من الظواهر اللافتة للنظر، التي تشهدها الحركة السياسية مؤخرًا ظاهرة ما اصطلح علي تسميته (الناشطين السياسيين)، في الماضي كنا نطلق مصطلح (مناضل)، أو كان يكفي ذكر اسم سياسي، لكي يعرف الناس ماهيته، واتجاهه السياسي، سواء كان حزبيا أو مستقلاً، يساريا أو يمينيا، علي سبيل المثال إذا ذكرنا اسم خالد محيي الدين، تذكر الناس علي الفور: مجلس قيادة الثورة، الديمقراطية، السلام، حزب التجمع، وإذا ذكر الراحل محمود القاضي، تذكر الناس علي الفور: السياسي المستقل، الليبرالية، الاستجوابات العظيمة في مجلس الشعب، نادي الاتحاد السكندري، وإذا ذكر اسم مصطفي الفقي (أطال الله عمره)، تذكر الناس: الدبلوماسية، مؤسسة الرئاسة، الأدب والفن، الأقباط. وهكذا أسماء كثيرة من مختلف التيارات السياسية، مثل الراحلين: عزيز صدقي، كمال الشاذلي، فؤاد سراج الدين، إسماعيل صبري عبدالله، فؤاد مرسي، ممتاز نصار، عادل حسين، إبراهيم شكري.. وغيرهم. ولكن الناشطين السياسيين (مع احترامي للجميع)، فإن المصطلح Political Activicts، ويغلب عليه الطابع الحقوقي، وبعيدًا عن معني الناشط فإن نشاطهم يرتكز علي الكتابة والتحدث من خلف الكاميرات، أو الميكروفونات، ويندر أن تجدهم في مظاهرة احتجاج سلمي، ولم يرشح أحد منهم نفسه في أي انتخابات نيابية محلية أو تشريعية، لماذا؟ لست أدري!، ولكني أدرك علي عكس السياسيين السالف ذكرهم فإن الناشطين السياسيين الجدد ليس لديهم مشروع سياسي أو أيديولوجية محددة، كل ما يملكونه هو مشروع (الضد)، أي أنهم ضد النظام، أو ضد الحزب الحاكم، أو ضد اليسار، أو اليمين أو الإخوان... إلخ. واحد من أبرز الأمثلة الناشط السياسي الأستاذ الدكتور حسن نافعة، برز دكتور نافعة كمنسق (ضد التوريث)، وأعتبر الرجل أن كل من هم ليسوا معه.. إما جهلاء... أو مباحث أو منتفعين، ولحسن الحظ ولدت الحركة ميتة، وتم دفنها ودون أخذ العزاء تم التحول السريع إلي (الجمعية المصرية للتغيير)، والتي تحولت عند دكتور نافعة إلي صنم سياسي مقدس. كل من يخرج عليه، مارق أو خائن، ورفع دكتور نافعة درجة تقديس الدكتور البرادعي، إلي رتبة البابوات في روما، وايات الله في إيران، وبالطبع هاجم نافعة الجميع كل الأحزاب وكل القوي، غير المنضوية في الجمعية المصرية للتغيير، وكل من سولت له نفسه انتقاد البرادعي، وفجأة وجه دفة الحركة إلي جماعة الإخوان المسلمين، حتي كادت أن تصبح (الجمعية الشرعية للتغيير). وحينما انتقده الكاتب الساخر جلال عامر، ثار نافعة وتحرش بالرجل، وعندما اختلف دكتور نافعة مع البرادعي، رفع عنه هالة القداسة، واختلف مع صحيفة المصري اليوم لنشرها خبرًا اعتبره نافعة سبًا للذات الأكاديمية، ولم يغمض لأستاذ العلوم السياسية جفن إلا بعد أن اطمأن علي فصل هذا الشاب وقطع عيشه. ومؤخرًا وقع نافعة في المحظور، حيث ضبطه الزميل محمود مسلم - مساعد رئيس تحرير المصري اليوم - متلبسًا بعدم المعرفة بالمادة 76 من الدستور، فقام بتصحيح خطأ بتصحيح خطأ أستاذ العلوم السياسية في مقال بالصحيفة فهاج وماج نافعة. ونعت مسلم بأبشع الاتهامات والشتائم، فلم يملك محمود مسلم سوي الرد علي الناشط السياسي بشكل مهذب، وليحمد الله الزميل مسلم أن الأمر توقف علي عدة شتائم ولم يصر دكتور نافعة علي قطع عيشه من الصحيفة، والأكثر إندهاشًا أن أستاذ العلوم السياسية لم يعترف بالخطأ! نصيحة يستوجب أن أقولها للأستاذ الدكتور الوقور حسن نافعة، والنخب السياسية الحاكمة أو المعارضة، ليسوا طلبة السنة بالعلوم السياسية وحضرتكم تحاضرهم عن التغيير، كما أن الشعب المصري ليسوا أطفالاً في مدرسة، ومطلوب من الشعب والنخب أن يجيبوا علي سؤال التغيير الذي تطرحه حضرتكم، بذات الكيفية لإجاباتكم علي غرار نماذج الإجابة في (كتاب سلاح التلميذ!). كما أن صكوك الغفران قد سقطت منذ القرون الوسطي ولسنا بحاجة أيها الأستاذ حديث العهد بالعمل السياسي، للعودة خلف، لكي توزع علينا صكوك الوطنية. نقطة أخيرة؛ خاصة بصحيفة المصري اليوم، التي لم أكن من قبل أفهم سر احتفاظها بالعمود الخاص بالدكتور حسن نافعة، إلا حينما وجدت نفسي مؤخرًا أضحك بعد قراءة عمود الدكتور نافعة أكثر من ضحكاتي من قراءة (تخاريف) عمنا الكاتب الكبير جلال عامر، مع حبي الشديد له (وماعلش يا عم جلال.. الأرزاق علي الله).