رفضت الروائية هويدا صالح، التعامل مع كتاب "ابن آني" بصفته رواية، وآثرت أن يتم التعامل معه كنص مسرحي، وذلك أثناء مناقشة الكتاب، الصادر حديثا عن المجلس الأعلي للثقافة، للمخرج السينمائي أحمد فؤاد درويش، منذ أيام. قالت هويدا: يفتقد العمل إلي التشكيل السردي والوصف، إنما الوصف قد نجده في الحوارية الكبري بين الشخصيات، التي اعتمد الكاتب فيها علي وصف المشهد فقط المحيط بالشخوص، أو وصف بسيط كتقديم للشخصية ثم يبدأ حواريته الكبري، وأشارت إلي انحيازها الثقافي للتاريخ القديم، لحاجتنا الشديدة لاستعادته وإعادة تقديمه، لتعود إلينا ثقتنا بأنفسنا. واختتمت صالح كلمتها قائلة: بغض النظر عن تحفظاتي علي الشكل، فإن "ابن آني" عمل إبداعي مهم جدا لاستلهامه التراث المصري القديم وكم المعلوماتية والمعرفة التي تصحح عدة مفاهيم لدينا نحن كمصريين عن حضارة أجدادنا. أما الدكتور حجاجي إبراهيم رئيس قسم الآثار بجامعة طنطا، فقال تأتي أهمية هذا العمل إلي تعرضه لتفاصيل ووصف دقيق للحياة المصرية القديمة، مما يعيد تقديم عظمة هذه الحضارة بشكل مختلف، وتصحيح مفاهيم عدة لا يعرفها الكثيرون حتي المصريين أنفسهم، وتعليم الأخلاق من خلال وصايا "آني" لابنه "خونسو حتب"، أيضا فلسفة الألوان، كما تحدث عن "الحج" إلي "بوزير" أو أبوصير حاليا في الصيف، والمرة الثانية في الشتاء البارد إلي "الدلتا". كذلك حين تحدث عن إيزيس كامرأة نموذجية، والتشابه بينها وبين حتحور، والدفن في الأقصر بالغرب حيث غروب شمس الحياة، وعادة الأربعين التي لازلنا نقيمها حتي الآن، واختتم تعليقه أن "ابن آني" رواية مهمة لمن يريد أن يعرف حضارتنا القديمة حتي من المتخصصين. أما الدكتور حامد أبوأحمد فقال: لولا أننا نعلم مسبقا أن كاتب هذا العمل مخرج سينمائي، وهذا هو عمله الأول، وتغلب عليه المشاهد الروائية، وتمثل الهيكل الرئيسي للعمل، لكان أمكننا أن نعتبره نصا مسرحيا، لكن المشكلة أنه ليس كذلك. يستكمل أبوأحمد تعليقه أن أحداث الرواية تدور في الفترة من 3100 ق.م. إلي الأسرة التاسعة عشرة 1350 ق.م.، أي حوالي 1750 سنة والتي أخذ فيها درويش مايسمي ب "النموذج "، لعمل مسح كامل لكل هذه الفترة الطويلة لاستعراض ماحدث خلال تلك الفترة، استخدم درويش شخصيات البردية كما هي وأضاف شخصيات تخيلية أخري أهمهم ابن آني والإله أوزير، والتي رسم ملامحهم بشكل قوي واضح جدا، فعن "آني" وهو الشخصية الملتزمة بالتقاليد تماما ولكنه يشعر بالمسئولية واهتم بإيضاح التضاد بين آني وابنه، وكيف أن تمرد "خونسو حتب" علي وصايا والده "آني"، وكيف أن كان للمرأة دور حقيقي في المجتمع المصري القديم، الذي يصح لنا أن تستلهم المرأة المعاصرة منها. أوضحت القاصة سلوي بكر في مداخلتها أننا الآن في عصر تداخل الأنواع واشتباكها، فلم تعد بنية الرواية هي البنية التقليدية التي ألفناها، وتري أن "ابن آني" هي "رواية معرفية" لا تستند إلي المعلومات، بقدر استنادها لمعرفة ما ترسخ في وجداننا عن تاريخنا وتعيد إنتاجه، وهذا نوع جديد من الرواية في عالم تعقد فيه الحصول علي المعرفة رغم تدفق المعلومات، وصرحت بأملها في إعادة نشر هذه الرواية من خلال مكتبة الأسرة. جدير بالذكر أن "ابن آني" حائزة علي الجائزة الأولي لإبداعات التفرغ بوزارة الثقافة لهذا العام، وقررت وزارة الثقافة إنتاجها كفيلم سينمائي من بطولة الفنان عمر الشريف وهشام سليم وخالد الصاوي ولبلبة ومحيي إسماعيل وسمية الخشاب وبسمة.