بدأ الاستعداد للانتخابات قبيل عيد الأضحي وانطلق سباق الدعاية الانتخابية بصور شتي.. وللدعاية الانتخابية أوجه متنوعة وطرق مختلفة إذ إن بعضها يتم توجيهه إلي نشطاء الناخبين وبعضها يكون أكثر عمومية ويوجه إلي الشارع المصري كل حسب دائرته الانتخابية.. أما النوع الأول فهو سلع وخدمات توزع حسب الطلب أحيانا وللناخبين كلهم في أحيان أخري وبخاصة إذا تزامن موسم الدعاية الانتخابية مع الأعياد مثل هذا العام.. والنوع الثاني من الدعاية هو ما تفرضه الدعاية علي أهالي الدائرة جميعهم ناخبين وغير ناخبين، كبارا وصغارا.. أشهرها وأكثرها انتشارا الملصقات واللافتات الثابتة و(المعلقات) القماشية التي لا تحوي شعرا ولا نثرا، بل معلومات عن المرشح وصورته ورمزه الانتخابي ورقمه الانتخابي، والأهم من كل ذلك جملة اعلانية إعلامية عنه قد لا تحمل شعارا دينيا ولكن تحوي ما يتواءم مع اتجاهات المرشح.. وتفرض تلك الملصقات وجود المرشحين في الدائرة لفترة طويلة من الزمن لا تنتهي بنهاية الانتخابات والإعادة، ولا بفوز البعض وخسارة الآخرين، بل تبقي طويلا علي الجدران والأعمدة والواجهات.. ولم تنجح القوانين التي وضعت، ولا الجهود التي بذلت لإثناء المرشحين عن تلك الطريقة الدعائية التي تشوه صورة الشارع المصري وتبعث الضيق في نفوس أصحاب الواجهات والبيوت الذين ما أن ينجحوا في إزالة تلك الملصقات، يجدوا غيرها في اليوم التالي إما نفس المرشح أو مرشح غيره.. كما لم تنجح جهود الحد من التشويه وفرض أماكن محددة لوضع تلك الملصقات إذ تجاوزها المرشحون ووضعوا صورهم في كل مكان.. ولكن بعض الصغار من الأشقياء وأثناء ذهابهم أو عودتهم من المدارس، استخدموا أقلامهم الشقية مضيفين بعض الملامح هنا وهناك علي صور المرشحين مما سيجعل القائمين علي الدعاية يبتكرون طرقا جديدة أو علي الأقل يعلقون الصور فوق مستوي التشويه المحتمل.. ولأن الصورة لا تكفي وحدها، قام المرشحون بإضافة الصوت لها حتي تكتمل المعلومات المطلوبة عن المرشح في أرجاء الدائرة.. وذلك عن طريق استخدام سيارات بمكبرات الصوت تدور في الشوارع «ليل ونهار» تقدم اسم المرشح وتدعو الناخبين وغير الناخبين لتأييده واختياره لأنه الأفضل أو الأنسب.. ولا تسير تلك السيارات في الشوارع الصاخبة المزدحمة التي لن يسمع فيها أحد ما يعلن في الميكروفون لكثرة الضوضاء بها.. ولكنها تسير في الشوارع السكنية الأكثر هدوء حتي يتسني للنائمين ومريدي الراحة أن يستمعوا بكل وضوح للدعاية.. من المفهوم أن استخدام أكثر من حاسة من الحواس الإنسانية يساعد علي الإدراك وحفظ المعرفة.. ومن المعروف أن مخاطبة حاستي الإبصار والسمع معا يوصل المعلومات إلي ذهن المتلقي كما يسهل عليه فيما بعد أن يتذكرها.. ولكن هل من المقبول أن تتم مخاطبة الناخبين بتلك الطريقة التي ترفع مستوي التلوث البصري والسمعي بحجة مخاطبة أنظارهم وأسماعهم؟ ألا يلجأ بعض المرشحين إلي اللوحات الإعلانية الكبيرة الثابتة التي قد تكون أكثر تكلفة وأقل ضررا؟ ألا يكتفي آخرون بتوجيه كلماتهم إلي الناخبين في الندوات واللقاءات العامة؟ ألم يفكر أحد في القيام بدراسة حول جدوي الطرق الدعائية الانتخابية للوصول إلي تحديد أكثرها كفاءة وأفضلها نتائج وأقلها أضرارا؟