرافي» الحقيقة التسرب الشرير هو أسوأ من مجرد «بورنو» سياسي لأنه يريد الإيقاع بدول الشرق الأوسط ويفشي الكراهية بين شعوبها بالإضافة إلي إحباط السياسة الخارجية للولايات المتحدة بهدف إضعاف الرئيس الأمريكي وتحجيم فرصته لعقد معاهدة سلام في الشرق الأوسط هذا بالإضافة إلي زعزعة الاستقرار في العلاقات بين أمريكا وروسيا وكذلك بين الصين وكوريا الشمالية. النصيحة البديهية هي عدم الالتفات إلي التسرب الشيطاني الذي تطلقه منظمات الإنترنت المشبوهة وعدم تصديق أغلب ما ينشر عليها إلا بعد التدقيق بكل الوسائل لقد حذرت في كثير من المقالات السابقة من خطورة الإنترنت وضرورة وضع كل القيود الممكنة عليه خصوصًا في البلاد النامية وخصوصًا في مصر وإذا أدي ذلك إلي انسحاب مؤسسة مثل جوجل من مصر فلتنسحب. الصين لم تكترث لتهديدات «جوجل» بالانسحاب منها ووضعت القيود عليها لحماية الشباب الصيني وهو ما أطلبه بكل ثقة لمصر. إن حرية بدون قيود هي دائمًا أبدًا فوضي كاملة تهدد أي مجتمع متحضر.